أيها الإخوة الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ومرحباً بكم في لقاء جديد مع مجموعة جديدة من رسائلكم واستفساراتكم والتي يسرنا في لقائنا اليوم أن نعرضها على فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: وهذه أولى رسائل هذا اللقاء وردت من المستمع: أحمد سليمان عمر من إريتريا له عدة أسئلة في سؤاله الأول يقول:
هل الصلاة المفروضة أو الدعاء إذا لم يذكر فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تكون صحيحة أم لا؟ فإن أحد الأشخاص قال لنا: إن الصلاة والدعاء لا تقبل إذا لم يذكر فيهما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ أفيدونا عن ذلك أفادكم الله.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة في صلاتنا، في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر وفي جميع النوافل، يشرع للمصلي أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التحيات -في آخر الصلاة- بعدما يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يقول: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، هذا نوع من الصلاة الإبراهيمية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك أنواع أخرى منها:
قوله: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد).
ونوع ثالث: (اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه، وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد).
وهناك أنواع أخرى من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا أتى المسلم المصلي أو المرأة بنوع منها مما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صح وكفى، ثم بعد هذا يقول: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال) ، ويدعو بما أحب من الدعوات الطيبة قبل أن يسلم.
وهذه الصلاة تشرع أيضاً في التشهد الأول على الصحيح، وقال جمع من أهل العلم: إنها لا تقال إلا في التشهد الأخير، ولكن الصحيح أنه يؤتى بها أيضاً في التشهد الأول بعد الثنتين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، إذا جلس في الثانية وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ينهض إلى الثالثة، أما .. الدعاء .. في الأخير -في التشهد الأخير-، وهذا القول أصح، فعلى هذا: نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاتنا مرتين في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء مرتين في التشهد الأول وفي التشهد الأخير هذا هو الأفضل.
واختلف العلماء: هل هي فريضة وركن في التشهد الأخير أم لا، على أقوال:
منهم من قال: إنها ركن لابد منها، ولا تصح الصلاة إلا بها، وهذا هو المعروف في مذهب أحمد بن حنبل وجماعة.
وقال آخرون: بل هي واجبة لا ركن بل واجبة، إن تعمد تركها بطلت الصلاة، وإن نسيها لم تبطل الصلاة، ولكن يسجد للسهو، وهذا قول وسط.
وقال آخرون: إنها سنة، لا تبطل الصلاة بتركها لا عمداً ولا سهواً بل هي سنة مؤكدة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفرضها على الناس ولكن لما سألوه، قالوا: (كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على ..) إلى آخره، ولو كانت فرضاً لفرضها عليهم قبل أن يسألوه، وبينها لهم مع التشهد.
وبكل حال فالذي ينبغي هو المجيء بها؛ لأن الرسول أمر بها عليه الصلاة والسلام وقال: (قولوا اللهم صل..) إلى آخره، وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، فلا ينبغي للمؤمن أن يدعها في التشهد الأخير.
أما التشهد الأول فالأمر فيه واسع، إن أتى بها فهو أفضل، وإن لم يأت بها فلا حرج عليه، ولكن ليست شرطاً للقبول إذا قلنا بها في التشهد الأول، إنما هي مستحبة، أما في التشهد الأخير فقد سمعت الخلاف، بعض أهل العلم قال: إنها لابد منها وأنه إذا تعمدها بطلت الصلاة، كما لو تعمد ترك التشهد أو تعمد ترك الركوع أو السجود، تبطل الصلاة، وقال آخرون من أهل العلم: إنها لا تبطل الصلاة بذلك، ولكن يستحب له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الصلاة، فإن ترك لم تبطل صلاته في أقوال أهل العلم المعروفة، فلا ينبغي للمؤمن أن يدعها بل ينبغي له أن يحافظ عليها، ويجتهد في فعلها بعد التحيات، وبعد قوله: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، قبل أن يسلم، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم حتى تصح صلاته عند الجميع، وحتى لا يعرضها للبطلان.
وأما الدعاء فهي مستحبة في الدعاء، لكن ليست شرطاً في القبول، لو دعا ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم يرجى قبول دعائه، ولكن الأفضل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء وبعد الدعاء، هذا هو الأفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم: (لما رأى رجلاً دعا ولم يحمد الله، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجل هذا، ثم قال: إذا دعا أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بما شاء).
فأرشدنا إلى أن نحمد الله أولاً، ثم نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ندعو، وهذا هو الأفضل، وهذا هو الأقرب إلى الإجابة، لكنه ليس شرطاً وإذا ختم الدعاء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كان أيضاً أفضل وأكمل، وهو من أسباب الإجابة، لكن لو ترك لا يقال: لا يجاب الدعاء، بل الدعاء قد يجاب، قد يحصل به المقصود، ولو لم يحمد الله في أوله ولو لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في أوله ولا في آخره؛ لكن فعل ذلك يعني: كونه يحمد الله أولاً، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو ويلح بالدعاء، ثم يختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، هذا كله من باب السنن، من باب الفضائل وهو من أسباب الإجابة، ولكن ليس شرطاً للقبول، فلو دعا ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن آثماً ولا يرد دعاؤه بل يرجى قبوله إذا أخلص في ذلك، وسلم من الموانع التي تمنع من الإجابة، والموانع كثيرة، فالمعاصي من أسباب الموانع، من أسباب عدم الإجابة، وأكل الحرام من أسباب عدم الإجابة، والغفلة عن الله كونه يدعو بقلب ساهي غافل من أسباب عدم الإجابة.
فعدم الإجابة له أسباب، فينبغي للمؤمن أن يحرص على أسباب الإجابة، بأن يكون طعامه حلالاً، وأن يكون بعيداً عن المعاصي عما حرم الله، ويدعو الله بقلب حاضر، مشفق راغب راجي، يرجو ربه ويخافه، قد حضر بين يديه سبحانه وتعالى، ويتحرى أوقات الإجابة كآخر الليل، وآخر الصلاة قبل السلام والسجود؛ لأن الدعاء في السجود حري بالإجابة أيضاً، وهكذا بين الأذان والإقامة، من أسباب الإجابة، نسأل الله للجميع التوفيق.
الشيخ: كأن السائل أخفى بعض الشيء.
المقدم: الله أعلم.
الجواب: كأن السائل أخفى بعض الشيء، إذا كانت الميتة ماتت عن زوج وعن أم أو جدة وعن إخوة من أم فليس لك شيء؛ لأن التركة تكون من ستة سهام:
للزوج النصف ثلاثة، وللأم أو الجدة السدس واحد، وللإخوة من الأم الثلث، تمت الستة ما بقي لك شيء، والعاصب يسقط إذا ما بقي له شيء.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر)، فمعناه: أنها إذا ما أبقت شيئاً مثل هذه الصورة ما يكون له شيء.
المقدم: لكن الأخ الشقيق أليس أقرب من الأخ لأم؟
الشيخ: الأخ لأم صاحب فرض، والأخ الشقيق صاحب عصب، فإذا اجتمعت الفروض ولم يبق شيء سقط العاصب في هذه الحالة عند جمع من أهل العلم وهو الأرجح.
وقال قوم: أنه يشرك معهم؛ لأنه شاركهم في الأم، ولكنه قول ضعيف؛ لأنه عاصب ليس بفرض، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)، وهذه الفرائض لما أعطينا الزوج النص والأم أو الجدة السدس، والإخوة لأم أعطيناهم الثلث، والله أعطاهم الثلث بنص القرآن، ما بقي للأخ الشقيق فيسقط كما لو كان أخاً لأب، هذا هو الصواب لهذا الحديث الصحيح، أما إن كان ما وراءها إلا الإخوة لأم فقط، فلا يمكن أن تحرم، بل يعطى الإخوة لأم الثلث والباقي لك، إذا كان ما وراء الأخت إلا إخوتها لأمها يعطون الثلث والباقي للشقيق، لا يمكن أن يفتي مفتٍ من أهل العلم بإسقاطك، أو كانت خلفت زوجاً وإخوة لأم، يبقى واحداً في الستة يعطاه الأخ الشقيق، أو خلفت أماً أو جدة وإخوة لأم، فإن الأم تعطى السدس أو الجدة والإخوة يعطون الثلث والباقي له، وهو النص تعصيب لكن السائل لعله أخفى الحقيقة ليشوش على المفتي الذي أفتى بإسقاطه، والمفتي الذي أفتى بإسقاطه مصيب، إذا كان الورثة زوج وأم أو جدة وإخوة لأم فإنه لا حق له، لعدم وجود شيء من المال بعد الفروض كما سمعت الحديث في ذلك.
الجواب: هذا إذا كان عقله معه، وهو ضابط نفسه ولم يقصد إلا التهديد، فمعناه أن غضبه ليس بمستغرق، فيقع عليه الطلاق، يقع عليها الطلاق في هذه الحال، قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو أنت طالق ثم طالق، ثم طالق، يقع طلاق الثلاث في هذه الحال.
إذا كان غضبه ليس بالشديد جداً حيث يعقل ما يقول ويفهم ما يقول، وطلقها بقصد تخويفها أو تهديدها على ما قال، ولم يغلب عليه الغضب، هذا يقع، أما إذا كان اشتد معه الغضب وصار كالمكره الذي انغلق عليه قصده، ولم يستطع ملك نفسه بسبب شدة النزاع الذي جرى بينهما والمسابة والمشاتمة بينها وبينه أو كونها عيرته بأشياء أوجبت شدة غضبه أو ما أشبه ذلك مما يدل على صحة الدعوى، فإن الحادث يفهم منه صدق المدعي وعدمه، فإذا كان الحادث منازعات شديدة أو مضاربة أو مسابة أو ما أشبه ذلك مما يدل على شدة الغضب وصدقه في اشتداد غضبه فإن الطلاق لا يقع على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو القول: بأن شدة الغضب تمنع وقوع الطلاق، ومرتبة ثانية من المراتب الثلاث فإن الغضب له ثلاث مراتب: إحداها: أن يكون مزيلاً لعقله قد زال عقله بسبب شدة الغضب، حتى صار كالمجنون، فلا يقع طلاقه عند الجميع.
المرتبة الثانية: أن يكون اشتد معه الغضب وغلب عليه، وأفقده ضبط نفسه حتى صار كالمعتوه من شدة الغضب فهذا أيضاً لا يقع طلاقه على الصحيح.
والحال الثالثة: الغضب العادي الذي لا يفقده شعوره، ولا يكون غلب عليه غضبه ولا أغلق عليه قصده، بل هو غضب عادي لا شدة فيه، فهذا لا يمنع وقوع الطلاق بل يقع معه الطلاق، ولكن ينظر في حال المرأة أيضاً إن كانت حائضاً في حال حيض أو في حال نفاس، أو في طهر جامعها فيه، فإنه لا يقع الطلاق أيضاً على الصحيح؛ لأنه يكون طلاقاً بدعياً، فإن الطلاق الشرعي هو الذي يكون في طهر لم يجامع فيه أو في حال ظهور الحمل، هذا هو الطلاق الشرعي الواقع.
أما إذا كان في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه فإن القول المختار أنه لا يقع، وإن كان خلاف قول الجمهور لكنه هو الأرجح من جهة الدليل؛ لأنه حينئذ طلق لغير العدة، والله يقول: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1]، والعدة فسرها أهل العلم بأن تكون طاهراً من غير جماع ولا حمل، هذه هي العدة التي يطلق لها النساء، تكون طاهراً أو حاملاً، فإذا طلقها طاهراً أو حاملاً ولم يجامعها في حال الطهر وهي حائل فإن الطلاق شرعي، أما إذا طلقها في حال الحيض أو في حال النفاس أو في طهر جامعها فيه ولم يستبن حملها فإنه يكون طلاقاً بدعياً مخالفاً لقوله تعالى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1]، وما خالف أمر الله لا يقع لقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
فالحاصل أن هذا السائل يحتاج إلى أن يتصل بأهل العلم هو وزوجته ووليها حتى ينظر في أمره وإلى شدة غضبه، وإذا كان في الرياض أو في غير الرياض وأحب أن يتصل بي للنظر في موضوعه فلا بأس.
الجواب: أولاً لا ينبغي تعاطي هذه الأمور، ينبغي لك -أخي- ألا تتعاطى هذه الأمور، لا التحريم ولا الطلاق، بل تخاطبها بغير ذلك، وتأمرها وتنهاها بغير ذلك، وينبغي أن تنزه نفسك و لسانك عن هذا حتى لا تقع في مشاكل وفي أمور قد تحرم عليك زوجتك وأنت لا تشعر، فعليك أن تجتنب هذه الألفاظ تماماً.
أما حكم ما وقع فإذا كان الواقع منك بقصد التخويف وحثها على أن تعمل ما قلت لها، وليس القصد من ذلك فراقها فإنه عليك كفارة يمين وليس عليك طلاق ولا ظهار، إذا كان المقصود حملها على العمل وأن تنفذ ما قلت لها، وليس قصدك إيقاع الطلاق وفراقها إن لم تفعل، فإن عليك في هذا كفارة يمين، وإن كفرت كفارة ظهار؛ لأنك قلت: كأمي من باب الاحتياط فحسن، ولكن يكفي هذا كفارة يمين؛ لأن المقصود حملها على ما قلت لها حتى تفعل، وهكذا لو تلفظت بلفظ الطلاق، عليك الطلاق أن تفعلي كذا، أو إن لم تفعلي كذا فأنت طالق، والمقصود حملها على الفعل، وحثها، وتخويفها، فهذا كله ليس فيه إلا كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، والإطعام نصف صاع من التمر أو الرز أو الحنطة كيلو ونص تقريباً من قوت البلد، والكسوة إزار ورداء أو قميص يستر في الصلاة هذه الكسوة أو عتق عبد أو عبدة تحرير عبد أو عبدة هذه هي الكفارة، فإن عجزت عن هذا كله، كفاك صيام ثلاثة أيام كما نص عليه كتاب الله في سورة المائدة في كفارة اليمين، لكن بكل حال ننصحك أن تحذر هذه الألفاظ وتحذر التساهل بها دائماً وعليك أن تبادر بالكفارة عما فعلت، كفارة الأيمان عما فعلت سابقاً، عن كل واحدة تطعم عشرة مساكين، خمسة أصواع من التمر أو الرز أو الحنطة، كل واحد له نصف الصاع، يعني: كيلو ونص من هذه الأطعمة، أو تكسو عشرة بإزار ورداء أو بقميص كفارة يمينك؛ لأن هذه الأشياء في حكم اليمين.
الجواب: صلاة الجنازة مشروعة للجميع للرجال والنساء وهي فرض كفاية إذا قام بها واحد كفى وأجزأت، لكن السنة أن يصلي عليها الجم الغفير، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ما من مسلم يصلي عليه أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه)، وفي لفظ آخر، يقول صلى الله عليه وسلم: (ما من رجل مسلم يصلي عليه أمة من الناس يبلغون المائة كلهم يشفعون فيه إلا شفعهم الله فيه)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فكلما زاد الجمع صار خيراً له، يدعون له ويترحمون عليه.
وصفتها أن الإمام يكبر أربع تكبيرات.
يقف عند رأس الرجل وعند وسط المرأة، أما قول بعض الفقهاء عند صدر الرجل فهل قول ضعيف لا أساس له، وإنما السنة أن يقف عند رأس الرجل، وعند وسط المرأة، هذا ما جاءت به السنة في حديث سمرة بن جندب ، في الوقوف وسط المرأة ومن حديث أنس في الوقوف عند رأس الرجل وعجيزة المرأة.
فالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تدل على أنه يقف الإمام عند رأس الرجل وعند وسط المرأة.
ثم يكبر، يقول: الله أكبر، ثم يقرأ الفاتحة..، يتعوذ بالله من الشيطان ويسمي ويقرأ الفاتحة.
وليس فيها استفتاح على الأرجح لأنها مبنية على التخفيف.
المقدم: القراءة سراً؟
الشيخ: يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويسمي ويقرأ سراً الفاتحة، وإن جهر بعض الشيء حتى يعلم من وراءه أنه يقرأ وحتى يستفيدوا بعض الأحيان يكون حسن كما فعل ابن عباس للتعليم، ويقرأ سورة مع الفاتحة قصيرة لما جاء في الأحاديث الكثيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعداً) يعني: فأكثر، فإذا قرأ سورة زيادة، وجاء في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بالفاتحة وسورة فهذا أفضل، وإن اقتصر على الفاتحة كفى، وإذا قرأ معها بالعصر ومثل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] وأشباه ذلك، كان حسناً حتى يجمع بين الفاتحة وزيادة.
ثم يكبر الثانية يقول: الله أكبر ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، مثلما يصلي في الصلاة: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد) والمقصود أنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما يصلي في الصلاة.
ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت، ويأتي بالأذكار الشرعية بالدعوات الشرعية: (اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا. اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان).
(اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم أبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله).
(اللهم أدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، وسع له في قبره ونور له فيه. اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده واغفر لنا وله).
وإن زاد دعوات، مثل: (اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً تجاوز عن سيئاته)، أو قال: (اللهم اغفر له وثبته بالقول الثابت..) أو ما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة كله حسن.
ثم يكبر الرابعة ويسكت قليلاً؛ لأن هذا جاء في بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسلم تسليمة واحدة، هذا هو المحفوظ عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الوجه.
الشريعة عامة للنساء والرجال في الصلاة؛ لكن الخروج مع الجنازة إلى المقبرة هذا خاص بالرجال، وهكذا زيارة القبور خاص بالرجال، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن له قيراطان، قيل: يا رسول الله! ما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين)، وهذا يدل على فضل عظيم،وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من تبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً وكان معها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين، كل قيراط مثل جبل أحد) وهذا فضل عظيم.
والخروج مع الجنائز فيه جبر للمصابين وتعزية لهم، ومواساة لهم، فإنه إذا خرج معهم جبر قلوبهم، وعزاهم بعمله وقوله جميعاً، ولهذا شرع الله الصلاة على الموتى واتباع الجنائز لهذه الفوائد الكثيرة، للإحسان إلى الميت والدعاء له، ولجبر المصابين ومواساتهم، ولتذكر الموت وما يكون بعد الموت من العجائب والأهوال والأخطار، حتى يستعد المؤمن للموت وما بعده.
نسأل الله للجميع العافية والسلامة.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خير الجزاء وأحسن إليكم.
إخوتنا الكرام! في نهاية لقائنا هذا لا يسعنا إلا أن نتقدم بشكرنا الوافر إلى فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، على إجابته عن أسئلة الإخوة: أحمد سليمان عمر من إريتريا، والمستمع: (ق. ع. أ) من قلوة - بلاد زهران.
إخوتنا الكرام! نشكركم أيضاً وإلى اللقاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر