إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (726)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقةٌ جديدة مع رسائلكم في برنامج: (نور على الدرب)، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء، والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم.

    المقدم:حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة، رسالة وصلت إلى البرنامج من سلطنة عمان، باعثها أحد الإخوة المستمعين، يقول: (ح. س. م)، أخونا له رسالة ضمنها ثمان قضايا، في إحداها يقول: قد نعيش ظاهرةً غريبة بعد دفن الميت، وهي ظاهرة تلقين الميت بعد أن يدفن، حيث يقوم الخطيب، أو الإمام بقراءة بعضٍ من آيات الذكر الحكيم، ثم يتلوها بوصية للميت، ومن بين الكلام الذي يخطب به الميت، يقول: يا عبد الله، لا تنس العهد الذي بيننا وبينك، والذي عشت عليه، إن دينك الإسلام، ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تجزع من الملكين، فهم عباد الله.. إلى آخر مثل ذلك، السؤال: هل ذلك ورد عنه صلى الله عليه وسلم أو عن صحابته؟ أرجو من سماحتكم توضيح ذلك، مع ذكر الدليل من السنة إن ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جزاكم الله خيرا؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فالتلقين للميت بعد الدفن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، وإنما ورد في حديثٍ موضوع، رواه الطبراني من حديث أبي أمامة الباهلي ، وهو ليس بثابت، وليس بصحيح، بل هو موضوع، ويروى عن جماعة من أهل الشام فعل ذلك، والصواب أنه بدعة، لا يشرع، والميت على ما مات عليه، وإنما التلقين قبل خروج الروح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله), يعني: المحتضرين، يلقن قبل أن يموت هذه الكلمة العظيمة، وهي: (لا إله إلا الله)؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: (من كان آخر كلامه :لا إله إلا الله, دخل الجنة) فإذا قالها عن صدق، وعن إخلاص، وإيمان بما دلت عليه من توحيد الله والإخلاص له، والبراءة من الشرك وأهله، فإن الله جل وعلا يجعل ذلك من أسباب نجاته وسعادته، إذا لم يكن مصراً على شيء من الكبائر، وإلا فهو تحت مشيئة الله، من مات على المعاصي فهو تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها، ثم بعد التطهير في الناريخرجه الله من النار إلى الجنة إذا كان مات على التوحيد، عند أهل السنة والجماعة، هذا هو الحق، خلافاً للمعتزلة ومن سار على نهجهم، وخلافاً للخوارج؛ فإنهم يقولون: إنه مخلدٌ في النار -العاصي- والخوارج تكفره بذلك، والذي عليه أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، أن من مات على التوحيد وعنده معاصي لا يكفر عندهم، ولا يخلد في النار إن دخل النار، بل هو تحت مشيئة الله، إن شاء الله جل وعلا غفر له، وعفا عنه بتوحيده، وإيمانه، وأعماله الصالحة، وإن شاء سبحانه عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها من الكبائر، من الزنا، أو السرقة، أو عقوق الوالدين، أو قطيعة الرحم، أو أكل الربا، أو نحو ذلك من الكبائر، لقول الله عز وجل في كتابه العظيم في آيتين من سورة النساء، يقول سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48], فأخبر سبحانه أنه لا يغفر لمن مات على الشرك، وأنه يغفر ما دون ذلك لما دون الشرك، لمن يشاء، فدل ذلك على أنه ليس بكافر؛ لأن العاصي الذي مات على شيء من الكبائر ليس بكافر، إذا مات موحداً مسلماً، فإذا مات على الزنا، ما تاب من الزنا، أو عقوق الوالدين، أو أحدهما، أو أكل الربا، لم يتب، ولم يستحل ذلك، فهو تحت مشيئة الله، وهكذا صاحب الغيبة والنميمة، وما أشبهه من المعاصي، هو تحت مشيئة الله عز وجل، عند أهل الحق، عند أهل السنة والجماعة، خلافاً للخوارج والمعتزلة، ومن سار على نهجهم، للآية الكريمة ولأنه ثبت بالتواتر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يشفع يوم القيامة لمن دخل النار من المسلمين وهو على التوحيد، فيحد الله له حداً، فيخرجه من النار، ثم يشفع، ثم يشفع، ثم يشفع، كلما شفع حد الله له حداً فأخرجه من النار . وهكذا يشفع النبيون، والملائكة، والمؤمنون، والأفراط، ويبقى بقية من أهل التوحيد في النار، يخرجهم الله سبحانه من النار، بفضل رحمته جل وعلا، بعدما جرى تعذيبهم فيها المدة التي شاءها الله سبحانه وتعالى، هذا هو الحق الذي لا ريب فيه، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.

    أما التلقين بعد الدفن، هو بدعة، كونه يقف عند القبر عند رأسه ويقول: اذكر كذا.. اذكر كذا هذا لا أصل له في الشرع، وإنما هو من فعل بعض العلماء، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088543784

    عدد مرات الحفظ

    777231966