إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (743)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين رمز إلى اسمه بالحروف ( ع. أ. ص) مصري ومقيم في خميس مشيط، أخونا يسأل تفسير قول الحق تبارك وتعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195].

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فهذه الآية الكريمة ذكر أهل التفسير أنها نزلت في الأنصار لما أرادوا أن يدعوا الجهاد وأن يتفرغوا لمزارعهم، أنزل الله في ذلك قوله جل وعلا: وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]، فالإلقاء باليد إلى التهلكة التأخر عن الجهاد مع القدرة والآية عامة، والقاعدة الشرعية: أن الاعتبار في النصوص بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب، فلا يجوز للإنسان أن يلقي بيده إلى التهلكة كأن يلقي نفسه من شاهق ويقول: أتوكل على الله أني أسلم، أو يتناول السم ويقول: أتوكل على الله أني أسلم، أو يقتل نفسه بالسلاح ويقول: أنا أتوكل على الله أني أسلم، كل هذا لا يجوز، يجب عليه التباعد عن أسباب الهلكة وأن يتحرز منها إلا بالطرق الشرعية كالجهاد ونحوه.

    1.   

    حكم توكيل المرأة في رمي الجمرات خوفاً على أطفالها من شدة الزحام

    السؤال: بعد هذا ننتقل إلى سؤال آخر لأخينا صاحب هذه الرسالة إذ يقول: حججت في العام الماضي ولله الحمد والمنة، وقد رميت الجمرات عن زوجتي ولم تكن حاملاً ولا مريضاً، وكان معي أربعة أطفال صغار، وشاهدت الزحام فلم أرها تستطيع الرمي، فهل هذا يجوز أم أنها تركت واجباً؟ وماذا عليها الآن؟

    الجواب: إذا كان الحال ما ذكرتم فلا شيء عليها؛ لأن تعاطيها الرجم -رمي الحجارة- مع الأطفال خطر عظيم، ولرعاة الأطفال خطر عظيم، فهي معذورة بوجود الأطفال لديها بالتوكيل.

    1.   

    حكم تنظيم النسل

    السؤال: يقول: استعملت زوجتي وسيلة لتنظيم النسل وذلك لكونها أرهقت بالإنجاب المتتالي كل عام، وقد عزمت أنها بعد مرور خمسة أعوام ستترك هذه الوسيلة، علماً بأنها قد وضعت أربعة أطفال أكبرهم عنده أربع سنوات ونصف، فما هو رأي توجيهكم جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: لا حرج في استعمال وسائل تنظيم النسل إذا دعت الحاجة إلى ذلك دفعاً للضرر، ولكن يكون ذلك بوقت الرضاع في السنة الأولى والسنة الثانية حتى لا يضرها الحمل المتتابع وحتى لا يمنع من التربية الشرعية لأطفالها، فإذا كانت تضررت بالحمل على الحمل في تربية الأولاد وفي صحتها فلا حرج من التنظيم في حدود السنة والسنتين أيام الرضاع.

    1.   

    حكم المطالبة بالميراث أو جزء منه بعد التنازل عنه

    السؤال: يقول: عندي قطعة أرض ميراث من أبي المتوفى، وهذا الميراث لم يوزع حتى الآن، وقد تركتها لإخوتي يزرعونها ويحصدون ما يأتي منها، وقد يسر الله لي رزقاً غيرها، فهل أكون بهذا مقصراً في حق أولادي لأحقيتهم في هذه الأرض؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: لا حرج عليك ولست مقصراً بل محسناً، وأولادك لهم الله، أنت حي وتقوم عليهم الآن، ولا حق لهم فيه ذلك الحق لك فإذا سمحت بهذا لإخوتك مراعاة لحاجتهم أو لصلة الرحم فأنت مأجور ولا شيء عليك ولا حق لأولادك في هذا.

    المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم. يقول: إذا أردت بناء بيت في نصيبي هذا وأخذته من إخوتي، فهل أكون معتدياً عليهم؟

    الشيخ: إذا تصالحت أنت وإياهم، إذا تصالحت أنت وإخوتك في أرض البيت فلا حرج وإلا فليس لك إلا نصيبك من الإرث، تقتسمون بواسطة أهل الخبرة حتى يعطى كل واحد حقه، أما إذا تراضيتم وأعطوك شيئاً من الأرض وتسامحتم فيما بينكم حتى تقيم عليها بيتاً وهم موسرون فلا حرج عليك في ذلك.

    1.   

    موضع نظر المصلي في الصلاة

    السؤال: أخيراً يسأل سماحتكم فيقول: أين يكون نظر المصلي وهو في الصلاة؟

    الجواب: السنة أن ينظر إلى موضع سجوده حال قيامه، يكون إلى موضع سجوده، وهكذا حال ركوعه، أما في حال الجلوس فينظر إلى محل إشارته، جلوسه للتشهد ينظر إلى يديه إلى محل يديه؛ لأنه محل الإشارة، كما جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام.

    1.   

    حكم استعمال حبوب منع العادة الشهرية لأجل الصوم

    السؤال: رسالة من أحد الإخوة المستمعين وقع في نهايتها بحرف العين، يقول: بعض من النسوة يستعملن الحبوب في شهر رمضان زيادة عن الوقت بدون انقطاع لكيلا يأتيهن العذر الشهري، وهذا حتى لا يأكلن يوماً واحداً من شهر رمضان، هل هذا جائز أم لا؟

    الجواب: لا أعلم في هذا بأساً، إذا كان لا يضرهن ذلك لا أعلم في هذا حرجاً، لأن لهن مصلحة كبيرة في الصيام مع الناس وعدم القضاء بعد ذلك.

    1.   

    حكم من نذر الامتناع عن تناول وجبة العشاء ثم دخل رمضان

    السؤال: مستمعة تقول السائلة سحر فاضل من العراق، تقول عن نفسها: سماحة الشيخ! إني من الفتيات اللواتي جذبتهن المدنية الحديثة، فأخذت أبحث عن آخر صيحات الموضة وأبحث عن الرشاقة، فأقسمت إذا وضعت يدي على ألا أتذكر إما جزء عم أو تبارك بألا أتناول الطعام في فترة العشاء، وكذلك لن أتناول الرز، ودمت على هذا الحال مدة تزيد عن سنتين، ولكن في يوم الجمعة المصادف الثامن عشر من الشهر الأول هداني الله سبحانه وتعالى إلى الطريق المستقيم فأديت الصلاة، سؤالي: كيف أصوم في شهر رمضان وأنا لا أتناول العشاء؟ وهل صلاتي مقبولة بالرغم من العمل الذي قمت به وهو القسم؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: هذا السؤال غير واضح، نحتاج إلى سؤال أوضح من هذا ولو بالكتابة إلينا؛ لأن هذا السؤال فيه احتمالات فيه احتمال ترك الصلاة، فالمقصود أن هذا السؤال ليس بواضح.

    1.   

    حكم منع الأم بناتها من زيارة أخيهن لأب

    السؤال: بعد هذا ننتقل إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من الرياض وباعثتها إحدى الأخوات المستمعات رمزت إلى اسمها بالحروف (س. م. و. ك) أختنا لها قضية طويلة جداً ملخصها: أن أمها تزوجت من رجل آخر بعد أن طلقها أبوها، ولها من ذلكم الرجل المتوفى عدد من الأولاد والبنات، وأيضاً لهن أخ من أبيهن، ملخص ما في القضية: أن أمهن منعتهن عن الاتصال بأخيهن لأبيهن، ويسألن: هل لهن أن يزرن ذلك الأخ بالرغم من تصرف والدتهن؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، فالواجب عليكن صلة الرحم، فالأخ من الأب رحم قريب، فإذا كان لا يستحق الهجر فإنه يوصل بالكلام الطيب أو بالمكاتبة أو بالهاتف، وإذا كان فقير يوصل بالصدقة والإحسان، أما إن كان رجلاً كافراً أو معلناً للفسق والبدعة ولهذا كرهت الوالدة أن تتصلوا به فهذا له وجه شرعي من باب الهجر، أما إذا كان مستوراً أو طيباً فالواجب عدم طاعتها في ذلك، لأن صلة الرحم حق ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

    1.   

    حكم جعل الرجل من أجنبي محرماً لأهله

    السؤال: قضية طويلة بعض الشيء يقول صاحبها: رجل من أهل البادية في يوم من الأيام ذهب في دورة بعض المواشي، فابتعد عن أماكن الماء والأكل والناس، واشتد عليه العطش نتيجة لشدة البحث عن المواشي في صحراء جرداء وقيض شديد، وحاول البحث عن ماء فلم يجد شيئاً مما اضطره إلى تسليم أمره لله واستعد للموت، فسقط على الأرض مغشياً عليه، وبينما هو على هذه الحال في وسط الصحراء تلفحه حرارة الشمس الشديدة ومتجرداً من ملابسه ومغماً عليه لا يحس بمن حوله، بينما هو كذلك إذ قدم رجل بفضل الله فأنقذه من هذه الحالة وأعطاه الماء والملابس وأطعمه وأخذه معه حتى وعى من غيبوبته تلك، والسؤال: إنه نتيجة لهذه المعاملة الحسنة التي لقيها من هذا الرجل الذي مر عليه فإنه قد تأثر نفسياً تأثيراً بالغاً حتى قال: إنك أخ لأولادي ولزوجتي وأنت كالمحرم لهن. هل ما فعل صحيح؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: هذا الذي أنقذه قد فعل معروفاً، قد أحسن وله أجره عند الله عز وجل حيث أنقذ نفساً أشرفت على الهلاك، فهو مأجور بهذا العمل وله ثواب جزيل، لكن لا يكون بذلك محرماً لزوجة المنقذ ولا لبناته، ولكنه أخوهن في الله، وقد أحسن إلى أب البنات وإلى زوج المرأة إحساناً كبيراً ولكنه لا يكون بهذا محرماً، ولا يكون أخاً للمنقذ ولا أباً له ولا ابناً له، وإنما هو أخوهم في الله إذا كانا مسلمين جميعاً فكلهم إخوة في الله، ولكن المحرمية لا تثبت بهذا، فكونه أنقذ إنساناً لا يكون بذلك محرماً لبناته أو زوجته أو غيرهن والله ولي التوفيق.

    1.   

    بيان ميراث زوجة وبنتين وأخ لأم

    السؤال: من السيد العداني الحسن تاجر بسوق الخميس في المملكة المغربية رسالة يقول فيها: إنني من المتابعين لبرنامجكم القيم الذي أنصت له باستمرار، وأشكركم على هذه البادرة الطيبة غاية الشكر، وأود أن أوجه سؤالي التالي: توفي رجل وترك زوجة وبنتين وأخاً من الأم فقط، فهل يرث أخوه هذا أم لا؟ وإذا كان يرث فعلاً فما هو نصيب كل واحد من الورثة، علماً أن التركة التي خلفها هي من ماله الخاص؟ في انتظار إجابتكم جزاكم الله خيراً.

    الجواب: هذا الميت تقسم تركته من أربعة وعشرين سهماً، للبنتين الثلثان ستة عشر، وللزوجة الثمن ثلاثة، ويبقى خمسة يعطاها العاصب إن كان العاصب ابن عم ولو بعيداً يعطاها العاصب، فإن لم يكن له عاصب فإنها ترد على البنتين عند أهل العلم، أما الأخ لأم فلا يرث مع وجود الفرع الوارث؛ لأن الله جل وعلا قال في كتابه العظيم: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12]، والكلالة من لا ولد له ولا والد ذكر، وهذا له ولد وهو البنتين، فالمقصود أن شرط الأخ لأم أن تكون الإرث كلالة لهذه الآية الكريمة، وهي قوله سبحانه في سورة النساء: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ [النساء:12] يعني لأم فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12]، وهذا ميت له بنات فلم تقم مسألة الكلالة، فيكون الأخ لأم لا حق له في الإرث والباقي بعد الزوجة والبنتين يكون لأقرب العصبة، فإن لم يكن له عصبة فإنه يعطى الباقي للبنتين ويكون إرثهن فرضاً ورداً؛ ستة عشر فرضاً وخمسة رداً، هذا هو الصواب والمفتى به وهو قول أهل العلم في هذه المسألة للآية الكريمة.

    1.   

    اللغو في الأيمان وما يترتب عليه

    السؤال: رسالة من المستمع عبد الله خليفة من الزلفي، يقول: أنا من المتابعين لبرنامجكم نور على الدرب والحمد لله، وأريد من سماحتكم التكرم بالإجابة على هذا السؤال وهو: قال الله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225] الآية، ما معنى اللغو في الأيمان جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الآية واضحة، يقول سبحانه: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225]، وفي الآية الأخرى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ [المائدة:89]، كسب القلوب نيتها وقصدها، فكسب القلوب: الإيمان بالله والمحبة لله والخوف من الله والرجاء له سبحانه وتعالى كل هذا من كسب القلوب، وهكذا نية الحالف، يعني قصده اليمين وإقراره عليها، هذا من كسب القلوب، أما اللغو كونه يتكلم باليمين من غير قصد جرت على لسانه من غير قصد، والله ما أقوم والله ما أتكلم والله ما أذهب إلى كذا ما نواها ما تعمدها، جرت على لسانه لكن من غير قصد، يعني من غير قصد عقد اليمين على هذا الشيء، من غير قصد القلب أنه يفعل هذا الشيء، هذا هو لغو اليمين، قول الرجل لا والله وبلى والله كما جاء هذا المعنى عن عائشة وغيرها رضي الله عن الجميع، أما إذا نوى اليمين بقلبه وقصدها قال: والله ما أكلم فلان، قاصد بقلبه أنه ما يكلمه، أو والله ما أزوره أو والله ما أفعل كذا ما أشرب الدخان والله ما أشرب الخمر فهذا عليه كفارة اليمين، إذا نقض يمينه عليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن عجز عن الثلاثة صام ثلاثة أيام لقوله جل وعلا: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] الآية في سورة المائدة، والمقصود أن الأيمان اللاغية هي التي لا تقصد تجري على اللسان من غير قصد فهذا يسمى لغو اليمين، وليست منعقدة وليست من كسب القلوب، أما إذا عقدها قاصداً لها بقلبه فهذا من كسب القلوب وهذا من تعقيد الأيمان، فعلى صاحب هذه اليمين إذا خالفها أن يكفر كفارة اليمين كما تقدم، فإذا قال والله لا أكلم فلاناً قاصداً ثم كلمه عليه كفارة اليمين، والله لا أزوره ثم زاره عليه كفارة اليمين، والله لا أسافر إلى كذا ثم سافر عليه كفارة اليمين، بخلاف ما إذا مر على لسانه اليمين من غير قصد ما تعمده ولا قصده.

    1.   

    حكم تخصيص آيات محددة لقراءتها في ركعتي الضحى

    السؤال: رسالة بتوقيع أحد الإخوة يقول: سوداني مقيم في المملكة له جمع من الأسئلة يقول في أحدها: لقد تعودت أن أقرأ في ركعتي الضحى آيتي الشكر؛ الآية من سورة النمل فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ [النمل:19] الآية، وأيضاً الآية من سورة الأحقاف: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً [الأحقاف:15] الآية، هل عملي هذا يا سماحة الشيخ يعد مبتدعاً، أم أني مخير في أن أقرأ ما أريد من كتاب الله؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: لا حرج عليك أن تقرأ ما تيسر ما لم تعتقد أن هذا فيه سنة خاصة هذا لا أصل له، ولكن مثلما قال ربك جل وعلا: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل:20]، فإذا قرأت ما تيسر فلا حرج عليك، أما أن تتعمد آيتين مخصوصتين ترى أنهما سنة وحدهما فهذا لا أصل له؛ لأن البدعة لا تجوز في الشرع، ولا أحد يقول هذا سنة أو هذا بدعة إلا بدليل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، فإذا كنت إنما أردت أنها آيتان عظيمتان فأحببت القراءة بهما فلا بأس بهما أو بغيرهما من دون أن تعتقد أنها سنة دون غيرها سنة خاصة.

    1.   

    شروط الرضاع الذي يحقق المحرمية

    السؤال: يسأل سماحتكم فيقول: متى يكون الرضاع محرماً بالخمس ومتى يكون محرماً في رضعة واحدة؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: الرضاع لا يكون محرماً إلا إذا كان خمس رضعات حال كون الطفل في الحولين، أما إذا كان الرضاع أقل من خمس أو كان بعد أن تجاوز الطفل الحولين فهذا لا أثر له ولا يعتبر محرماً، فلابد من شرطين:

    أحدهما: أن يكون الطفل في الرضاع ما أكمل الحولين.

    والشرط الثاني أن تكون الرضعات خمساً لا أقل لمجيء الأحاديث بذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا رضاع إلا في الحولين)، والله سبحانه يقول: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ [البقرة:233]، ولقوله صلى الله عليه وسلم لـسهلة بنت سهيل : (أرضعي سالماً خمس رضعات تحرمي عليه)، ولما ثبت في الصحيح أن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك)، يعني: توفي النبي صلى الله عليه وسلم والأمر على هذا الحال لم ينسخ ولم يغير، خمس معلومات ثابتة بشهادة المرأة العدل أو الرجل العدل أو أكثر، فإذا كانت المرضعة عدلاً واعترفت بالخمس في الحولين قبل منها، فلابد من خمس ولابد من كونها في الحولين، ولابد أن تكون المدعية لذلك امرأة عدل، يعني ثقة، والرجل يشهد على المرأة أنها أرضعته خمساً وهو عدل ثقة.

    1.   

    كيفية إخراج الزكاة من الراتب

    السؤال: يقول: يا سماحة الشيخ! أنا أعمل في المملكة وكل شهر أستلم مرتبي، فعندما يحول الحول كيف أخرج الزكاة، هل عن الشهر الأول الذي حال عليه الحول، أم عن مرتب السنة كلها التي عملتها من أول شهر إلى آخر الشهر الذي أخرج فيه الزكاة؟

    الجواب: كلما حال الحول على الراتب فزكه، الشهر الأول يزكى أولاً والشهر الثاني هكذا والثالث هكذا.. كلما تم الحول على الراتب وجبت فيه الزكاة، إلا إذا أردت تقديم الزكاة عن الأحوال المتأخرة قدمتها مع الأول فلا حرج عليك لا بأس، يجوز تقديم الزكاة، لكن لا يلزمك إلا إذا تم الحول على كل راتب.

    1.   

    بيان أنواع الشرك

    السؤال: يسأل أخونا سماحتكم فيقول: نرجو من سماحتكم أن تتفضلوا بتوضيح أنواع الشرك؟ وهل الحلف بغير الله شرك يخرج صاحبه من الملة أم لا؟

    الجواب: الشرك نوعان: شرك أكبر وأصغر؛ فالشرك الأكبر صرف العبادة لغير الله أو بعضها كدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم أو للجن أو للملائكة أو غيرهم من الأموات والغائبين، هذا يقال له: شرك أكبر، كما كانت قريش وغيرها من العرب يفعلون ذلك عند أصنامهم وأوثانهم، ومن ذلك أيضاً إذا جحد الإنسان أمراً معلوم من الدين بالضرورة وجوباً أو تحريماً، من جحده كان كافراً ومشركاً شركاً أكبر، كمن قال: إن الصلاة لا تجب على المكلفين من المسلمين، أو قال: إن الزكاة لا تجب على من عنده أموال الزكاة، أو قال: صوم رمضان لا يجب على المسلم المكلف، فهذا يكون كافراً ومشركاً شركاً أكبر، أو أحل ما حرمه الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة مما أجمع عليه المسلمون كأن يقول: الزنا حلال أو شرب المسكر حلال أو العقوق للوالدين حلال أو السحر حلال أو ما أشبه ذلك، فهذا يكون كافراً ومشركاً شركاً أكبر، والقاعدة: أن من صرف العبادة أو بعضها لغير الله من أصنام أو أشجار أو أموات أو جن أو غيرهم من الغائبين فهذا شركاً أكبر، وهكذا من جحد ما أوجب الله أو ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة قد أجمع عليه المسلمون فهذا يكون كافراً كفراً أكبر ومشركاً شركاً أكبر، كل من أتى ناقضاً من نواقض الإسلام يكون مشركاً شركاً أكبر كما مثلنا.

    أما الشرك الأصغر فهو أنواع أيضاً مثل الحلف بغير الله بالنبي بالأمانة برأس فلان هذا شركاً أصغر، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من حلف بشيء دون الله فقد أشرك)، وهكذا الرياء كونه يقرأ يرائي أو يتصدق يرائي هذا من الشرك الأصغر لقوله صلى الله عليه وسلم: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه فقال: الرياء)، وهكذا قول ما شاء الله وشاء فلان بالواو، أو لولا الله وفلان، أو هذا من الله ومن فلان، فهذا من الشرك الأصغر، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان)، ولما قال رجل: (يا رسول الله! ما شاء الله وشئت، قال: أجعلتني لله نداً! ما شاء الله وحده)، وقد يكون الشرك الأصغر شركاً أكبر إذا اعتقد صاحبه أن من حلف به بغير الله أو قال فيه ما شاء الله وشاء فلان أنه له التصرف في الكون وأن له إرادة تخرج عن إرادة الله وعن مشيئة الله وأن له قدرة يضر وينفع دون الله أو اعتقد أنه يصلح أن يعبد من دون الله وأن يستغاث به يكون شركاً أكبر لهذا الاعتقاد، أما إذا كان مجرد حلف بغير الله من غير اعتقاد آخر لكن جرى على لسانه الحلف بغير الله تعظيماً لهذا الشخص يرى أنه أهل لأنه نبي أو صالح أو لأنه أبوه أو أمه أو ما أشبه ذلك فهذا من الشرك الأصغر لا من الشرك الأكبر عند أهل العلم.

    المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767959353