مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول: أنا الصديق أحمد جعفر محمد علي ، يقول: لقد قرأت في كتاب: إذا جالس المسلم شارب الخمر سوف يحبط عمله أربعين يوماً، أرجو منكم توضيح هذه المسألة وهل ما قيل صحيح جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الحديث لا نعلم له أصلاً، وليس مما يعرف عن النبي عليه الصلاة والسلام بل هو فيما يظهر موضوع مكذوب، لكن مجالسة شارب الخمر لا تجوز والواجب الإنكار عليه وتوجيهه إلى الخير وإرشاده ونصيحته، ولا يجوز أن يتخذ أصحاب الخمر جلساء بل الواجب الإنكار عليهم ونصيحتهم وبيان عظم الخطر فيما يفعلونه؛ لأن الخمر لعنها الرسول صلى الله عليه وسلم ولعن شاربها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها فهي أم الخبائث، وشرب الخمر من أقبح الكبائر؛ لما فيها من إزالة العقل؛ ولأنها وسيلة إلى شر عظيم، فالواجب على كل مسلم أن يحذرها وأن يحذر مجالسة أهلها، لكن يجتهد في النصيحة لهم وتوجيههم إلى الخير.
الجواب: عليه أن يتوب إلى الله من ذلك وليس عليه قضاء، ومتى تاب توبة صادقة محا الله عنه ذلك الكفر وذلك الضلال، يقول الله جل وعلا: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، فمن تاب صادقاً أفلح، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (التوبة تمحو ما قبلها)، (والتائب من الذنب كمن لا ذنب له).
والصحيح أن تارك الصلاة تكاسلاً كافر كفراً أكبر، أما إن كان تركها جحداً لوجوبها فإنه يكون كافراً بإجماع المسلمين، والكافر إذا أسلم لا يؤمر بالقضاء لما ترك من صلاة وصوم.
الجواب: إن كان رماهن لكنه أخطأ في الترتيب فنرجو أن يعفو الله عنه من أجل الجهل، والرجم قد حصل، والرمي قد حصل، فإذا كان رمى في الأولى ثم الأخيرة ثم الوسطى أو رمى الوسطى ثم الأولى ثم الأخيرة ونحو ذلك فالصحيح أنه يجزئه إن شاء الله إذا كان فات الوقت، أما إن كان الوقت باقياً فإنه يعيد ما بعد الأولى يعيد ما رماه قبل الأولى يعيده، فإذا كان رمى الوسطى ثم الأولى يعيد الوسطى ثم الأخيرة حتى يحصل الترتيب، وإذا كان رمى الأخيرة ثم الوسطى ثم الأولى يعيد الوسطى والأخيرة حتى تكون الأولى في محلها، لكن لو لم ينتبه إلا بعد ذهاب الوقت أجزأه إن شاء الله ولا دم عليه.
الجواب: المطلوب وصول الحجر إلى الحوض، فإذا وصل إلى الحوض كفى ولو لم يرم الشاخص -الجدار- ولو نزلت بعد ذلك إلى الأرض، متى وصلت الحوض كفى، وإذا تدحرجت ونزلت فلا يضره.
الجواب: لا حرج في السلام عليها، السلام مشروع في حق الجميع؛ الرجال والنساء، فإذا سلم عليها أو رد عليها السلام من دون تهمة ولا فتنة فلا حرج، فإن كانت كاشفة نصحها وأمرها بالستر والتستر، وإذا كانت وحدها لا يخلو بها يمر ويسلم من دون جلوس معها ولا وقوف معها في محل خلوة، فإذا مر بها عند بابها أو في الطريق أو في أي مكان ليس له الجلوس معها خلوة، أما مروره بها من دون خلوة فلا يسمى خلوة ولا يضره كونه سلم عليها أو رد عليها السلام.
الجواب: سب البهائم لا يجوز، وهكذا سب الجمادات، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة)، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: (ليس المسلم بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم (أنه سمع امرأة تسب ناقة -تلعنها- فأمر أن يقام عليها وقال: لا تصحبنا ناقة ملعونة).
فالواجب على المسلم أن يحفظ لسانه عن السب للبهائم أو لأولاده أو لغيرهم.
أما سب الكفار على العموم أو الظالمين أو الفساق فلا حرج، إذا قال: لعن الله الظالمين لعن الله الكافرين لعن الله الفاسقين لعن الله السارق لعن الله شارب الخمر عموماً فلا حرج في ذلك.
الجواب: نعم، الدم محرم، وهو الدم المسفوح كما في الآية الأخرى: أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا [الأنعام:145]، وهو الدم الذي تحصل إراقته عند الذبح، هذا هو الدم المحرم.
وهكذا أنواع الدماء التي تسفح من الحيوانات من بني آدم وغيرهم، أما الدم الذي يكون في اللحوم بعد الذبح لا يضرها؛ لأنه ليس مسفوحاً، وإذا نقل الدم لأخيه، منه إلى أخيه المحتاج على وجه لا يضر المنقول منه فلا بأس إذا أقر الطبيب أن هذا الشخص مضطر إلى الدم وتبرع له أخوه بدم لا يضره فلا حرج في ذلك لعموم الأدلة في شرعية عون الإنسان لأخيه، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، فإذا أقر الطبيب أن هذا الدم ينفع هذا المضطر ولا يضر المأخوذ منه فلا بأس.
الجواب: إذا كان المال الذي عند العم يبلغ النصاب وحال عليه الحول عليه أن يزكيه وإن كان عند عمه، إذا كان مليئاً ليس بمعسر ولا مماطل فإن العامل يزكي.
أما إن كان عمه معسراً ما يقدر يسلم الدين أو مماطلاً يطلبه حقه ولا يعطيه حقه فليس عليه زكاة حتى يقبضه فإذا قبضه استقبل به حولاً جديداً هذا العامل.
أما إن كان عمه مستعد يعطيه ولكنه جلس عنده كالأمانة فإنه يزكيه كلما حال عليه الحول.
الجواب: تقول لهم: إنه لا يجوز المزح بالكلام المحرم، والواجب أن يكون المزح بالكلام المباح والشيء المباح مع القلة، مع قلة المزح.
أما أن يمزح باللعن أو بالشتم والسب أو بالكذب فلا يجوز، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (لعن المؤمن كقتله) وهذا وعيد شديد، ويقول صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، فالسب والشتم واللعن من الكبائر في أخيه الذي لا يستحق ذلك.
الجواب: تشرع زيارة الأقارب ولاسيما المحارم كالأخوال والأعمام أو العمات ونحو ذلك بحسب الترتيب أو بالمكاتبة أو بالهاتف بالتلفون كله طيب المهم أن تكون الصلة بينهم طيبة ليست قطيعة بل صلة طيبة بالكلام الطيب والزيارة والمكالمة الهاتفية ونحو ذلك.
وإذا كانت المزورة غير محرم فلا بأس إلا إذا كانت الزيارة ليس فيها خلوة ولا فتنة ولا شبهة، فلا بأس إذا زارها مع زوجها أو عند أخيها أو عند أبيها زيارة المحبة والقرابة السلام عليكم السلام كيف حالكم؟ كيف فلا بأس بهذا في صلة الرحم على وجه ليس فيه تهمة بالشر وليس فيه محرم لا خلوة ولا تبرج ولا كشف شيء من الزينة.
الجواب: هذا حديث لا أصل له ليس بصحيح بل هو من الموضوعات، نسأل الله العافية.
الجواب: لا حرج في ذلك والحمد لله، إذا كانت الفاتحة قد أتقنتها وأديتها فالغلط في بعض السور الأخرى أو الآيات الأخرى لا يضر، ولا يضركم عدم وجود من يفتح عليه.
الجواب: إذا كان الجماعة لم يحضروا تنتظر وتصلي سنة التحية، وإن كانت لها راتبة قبلها كالظهر صليت الراتبة وتنتظر الجماعة حتى يحضروا وتصلي معهم.
أما إذا كانوا قد صلوا فتصلي معه حتى تكون جماعة، تكون مأموماً وهو إمام حتى يحصل لك فضل الجماعة ولو كانت نافلة يحصل لك فضل الجماعة، أو تسأل وتقول: هل صلى الناس؟ إذا كان المسألة فيها إشكال تقول: هل صلى الناس؟ إن كان ما صلوا تنتظر، وإن كان قد صلى الناس تصلي معه حتى يحصل لك فضل الجماعة.
الجواب: الحديث هذا ضعيف ولكن يغني عنه أحاديث صحيحة مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر قيل لـ
أما إن كانت المسافة بعيدة وقد تذهبون تفوتكم الصلاة لبعد المسافة بحيث لا تسمعون النداء لو كان النداء بغير مكبر لبعد المسافة فلا حرج عليكم أن تصلوا جماعة.
الجواب: نعم، إذا وجد من يشوش على الناس حول المسجد ينبههم الخطيب إذا كانوا يسمعون أو يرسل لهم من يأمرهم بالسكوت والبعد عن المسجد إذا لم يكونوا من أهل الصلاة، أو بالدخول في المسجد حتى يصلوا مع المسلمين.
الجواب: السنة رفع الصوت بالذكر حين يسلم الناس من المكتوبة، السنة رفع الصوت بالاستغفار والذكر، لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رفع الصوت للذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم) وقال: (كنت أعلم إذا انصرف من سلامه إذا سمعته)، فهذا يدل على أنه معروف في عهده صلى الله عليه وسلم أنهم يرفعون أصواتهم للذكر وأن من كان خارج المسجد يسمع ذلك ويعلم أن الصلاة قد انتهت.
الجواب: الواجب على الزوجة طاعة زوجها في المعروف وعدم عصيانه في الجماع والخدمة إذا كانت من أهل الخدمة، وفي عدم خروجها من بيتها، وفي غير ذلك من الأمور التي ليس فيها معصية، حق عليها أن تسمع وتطيع لزوجها، وقد جاء في هذا الباب أحاديث كثيرة تأمر بذلك، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح)، فالواجب عليها السمع والطاعة لزوجها في المعروف لا في المعاصي.
وهكذا الزوج عليه أن يعاشرها بالمعروف ويتقي الله ولا يظلمها لا في قوله ولا في عمله، كما قال الله سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وقال سبحانه: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228] يعني: كما أن عليهن العشرة بالمعروف فلهن أيضاً لهن العشرة بالمعروف، فهو عليه أن يعاشرها بالمعروف بالكلام الطيب والسيرة الحميدة والنفقة المناسبة التي تجب على مثله، وعليها هي السمع والطاعة في المعروف وأن تجيبه إلى حاجته وأن تقوم بخدمته في بيته، وأن تحذر معصيته في خروج أو غيره، وإذا قام كل واحد بما يجب عليه استقامت الأحوال واستمرت العشرة الطيبة، وإذا كان كل واحد يريد الحق لنفسه ولا يؤدي ما عليه فسدت الحال وأدى ذلك إلى الطلاق.
أما الخدمة ففيها تفصيل إذا كانت المرأة يخدم مثلها ولم تسمح بالخدمة فإنه يخدمها إذا تيسر ذلك.
أما إذا كان العرف في قبيلته أو في بلده أنها تخدم زوجها فإنها تخدمه كما يفعل بنات جنسها في قبيلتها وجماعتها؛ لأن الله يقول جل وعلا: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، فالمعروف هو المتعارف بين الناس في كل بلد وفي كل زمان.
الجواب: الموضوع فيه خلاف بين العلماء، منهم من رأى أن لا زكاة فيه إذا كان يستعمل، ومنهم من رأى أن فيه الزكاة لعموم الأدلة الشرعية في ذلك، وهذا هو الصواب الذي نرجحه ونفتي به، أن في الحلي الزكاة إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة وعدم الدليل على استثناء ذلك.
الجواب: نعم، له أن يقرأ القرآن بغير وضوء إذا كان ليس بجنب، أما الجنب فلا، لا يقرأ حتى يغتسل.
وأما المحدث حدثاً أصغر فله أن يقرأ عن ظهر قلب من دون مس المصحف، تقول عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) والله يقول سبحانه (لا يَمَسُّهُ) يعني: القرآن إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79].
قد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن: (ألا يمس القرآن إلا طاهر) وأفتى الصحابة بذلك رضي الله عنهم وأرضاهم.
لكن إذا قرأ عن ظهر قلب من دون مس المصحف وهو على غير طهارة فلا بأس، إلا إذا كان جنباً فإنه يمتنع حتى يغتسل؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا كان جنباً يمتنع من القرآن حتى يغتسل عليه الصلاة والسلام، وخرج مرةً على أصحابه من بيت الماء -من الحمام- فلم يتوضأ فقال عليه الصلاة والسلام في هذا: (أما القرآن فلا ولا آية) يعني: الجنب، فبين صلى الله عليه وسلم أن غير الجنب له أن يقرأ قال: (أما الجنب فلا ولا آية)، بين لهم أن خروجه من الحمام ولم يتوضأ لا يمنع من القراءة، ثم قال: (أما الجنب فلا ولا آية) فدل ذلك على أن الجنب لا يقرأ القرآن حتى يغتسل.
أما الحائض والنفساء فقد اختلف فيهما العلماء هل تلحقان بالجنب فتمنعان من القراءة حتى تغتسلا أم لا؟ والصواب أنهما لا تلحقان؛ لأن حدثهما تطول مدته بخلاف الجنب فإن مدة الجنابة قليلة بإمكانه أن يغتسل في الحال، والصواب أن الحائض والنفساء لهما أن تقرأا لكن من غير المصحف؛ لأن مدتهما تطول.
الجواب: إذا كان جنباً لا يقرأ القرآن، أما إذا كان على غير طهارة ولكن ليس بجنب فله أن يقرأ من غير المصحف كما تقدم في جواب السؤال السابق.
وأما الأحاديث فله أن يقرأ وإن كان جنباً، الأحاديث ليست مثل القرآن، كونه يقرأ من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أو كتب التفسير أو التراجم هذا لا حرج فيه مطلقاً للجنب وغيره.
المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك. نعم.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم وإلى الملتقى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر