مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج (نور على الدرب)، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: مع بداية هذه الحلقة نعود إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من الطائف، وباعثها المستمع محمد أحمد إبراهيم العظيمي ، أخونا محمد عرضنا بعض أسئلة له في حلقة مضت، وبقي له في هذه الحلقة بعض الأسئلة، فيسأل أول سؤال في هذه الحلقة عن تفسير آية من كتاب الله، هي قول الحق تبارك وتعالى -أعوذ بالله من الشيطان الرجيم-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النور:58]؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالآية واضحة في معناها، وأن المماليك -وهكذا الأولاد- الذين لم يبلغوا الحلم يعني: ما بلغوا خمسة عشر سنة، ولا احتلموا بشيء آخر من إنبات أو احتلام، هؤلاء عليهم أن يستأذنوا على أهلهم في هذه الأوقات الثلاثة؛ لأنها أوقات عورة، قبل صلاة الفجر، لأن: الناس إذا خلا بعضهم إلى بعض، قد يظهر منهم بعض الشيء، فيستأذن عليهم.
وهكذا وقت الظهيرة قبيل الظهر، وإذا كان عادتهم بعد الظهر كذلك؛ لأن عادة الناس سابقاً الراحة قبل الظهر القائلة.
وهكذا بعد صلاة العشاء، في هذه الأوقات الثلاثة يستأذنون، أما ما سواه فلا يحتاج؛ لأنهم طوافون عليهم، من أهل البيت؛ فلا حرج بعد ذلك.
فالمقصود: أنهم في هذه الأوقات الثلاثة يستأذنون، ولو كان مملوكاً، ولو كان صغيراً لم يبلغ؛ لئلا يرى عورة، وما سواها فالأمر فيه واسع.
المقدم: سماحة الشيخ، هل تراعى عادات الناس وتغير أحوالهم من زمان إلى زمان؟
الشيخ: نعم، العلة مفهومة إذا صارت العورة تبدو في وقت آخر مثل: بعد الظهر بدل القائلة، أو بعد صلاة الفجر بدل ما قبل الفجر، كذلك يستأذن.
المقدم: هل يلحق الخدم في المنزل بهذا الحكم؟
الشيخ: نعم، الخدم مثل المماليك، إذا صاروا يدخلون ويخرجون في حاجات المنزل.
المقدم: جزاكم الله خيرا. إذاً عليهم أن يؤدبوا بهذه الآداب.
الشيخ: نعم يستأذنوا كما أمر الله.
الجواب: سجود التلاوة سنة، وهي سجدات معلومة في القرآن، خمسة عشر سجدة في القرآن، أولها في آخر الأعراف، وآخرها في سورة (اقرأ) في آخرها، إذا مر بها المؤمن في خارج الصلاة سجد ولو كان على غير طهارة على الصحيح، لا يشترط لها الطهارة، والأفضل أن يكبر تكبيرة في أولها فقط، ثم يسجد ويقول في السجود مثل ما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، يدعو بما تيسر، وليس فيها تسليم ولا تكبير ثان، هذا هو المختار هذا هو الأرجح.
وإن كان في الصلاة، مر بها في الصلاة شرع له السجود، الصلاة الجهرية: كالمغرب والعشاء والفجر والجمعة، شرع له السجود، والمأمومون يسجدون خلفه إذا كان إماماً يسجدون معه إذا سجد، أما في السرية -وهو إمام- فلا يشرع له السجود؛ لأنه قد يشوش على الناس، في السرية إذا قرأها في القراءة السرية: كالظهر والعصر، والثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء، فالأفضل أن لا يسجد؛ لئلا يشوش على الناس، إلا إذا كان يصلي وحده؛ فلا بأس، كالذي يصلي نافلة، أو فاتته الصلاة الفريضة ويصلي وحده، لا بأس أن يسجد في السرية؛ لعدم التشويش.
وفي الصلاة يكبر في كل خفض ورفع، إذا سجد يكبر وإذا رفع يكبر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل خفض ورفع، يدخل في ذلك سجود التلاوة في الصلاة، وهي سنة غير واجبة؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه قرأ عليه زيد بن ثابت رضي الله عنه سورة النجم، فلم يسجد فيها عليه الصلاة والسلام؛ فدل ذلك على عدم الوجوب، وقال عمر رضي الله عنه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء، يعني: فمن شاء سجد، ومن شاء لم يسجد، فهي سنة غير واجبة.
الجواب: لا حرج في ذلك والحمد لله، إذا كانت الفاتحة أديتها كما يجب؛ فالقراءة الزائدة على الفاتحة مستحبة، فإذا سقط منها آية أو نسيتها فلا حرج.
الجواب: نوصيك بطلب العلم، والتفقه في الدين؛ حتى تستغل هذا الإناء، فاجتهد في طلب العلم، واحضر حلقات العلم، وإن تيسر لك الالتحاق بالمعاهد العلمية، ثم كلية، فهذا أكمل.
ونوصيك بالعناية بالقرآن الكريم، والإكثار من تلاوته، تدبر معانيه؛ فهو أصل كل خير، وينبوع كل خير، وفقك الله ويسر أمرك.
الجواب: إذا كانت الصدقة جرت بها العادة، وأبوك يسمح بها، مثل فضول الطعام.. ما يفضل من الطعام؛ لا بأس، أو شيئاً قد سمح به أبوك كانت الصدقة شيئاً سمح به أبوك لك ولأهل بيتك؛ فلا بأس، وإلا فلا بد من إذنه؛ لأن المال ماله، فلا بد من إذنه في الصدقة، وإذا أخذتم بالقاعدة، قلتم له: نتصدق بكذا، وسمح لكم فلا بأس، الشيء الذي جرت به العادة أنه يسمح به فأخرجوه من دون حاجة للإذن، مثل فضول الطعام، مثل سقي الماء، مثل إعارة المتاع الذي يحتاجه الناس، لا بأس إذا كان والدك قد وعرفتم منه السماح بهذه الأمور.
المقدم: جزاكم الله خيرا. إذاً يتصلون بوالدهم عبر الهاتف أو عبر رسالة بريدية ويستأذنونه فيما يريدون؟
الشيخ: نعم، إلا الشيء يعرفون أنه يسمح به.
الجواب: الواجب عليها ستر العقبين، ستر رجليها؛ لأنها عورة، فعليها أن تستر رجليها بإرخاء الثياب أو بالجوارب، والحمد لله.
الجواب: الصلاة على الغائب فيها تفصيل: إن الغائب ممن عرف له قدم في الإسلام، مثل داعية إلى الله مشهور، رفع الله به المسلمين، مثل أمير مشهور نفع الله به المسلمين، هذا يجوز عند بعض أهل العلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي ملك الحبشة لما أسلم وآوى المهاجرين ونصرهم وحماهم، ثم مات، صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب، ولم يحفظ عنه أنه صلى على غيره، فقال بعض أهل العلم: إن هذا خاص بـالنجاشي فقط؛ لأن الأموات كثيرون ولم يصل عليهم النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال آخرون: من كان مثل النجاشي له قدم في الإسلام وله شأن؛ شرعت الصلاة عليه صلاة الغائب، وإلا فلا، وهذا القول وجيه وقريب، إذا كان له شأن في الإسلام، وإن ترك ولم يصل عليه اكتفاء بمن صلى عليه في محله، فالحمد لله.
الجواب: هذا ما يترك إماماً، هذا يرفع أمره إلى الجهة المسئولة؛ حتى يزال من الإمامة، لا يجوز أن يؤم الناس إلا رجل عدل معروف بالخير، ولا يجوز أن يؤمهم مبتدع مشرك، بجاه فلان هذا بدعة من وسائل الشرك، لكن إذا كان عنده أمور أخرى شركية؛ مثل: يدعو الأنبياء.. يستغيث بالنبي.. يستغيث بأهل البيت.. يستغيث بالأولياء.. يسألهم الشفاعة.. يسألهم شفاء المريض، هذا شرك أكبر، هذا ما تصح صلاته ولا جعله إمام.
والمقصود: أن الواجب على الجماعة -جماعة المسجد- أن يرفعوا أمر هذا الإمام إلى الجهة المسئولة، ويطلبوا تغييره بإنسان معروف بالإيمان والعدالة والاستقامة. حتى ولو كان غير مشرك، مادام مبتدعاً معروفاً بالبدعة أن يزال، ويسعى في إزالته، لكن إن كان مسلم؛ صحت الصلاة، إذا كانت بدعته لم تخرجه من الإسلام؛ صحت الصلاة، أما إن كانت بدعته تخرجه من الإسلام: كالذي يدعو أهل البيت ويستغيث بهم، أو يعتقد فيهم أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم معصومون، أو يسب الصحابة؛ هذا ما يتخذ إمام ولا يصلى خلفه.
الجواب: عليكم أن تصلوا ظهراً؛ لأن الجمعة ما تدرك إلا بركعة، فإذا جاء المسبوق وقد فاتت الركعتان؛ يصلي ظهراً ينويها ظهراً أربع، والذي يقتدي به كذلك ظهراً؛ لأن الجمعة إنما تدرك بركعة واحدة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة).
الجواب: لا حرج في ذلك، إذا تصدقوا لموتاهم ذبحوا ذبيحة أو أكثر وقسموها على الفقراء في رمضان في هذا الشهر الكريم أو في غير رمضان، وزعوها على الفقراء، أو على أقاربهم؛ لا بأس بذلك، صدقة، الحمد لله.
أو وزعوا فواكه أو وزعوا أطعمة أخرى، أو ملابس، كله طيب، أو نقود.
الجواب: تقول عند ذبح الذبيحة: بسم الله والله أكبر، ثم تذبح، بسم الله والله أكبر، هكذا كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، تضع رجلك على صفحة العنق، ثم تمسك رأسها وتذبح بيدك اليمنى أفضل، هذا هو السنة، وإن كانت ضحية قلت: عن فلان، أو عني وأهل بيتي، وإن كانت عقيقة قلت: عن ولدي فلان، أو عن بنتي فلانة، وإن كانت هدية، يعني: عن حج وعمرة قلت: بسم الله والله أكبر، وناوي المتعة، تنوي الهدي هدي التمتع أو القران، حسب ما في قلبك، وإن كانت عن نذر، نويت بالنذر أنها عن النذر الذي نذرته.
المقدم: جزاكم الله خيرا، ولا حرج أن يتلفظ بالنية حينئذ؟
الشيخ: يقول: عن فلان أو عن فلانة، أو عن ولدي فلان في العقيقة.
المقدم: جزاكم الله خيرا. إذاً هذا مما يستثنى من التلفظ بالنية؟
الشيخ: نعم، نعم، كان النبي يفعله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: (اللهم تقبل من محمد وآل محمد).
الجواب: هذا السنة هذا الأفضل، ولا يجب لكنه الأفضل.
الجواب: لا، يكفي أذان المسلمين، تقيم وتصلي فقط، ولا حاجة إلى الأذان.
الجواب: الله أعلم، هذا إلى الله جل وعلا، لكن جاء في بعض الأحاديث فيها ضعف إنه إذا كان لها أزواج إنها تخير، وتختار أحسنهم خلقاً، لكن هذا ليس بمقطوع به؛ لأن الأحاديث فيها ضعف، والله جل وعلا هو الذي يعلم سبحانه وتعالى.
الجواب: ليس عليه دليل، السنة في هذا كان السلف إذا اتبعوا جنازة يسرون ويخشعون، ويتذكرون الموت وما بعده، فالسنة في مثل هذا عدم الكلام، والتفكر في المصير وما يكون بعد الموت، وكيف يسأل الميت في قبره، حتى يكون الإنسان متأثراً بهذا المحضر، أما أن يقول: اذكروا الله، أو وحدوا الله، أو قولوا: لا إله إلا الله، هذا لا دليل عليه؛ فينبغي تركه.
الجواب: السنة أن يجمعا ويصلى عليهما جميعاً؛ لأن هذا أسرع في إنجازهما، والنبي عليه السلام يقول: (أسرعوا بالجنازة)، وقد صلى على جماعة عليه الصلاة والسلام، فالسنة أن يجمع الرجل والمرأة أو الرجلان أو المرأتان أو أكثر ويصلى عليهم جميعاً، فإن كانا رجلان يقول: اللهم اغفر لهما وارحمهما، وهكذا المرأتان، وإن كانوا جماعة قال: اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم.. إلى آخره، ويدعو لهم.
الجواب: هذا لا أصل له، كونه يضع مكبراً على السيارة التي فيها الجنازة، ويقرأ القرآن، أو يذهب بالمسجل ويقرأ القرآن عند القبور، فهذا بدعة لا أصل لها، ولا ينبغي فعل ذلك، ولم يشرع الله القراءة عند القبور، ولا الدعاء عندها يتحرى هذا، إنما يدعو في أثناء الزيارة، حين يسلم عليهم يدعو لهم ولنفسه، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد الأمة إلى ذلك، كان يقول صلى الله عليه وسلم إذا زار القبور: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، غداً مؤجلون، يغفر الله لنا ولكم، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، وكان يعلم أصحابه رضي الله عنهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين)، هكذا يشرع عند زيارة القبور، الدعاء لهم وللزائر.
أما قراءة القرآن، أو الصلاة عند القبر، أو الجلوس عنده يتحرى الدعاء عنده؛ هذا لا أصل له.
الجواب: لا حرج في ذلك، إذا ذبح شاة أو غيرها في رمضان، ويوزع على الفقراء، أو على أقاربه، أو جيرانه في هذا الشهر الكريم، هذا من باب تحري مضاعفة الأجر، فإن الصدقة في رمضان مضاعفة، وإذا ذبحها في غير رمضان وتصدق بها أيضاً كذلك لا بأس بذلك، الصدقة على الميت ما هي ببدعة، سنة، في رمضان و في غيره، باللحم أو بالفاكهة أو بالنقود أو بالملابس؛ كله طيب.
الجواب: كان لبس البرقع من عادة العرب، يلبسون البراقع، ويقال له: النقاب، يفتح فيه للعين أو العينين نقب، وتستر به وجهها، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبسه في حال الإحرام للمرأة، قال: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين)، في حالة الإحرام بالعمرة أو بالحج، معناه: أنه في غير ذلك لا بأس أن تلبس البرقع والقفازين، في الأوقات الأخرى؛ للتستر والحجاب.
فلا حرج في لبس القفازين والنقاب للمرأة في غير الإحرام، للتستر عن الرجال، وإذا سترت وجهها بغير النقاب؛ بالخمار كله، أو بغيره من الألبسة: كالجلال، والجلباب، ونحو ذلك، كله طيب، والنقاب يكون بقدر العينين أو عين واحدة، ما يكون مكشوف الوجنتين، ولا الجبهة، بقدر العينين فقط، هذا هو الجائز.
وأما منعه وتحريمه فلا دليل عليه، بل السنة ظاهرة بالجواز لغير المحرمة، لكن يكون بقدر العينين أو إحداهما، وإذا لبست خماراً أو جلالاً يسترها، فلا بأس، تقول عائشة رضي الله عنها: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع محرمات، فإذا دنا منا الرجال سدلت إحدانا جلبابها -أوقالت: خمارها- على وجهها من رأسها، فإذا بعدوا كشفنا)، فمعنى هذا أنهم ما لبسوا النقاب.
فهذا يدل على أن هذا جائز وهذا جائز.
فإذا سدلت الخمار أو الجلباب على وجهها بالكلية، على وجه ترى معه الطريق فلا بأس ، وإذا رأت أن إظهار عينيها فيه فتنة، وأنها تخشى الفتنة فلتخمر وجهها بغير ذلك، من الخمار والشيلة المعروفة، أو بغير ذلك، إذا كانت ترى أن إظهار عينيها قد يحصل به فتنة، فهي أعلم بنفسها.
الشيخ: نعم، سبق أن المرأة كلها عورة، كلها عورة، لكن عليها أن تجتهد في التستر والبعد عن فتنة الرجال بالحجاب الساتر الكافي، لوجهها وبدنها جميعاً؛ لأنها كلها عورة، كما قال الله عز وجل: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53].
وهكذا قوله جل وعلا في سورة النور: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31].. الآية.
الجواب: الله جل وعلا أخبر سبحانه أنه في آخر الزمان -يوم القيامة- يطوى السماوات ويقبض الأرض، قال جل وعلا سبحانه في كتابه العظيم: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67].
وجاء في الأحاديث الصحيحة أنه يقبض السماوات ويقبض الأرض يوم القيامة، وأنها تبدل السماوات، وتبدل الأرض، لكن قاعدة اللغة العربية: أن ما فوقك يسمى سماء، وما تحتك يسمى أرض، في يوم القيامة كذلك، فيوم القيامة، وإن بدلت الأرض فما فيه الناس يسمى أرضاً، وما فوقهم يسمى سماء؛ لأن السماء ما علا وارتفع، فما فوقك من أي شيء يسمى سماء، فالسقف يسمى سماء، وجهة العلو تسمى سماء، وما تحتك -وإن كنت في السطح أو جبل- يسمى أرض.
الجواب: الظاهر في الآية الأرض كل ما كان على الأرض هو فاني، الجبال تدك، والأشجار والأحجار تذهب، والجن والإنس يموتون، والحيوانات تموت، ما يبقى شيء إلا الله سبحانه وتعالى.
الجواب: أما في التطوع فلا بد من صوم يوم قبله أو يوم بعده؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يصام الجمعة قال: (إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده)، ولما صامت إحدى زوجاته صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، قال: (هل صمت أمس؟ قالت: لا، قال: هل تصومين غداً؟ قالت: لا، قال: أفطري).
أما إذا كان عن فريضة فلا حرج إن شاء الله؛ لأنه ما خص الجمعة، ولكن وافقت الجمعة أنها وقت راحته وعدم العمل، أو لأسباب أخرى؛ فصام الجمعة عن قضاء ما عليه من رمضان، أو نذر أو غير ذلك، فهذا لم يخصها لأنها لفضلها، وإنما صامها من أجل أنها أيسر له في قضاء ما عليه بسبب الأعمال، وإن صام يوماً قبلها أو يوماً بعدها على سبيل الاحتياط؛ فهو أحسن، من قضائه، يصوم يومين جميعاً أو ثلاثة: الخميس والجمعة والسبت؛ يكون هذا أبعد عن الشبهة: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).
أما النهي فهو جاء في النهي عن التطوع بها وحدها، بل يكون قبلها يوم أو بعدها يوم.
المقدم: جزاكم الله خيرا.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نسأل الله ذلك.
المقدم: اللهم آمين، مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى.
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر