أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله إلى لقاء مبارك من برنامج نور على الدرب، ضيف اللقاء هو سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
مع مطلع هذا اللقاء نرحب أجمل ترحيب بسماحة الشيخ فأهلاً ومرحباً سماحة الشيخ.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
====
السؤال: محمد عيد يستفسر في بداية عن الآية الكريمة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [النساء:20]؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الآية الكريمة ذكر أهل العلم أن معناها: أن الإنسان إذا طلق امرأة وأراد أن يستبدل غيرها فليس له أن يأخذ مما أعطاها شيئاً، ما أعطاها ملكته لما استحل من فرجها ولو كان قنطاراً، يعني: ولو كان مالاً عظيماً، فإذا طابت نفسه منها وأراد فراقها فليس له أن يأخذ منها شيئاً بل ما جعل لها من المهر ملك لها سواء معجلاً أو مؤجلاً كله لها بما استحل من فرجها، هذا هو معنى الآية.
الجواب: نعم، الصدقة تصل إلى المتوفى سواء كانت الصدقة بالنقود أو بالطعام أو بالملابس أو بالأوقاف أو غير ذلك، فإذا صنع وليمة ودعا إليها الفقراء أو أكرم بها أقاربه وأرحامه وجيرانه يقصد ثواب ذلك لوالده أو أخيه أو أمه أو نحو ذلك حصل له بذلك الخير العظيم، قد أجمع العلماء على أن الصدقة تصل إلى الميت، ثوابها يصل إلى الميت، وجاء في هذا أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن ذلك، قالت له امرأة: (يا رسول الله! إن أمي ماتت ولم توص أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم، وسأله رجل مثل ذلك قال: نعم.)، فالصدقة تصل إلى الأموات وهكذا الدعاء والاستغفار لهم والترحم عليهم والحج والعمرة والضحية كل ذلك يصل إليهم.
الجواب: إن أراد آيات الله القرآن فنعم؛ لأن القرآن كلام الله والقسم بالله وصفاته حق جائز، أما إن أراد آيات الله المخلوقة الليل والنهار والشمس والقمر والأرض ونحو ذلك لا ما يجوز، لأن الرسول عليه السلام قال: (من حلف بشيء دون الله فقد أشرك) قال: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)، فليس لأحد أن يحلف إلا بالله أو بصفة من صفاته سبحانه وتعالى، وليس لأحد أن يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بالأمانة أو شرف فلان أو حياة فلان أو بآيات الله المخلوقة، لا. أما بآيات الله التي هي كلامه سبحانه وتعالى -القرآن- فلا بأس؛ لأنه قسم بصفات الله.
الجواب: الجمع بين الأمرين أفضل؛ العلاج والدعاء، إذا تيسر العلاج من أطباء طيبين فهذا أمر مطلوب، تعاطي الأسباب أمر مشروع مع التوكل على الله والثقة بالله ودعاءه والضراعة إليه سبحانه وتعالى، لكن لا يجوز العلاج عند المخرفين والمشعوذين ومن يدعي علم الغيب هؤلاء يجب الحذر منهم، أما عند الأطباء المعروفين والقراء المعروفين الذين لا يتهمون فلا بأس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام)ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاءً علمه من علمه وجهله من جهله)، فالتداوي مطلوب لا بأس به ولا حرج فيه مع الثقة بالله والتوكل على الله والإيمان بأنه سبحانه هو المقدر هو الذي بيده كل شيء، يقول جل وعلا في كتابه العظيم: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:49-50]، سبحانه وتعالى.
الناس أربعة أقسام: قسم يرزق إناثاً، وقسم يرزق ذكوراً، وقسم يرزق ذكوراً وإناثاً، وقسم لا يولد له؛ عقيم من الرجال والنساء، فأنت وزوجك قد تكونان من القسم الأول، وقد تكونان من القسم الثاني، وقد تكونان من القسم الثالث، وقد تكونان من القسم الرابع كل واحد منكم عقيم، قد تكونين أنت عقيمة وهو ليس بعقيم أو بالعكس، ربنا هو الذي يعلم كل شيء سبحانه وتعالى، فلا مانع من تعاطي الدواء منك وزوجك جميعاً.
الجواب: مكة أفضل ثم المدينة بعدها، والإقامة بمكة أفضل من المدينة ثم المدينة كما جاء في الأحاديث، الصلاة في مكة بمائة ألف صلاة، في المسجد الحرام وفي الحرم مائة ألف، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام بمائة صلاة في مسجدي هذا) فرق عظيم، والحسنات في مكة مضاعفة أكثر من مضاعفتها في المدينة، ولكن على من أقام في مكة والمدينة أن يحذر المعاصي؛ لأنها عظيمة أيضاً، على كل واحد أن يحذر المعاصي ويبتعد عنها ويحاسب نفسه ويجاهدها حتى لا يقع فيما حرم الله في هذا البلد الأمين أو في المدينة المنورة نسأل الله السلامة.
الجواب: التوبة لابد منها مع استحلال أهل الفواكه؛ طلب الحل منهم، يقال لهم: نحن نفعل كذا نرجو إباحتنا، أو الاصطلاح معهم على قيمة ترضيهم بدلاً مما أخذ من مزارعهم إذا كانوا معروفين، فالتوبة لابد منها مع استحلال أهل الفواكه وطلب الإباحة منهم أو تعويضهم بما يرضيهم عن ذلك.
الجواب: إن كانت نافلة كسنة الضحى والرواتب والوتر فلا بأس أما الفريضة فلابد من القدرة، إذا كانت تقدر يلزمها ولا تصح الصلاة مع الجلوس وهي قادرة، أما إذا كانت عاجزة في الركعة الأولى تقوى وفي الركعة الأخيرة ما تقدر تقوم فلا حرج عليها إذا كان عليها مشقة كبيرة لا حرج عليها.
الجواب: المريض يصلي قائماً إن قدر في الفريضة فإن عجز صلى قاعداً فإن عجز صلى على جنبه فإن عجز صلى مستلقياً، سئل النبي عن هذا عليه الصلاة والسلام قال له عمران : يا رسول الله! ذكر أن به بواسير وأنه تشق عليه الصلاة قائماً قال: (صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقياً) هذا في الفريضة، أما النافلة فلا بأس إذا صلى قاعداً ولو أنه قادر لا حرج لكن الصلاة وهو قائم أفضل، وإذا صلى قاعداً في النافلة وهو يقدر يكون على النصف له نصف الأجر.
الجواب: الواجب عليه أن يحذر العودة وأن يتقي الله في ذلك وأن يعالج الأمر بما يستطيع من مآكل أو مشارب أو أدوية حتى يترك ذلك وحتى يبتعد عن ذلك وحتى يذهب ما في قلبه من محبة الرجوع، لابد من العلاج ولابد من الجهاد للنفس، المؤمن يجاهد نفسه ويصبرها على الحق ويمنعها من الباطل ولو تاقت إليه، يقول الله جل وعلا: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69] لابد من جهاد.
ولا يجوز له العود إلى التدخين أو شرب المسكر أو غيرهما من المعاصي ولو تاقت نفسه إلى ذلك، ولو أصابه شدة فعليه أن يعالج وعليه أن يجاهد وعليه أن يصبر ويتحمل ويأتي بما يستطيع من أنواع العلاج الذي يمنعه من الميل إلى هذا الشراب الخبيث الذي هو مضر به في دينه ودنياه، ضرر الدخان عظيم في الدين والدنيا جميعاً، فالواجب الحذر، الواجب على كل مدخن أن يتقي الله وأن يحذر هذا البلاء وأن يبتعد عنه وأن يجاهد نفسه وأن ينصح لإخوانه في تركه، هذا هو الواجب على الجميع، والله سبحانه يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، ويقول: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [التوبة:71].
فلابد من جهاد النفس وتصبيرها عن هذا المحرم، وهكذا جميع المعاصي يجب على المؤمن أن يجاهد نفسه وأن يمنعها مما حرم الله وأن يصبر على ما يحصل من المشقة حتى تسلو النفس عن ذلك وحتى يطمئن قلبه وحتى تكون الأمور عادية بعد الصبر والاحتساب ينتهي كل شيء مما في قلبه ويجعل الله في قلبه الإيمان والقوة ومحبة الخير وكراهة الشر بسبب جهاده لنفسه وصبره.
فالكفار كانوا عندهم تشبث بالكفر وتعلق به والمحاربة دونه وجلاد بالسلاح فلما شرح الله صدورهم للإسلام تركوا ذلك وابتعدوا عنه وجعل الله في قلوبهم المحبة والإيمان والهدى وتركوا ذلك الذي كانوا يقاتلون عنه بالسلاح، نسأل الله السلامة.
المقدم: اللهم آمين، أحسن الله إليكم.
توصون هذا السائل يا سماحة الشيخ بالإخلاص في الدعاء له أثر قوي؟
الشيخ: نعم. نوصيه بالدعاء يسأل ربه يقول: اللهم أجرني من هذا البلاء، اللهم اجعل في قلبي وفي نفسي ما يمنعني منه، اللهم اكفني شره واكفني شر نفسي، اللهم أعذني من الشيطان، يسأل ربه الإعانة والتوفيق، يسأل ربه التوفيق للصبر عن هذا البلاء وعن غيره من المعاصي.
الجواب: الأشهر الحرم هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب؛ أربعة، قال الله جل وعلا: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ [التوبة:36]، هذه الأربعة؛ ثلاثة متوالية ذو القعدة وذو الحجة والمحرم عاشوراء، والرابع فرد وهو رجب بين جمادى وشعبان، هذه الأربعة الحرم والصيد فيها جائز، كان القتال فيها محرم وكانت الجاهلية تحذر ذلك أيضاً ثم نسخ عند الجمهور القتال فيها وصار القتال فيها جائزاً والصحابة قاتلوا الروم وغير الروم ولم يحفظ عنهم أنهم تركوا القتال في الأشهر الحرم لعلمهم بأنه نسخ، أما الصيد فلا بأس في الأشهر الحرم لكن لا يصيد في الحرم في مكة والمدينة، حرم مكة وحرم المدينة لا يصاد فيهما ولكن في الأشهر لا بأس أن يصيد في عاشور أو في ذي الحجة أو في رجب أو في محرم لا حرج في ذلك.
الجواب: أقسام التوحيد ثلاثة: توحيد الإلهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات.
وإذا عرفها المؤمن ولو ما عرف الأقسام، إذا كان قد وحد الله وآمن بأن الله ربه وإلهه ومعبوده الحق، وأنه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلى لا شبيه له ولا كفء له كفى ولو لم يعرف الأقسام، لكن إذا عرفها يكون من العلم الطيب.
فالقسم الأول توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون وهو أن يؤمن العبد بأن الله هو الخلاق الرزاق، هو الذي خلق الجميع، هو الخلاق العليم خلق الأرض وخلق السماء وخلق الجن وخلق بني آدم وخلق كل شيء كما قال سبحانه: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الرعد:16]، قد أقر بهذا المشركون، قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف:87]، وقال تعالى: قُلْ مَنْ.. يعني: قل للمشركين: من يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ [يونس:31]، يعني: يعترفون بأن ربهم الله هو الخلاق الرزاق المحيي المميت الذي يرزقهم سبحانه وتعالى وهو الذي يدبر الأمور، هذا أقروا به ولكن لم يدخلوه في الإسلام؛ لأنهم لم يأتوا بالتوحيد الثاني وهو توحيد العبادة، وهو تخصيص الله بالعبادة الذي هو معنى: لا إله إلا الله، ومعناها: لا معبود حق إلا الله، وهذا معنى قوله سبحانه في سورة الحج: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62]، ومعنى قوله: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، ومعنى قوله: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ [الزمر:2]، ومعنى قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، ومعنى قوله سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، لابد من هذا، وهذا هو الذي جحده المشركون وأنكروه وجادلوا دونه وصارت بينهم وبين الرسل العداوة والشحناء، وهدى الله من هدى له ممن سبقت له السعادة، وهو الإيمان بأنه لا معبود حق إلا الله، وهذا هو معنى: لا إله إلا الله، أي: لا معبود حق إلا الله.
قال جل وعلا: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة:163]، وقال سبحانه: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد:19]، وقال جل وعلا عن المشركين: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ [الصافات:35-36]، وقال في سورة (ص) عن الكفرة أنهم قالوا: أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص:5]، فالمشركون أنكروا هذا؛ لأنهم اعتادوا عبادة الأصنام والشمس والقمر والنجوم، الكفار أقسام، وكفار العرب اعتادوا عبادة الأصنام والأموات والأحجار والأشجار كما قال تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى [النجم:19-23]، فاللات: رجل صالح كان يلت السويق للحاج، كان يحسن للحجاج يلت لهم السويق فعبدوه وعبدوا صخرته التي كان يلت عليها.
والعزى: شجرة بين الطائف وبين مكة كانوا يعبدونها تعبدها قريش وتدعوها، كان فيها جن يلبسون عليهم ويتكلمون من داخلها.
ومناة: صخرة حذو قديد -في طريق المدينة- كان يعبدها الأنصار وغيرهم، الأوس والخزرج وغيرهم فأنزل الله فيها ما أنزل وأبطلها.
وكان حول الكعبة حين دخلها النبي صلى الله عليه وسلم وفتح الله عليه ثلاثمائة وستون صنماً كلها حول الكعبة منها: هبل الذي يعظمونه الذي قال فيه أبو سفيان يوم أحد: اعل هبل، قال الرسول صلى الله عليه وسلم لهم قولوا: (الله أعلى وأجل) قال: لنا العزى ولا عزى لكم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم لهم يوم أحد قولوا: (الله مولانا ولا مولى لكم).
فهذه الآلهة التي يعبدونها من دون الله كلها باطلة سواء كانت من الشجر أو من الحجر أو من الأموات أو من الكواكب أو غيرها، وهذا يسمى توحيد الإلهية وهو معنى: لا إله إلا الله، وهو الذي أنكره المشركون وجالدوا دونه وقاتلوا، وجاءت به الرسل ودعت إليه الرسل، قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25].
ولابد مع هذا التوحيد من الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم والشهادة بأنه رسول الله وأنه خاتم الأنبياء.. لابد من هذا، ولابد أيضاً من الإيمان بجميع ما أخبر الله به ورسوله مما كان وما يكون، لا يتم التوحيد والإيمان إلا بهذا، يعني: لابد من الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله في القرآن أو في السنة الصحيحة من أمر الآخرة والجنة والنار والحساب والجزاء والصراط وغير ذلك، ولابد من الإيمان بأن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب كما بين في كتابه العظيم كالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى، كل هذا لابد منه، يعني: بكل ما أخبر الله به ورسوله.
والتوحيد الثالث: توحيد الأسماء والصفات، وهو الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله عن أسمائه وصفاته لابد من الإيمان بذلك وأنه سبحانه له الأسماء الحسنى وله الصفات العلى لا شبيه له ولا كفء له ولا ند له، كما قال عز وجل: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180]، قال سبحانه بسم الله الرحمن الرحيم: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الحشر:23-24]، لابد من الإيمان بهذه الأسماء ومعانيها، فله الأسماء الحسنى وله معانيها، هو ذو الرحمة، ذو العلم، ذو القدرة، ذو العزة، ذو الحلم.
الأسماء لها معاني:
فالرحمن معناه: الرحمة.
والإله معناه: أنه إله الخلق ومعبودهم.
والعزيز معناه: العزيز الذي لا يغالب بل قد غلب كل شيء.
والرحيم: الذي له الرحمة الواسعة سبحانه وتعالى.
والحكيم: الذي له الحكمة، لا يفعل شيئاً عبثاً ولا سدى بل كل شيء عن حكمة ليس عبثاً.
وهكذا هو العليم: الذي يعلم كل شيء ولا يخفى عليه شيء سبحانه وتعالى إلى غير ذلك، هذه أقسام التوحيد الثلاثة.
الجواب: السلس مرض من الأمراض، الذي يصاب بالسلس في البول أو بالريح دائماً هذا يلزمه أن يتوضأ لكل صلاة مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة التي معها الدم دائماً: (توضئي لوقت كل صلاة) فإذا دخل الوقت توضأ صلى على حسب حاله ولو خرج البول ما دام في الوقت يصلي ويقرأ القرآن من المصحف، يصلي الفريضة والنافلة ما دام الوقت، فإذا خرج الوقت بطل وضوءه وعليه أن يتوضأ وضوءاً آخر للصلاة الجديدة، وإذا كان بول أو غائط لابد يستنجي عن البول والغائط ثم يتوضأ في أطرافه، يغسل وجهه، يتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه وذراعيه مع المرفقين ويمسح رأسه مع أذنيه ويغسل قدميه مع الكعبين، أما إذا كان أحدث بريح أو مس فرجه أو نوم فهذا يكفيه الوضوء ما يحتاج استنجاء بل يكفي غسل الأطراف الأربعة، يغسل وجهه وذراعيه ويمسح رأسه ويغسل رجليه عن النوم والريح ومس الفرج وأكل لحم الإبل ما يحتاج استنجاء، الاستنجاء من البول والغائط، إذا حصل بول أو غائط يستنجي يغسل فرجه ويغسل دبره من الأذى أو يستجمر بثلاثة أحجار فأكثر حتى ينقي المحل أو يجمع بينهما، يستجمر ويستعمل الماء كل هذا طيب.
ولا يلزمه هذا فيما يتعلق بالريح؛ الفساء والضراط، هذا إذا خرج منه فساء أو ضراط ما فيه إلا الوضوء يعني: غسل الأطراف الأربعة ما فيه استنجاء، هكذا إذا مس فرجه بيده أو أكل لحم الإبل أو نام نوماً يزول معه عقله نوماً مستغرق ينتقض وضوءه وعليه الوضوء الذي هو غسل الأطراف الأربعة ما فيه استنجاء.
أما صاحب السلس فإنه يتوضأ كل وقت إذا كان حدثه دائماً معه الريح دائم، معه البول دائم، هذا يتوضأ كل صلاة كلما أذن يتوضأ، إن كان هناك بول أو غائط يستنجي، فإن كان ريح الريح معه دائم يتوضأ أطرافه فقط، يعني: يتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه وذراعيه مع المرفقين ثم يمسح رأسه مع أذنيه ثم يغسل رجليه عن الريح ما فيها استنجاء، ولحم الإبل مثلاً، النوم المستغرق، مس الفرج.
الجواب: المال الذي ينفق قبل تمام الحول ما فيه زكاة سواء كان نقود أو غيره، فلابد في الزكاة من تمام الحول، فإذا كان عنده نقول وأنفقها في حاجاته قبل تمام الحول لا زكاة فيها، أو عنده غنم أو إبل أو بقر فلم يتم عليها الحول ماتت مثلاً أو باعها فلا زكاة فيها ولكن يزكي ثمنها إذا حال الحول يزكي ثمنها، نعم. ثمنها إذا حال الحول.
الجواب: هذه في المشركين يعني: سيئة شرك وخطيئة الشرك والكفر فهؤلاء هم المخلدون في النار، أما العاصي فهو تحت المشيئة كالزاني والسارق إذا لم يستحل ذلك، والعاق لوالديه وشارب الخمر والمرابي هؤلاء تحت المشيئة كما قال الله سبحانه في سورة النساء في موضعين من سورة النساء: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].
فالشرك والكفر لا يغفر إذا مات عليه الإنسان، الشرك الأكبر والكفر الأكبر هذا لا يغفر صاحبه مخلد في النار، أما الشرك الأصغر والكفر الأصغر فهذا صاحبه على خطر، فإن رجحت حسناته سلم من دخول النار وإذا عذب على قدر ما مات عليه من الشرك الأصغر والكفر الأصغر، وهكذا أصحاب المعاصي إن عفا الله عنهم وإلا عذبوا على قدر معاصيهم تعذيباً مؤقتاً ثم يخرجهم الله من النار إلى الجنة إذا كانوا ماتوا على التوحيد والإسلام، لكن مات وهو زاني ما تاب، مات وهو سارق ما تاب، مات وهو عاق لوالديه ما تاب، مات وهو يأكل الربا أو يشرب الخمر ما تاب، هذا تحت المشيئة بعضهم يعفو الله عنه وبعضهم يدخل النار ويعذب في النار على قدر المعصية التي فعلها واستمر عليها ثم يخرجه الله من النار بفضل رحمته جل وعلا إلى الجنة.
ولا يخلد في النار أبد الآباد إلا الكفار الكفر الأكبر والشرك الأكبر هم الذين يخلدون في النار أبد الآباد، كما قال الله في حقهم: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167]، وقال في شأنهم سبحانه: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة:37]، نسأل الله العافية.
المقدم: شكر الله لكم يا سماحة الشيخ وبارك فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين.
أيها الإخوة المستمعون الكرام! أجاب عن أسئلتكم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، في ختام هذا اللقاء نشكر سماحة الشيخ على تفضله بإجابة السادة المستمعين، وفي الختام تقبلوا تحيات الزملاء من الإذاعة الخارجية فهد العثمان ، ومن هندسة الصوت سعد عبد العزيز خميس والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر