إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (863)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    ما يلزم المرأة التي تكون سبباً في إسقاط جنينها نتيجة تعاطيها دواء معيناً

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب. رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    في بداية لقائنا نرحب بسماحة الشيخ، وعلى بركة الله نبدأ في استعراض بعض من رسائل السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من الجزائر باعثها أحد الإخوة من هناك يقول: (س. ع. ف) أخونا يسأل في أول أسئلته عن حكم امرأة كانت حاملاً فأكلت دواء فسبب مرضاً فأسقط الجنين، هل عليها شيء أو لا؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن الله عز وجل أباح لعباده التداوي بل شرعه لهم بما لا محذور فيه، فقال: (عباد الله! تداووا ولا تداووا بحرام)، وقال عليه الصلاة والسلام: (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله)، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله)، فللرجل والمرأة أن يتداوى بالأمر المباح الذي يرجو فيه الفائدة فإذا تداوت المرأة بشيء من الدواء وحصل بسببه إسقاط حبلها فإنه يكون من باب القتل الخطأ، فإن قتل الخطأ هو أن يفعل الإنسان ما له فعله فيترتب عليه قتل؛ كأن يرمي الصيد فيصيب إنساناً، أو يرمي الهدف فيصيب إنساناً، فهذا هو قتل الخطأ، فإذا تعاطت شيئاً من الدواء لا لقصد إسقاط الحبل ولكن لأجل التداوي فذكر الأطباء أو العارفون بهذا الدواء وآثاره على الحمل أنه هو السبب في قتله فإن عليها دية؛ وهي غرة عبد أو أمة إذا سقط ميتاً بأسباب هذا الدواء، وعليها كفارة إذا كان قد مضى عليه أربعة أشهر؛ لأنه حينئذ تنفخ فيه الروح ويكون إنساناً فعليها عنه غرة عبد أو أمة للورثة، وعليها كفارة: عتق رقبة مؤمنة فإن لم تستطع فصيام شهرين متتابعين كأمثاله من النفوس المعصومة إلا أن يسمح الورثة عن الغرة فلا حرج في ذلك، كما لو سمح الورثة عن الدية الكاملة إذا كانوا عقلاء مرشدين، وهذه الغرة التي هي عبد أو أمة تكون للورثة قيمتها خمس من الإبل عشر دية أمه.

    وأما الكفارة فهي حق لله ليس للورثة فيها حق، فعليها أن تصوم إذا عجزت عن العتق، فإن لم تستطع العتق ولا الصيام بقي في ذمتها حتى تقدر على شيء من ذلك، تبقى الكفارة في ذمتها حتى تقدر على العتق أو تقدر على الصيام، والله ولي التوفيق.

    1.   

    استحقاق الزوجة للربع من تركة زوجها إذا لم يترك ولداً

    السؤال: أخونا يسأل عن قضية في الميراث فيقول: ما حق امرأة كانت متزوجة برجل مكثت معه مدة تسعة عشر عاماً فمات ولم تنجب أولاداً منه، فبقي أخوه يعمل وكون أملاكاً أخرى لمدة أربعة عشر عاماً ومات ولم تأخذ نصيبها منه، هل عندها الحق في الأملاك كلها أم لا، علماً بأن الأخ أيضاً لم ينجب أولاداً أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: هذه مسألة تتعلق بالمحاكم، فالمحكمة تنظر في الأمر وتعطي المرأة حقها من زوجها، فلها حقها من زوجها وهو الربع إذا لم يكن له ذرية من غيرها لها الربع، كما قال الله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ [النساء:12]، فإذا كان زوجها ليس له ذرية من غيرها وهي لم تنجب منه شيئاً فإن لها الربع من أملاكه، وأما التفصيل في أملاكه وأملاك أخيه والنظر في ذلك فهذا يرجع إلى المحكمة لإثبات ما يخصه دون أخيه، فلها الحق فيما خلفه زوجها، أما أموال أخي زوجها فليس لها الحق في ذلك.

    المقدم: إذا خلط المالين جميعاً سماحة الشيخ؟

    الشيخ: تنظر المحكمة حتى يميز مال زوجها من مال أخيه، فلها الإرث في مال زوجها دون مال أخيه.

    المقدم: في مال زوجها وأرباحه -مثلاً-؟

    الشيخ: هذا إلى المحكمة تنظر في هذا.

    1.   

    حكم غياب الرجل عن أهله مدة طويلة

    السؤال: أخ لنا من جمهورية مصر العربية يقول رمضان محمد عمار يقول: لي مدة ثلاث سنوات وأنا الآن داخل في الرابعة غائب عن زوجتي وأطفالي، إلا أنني قد كفيتهم المئونة -مئونة البيت ومئونة المدرسة- هل علي خطأ في غيابي عن زوجتي هذه المدة، أرجو التوجيه جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: لم يرد فيما نعلم في الشرع المطهر تحديد للغيبة للزوج، وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه حدد للجنود ستة أشهر من باب الاجتهاد والتحري للخير، فإذا كنت أيها السائل غبت في طلب الرزق الحلال وشغلت عن المجيء إلى أهلك لأمور ألجأتك إلى طول الغيبة فنرجو أن لا يكون عليك شيء ما دمت قد قمت بحقهم وأنفقت عليهم ولكن ينبغي لك أن لا تطيل الغربة وأن تلاحظ حاجة الزوجة وحاجة الأولاد إلى مجيئك وإلى قضاء وطرك من أهلك وإلى عفة أهلك وإلى ملاحظة أولادك وتأديبهم وتربيتهم التربية الإسلامية.. إلى غير ذلك من مصالحهم.

    فينبغي لك أن تلاحظ المدة المناسبة التي ترجع فيها إليهم ثم تعود إلى عملك إذا لم يتيسر لك عمل في محل أهلك ولم يتيسر نقلهم معك في محل مناسب آمن فأنت على كل حال تنظر ما هو الأصلح في عفة أهلك وصلاح أولادك من جهة النقل معك أو من جهة المجيء إليهم في وقت ليس بالطويل كثلاثة أشهر.. شهرين.. أربعة.. خمسة.. على حسب ما يتيسر لك ما دمت في طلب الرزق وطلب الحلال والحاجة إلى ذلك، فليس في هذا وقت مقدر فيما نعلم من جهة الكتاب والسنة، واجتهاد عمر رضي الله عنه في ذلك له وجاهته، وقد تحتاج الزوجة إلى أقل من الستة أشهر، قد تكون في محل خطير يضرها غيبتك ستة أشهر، وقد تكون في محل آمن ويكون عندها من العقل والدين والإيمان ما يطمئنك لو أطلت أكثر من ستة أشهر، فالحال تختلف، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي), وعمر منهم بل هو أفضلهم بعد الصديق ، فعليك أن تلاحظ ما هو الأصلح وما هو الأقرب إلى سلامة أهلك وأولادك لمراعاة الستة الأشهر أو ما هو أقل منها، أو ما هو فوقها على حسب قدرتك وعلى حسب حال أهلك، والطمأنينة إلى سلامة الأهل والأولاد مما يضرهم وعدم ذلك، فهو محل اجتهاد ومحل نظر منك، والواجب عليك أن تعمل ما هو الأصلح وما هو الأحوط وما هو الأقرب إلى سلامة أهلك وأولادك، والله المستعان، نعم.

    المقدم: بارك الله فيكم. بالنسبة لعصرنا وما فيه من الفتن والمغريات تنصحون بتبني رأي عمر رضي الله عنه؟

    الشيخ: بل أنصح بأقل من ذلك، أنصح بأن تكون المدة أقل من ستة أشهر، وأن يلاحظ الزوج أن لا تطول الغيبة وأن تكون الغيبة قصيرة جداً مهما أمكن، أو يبقى عند أهله ولو بالمشقة، أو ينقلهم معه؛ لأن الأخطار كثيرة والفتن كثيرة، والسلامة الآن قليلة في غالب الأماكن، فينبغي له أن يلاحظ ذلك وأن يحذر أن يقع أهله فيما لا ينبغي بسبب غيبته، والله المستعان.

    1.   

    حكم تأخير المرأة للزواج لأجل الدراسة

    السؤال: أخت لنا من الرياض بعثت برسالة تقول المرسلة (س. ر. أ) أختنا لها مجموعة من الأسئلة؛ في سؤالها الأول تقول:

    إنني طالبة في كلية الطب البشري، وقد مضى على التحاقي بهذه الكلية أربع سنوات، وكانت مكللة بالنجاح بحمد الله، وأنا حريصة على مواصلة الدراسة ولذلك فإنني أحاول تجنب أي سبب يعوق سيري فيها وأصمم على ذلك، ثم إن أهم ما واجهني في ذلك كله هو رفضي للزواج لهذا السبب؛ لأن ذلك سيحتاج من وقتي الكثير، علماً بأن الدراسة في هذه الكلية أهم عامل فيها هو الوقت الذي إن لم نستغله استغلالاً كاملاً فإن ذلك سيؤثر على التحصيل وعلى سير الدراسة، فهل يجوز لي أن أرفض الزواج أو أن أؤجله لهذا السبب أم أنني آثمة في ذلك، أرجو الإفادة بالتوضيح جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: إذا كنت لا تخشين شراً في إكمال الدراسة وأنت ليس عندك من الاندفاع إلى الزواج ما يسبب خطراً عليك فلا حرج في الإكمال، أما إن كان هناك حاجة إلى الزواج خوفاً منك على نفسك في هذه المدة التي تقضينها في الدراسة فالواجب عليك الزواج والبدار به حفاظاً على دينك وعفتك وسمعتك جميعاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).

    هذا الحديث العظيم يدل على شرعية المبادرة بالزواج، وهو يعم الشباب الذكور والإناث جميعاً، يعم الرجال والنساء، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب ذلك مع الاستطاعة، وقال آخرون: إن خاف على نفسه أو خافت على نفسها وجب وإلا شرع فقط من دون وجوب.

    ومن تأمل حال الوقت وحال الناس اليوم يتضح له أن الواجب البدار بالزواج إذا تيسر، ولو تأخر في الدراسة أو تعطلت الدراسة، فحفظ دينك وعفتك وسمعتك مقدم على إكمال الدراسة، فعليك أن تتقي الله وأن تحرصي على سلامة دينك وسلامة عفتك وسمعتك من عدم ذلك، ولا تؤثري الدراسة على ما يسبب هذا الخطر، يسبب عليك خطراً في دينك وعفتك، فعليك أن تتقي الله وأن تجتهدي في أسباب السلامة، فإن قويت على إكمال الدراسة من دون خطر فلا حرج إن شاء الله، وإلا فالواجب البدار بالزواج إذا تيسر والحرص عليه وإكمال الدراسة في بعد ذلك إن تيسر ذلك وإلا فلا حاجة إلى إكمال الدراسة.

    الزواج وعفة الفرج وعفة النظر وحصول الأولاد أولى من إكمال الدراسة، هذا ما ظهر لي في هذه المسألة، وإن كان في الدراسة اختلاط وجب عليك ترك هذه الدراسة والحذر من شرها والبدار بالزواج أو بالجلوس في البيت حتى يسهل الله الزواج، أو دراسة غير مختلطة، أما الدراسة المختلطة مع الشباب في فصول الدراسة فشرها عظيم وعواقبها وخيمة والواجب عليك تركها والحذر من عواقبها الوخيمة، سواء كانت في الطب أو في غير الطب مطلقاً، ويكفي للمسلمة أن تتعلم ما يحفظ عليها دينها من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وكفى والحمد لله، ولا تعرض دينها وعفتها وسمعتها للخطر، وليس تعلم الطب ولا غيره من الأمور الأخرى غير الدين بأمر ضروري بل هو فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وإذا كان تعلم هذا الطب أو غيره من الأمور الأخرى يفضي إلى المضرة الدينية والخطر العظيم على العفة فإنه لا يجوز حينئذ.

    فالمقصود أنه يكفيك أن تتعلمي من طريق الأسئلة ومن طريق حلقات العلم التي تسمعينها من بعيد غير مخالطة للرجال مع الاحتجاب والعفة والاحتشام فيما يحفظ عليك دينك ويبصرك في دينك، أو من طريق المذياع تسمعين من إذاعة القرآن في المملكة العربية السعودية من هذا النور نور على الدرب، من هذا البرنامج أو من غيره ما يعلمك دينك وما يحصل به لك البصيرة من دون حاجة إلى تتعلمي بواسطة الاختلاط ما فيه الخطر العظيم. نعم، الله المستعان.

    المقدم: الله المستعان! الموضوع واسع شيخ عبد العزيز ويحتاج إلى أن يناقش بعض الأمور..

    الشيخ: هذا واجب على البرنامج وعلى العلماء في كل مكان، العلماء في كل مكان وعلى العلماء في برنامج نور على الدرب، واجب على الجميع أن يعلموا أبناءهم وبناتهم ما أوجب الله وما حرم الله، فإن أبناء المسلمين وبنات المسلمين أمانة في ذمة العلماء والواجب على العلماء أينما كانوا في أي بلاد الله أن ينصحوا لله ولعباده، وأن يعلموا أبناء المسلمين وبنات المسلمين ما يجب عليهم، وأن يحذروهم مما يحرم عليهم، وأن يحذروهم من أسباب الخطر، والواجب على ولاة الأمور في كل دولة مسلمة أو منتسبة للإسلام الواجب عليها أن تتقي الله وأن تفصل الرجال عن النساء وأن تكون مدارس النساء منفصلة عن مدارس الرجال، وهكذا الكليات، يجب أن تكون كلية الرجال منفصلة عن كلية النساء في كل شيء في الشريعة.. في الفقه.. في الآداب.. في الهندسة.. في الطب.. في أي شيء، يجب أن تكون الدراسة منفصلة غير مختلطة، وأن يتحمل المسئولون النفقة في ذلك، وسوف يعينهم الله ويخلف عليهم ويؤيدهم وينصرهم إذا تحروا رضاه سبحانه واتباع شريعته، والحذر من أسباب الخطر على بلادهم وشعوبهم، هذا واجبهم جميعاً، هذا واجب على جميع المسئولين في أي دولة منتسبة للإسلام أن تتقي الله وأن تعمل على تعليم النساء وحدهن والرجال وحدهم حتى لا تقع الفتنة وحتى لا يقع ما لا تحمد عاقبته من الفتن والفساد، والله المستعان.

    1.   

    حاجة الناس إلى الطبيبات مع وجود الاختلاط

    السؤال: على ضوء هذا الموضوع في صدري بعض الأسئلة شيخ عبد العزيز أطرحها أو لا؟

    الشيخ: نعم، لا بأس.

    المقدم: المرأة في زماننا في حاجة إلى الطب ولا شك، والبنات في حاجة إلى تعلم الطب حتى يخدمن المرأة، المرأة اصطدمت باختلاطها مع الدكتور ومع المعلم أيضاً ومع المرضى، لابد أن سماحتكم قد أهب وجهز موازنة لهذين الأمرين:

    الأمر الأول: حاجة المرأة إلى التطبب.

    والأمر الثاني: أن الفتاة المتعلمة للطب لابد أن تختلط؛ لأنه لا يوجد حتى الآن كلية للطب منفصلة، ولا يوجد حتى الآن مستشفيات تخلو من الرجال، كيف يكون الجواب لو تكرمتم؟

    الجواب: دين المرأة ألزم عليها من علاج الناس ومن نفع الناس، دينها وسمعتها وعفتها ورضا الله عنها مقدم على نفعها للناس، فإذا لم يتيسر تعلم تتوصل به هي إلى نفع أخواتها وشعبها ومجتمعها إلا بما يضرها في دينها ويسبب الخطر عليها وتعريضها للفتنة فإن حفظ دينها وحفظ سمعتها وعفتها مقدم على أن تنفع الناس، هذا هو الذي أعتقده وهذا هو الذي نراه واجباً في حق البنين والبنات، أن يكون كل واحد حريصاً على حفظ دينه وسلامة إيمانه مما يخدشه ويضره، ولا يجب أن يتعلل بأن عدم التعلم يضر شعبي أو مجتمعي، فإن عليه أن يحفظ دينه أولاً وعليه أن يسعى لحفظ دينه وسلامته ثم يسعى في نفع الناس بعد ذلك، فلا يقدم نفع الناس على هلاكه، كالسراج يضيء للناس ويحرق نفسه، كالفتيلة، كما ذكر جمع من أهل العلم في تمثيل العالم الذي يهلك نفسه ويعلم الناس ولكنه لا يعمل بل يخالف علمه عمله، فهو كالفتيلة التي تحرق نفسها للإضاءة لغيرها، لا حول ولا قوة إلا بالله.

    1.   

    كيفية التعامل مع الأخ الكبير التارك للصلاة

    السؤال: بسبب دراسة الطب تركت عائلتي -والدي- وأنا الآن أعيش في بيت أخي، وهذا الأخ هداه الله لا يحرص على أداء الصلاة، ولا أقول: إنه لا يصلي، فإنني أراه أحياناً يؤديها ولكن الملاحظ عليه بصفة عامة هو عدم الاهتمام بهذا الركن العظيم، علماً بأنني لا أستطيع نصحه بسبب فارق السن ولأسباب أخرى، فهل يجوز لي أن أستمر في العيش معه لمواصلة الدراسة والتي بقي على تخرجي منها حوالي ثلاث سنوات إن شاء الله، أم علي أن أبحث عن سكن آخر كسكن الجامعة -مثلاً- أم علي أن أترك الدراسة وأعود إلى أهلي؟ أرجو إرشادي وإخراجي من حيرتي وجزاكم الله خيراً.

    الجواب: إن الواجب عليك أن تنصحيه وإن كنت أصغر منه، فإن الله جل وعلا يقول: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [التوبة:71]، هذا واجب الجميع، المؤمنين والمؤمنات، وليس في هذا فرق بين الكبير والصغير، فعليك أن تنصحي أخاك وأن تخوفيه من الله عز وجل؛ لأن الصلاة عمود الإسلام ومن تركها كفر، كما قال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله)، خرجه الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح عن معاذ رضي الله عنه.

    والأحاديث في هذا كثيرة، والقرآن الكريم فيه من ذلك الآيات الكثيرة، كقوله سبحانه: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، قوله عز وجل: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43]، وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56]، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5]، فعليك أن تنصحيه وأن تبيني له إنكارك عليه هذا العمل لعله يهتدي بأسبابك فيكون لك مثل أجوره، والرجل ينصح المرأة والمرأة تنصح الرجل وإن اختلفا في السن، ولاسيما هو أخوك فله حق عليك من جهة واجب الدين ومن جهة واجب الرحم، فإن استقام فالحمد لله وإلا فنصيحتي لك أن لا تبقي عنده لئلا يضرك، ولئلا تبتلي بالتأسي به فيقسو قلبك، فنصيحتي لك أن تنتقلي إلى السكن الجامعي إذا تيسر ذلك وإلا فترك الدراسة، ولا تبقي عند رجل يتهاون بالصلاة ولا يرفع بها رأساً، فإن هذا يضرك في دينك وربما يسبب لك شراً عظيماً وعاقبة وخيمة، نسأل الله لك التوفيق وحسن العاقبة ولأخيك الهداية.

    1.   

    حكم استقدام خادمة مسلمة بغير محرم

    السؤال: تسأل سؤال أخير سماحة الشيخ وتقول: أختي لديها طفلة معاقة وتبلغ هذه الطفلة من العمر ست سنوات، وهي متعبة جداً بالنسبة لوالدتها، وتحتاج إلى كثير من الرعاية، علماً بأن والدتها غير مؤهلة صحياً لذلك، وذلك لأنها مريضة ولها أطفال وحامل أيضاً، ولا تضع إلا بالعملية القيصرية، وينصحها الأطباء بعدم حمل الثقيل وعدم شد الأشياء الثقيلة، فهل يجوز لها جلب خادمة مسلمة تتولى العناية بهذه الطفلة، علماً بأن هذه الخادمة ستكون بدون محرم وستعيش معهم في البيت، فهل هذا جائز أم لا؟ أفيدوني وجزاكم الله خيراً.

    الجواب: إذا كان في البيت نساء غيرك فلا حرج في ذلك، وعلى والد الأطفال أن يقدم للمحرم ما يلزم من جهة تذكرة السفر ذهاباً وإياباً مع المرأة، وإذا تيسر من دون محرم خادمة في البلد من دون حاجة إلى استجلابها من خارج وتيسر خادمة طيبة فلا بأس إذا كان هناك من يكون معها في البيت غيرك حتى لا يحصل خلوة بها من والد الأطفال.

    فالمقصود: إذا كان المقام ليس فيه خطر ولا خشية من وقوع الفاحشة بل في البيت من تشترك معه الخادمة وتكون معه الخادمة ويكون سبباً للسلامة من الخلوة بزوجك فلا بأس إن شاء الله ولا حرج، وعليك وعلى زوجك أن تقوما بقيمة تذكرة المحرم إذا كانت تستقدم من خارج، وإن تيسر من الداخل فذلك طيب.

    المقدم: يبدو لي أن وقت هذه الحلقة شارف على الانتهاء، أتوجه لكم بالشكر الجزيل سماحة الشيخ على ما تتفضلون به من إجابات للسادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نسأل الله ذلك.

    المقدم: اللهم آمين. مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، من الإذاعة الخارجية سجلها لكم زميلنا فهد العثمان شكراً لكم جميعاً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767947774