مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب. رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: نعود في بداية هذه الحلقة إلى رسالة المستمع سيد جعفر من السودان، أخونا عرضنا له سؤالاً في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة يسأل ويقول: لقد قرأت في كتاب جليل للعلامة الفاضل الشيخ عبد العزيز المحمد السلمان أن الحلف بغير الله شرك أصغر، ولكن بعض الأئمة قالوا: إنه شرك أكبر، ومن فعل ذلك فقد خرج عن الملة؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإن الشرك نوعان: أكبر وأصغر، بإجماع المسلمين، قال الله عز وجل في الشرك الأكبر: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، وقال سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65]، وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فهذه الآيات وأشباهها في الشرك الأكبر، ومنه دعاء الأموات والأصنام والأشجار والأحجار والنجوم والجن والملائكة ونحوهم والاستغاثة بهم، والنذر لهم والذبح لهم ونحو ذلك، هذا من الشرك الأكبر.
وهكذا اعتقاد أن هؤلاء يصلحون للعبادة وإن لم يدعهم، إذا اعتقد أن هؤلاء يدعون من دون الله ويستغاث بهم وأنه لا بأس بذلك فهو شرك أكبر وإن لم يفعل.
وهكذا اعتقاد السر في حي من الأحياء أنه ينفع ويضر دون الله، وأنه يصلح لأن يعبد من دون الله ولو كان حياً، كما يفعله بعض ضلال الصوفية بمشايخهم، هذه وأشباهها من الشرك الأكبر.
وهكذا ما يفعله بعض الناس مع الجن يدعوهم أو ينذر لهم أو يذبح لهم خوفاً من شرهم هذا أيضاً من الشرك الأكبر، وهكذا ما يفعله بعض الناس مع الرسل والأنبياء والملائكة يدعوهم ويستغيث بهم وينذر لهم هو من الشرك الأكبر، قال الله عز وجل: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106] يعني: المشركين. وقال سبحانه وتعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، قال عز وجل: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:13-14] فسماه شركاً دعوة غير الله، سماها شركاً، وقال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] فسمى دعاة غير الله كفاراً، أما الشرك الأصغر فقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث، منها حديث محمود بن لبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عليه الصلاة والسلام: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه؟ فقال: الرياء)، يقول الله يوم القيامة للمرائين: (اذهبوا إلى من كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء)، وهذا الحديث صحيح رواه جماعة من أهل العلم بأسانيد صحيحة، فهو يدل على أن الشرك فيه أصغر وأكبر، فالرياء من جنس الشرك الأصغر كونه يقرأ يرائي أو يصلي بعض الصلوات يرائي الناس أو يسبح ويهلل يرائي، أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يرائي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من راءى راءى الله به، ومن سمع سمع الله به)، وقال جماعة من علماء التفسير: إن قوله تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110] نزلت في المرائين.
هذا الرياء إذا وقع من المسلم في بعض الأعمال فهو شرك أصغر، وهكذا إذا عاد المريض أو فعل أي عبادة من العبادات التي يتقرب بها إلى الله فعلها من أجل الرياء أو من أجل السمعة كان شركاً أصغر، أما إذا كان فاسد العقيدة كالمنافقين الذين يعتقدون تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم وإنكار ما جاء به من الهدى أو الشك في ذلك ثم يصلون مع الناس ويصومون ويراءونهم بهذا فهذا شرك أكبر وهذا رياء أكبر؛ لأنهم فاسدوا العقيدة، إنما أظهروا ما أظهروا تقية ورياء، فهم كفار كفراً أكبر لفساد العقيدة؛ كما قال عز وجل: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ [النساء:142-143]، عندهم شك وريب وتردد فصاروا كفاراً كفراً أكبر، وقال في حقهم في الآخرة: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا [النساء:145] بسبب كفرهم الأكبر واعتقادهم الفاسد، ومن الشرك الأصغر الحلف بغير الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من حلف بشيء دون الله فقد أشرك) رواه الإمام أحمد في المسند من حديث عمر رضي الله عنه بإسناد صحيح، وخرج أبو داود والترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من حلف بغير الله فقد أشرك -أو كفر-) هكذا شك من الراوي، (أو) بمعنى الواو يعني: وقع في الشرك والكفر جميعاً، هذا عند أهل العلم شرك أصغر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقرهم على الحلف بغير الله في أول الإسلام ولم ينهاهم عن ذلك، ثم نهاهم بعد ذلك، فلو كان شركاً أكبر لم يقرهم عليه؛ لأن الله بعثه بإنكاره من حين بعثه في مكة، فلما أقرهم عليه دهراً من الزمان ثم نهاهم في المدينة بعد ذلك دل على أنه شرك أصغر؛ إذ لو كان أكبر لما أذن فيه أبداً بل نهي عنه من أول وهلة، وهكذا قول: ما شاء الله وشاء فلان، أو لولا الله وفلان، هذا أيضاً من الشرك الأصغر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان)، ولما جاء في حديث قتيلة عند النسائي (أن اليهود كانوا يقولون للمسلمين: إنكم تشركون- وفي لفظ: إنكم تنددون- تقولون: ما شاء الله وشاء محمد وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد .وفي لفظ: أن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت، وفي لفظ قال لهم: قولوا ماشاء الله وحده) فهذا كله يدل على أن هذه الأمور من الشرك الأصغر وأن الكمال أن يقول ما شاء الله وحده فإن قال: ما شاء الله ثم شاء فلان، لولا الله ثم فلان فلا بأس بذلك، وفي حديث الأبرص والأقرع والأعمى في الصحيحين أن الملك الذي جاءهم بعدما عافاهم الله من البرص والقرع والعمى جاءهم يسألهم يقول: (لا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك) فدل على جواز مثل هذه العبارة، لكن لو اعتقد من حلف بغير الله أن هذا المحلوف به يتصرف في الكون أو ينفع ويضر دون الله أو أن له مثل عظمة الله صار شركاً أكبر، فمن قال بعض العلماء: إنه شرك أكبر فمراده إذا عظمه كتعظيم الله أو اعتقد فيه أنه يصلح لما يعبد الله به أو أنه ينفع ويضر دون الله أو ما أشبهه من العقائد الباطلة، فإن حلف به على هذا الاعتقاد صار شركاً أكبر، أما إذا جرى على لسانه الحلف بغير الله كعادة جرت عليها جماعته وأهله وبلاده أو جرى عليها سابقاً هو واعتادها سابقاً ولم يقصد أنه معظم كعظمة الله، أو أنه يتصرف في الكون، أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله لم يعتقد هذا الاعتقاد ولكن جرى على لسانه الحلف بغير الله كعادة كثير من الناس فهذا من الشرك الأصغر، ويوجد كثير من الناس اعتادوا هذا البلاء، وقد ينسب لأهل العلم لكن لأن العادة غلبت عليهم يتكلمون بهذا، فتجده يقول: والنبي.. والأمانة.. بالنبي.. بالأمانة مع أنه من طلبة العلم ومن أهل العلم لكن غلبت على لسانه واعتادها فينسى عند الكلام فيتكلم بها، فهذا كله من المنكر وكله غلط وكله من الشرك الأصغر، والواجب التنبيه على ذلك والتحذير منه وأن لا يتساهل في ذلك، فمن قال: إنه شرك أكبر، فله وجه كما تقدم، ومن قال: إنه شرك أصغر، فهذا هو الأصل أنه شرك أصغر كما قال الشيخ عبد العزيز السلمان ، ومن قال: إنه شرك أكبر، كما حكاه السائل عن بعض العلماء، فالظاهر والله أعلم ما ذكرنا، يعني: من حلف بغير الله معظماً له كتعظيم الله أو معتقداً فيه أنه يصلح للعبادة أو ينفع ويضر أو ما أشبه ذلك من العقائد الباطلة، والله أعلم.
الجواب: لا شك أن القباب على القبور بدعة ومنكر كالمساجد على القبور كلها بدعة وكلها منكر، لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، ولما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) رواه مسلم في الصحيح، ولما ثبت أيضاً عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صحيح مسلم عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها، فنص صلى الله عليه وسلم على النهي عن البناء على القبور والتجصيص لها أو القعود عليها، ولا شك أن وضع القبة عليها نوع من البناء، وهكذا بناء المسجد عليها نوع من البناء، وهكذا جعل سقوف عليها وحيطان نوع من البناء.
فالواجب أن تبقى مكشوفة على الأرض مكشوفة كما كانت القبور في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع وغيره مكشوفة، يرفع القبر عن الأرض قدر شبر تقريباً ليعلم أنه قبر فلا يمتهن، أما أن يبنى عليه قبة أو غرفة أو عريشاً أو غير ذلك فهذا لا يجوز بل يجب أن تبقى القبور على حالها مكشوفة ولا يزاد عليها غير ترابها فيرفع القبر من ترابه الذي حفر منه، يرفع قدر شبر ويكفي ذلك كما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص أنه قال رضي الله عنه: (الحدوا لي لحداً وانصبوا علي اللبن نصباً كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم)، وقال في الرواية: فرفع قبره عن الأرض قدر شبر، يعني: قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
فالحاصل أن القبور ترفع قدر شبر وما يناسب حوله للعلم بأنها قبور ولئلا تمتهن وتوطأ أو يجلس عليها، أما أن يبنى عليها فلا، لا قبة ولا غيرها للأحاديث السابقة حديث جابر وحديث عائشة وغيرهما، وفي حديث جابر التصريح بالنهي عن البناء على القبور وتجصيصها.
أما قبة النبي صلى الله عليه وسلم فهذه حادثة أحدثها بعض أمراء الأتراك في بعض القرون المتأخرة في القرن التاسع أو الثامن وترك الناس إزالتها لأسباب كثيرة:
منها: جهل الكثير ممن يتولى إمرة المدينة، ومنها: خوف الفتنة؛ لأن بعض الناس يخشى الفتنة لو أزالها لربما قام عليه الناس وقالوا: هذا يبغض النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كيت وكيت، وهذا هو السر في بقاء الدولة السعودية لهذه القبة؛ لأنها لو أزالتها لربما قال الجهال -وأكثر الناس جهال-: إن هؤلاء إنما أزالوها لبغضهم النبي عليه الصلاة والسلام، لا يقولون لأنها بدعة لا، يقولون: لبغضهم للنبي صلى الله عليه وسلم، هكذا يقول الجهلة وأشباههم.
فالحكومة السعودية الأولى والأخرى إلى وقتنا هذا إنما تركت هذه القبة المحدثة خشية الفتنة وأن يظن بها السوء، وهي لا شك أنها والحمد لله تعتقد تحريم البناء على القبور وتحريم اتخاذ القباب على القبور، والرسول صلى الله عليه وسلم دفن في بيت عائشة لئلا تقع الفتنة به لئلا يغلى فيه بل دفنه الصحابة في بيت عائشة حذراً من الفتنة، والجدران قائمة من قديم ودفنوه في البيت حماية له من الفتنة عليه الصلاة والسلام لئلا يفتن به الجهلة، وأما هذه القبة فهي موضوعة متأخرة من جهل بعض الأمراء فلو أزيلت فلا بأس بذلك بل هذا حق لكن قد لا يتحمل هذا بعض الجهلة وقد يرمون من أزالها بأنه ليس على حق وأنه يبغض النبي عليه الصلاة والسلام، فمن أجل هذا تركت الدولة السعودية هذه القبة على حالها؛ لأنها من عمل غيرها ولا تحب التشويش والفتنة التي قد يتزعمها بعض الناس من عباد القبور وأصحاب الغلو في الأموات من المشركين فيرمونها بما هي بريئة منه من بغضها للنبي صلى الله عليه وسلم أو الجفاء في حقه، والعلماء السعوديين منهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وغيره من العلماء كلهم بحمد الله على السنة وعلى طريق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، في توحيد الله والإخلاص له والتحذير من الشرك والبدع، ووسائل الشرك، وهم أشد الناس تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه كالسلف الصالح، هم من أشد الناس تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم مشياً وسيراً على طريق السلف الصالح في محبته صلى الله عليه وسلم وتعظيم جانبه التعظيم الشرعي الذي ليس فيه غلو ولا بدعة، بل تعظيم يقتضي اتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه والذب عن سنته، ودعوة الناس إلى اتباعه، وتحذيرهم من الشرك به أو بغيره وتحذيرهم من البدع المنكرة فهم على هذا الطريق أولهم وآخرهم يدعون الناس إلى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى تعظيم سنته وإلى إخلاص العبادة لله وحده وعدم الشرك به سبحانه، ويحذرون الناس من البدع التي كثرت بين الناس من عصور كثيرة، ومن ذلك بدعة هذه القبة التي وضعت على القبر النبوي وإنما تركت من أجل خوف القالة والفتنة والله ولي التوفيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الجواب: إذا كنت أرضعت الذكر والأنثى المذكورين خمس رضعات حال كونهما في الحولين فهما أخوان كما قلت، إذا كنت أرضعت كل واحد منهما خمس رضعات أو أكثر حال كونهما في الحولين فهما أخوان ولا يجوز للذكر أن ينكح الأنثى المذكورة؛ لأنه أخوها.
والرضعة: أن يمسك الثدي ويمتص اللبن ثم يترك ثم يعود حتى يكمل خمساً في مجلس أو مجالس، في يوم أو أيام، فإذا كان الطفل رضع منك خمس رضعات في كل رضعة يمص الثدي ويرتضع اللبن ثم يطلق الثدي ثم يعود في ذلك المجلس أو في مجلس آخر ويرتضع منك حتى كمل خمساً أو أكثر فإنه ولد لك وأنت أمه من الرضاعة، وهكذا البنت إذا كانت ارتضعت منك خمس رضعات أو أكثر في كل رضعة تمسك الثدي وتمتص اللبن ويذهب إلى جوفها ثم تطلق الثدي ثم تعود بعد ذلك في مجلس أو في مجالس أخرى حتى كملت خمساً أو أكثر فإنها بنتك وأنت أمها وكلاهما أخوان، وهما أخوان لأولادك جميعاً، وعلى من علم ذلك أن يفرق بينهما إذا كان نكحها فعلى من علم هذا أن يفرق بينهما؛ لأن نكاح الذكر لأخته من الرضاع باطل، لأن الله سبحانه حرم الأخوات من الرضاعة بنص الكتاب العزيز، وحرم ذلك نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)، فعلى ولاة الأمر في بلدك أن ينظروا الأمر، وعلى المحكمة أن تنظر في هذا، فإذا رأت المحكمة أنك ثقة وأن كلامك يقبل فهذا إليها فعليها أن تفرق، وإذا رأت المحكمة غير ذلك بأن رأت المحكمة أن كلامك غير مقبول لأسباب رأتها المحكمة فهذا إلى المحكمة وفي ذمة المحكمة، وفيما تراه المحكمة في بلادكم الشرعية كفاية إن شاء الله.
الجواب: نعم، إذا كنت قصدت منع نفسك من شرب الدخان بالتحريم أو باليمين أو بالطلاق، قلت: علي الحرام وعلي الطلاق أني ما أشرب هذا الدخان، أني لا أعود إليه، ومقصودك منع نفسك والتأكيد على نفسك، ليس قصدك تحريم زوجتك إن فعلت، وليس قصدك طلاقها إن فعلت وإنما أردت التأكيد على نفسك وإلزامها بالكف عن التدخين، فهذا حكمه حكم اليمين وعليك كفارتها وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، ولا يجزئ الصيام إذا كنت قادر على الطعام أو الكسوة لا يجزئ الصيام؛ لأن الصيام إنما يجزئ مع العجز في حق من عجز عن الطعام أو الكسوة أو العتق، أما من قدر على واحد من الثلاثة، قدر على أن يطعم عشرة مساكين، أو يكسوهم، أو يعتق رقبة فإنه يلزمه واحد من هذه الثلاثة، فإن عجز عنها كلها صام ثلاثة أيام كما نص عليه القرآن الكريم في سورة المائدة، أما إن كنت أردت تحريم زوجتك إن فعلت أو أردت طلاقها إن فعلت فإنها تحرم عليك وعليك كفارة الظهار وهي عتق رقبة مع القدرة، فإن عجزت تصوم شهرين متتابعين ستين يوماً، فإن عجزت تطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً كل صاع بين اثنين من قوت البلد من تمر أو أرز أو غيرهما، كل صاع يكون بين اثنين، والصاع نحو ثلاثة كيلو تقريباً.
وهكذا إذا أردت الطلاق، إذا قلت: علي الطلاق وأردت طلاقها إن دخنت يكون طلقة واحدة، وعليك أن تراجعها إذا رجعت إلى التدخين إذا كنت لم تطلقها قبل هذا طلقتين فإنه يحل لك مراجعتها إذا كنت أردت إيقاع الطلاق، فتقول: اشهد يا فلان وفلان أني راجعت زوجتي، هذا هو السنة؛ تشهد اثنين أنك راجعت زوجتك بعد أن باشرت الدخان.
والواجب عليك يا أخي تقوى الله، وأن تحذر التدخين لمضرته العظيمة وخبثه الكثير، والله سبحانه إنما أباح لعباده الطيبات، كما قال عز وجل: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4]، هكذا في سورة المائدة، وقال سبحانه في سورة الأعراف في وصف النبي عليه الصلاة والسلام قال: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157].
ولا شك أن التدخين أمر منكر وأن الدخان من الخبائث، وقد قرر الأطباء العارفون به وكل من استعمله أنه مضر وخبيث، فعليك يا أخي أن تتقي الله وأن تحذر شر هذا البلاء، وأن تبتعد عنه، وأن تعزم عزماً صادقاً عزم الرجال أن لا تعود إليه، رزقنا الله وإياك التوفيق والهداية.
المقدم: اللهم آمين. سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
من الإذاعة الخارجية سجلها لكم زميلنا فهد العثمان .
شكراً لكم جميعاً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر