إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (872)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم من يجمع الصلاتين بسبب عدم قدرته على القيام

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين.

    فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: نعود في بداية هذه الحلقة إلى رسالة الأخت المستمعة أمينة حسن من محافظة واسط قضاء الصويرة، أختنا عرضنا بعضاً من أسئلتها في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة تسأل وتقول: طلب مني والدي أن أبعث إليكم بهذا السؤال: ذلكم أنه يجمع الصلوات، فمثلاً يصلي المغرب والعشاء في وقت واحد؛ فهو يصعب عليه أن يصليها في وقتها؛ لأنه ضخم الجسم حيث يبلغ وزنه مائتين وعشرين كيلو، وهو يقول: عندما أقف على أقدامي فهي تؤلمني كثيراً، فبماذا تنصحونه، جزاكم الله خير الجزاء؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    يقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتكى إليه بعض المرضى: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)، فإذا كان لا يستطيع القيام صلى قاعداً، وصلى كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، ومجرد كونه عاجز عن القيام لا يجعله يجمع بين الصلاتين، أما إذا كان معه مرض يشق عليه تفريق الصلاتين والقيام لكل صلاة في وقتها؛ لمرضه وآلامه هذا شيء آخر، المريض له أن يجمع، إذا كان مريضاً يتألم من قيام كل واحدة؛ لوجود أمراض معه من حمى أو غيرها من الأمراض التي يحصل بها مشقة عليه في إفراد كل صلاة في وقتها فلا بأس، وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة أن تجمع؛ لأن معها نوع مرض، فالمريض الذي معه آلام من حمى أو غيرها؛ له أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، أما الفجر فتصلى في وقتها، ولا تجمع إلى غيرها لا قبلها ولا بعدها، تصلى وحدها، وعليه مع ذلك أن يلاحظ قيامه في الصلاة، ولو خفيفاً يقرأ الفاتحة وما تيسر معها ولو قليلاً وهو قائم؛ لأنه مأمور بالقيام، فإن عجز وشق عليه ذلك؛ صلى قاعداً والحمد لله.

    1.   

    حكم رفع الصوت بالصياح ولطم الخدود عند موت قريب

    السؤال: سؤال لها مؤثر سماحة الشيخ تقول فيه: أمي لا تعرف القراءة والكتابة، وأنا أكتب إليكم باسمها هذا السؤال: فهي عندما تذهب إلى أهل المتوفى من أقربائنا عندما تصل إليهم؛ تصيح بأعلى صوتها وتلطم على خديها وعلى صدرها، وفي بعض الأحيان عندما يكون الشخص قريباً عليها تتوارى بالتراب وتشق ثوبها، ونحن ننصحها كثيراً، ولكن لا ينفع معها النصح، وتقول: ليس أنا وحدي، فكل النساء هكذا، ومنذ زمن بعيد، أتريدين أن تغيري الزمن؟! هذا شيء مفروض علينا نحن النساء، هي تقول كذلك، وعندما ننصحها تقول: ما يدريني بأن ما تقولي هو الحق، ربما يكون كذب، أرسلي بسؤال إلى برنامج (نور على الدرب) لكي يتبين الحق من الباطل، وعندما أسمع الجواب فسوف أتوب إلى الله جل وعلا، وأعرف أني كنت مذنبة ذنباً عظيماً، وأستغفر الله العلي العظيم إنه غفور لمن تاب وأناب، وأعترف بخطيئتي، أرجو أن تتفضلوا بإيضاح هذا الموضوع، وأن تولوه جل اهتمامكم جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: لا ريب أن لطم الخدود وشق الثياب ورفع الصوت بالصياح والتمرغ بالتراب أو حثو التراب على الرأس، كل هذا من المنكرات، كله من المحرمات عند المصائب، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا كله، وأبان فيه ما يشفي ويكفي، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية)، وقال عليه الصلاة والسلام: (أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة)، والصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها، والشاقة: التي تشق ثوبها، وجاء في هذا المعنى أحاديث كثيرة كلها تدل على تحريم هذه الأعمال؛ لكونها تدل على الجزع وقلة الصبر، والواجب على المؤمن عند المصائب الصبر والاحتساب، وعدم إظهار ما يدل على الجزع، والله يقول: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]، ويقول سبحانه: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]، و(لما احتضر ابن لبعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إليه وطلبت منه الحضور، فقال لرسولها: قل لها: فلتصبر ولتحتسب، فإن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى)، فبعثت إليه تؤكد عليه يحضر، وكان رءوفاً رحيماً عليه الصلاة والسلام يراعي القريب والمسكين، ويراعي أصحابه رضي الله عنهم، ويتلطف بهم ويرحمهم، فقام عليه الصلاة والسلام وذهب إلى ابنته، فقدموا إليه الطفل ونفسه تقعقع للخروج، فلما رآه رأى أمارات الموت؛ ذرفت عيناه عليه الصلاة والسلام بكاءً، فسئل عن ذلك، فقال: (إنها رحمة، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)، فالبكاء الذي ليس معه صوت لا بأس به دمع العين لا بأس به، هي رحمة يجعلها الله في قلوب من يشاء من عباده، فيتأثر عند وجوده عند الميت، وعندما يرى نزع الميت، لكن ليس له أن يفعل ما حرم الله من النياحة ورفع الصوت، أو شق الثوب، أو لطم الخد، أو حلق الشعر أو قصه.. أو ما أشبهه مما يدل على الجزع وقلة الصبر، وهكذا الكلام السيئ والدعاء بالويل والثبور، كله ممنوع، وإنما الرخصة في دمع العين فقط، من دون صوت ومن دون شق ثوب أو لطم الخد أو حلق شعر.. أو ما أشبه ذلك.

    وأنت ومن لديك عليك أن تبلغي الوالدة وأن تنصحيها، ولعلها تسمع هذا الكلام فتستفيد منه إن شاء الله، لعلها تسمع فيحصل لها المقصود من البعد عما حرم الله والصبر على ما قضى الله، والصابرون لهم شأن عظيم ولهم فضل كبير، حتى قال الله سبحانه: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]، والله يقول: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127]، وقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصبر في أحاديث كثيرة ورغب فيه، وقال صلى الله عليه وسلم: (ما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر).

    والصبر يتضمن أموراً ثلاثة: صبراً على طاعة الله، وصبراً عن معاصي الله، وصبراً على المصائب: من موت قريب وحصول مرض أو نحو ذلك، فالمؤمن هكذا صبور، صبور على الطاعات حتى يؤديها، صبور عن المعاصي حتى يحذرها، صبور عند المصائب حتى لا يفعل ما حرم الله من شق ثوب أو لطم خد أو نحو ذلك، نسأل الله الهداية. نعم.

    المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً، الواقع سماحة الشيخ! الصورة التي تذكرها أختنا صورة مؤثرة فيما يبدو لي، والأكثر تأثيراً: أنهم اعتبروا هذا البرنامج مرجعاً أساسياً لسلوك طريق الحق، وهي منزلة تجعلنا نتفانى في سبيل خدمة هذا البرنامج؟

    الشيخ: لا شك الحمد لله، هذا من نعم الله والحمد لله، نسأل الله أن يوفق القائمين عليه لكل خير، وأن ينفع بهم العباد والبلاد، وأن يسدد لهم الخطا ويمنحهم إصابة الحق، ولاشك أنه نافع ومفيد، والذين يستمعونه يشهدون له بذلك، فنسأل الله أن يوفق القائمين عليه للصبر والمصابرة وإصابة الحق.

    1.   

    حكم لبس الرجل للذهب أثناء زفافه اتباعاً للأعراف والتقاليد

    السؤال: نعود إلى رسالة أحد الإخوة المستمعين من جمهورية السودان أخونا يقول: الضي حسن أحمد فضل الله عرضنا جزءاً من أسئلته في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة له مجموعة من الأسئلة يسأل مثلاً ويقول: من ضمن عاداتنا في مراسيم العرس يوضع للعريس هلال مصنوع من الذهب على جبينه أو صدره لفترة مؤقتة لا تتعدى ساعات قلائل، وهي ساعات الزفاف والدخلة ثم ينزعه، ويكون ملكاً بعد ذلك للعروس، فهل لبس الذهب في هذه الحالة المؤقتة يعتبر حراماً أم ماذا تقولون أثابكم الله؟

    الجواب: لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على ذكورهم)، (وأخذ مرة شيئاً من الحرير في يده اليمنى، وشيئاً من الذهب في يده اليسرى ثم قال: هذان حل لإناث أمتي، حرام على ذكورهم)، فالذهب والحرير حل للإناث، يتزين به للأزواج، تلبس الحرير وتلبس الذهب زينة للرجل، أما الذكر فليس له لبس الحرير، وليس له لبس الذهب لا على سبيل وقت العرس ولا في يده ولا في أذنه ولا في رجله ولا في غير ذلك، ولا في ملابسه، ليس الذهب من شأنه، الذهب من شأن النساء، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه رأى في يد رجل خاتماً من ذهب، فأخذه وطرحه، وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من النار فيضعها في يده، فقال بعض الناس للرجل: خذ خاتمك، قال: لا آخذه وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتركه)، نفوراً مما نفر منه النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه، وكمال في المتابعة والامتثال، حتى إنه لم يأخذه من شدة كراهته لما كرهه النبي عليه الصلاة والسلام، خرجه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

    وثبت في الصحيحين عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: (أنه نهى عن التختم بالذهب)، وهذه القطعة التي توضع على جبهته أعظم من الخاتم، فالواجب ترك ذلك، وهكذا كل عادة سيئة تخالف الشرع يجب تركها، العوائد يجب أن تخضع لحكم الله ورسوله، فما كان منها موافقاً للشرع فلا بأس به، وما كان منها مخالفاً للشرع، فالواجب تركه كهذه العادة، وكعادة بعض الناس إذا تزوج يبقى أيام وليالي لا يحضر الجماعة ولا يصلي في المسجد، وهذا غلط ومنكر، بل عليه أن يظهر ويصلي مع الناس في الفجر وبقية الصلوات في أول ليلة وفي غيرها، فالعرس لا يمنع ولا يسوغ ترك الواجب، فالمؤمن يقوم بما يطلب منه في الزواج وما جرت به العادة مما أباح الله، ولكنه لا يترك ما أوجب الله عليه من أجل عرس، بل يصلي مع الناس ويؤدي الواجبات الأخرى، ويؤدي حق أهله، ولا تنافي بين هذا وهذا.

    1.   

    حكم الشرع في التمثيل والمال المكتسب من طريقه

    السؤال: أخونا يسأل أسئلة أخرى فيقول مثلاً: ما حكم الشرع في الممثلين والمشاهدين، وما يدفع ويؤخذ من مال لأجل ذلك؟

    الجواب: هذا سؤال مجمل، وكأنه يقصد في الزواج، فالممثل والمشاهد، المشاهد إذا كانت الأشياء التي يشاهدها ليس فيها محذور، امرأة تشاهد النساء عند اجتماعهن وعند ضربهن الدف وغنائهن الغناء المعتاد بين النساء لا حرج في ذلك.

    أما الممثل ففيه تفصيل: إن كان المقصود بالممثل أنه الذي يتزيا بزي غير زيه وينسب نفسه إلى غيره، كأن يتزيا بزي النساء، يتشبه بالنساء على أنه فلانة أو فلانة هذا منكر من جهتين: من جهة كذبه، ومن جهة تزييه بزي النساء، والله حرم على الرجل أن يلبس لبس المرأة، وإن كان التمثيل بشخص آخر يتقمص ويقول: أنا فلان والثاني يقول: أنا زوج المرأة فلانة أو أنا أبوها أو أنا أخوها، وليس كذلك، أو أنا عمر أو أنا علي بن أبي طالب أو أنا أحمد بن حنبل أو أنا أبو حنيفة أو أنا فلان فهذا كذب لا يجوز، وهذا تزوير وليس تمثيل، تزوير؛ لأنه ليس بـأبي حنيفة وليس بـأحمد وليس علياً وليس نحو ذلك، وإذا كان يتشبه بالكفرة صار أكبر وأشد، كأن يقول: أنا أبو جهل أو أنا عتبة بن ربيعة أو أنا أبو لهب هذا أقبح؛ لأنه مثل نفسه بالكافر، وكذب أيضاً ليس هو بـأبي لهب وليس هو بـعتبة وليس هو بـأبي جهل فلا يجوز، وبعض الناس لا يفهم التمثيل، يحسب أن التمثيل ضرب الأمثال، فضرب الأمثال لا، نوع آخر، ضرب الأمثال ضرب الله لنا ذلك في كتابه العظيم في أشياء كثيرة، مثل قوله جل وعلا: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا [الكهف:32].. وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ [النحل:112]، إلى أمثال هذا من الأمثلة، فالأمثلة التي يضربها الله أو يضربها رسوله صلى الله عليه وسلم، هذه فيها البيان والإيضاح للأمة؛ حتى تعرف الحق بالأدلة وبالتمثيل، وهكذا لو قال إنسان لجماعة يضرب لهم الأمثال: مثل الذي يفعل كذا مثل كذا وكذا، والذي يفعل كذا مثله كذا للتنفير من الأفعال السيئة، أو للترغيب في الأعمال الطيبة، هذا لا بأس به، هذا ضرب الأمثال للإيضاح والبيان، بخلاف التمثيل الذي هو تغمص إنسان، يقول: أنا فلان أو أنا فلانة، وهو كذب ليس بفلان ولا فلانة، هذا كذب وتزوير لا يجوز، وإذا كان ذلك في أشخاص كفار كان أقبح وأشد إثماً.

    1.   

    حكم ظهور النساء على التلفاز

    السؤال: يسأل أخونا ويقول: التلفزيون وسيلة إعلامية ترفيهية تظهر من خلاله صور النساء والرجال والحيوانات.. وغير ذلك، ماذا تقولون عن هذه الصور المتحركة، ظهور النساء في التلفزيون بزيهن العادي أو بحجابهن الإسلامي بأصواتهن المثيرة؟

    الجواب: ظهور النساء في التلفاز متبرجات أو سافرات لا يجوز، أما ظهورهن متحجبات مستورات البدن والوجه في خطبة أو في كلام أو في توجيه وإرشاد أو إخبار عن شيء فلا يضر، كما تخبر في مجلس من المجالس أو في مكان من الأمكنة أنها فعلت كذا.. أو أنها قالت كذا.. ونحو ذلك.

    أما ظهورها متبرجة سافرة فهذا لا يجوز، لا في التلفاز ولا في غيره بالنسبة إلى الأجانب، حتى ولو في بيتها ولو في مجلسها لا يجوز لها ذلك، ففي التلفاز أشر؛ لأنها تظهر لمن لا يحصى من الناس، فهو منكر عظيم ولا يجوز فعله، وإذا كانت متبرجة متحسنة متجملة صار أشد في الإثم وأقبح وأشد في الفتنة، وهكذا الرجل -كما تقدم- لو ظهر في التلفاز مكشوف العورة ،كما قد يقع في بعض الألعاب مثل لعب الرياضة.. وغير ذلك، هذا أيضاً لا يجوز، حتى ولو هو رجل، كأن تظهر عورته فخذه أو عورته الفاحشة هذا منكر لا يجوز، بل يجب أن يكون على الأقل مستور العورة ما بين السرة والركبة، وهكذا ظهور المردان الذين يفتنون الناس في ملابس ضيقة أو شفافة، أو يظهر الفخذ، كل هذا فتنة لا يجوز؛ لأن الأمرد قد تكون فتنته أشد من المرأة؛ فيجب الحذر وأن يكون بعيداً عن أسباب الفتنة، لا في ملابسه ولا فيما يتعلق بالتحسينات التي قد يتعاطاها في وجهه، أو غير ذلك مما يفتن الناس، بل يجب أن يحذر أسباب الفتنة؛ لأن كثيراً من الناس قد يفتن بالأمرد أكثر مما يفتن بالمرأة، فالواجب على الرجال والنساء البعد عن أسباب الفتنة، وأن يكون خروجه في التلفاز على وجه لا يضر الناس، ولا تحصل فيه فتنة لا من جهة المرأة ولا من جهة الرجل، نسأل الله للجميع الهداية والعافية.

    1.   

    حكم اختلاط النساء بالرجال في المستشفيات والوظائف العامة

    السؤال: ظهرت في الآونة الأخيرة -والأسئلة لازالت لأخينا من السودان- يقول: ظهرت في الآونة الأخيرة في مجتمعنا الإسلامي ظاهرة الإدارات النسائية في بعض المؤسسات والمصالح، وحتى الوزارات، والتي يعمل تحت إمرتها كثير من الرجال الذين عليهم بالطاعة وإراقة ماء الوجه لتنفيذ الأوامر على مضض من أجل الوظيفة لضمان لقمة العيش، فكيف يتفق كل هذا والشريعة السمحة تقول بأن الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ [النساء:34]؟

    الجواب: هذا قد سبق فيه غير مرة التنبيه في الإذاعة والتلفاز، وأن الواجب على النساء أن يكن في عمل النساء، وأن يكون الرجال في عمل الرجال، وألا يبرز الرجال في محل النساء؛ كطبيب النساء وممرض النساء.. أو أشباه ذلك، بل يكون الطبيب للرجال والطبيبة للنساء، والممرض للرجال والممرضة للنساء هذا هو الواجب، وكما تكون المعلمة للبنات والمعلم للرجال، كل له ما يناسبه درءاً للفتنة وحماية للمجتمع من أسباب الفساد، فليس للرجال أن يتولوا تدريس النساء، وليس للنساء أن يتولين تدريس الأولاد، بل يجب أن تكون المدرسة للبنات، وأن يكون المدرس للذكور حسماً لمادة الفتن، وهكذا في الدوائر، يجب أن تكون الدوائر للرجال، إذا كانت الدائرة للرجال، وأيضاً أن تكون الدائرة للنساء كمدارس النساء.. وأشباه ذلك مما يكون فيه عمل النساء، ومستشفيات النساء يكون فيها النساء، كل طائفة يكون فيها ما يناسبها، طائفة الرجال يكون فيها الموظفون من الرجال بقدر الحاجة، وطائفة النساء يكون لهن موظفات من النساء، هذا هو الواجب سداً لباب الشر، وحسماً لأسباب الفساد، ولا مانع من استثناء بعض الحالات التي يضطر إليها، كأن يتولى الطبيب المختص علاج امرأة لم يوجد طبيبة تعالجها، أو طبيبة مختصة تعالج رجلاً بمرض لم يوجد في البلد أو في المستشفى من يعالجه، هذه ضرورات؛ مع الحشمة، ومع البعد عن أسباب الفتنة، ومع البعد عن الخلوة، هذا يجب عند الحاجة التقيد بهذه القيود والحذر من أسباب الشر، فتكون الطبيبة التي اضطر إليها في علاج الرجل غير متعاطية لأسباب الفتنة، وغير خالية بالمريض، وهكذا الرجل إذا أراد أن يطب المرأة يكون هكذا عند الضرورة، ومن غير خلوة، وهي كذلك لا تتعاطى أسباب الفتنة، وإلا فالأصل هو ما تقدم: الأصل أن يكون الرجال للرجال والنساء للنساء؛ في التعليم وفي الدوائر وفي كل شيء؛ حسماً لأسباب الفتن، والله المستعان.

    المقدم: الله المستعان سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة الإرشاد.

    شكراً لكم مستمعي الكرام، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768239150