مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج (نور على الدرب) رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز.
الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع أبو مؤمن خلف الله علي ، مصري يعمل في اليمن، أخونا عرضنا جزءاً من أسئلته في حلقة مضت، وبقي له مجموعة من الأسئلة في هذه الحلقة فيسأل مثلاً ويقول: أصلي يا سماحة الشيخ العشاء جماعة في المسجد ثم أعود إلى البيت فأصلي بزوجتي العشاء محتسباً إياها نافلة لي، وهي بالنسبة للزوجة فريضة، هل في ذلك شيء؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فليس في ذلك حرج إذا كان المقصود تعليمها وتوجيهها إلى الصلاة الشرعية، فقد كان معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فتكون له نافلة ولجماعته فريضة، فلا حرج في ذلك، وفي هذا فائدة من جهة التعليم والتوجيه، ولا أعلم بهذا بأساً إن شاء الله.
الجواب: نعم لا بأس أن يكون الإنسان اقترض عملة ثم يسددها بعملة أخرى بالتراضي، إذا رضي صاحب العملة الأولى أن يأخذ عنها عملة أخرى فلا حرج في ذلك، يداً بيد من غير تأخير، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: (يا رسول الله! إنا نبيع بالدراهم ونأخذ الدنانير، ونبيع بالدنانير ونأخذ الدراهم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء) فإذا اقترضت مثلاً مائة دولار، وأعطيت صاحبها عنها عملة أخرى، كالريال السعودي أو اليمني، أو الدينار الأردني أو العراقي؛ يداً بيد، بحسب القيمة، فلا بأس بذلك، أو زدته زيادة على ذلك؛ لأنك تراه محسناً إليك، زدته على ذلك، فلا بأس، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن خيار الناس أحسنهم قضاء)، وهكذا لو باع عليك سيارة بعشرة آلاف -مثلاً- دولار، ثم أعطيته عنها ما يقابلها من دنانير أو الريال السعودي أو اليمني، أو ما أشبه ذلك من العمل الأخرى؛ فلا بأس، لكن بشرط التقابض في المجلس، وأن لا تتفرقا وبينكما شيء، وأن تعطيه إياها بسعر يومها، حين المعاوضة.
الجواب: نعم، لا بأس عليها أن تقرأ الصحف الدينية، والكتب الإسلامية، كمثل كتب الحديث، كتب الفقه، كتب التفسير، حتى ولو التفسير، ولو فيها القرآن، لا بأس بذلك؛ لأن الكتاب كتاب تفسير ليس مصحفاً، والصحيح أيضاً أنها لها أن تقرأ القرآن في حال الحيض والنفاس، من دون مس المصحف؛ لأن حدثها يطول، بخلاف الجنب، أما الجنب فلا يقرأ حتى يغتسل؛ لأن مدته لا تطول، متى فرغ من حاجته أمكنه الغسل، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام لا يقرأ القرآن حال كونه جنباً، ويقول: (أما الجنب فلا ولا آية)، أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، وقد تنسى حفظها، ويشق عليها ترك القرآن في هذه المدة الطويلة، فلهذا كان الصحيح من قولي العلماء في هذا الجواز، وبعض أهل العلم منعها من ذلك وقاسها على الجنب، والصواب أنها لا، ليست مثل الجنب، والقياس غير صحيح؛ لأن الجنب مدته قصيرة، والمرأة الحائض مدتها طويلة، والنفاس أطول، فلا يقاس الطويل على القصير، ولا يقاس ما فيه مضرة كبيرة على ما لا مضرة فيه.
أما ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن)، فهو حديث ضعيف، لا تقوم به الحجة عند أهل العلم؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، والرواية عنه ضعيفة لا يحتج بها عند أهل العلم، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لـعائشة لما حاضت في حجة الوداع: (دعي العمرة وأحرمي بالحج، واغتسلي، وافعلي ما يفعله الحجاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)، ولم يمنعها من القرآن، ولم يقل لها: لا تقرئي، وإنما منعها من الطواف والصلاة، فدل ذلك على أن القرآن لا حرج فيه للحائض والنفساء، من دون مس المصحف.
الجواب: نعم، المراد بذلك حفظ الفرج الذي هو فرج المرأة وفرج الرجل، يعني: حفظ فرجها عن غير زوجها وسيدها، وحفظ فرجه عن غير زوجته وأمته، والمعنى: أن المؤمن والمؤمنة قد حفظا فروجهما عن الزنا واللواط، والله سبحانه يقول: إنّ الْمُسْلمين والْمُسْلمات والْمُؤْمنين والْمُؤْمنات والْقانتين والْقانتات والصّادقين والصّادقات والصّابرين والصّابرات والْخاشعين والْخاشعات والْمُتصدّقين والْمُتصدّقات والصّائمين والصّائمات والْحافظين فُرُوجهُمْ والْحافظات والذّاكرين اللّه كثيرًا والذّاكرات أعدّ اللّهُ لهُمْ مغْفرةً وأجْرًا عظيمًا [الأحزاب:35]، فهذه آية عظيمة ذكر سبحانه لهؤلاء الأصناف العشرة أنه أعد لهم مغفرة وأجراً عظيماً، بسبب أعمالهم الطيبة من إسلامهم، وإيمانهم، وقنوتهم، وصدقاتهم، وخشوعهم، وصيامهم، وحفظ فروجهم، وذكرهم الله عز وجل، وصبرهم، إلى غير ذلك مما هو معروف من خصال أهل الإيمان.
فالحاصل من قوله: والْحافظين فُرُوجهُمْ والْحافظات [الأحزاب:35]، يعني: الحافظين فروجهم عن الزنا واللواط، والحافظات فروجهن عن الزنا ونحوه كاللواط، وهو: الوطء في الدبر؛ لأنه ليس للزوج أن يطأ زوجته إلا في قبلها، وليس له أن يطأها في دبرها، هذه يقال لها: اللواطة الصغرى، فليس لها أن يطأها إلا في محل الحرث، وهو الفرج، وهو القبل، وليس له أن يطأ أمته -وهي: السرية- إلا في فرجها، وهو القبل، ليس له أن يطأها في دبرها، والسرية هي التي يملكها بالسبي من الكفار، أو بالشراء، أو بالإرث الشرعي، وهكذا المرأة مباحة لسيدها الذي ملكها بالسبي الشرعي أو بالشراء الشرعي، أو بالإرث الشرعي، كما أنها مباحة لزوجها، ولكن بقيد ما ذكره الله وهو الفرج، فليس لأحدهما تعدي حدود الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال عز وجل في كتابه الكريم في سورة المؤمنون: قدْ أفْلح الْمُؤْمنُون * الّذين هُمْ في صلاتهمْ خاشعُون * والّذين هُمْ عن اللّغْو مُعْرضُون * والّذين هُمْ للزّكاة فاعلُون * والّذين هُمْ لفُرُوجهمْ حافظُون * إلّا على أزْواجهمْ أوْ ما ملكتْ أيْمانُهُمْ فإنّهُمْ غيْرُ ملُومين * فمن ابْتغى وراء ذلك فأُوْلئك هُمُ الْعادُون [المؤمنون:1-7]، فمن ابتغى وراء ما أباح الله فهو العادي، يعني: الظالم المعتدي لحدود الله.
فالواجب على كل مؤمن أن يلزم حد الله سبحانه، وأن يحرص على العفة عما حرم الله، فيطأ زوجته فيما أباح الله، في الفرج، في القبل، ولا يطأها في الدبر، ولا في الحيض، ولا في النفاس، ولا في حال إحرامها، يطؤها في وقت الإباحة، وهكذا سريته التي هي أمته مملوكته بالملك الشرعي، والمرأة كذلك عليها أن تحفظ فرجها، إلا من زوجها وسيدها الشرعي، وعليها أن تحذر ما حرم الله من الزنا، وما يلحق بالزنا من الوطء في الدبر، من زوجها أو غير زوجها، كل ذلك حرام، من زوجها ومن غير زوجها، كما أن الزنا حرام، فهكذا الوطء في الدبر حرام، ولو من زوجها، ليس له أن يطأها في دبرها، ولا سيدها ليس له أن يطأها في دبرها، فالمؤمنة الكاملة هي التي حفظت فرجها إلا من زوجها وسيدها فيما أباح الله، والمؤمن الكامل هو الذي حفظ فرجه إلا مما أباح الله من زوجته الشرعية، وأمته الشرعية، في محل الوطء، وهو القبل.
الجواب: نصيحتي لك أيها الأخ أن تكمل زواجك، وأن تعتمد على الله سبحانه، وأن تدع هذه الوساوس، وأبشر بالخير الكثير، وسوف ترى منها إن شاء الله ما يسرك ولا ترى إلا الخير، أما تفاصيل أمر السكر وما يحصل للأولاد، فهذا شيء يحتاج إلى نظر، وقد يعرف بالتجارب الكثيرة، وقد يعرفه خواص الأطباء الذي جربوا كثيراً، فلا ينبغي لك أن تلتفت إلى هذا، بل استعن بالله وكمل زواجك وأبشر بالخير ودع عنك هذه الوساوس، وهذه الأشياء التي يقولها الناس، واسأل ربك العافية لك ولها ولا ترى إلا الخير إن شاء الله.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إن تذكرت أنها ناقصة نقصاً يتعلق بأركانها؛ فعليك أن تكملها، أما إن كان النقص يتعلق بالسنن والمستحبات؛ فلا يضرك ذلك، والنوافل تجبر ما نقص من صلاتك، أما لو تذكرت أنك ما صليت إلا ثلاث في الظهر أو العصر أو العشاء؛ فإنك تقوم تأتي برابعة وتسجد للسهو سجدتين قبل أن تسلم أو بعد السلام، وهو الأفضل إذا كنت سلمت ثم تذكرت أنك لم تصل إلا ثلاث، .. في الظهر والعصر والعشاء، أو ثنتين في المغرب أو واحدة في الفجر، بعدما سلمت تذكرت أنها ناقصة؛ فإنك تقوم وتكمل، وبعد الفراغ من التشهد والدعاء تسلم ثم تسجد سجدتي السهو بعد السلام؛ لأن النبي فعل هذا عليه الصلاة والسلام لما سلم عن نقص ركعة، وفي بعض الروايات: نقص ركعتين وذكروه قام فكمل صلاته ثم كمل التحيات والدعاء، ثم سلم ثم سجد للسهو سجدتين عليه الصلاة والسلام ثم سلم، ولو سجدت السجدتين قبل السلام أجزأ ذلك.
أما إن كان النقص في مثل سجدة من السجدات أو ركوع من الركوعات، ذكرت أنك نسيت ركوعاً أو سجدة بعدما سلمت؛ فإنك تقوم وتأتي بركعة كاملة، تأتي بركعة كاملة، ثم بعد التحيات وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبعد الدعاء تسلم ثم تسجد سجدتي السهو ثم تسلم ثانياً، هذا هو المشروع لك.
أما إن كان النقص غير هذا، بأن تذكرت أنك مثلاً لم تجلس التشهد الأول، قمت إلى الثالثة ما جلست ناسياً، أو نسيت (سبحان ربي الأعلى) في السجود، أو نسيت (سبحان ربي العظيم) في الركوع، أو نسيت (رب اغفر لي) بين السجدتين، هذا يكفيك سجود السهو، تسجد للسهو ويكفي، وكما لو نسيت (ربنا ولك الحمد) بعد الركوع يكفيك أن تسجد سجدتين للسهو والحمد لله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قام عن التشهد الأول ناسياً سجد سجدتي السهو قبل أن يسلم ثم سلم عليه الصلاة والسلام.
أما إن كان النقص شيئاً مستحباً مثلما تقدم، مثل ذكرت أنك نسيت الاستفتاح، ما قلت: سبحانك اللهم ربي وبحمدك .. في أول الصلاة، وهو الاستفتاح: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، لم تقله ولا غيره من الاستفتاحات، بل كبرت وابتدأت التعوذ والتسمية والقراءة، ما قرأت الاستفتاح هذا سنة ليس عليك شيء، كذلك لو تذكرت أنك مثلاً ما دعوت في السجود، قلت: سبحان ربي الأعلى، ولا دعوت في السجود فليس عليك؛ لأن الدعاء في السجود مستحب وليس بلازم، أو تذكرت أنك ما كررت (سبحان ربي العظيم) كثير ما قلتها إلا مرة أو مرتين؛ فإنه ليس عليك شيء، أو تذكرت أنك بعدما صليت على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، سلمت ولا أتيت بالدعاء -التعوذ من الأربع- فلا شيء عليك، وهكذا لو تذكرت أنك قلت بين السجدتين: (رب اغفر لي) مرة واحدة، ما كثرت، ما كررتها ثلاث، قلتها مرة فقط ثم سجدت الثانية، ليس عليك شيء؛ لأن هذه سنن ونوافل وليست بواجبة، فإذا تركها الإنسان ناسياً أو عامداً فهذا نقص ليس عليه فيه شيء وصلاته صحيحة، وفق الله الجميع.
الجواب: الآية واضحة، يقول سبحانه: حُرّمتْ عليْكُمُ الْميْتةُ الميتة -معروفة- التي تموت حتف أنفها، هذه حرام، سواء كانت بقرة أو ناقة أو شاة أو ظبي أو أرنب أو دجاجة أو غير ذلك.
والدّمُ هو المسفوح الذي يسيل من البهيمة عند ذبحها، وهكذا يسيل من الجروح، هذا نجس محرم، لقوله في الآية الأخرى أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا [الأنعام:145] أما الدم الذي يكون في العروق، وفي داخل اللحوم، هذا لا، لا يحرم ولا حرج فيه.
ولحْمُ الْخنزير معروف، الخنازير معروفة كلها محرمة بإجماع المسلمين، وإن أكلها النصارى فإن أكلهم لها حرام عليهم ومنكر، ولكنهم كفار لا يرعون حدود الله.
وما أُهلّ لغيْر اللّه به كذلك الذي يذبح لغير الله؛ كالتي تذبح للجن أو تذبح للأصنام أو للكواكب أو للزار، يذبح شاة أو بقرة أو بعير، يذبحه للجن يتقرب إلى الجن يخاف منهم، أو يذبح للأصنام أو لأصحاب القبور، يتقرب إليهم بالذبائح كما يفعل بعض الجهلة، أو يذبحه للكواكب؛ للثريا أو لكذا أو للشمس أو غير ذلك، هذه يقال لها: ذبيحة ميتة، يقال لها: مهلة لغير الله، يعني: نحرت لغير الله وسمي عليها غير الله سبحانه وتعالى، هذه ميتة مثل ذبائح المشركين.
والْمُنْخنقةُ هي التي تخنق بالحبل، أو باليدين يخنقها إنسان، مثل: فيها حبل في رقبتها فانخنقت به وماتت، أو خنقها غيرها حتى ماتت، هذه يقال لها: منخنقة.
والْموْقُوذةُ هي التي تضرب بشيء ثقيل، مثل: شاة يضربونها بالخشب، أو بالأحجار حتى ماتت، هذه يقال لها: موقوذة، وهكذا لو ضربها بخشبة، أو بالرمح بحافة الرمح، سماها النبي صلى الله عليه وسلم: وقيذة؛ لأنها ماتت بالمثقل، بحافة وعرض الرمح مثلاً، أو بخشبة، أو بحجر سقط عليها، أو باب سقط عليها حتى ماتت، يقال لها: وقيذة وموقوذة، كل هذا محرم.
والْمُتردّيةُ : التي تسقط من جبل، أو من سطح طابق أعلى، أو تسقط في حفرة أو في بئر وتموت.
والنّطيحةُ : هي التي تنطحها أختها، عنز نطحتها عنز، خروف نطحه خروف، بقرة نطحتها بقرة، ثور نطحه ثور، وهكذا، فالمتناطحتان إذا ماتتا أو ماتت إحداهما فهي ميتة، إلا أن تدرك وهي حية وتذكى فتحل، وهكذا الموقوذة وهكذا المتردية، كلها إذا أدركها صاحبها أو إنسان مسلم أدركها حية ما بعد ماتت وذكاها حلت.
وهكذا (ما أكله السبع): ما نيبه السبع الذئب، أو الأسد أو النمر طعنها بنابه، ولكن أدركها صاحبها حية ثم ذبحها فإنها تحل أيضاً.
وهكذا وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ، ما ذبحه الكفار على أصنامهم، لأصنامهم، يذبحونه تعظيماً لأصنامهم، هذا مثل ما أهل به لغير الله، ميتة، ولهذا قال بعده: إلّا ما ذكّيْتُمْ فما ذكي ذكاه المسلمون وهو حي؛ فإنه حلال، وهكذا ما ذكاه أهل الكتاب: اليهود والنصارى إذا ذكاه على الوجه الشرعي؛ فإنه يحل، إذا أدرك حياً قبل أن يموت،بأن أدركه يتحرك رجله أو يده أو ذنبه أو ما .. يعني: المقصود أدركه حياً.
الجواب: الأفضل أنه يتولى الإقامة من يتولى الأذان، هذا هو الأفضل، ولو أقام غيره فلا حرج، ولكن الأفضل أن المؤذن هو الذي يقيم، كما كان بلال يؤذن ويقيم رضي الله عنه، لكن لو أقام غيره بأن شغل المؤذن، أو سمح بأن يقيم غيره، فلا بأس بذلك، وكذلك ظاهرة قراءة آية الكرسي قبل التسبيح لا حرج في ذلك، الرسول صلى الله عليه وسلم ندب إلى قراءة آية الكرسي بعد الصلاة، فإن قرأها قبل الذكر فلا بأس، لكن الأفضل أن تكون بعد الذكر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله بعد السلام، فالأفضل أن يبدأ بالذكر ثم يأتي بها سراً بعد الأذكار، هذا هو الأفضل.
المقدم: جزاكم الله خيرا، وإن كانت قراءة آية الكرسي جماعية سماحة الشيخ؟
الشيخ: لا، يقرأها سراً بينه وبين نفسه لا جماعية، يقرأها الإنسان بعد السلام وبعد الذكر سراً بينه وبين نفسه، ولا يقرأها جماعية مع الناس.
المقدم: بارك الله فيكم، أعتقد أن أخانا يسأل عن كونها مقروءة جماعة؟
الشيخ: لا، جماعية لا تصلح، بدعة لا يجوز قراءتها جماعية، ولكن تقرأ بينه وبين نفسه بعد الأذكار الشرعية، هذا هو الأفضل.
المقدم: كل مصل يقرؤها بينه وبين نفسه.
الشيخ: بعدما يفرغ من الأذكار، نعم، وهكذا قراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين يقرأها بينه وبين نفسه بعد كل صلاة، وبعد الفجر ثلاثا، وبعد المغرب ثلاثا، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين ثلاثاً بعد المغرب، ثلاثاً بعد الفجر، أما بعد الظهر والعصر والعشاء فمرة واحدة بينه وبين نفسه.
الجواب: لا حرج أن يحج الإنسان قبل والده، لا بأس أن يحج قبل أمه وقبل أبيه؛ لأنه قد يتيسر له الحج ولا يتيسر لهما، فلا حرج في ذلك، ولا نعلم خلافاً في هذا بين أهل العلم.
وإذا كان الوالد مجنوناً أو فاقد العقل من غير جنون؛ فلا بأس أن يحج عنه، أن يحج عنه ولده براً له، سواء كان الوالد أباً أو أماً؛ لأن الحج الذي لا يصح من المجنون إذا باشره بنفسه، ما يصح حج المجنون والمعتوه إذا باشره بنفسه، أما إذا كان حج عنه غيره فلا بأس بذلك، وليس عليه حج فريضة، إذا بلغ وهو مجنون لا حج عليه، لكن لو حج عنه ولده، أو أخوه أو غيرهما؛ فلا بأس، وله أجر ذلك.
الجواب: إذا كان القبر خارج المسجد؛ فلا حرج في الصلاة في المسجد؛ لأنه مستقل حينئذ، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ المساجد على القبور، قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، فإذا كان القبر خارج ذلك، في حجرة خارج المسجد فلا حرج، لكن هذا القبر يجب أن يبعد إلى مقابر المسلمين حتى لا يغلى فيه، حتى لا يعبد من دون الله، وهذا الصندوق يجب أن يزال؛ لأن الجهلة يسلمون الأموال تقرب إلى الميت، إلى صاحب القبر؛ لأنه بزعمهم ولي، فكونهم يتقربون إليه بالنذور والصدقات، هذا شرك أكبر لا يجوز، فالواجب على المسئولين في البلد أن يتصلوا بالعلماء وأن يزيلوا هذا القبر، ويزيلوا رفاته إلى مقابر المسلمين مع المقابر، وتزال هذه الحجرة التي قد يفتن بها الناس، ويزال الصندوق، وهذه الأموال التي في الصندوق تصرف في مصالح المسلمين، في مصالح المسجد أو مصالح المدارس، أو يعطاها الفقراء، ونحو ذلك؛ لأنها أموال ضائعة ليست لها مالك في الحقيقة، فتصرف في المصالح العامة، ويزال هذا الصندوق، ويخبر الناس أنه لا يجوز التقرب لأهل القبور، لا بالذبائح ولا بالنذور، ولا يصلى عند القبر، ولا يصلى لهم، ولا يدعون من دون الله، ولا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم؛ لأن هذا لا يجوز، النذر لهم شرك بالله، ودعاؤهم من دون الله، كأن يقول: يا سيدي! أنا بجوارك، يا سيدي المدد المدد، هذا من الشرك الأكبر، من جنس عمل المشركين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أهل مكة وغيرهم، الميت يدعى له، ويستغفر له، ويترحم عليه، ولا يدعى من دون الله، لا يستغاث به، لا ينذر له، لا يذبح له، فمن فعل هذا مع الأموات؛ فقد أشرك، قال الله عز وجل: قُلْ إنّ صلاتي ونُسُكي ومحْياي ومماتي للّه ربّ الْعالمين * لا شريك لهُ وبذلك أُمرْتُ وأنا أوّلُ الْمُسْلمين [الأنعام:162-163]، وقال سبحانه: إنّا أعْطيْناك الْكوْثر * فصلّ لربّك وانْحرْ [الكوثر:1-2]، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح عن علي رضي الله عنه -أمير المؤمنين- أنه قال عليه الصلاة والسلام: (لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا -يعني: مبتدعاً، أو غيره ممن يحدثون حدثاً في الدين، فينصرون ويجارون- لعن الله من غير منار الأرض -يعني: مراسيمها وحدودها-)، والشاهد قول: (لعن الله من ذبح لغير الله)، الذبح لغير الله: تقرب إلى غير الله، كالصلاة لغير الله، فلا يجوز أن يذبح لفلان أو فلان تقرباً إليه، للميت الفلاني والولي الفلاني، أو للجن، أو للملائكة يتقربون إليهم، أو للأنبياء يعبدهم بهذا من دون الله، هذا لا يجوز، الذبيحة لله وحده سبحانه وتعالى، والدعاء كذلك لا يدعى مع الله أحد.
المقدم: سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: وفق الله الجميع. نعم.
المقدم: اللهم آمين.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لكم مستمعي الكرام، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر