إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (878)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة الإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: نعود في بداية هذه الحلقة إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من الصومال مقديشو، وباعثها أخونا أحمد إبراهيم علمي فيما يبدو، أخونا عرضنا بعض أسئلته في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة يسأل ويقول: رأيت في بعض الكتب المنتشرة عندنا في الصومال: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يزدحمون على ماء وضوء سيدنا ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام يتبركون به، وإذا تنخم أو بصق يأخذون ذلك ويتمسحون به، وازدحموا على الحلاق عند حلق رأسه صلى الله عليه وسلم، واقتسموا شعره يتبركون به، وشرب عبد الله بن الزبير دمه صلى الله عليه وسلم لما احتجم، وشربت أم أيمن بوله، فقال لها: صحة يا أم أيمن، فما صحة ذلك، أفيدونا جزاكم الله خيراً، وهل يجوز أن يقيس الناس على مثل هذه الأحوال إن كان ما ورد صحيحاً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فلا ريب أنه قد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبركون بماء وضوئه، وبشعره عليه الصلاة والسلام، وببصاقه عليه الصلاة والسلام، ونخامته، كل هذا ثابت عنه عليه الصلاة والسلام وعن الصحابة، فقد ثبت في حديث أبي جحيفة في الصحيحين في حجة الوداع: (أنه لما خرج بلال بوضوئه صلى الله عليه وسلم كان الصحابة يتناولون منه ما تيسر -هذا يأخذ قليلاً وهذا يأخذ كثيراً- من وضوئه عليه الصلاة والسلام)، وثبت في صلح الحديبية: (أنه كان إذا تنخع نخاعة أو بصق تلقاها الصحابة وجعلوا يدلكون بها أجسامهم؛ لما جعل الله فيه من البركة)، (ولما حلق في حجة الوداع قسم نصف الشعر بين الصحابة، والنصف الثاني أعطاه أبا طلحة رضي الله عنه)، كل هذا ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، وليس هناك شك عند أهل العلم في بركة جسمه صلى الله عليه وسلم وشعره، وما مس جسمه، ووضوئه وعرقه عليه الصلاة والسلام.

    لكن لا يقاس عليه غيره؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم ما فعلوا هذا مع الصديق ولا مع عمر ولا مع عثمان ولا مع علي وهم أفضل الصحابة وخير الصحابة، وهم أفضل الناس بعد الأنبياء، فلو كان هذا مشروعاً أو جائزاً مع غير النبي صلى الله عليه وسلم لفعله المسلمون مع هؤلاء الأخيار، ولأن ذلك قد يكون وسيلة إلى الشرك والغلو، فلهذا منعه أهل العلم، فالصحيح من أقوال أهل العلم: أنه لا يقاس على الرسول صلى الله عليه وسلم أحد، بل هذا خاص به صلى الله عليه وسلم؛ لما قد ثبت وعلم من بركته صلى الله عليه وسلم في جسمه وعرقه وشعره وسائر أجزائه عليه الصلاة والسلام، ولأنه أقر الصحابة على ذلك، فلولا أنه جائز لما أقرهم، فلا يقاس عليه غيره؛ لأمور كثيرة، أما التبرك بالعلماء أو بالعباد الذي يفعله بعض الناس هذا غلط ولا يجوز؛ لأنه خلاف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلم يفعله المسلمون مع فضلائهم وكبارهم: كالخلفاء الراشدين، ولم يفعلوه مع بقية الصحابة، ولو كان خيراً لسبقونا إليه؛ ولأن العبادات توقيفية، ولأن هذا قد يفضي إلى الشرك والغلو، فلهذا رجح المحققون من أهل العلم منعه مع غير النبي عليه الصلاة والسلام، أما شرب ابن الزبير دمه وأم أيمن بوله: فهذا محل نظر، قد ورد هذا ولكن في صحته نظر، فهو يحتاج إلى تمحيص ونظر، والنظر في أسانيد القصة، والأصل: تحريم الدم وتحريم البول، هذا هو الأصل، أن الله حرم علينا البول؛ لأنه نجس، وحرم الدم؛ لأنه من الخبائث وهو نجس، فإن صح فهذا يستثنى؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم له خصائص، فإذا صح فيكون من خصائصه صلى الله عليه وسلم، كما قلنا في مسألة العرق ومسألة الشعر ومسألة البصاق، هذا خاص به، فهكذا إذا صح حديث أم أيمن وصح حديث ابن الزبير ؛ صار من الخصائص، وسوف نبحثه إن شاء الله ونعتني به، ويكون في حلقة أخرى إن شاء الله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088532231

    عدد مرات الحفظ

    777168528