المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات تقول: المرسلة (س. م. م) من الرياض: أختنا مجموع أسئلتها في الواقع سماحة الشيخ يدل على ما وصل إليه شقائق الرجال من الثقافة والاهتمام بأمور الدين.
كنت أستحسن أن أقرأ الأسئلة جميعاً ثم أعرضها سؤالاً سؤالاً مرة واحدة، حتى يكتشف سماحتكم ما وصل إليه شقائق الرجال في هذا البلد من الاهتمام بأمور دينهن.
تسأل وتقول: ما رأيكم في الفصل بين صلاة الفريضة والنافلة لمدة قد تزيد عن النصف ساعة للذكر ولتلبية بعض أغراض الوالدين؟
الجواب: ليس في هذا بأس، كون الرجل أو المرأة يفصل بين الفريضة والنافلة، سواء كانت النافلة قبلها أو بعدها، ليس من شرط ذلك أن تتصل، إذا صلى مثلاً الظهر وأخر الراتبة نص ساعة أو ساعة فلا بأس ما دام الوقت موجوداً، وهكذا لو صلى سنة الفجر بعد الأذان بعد طلوع الفجر ثم تأخر بعض الوقت في حاجات ثم صلى الفريضة إذا كان في البيت لمرض أو امرأة، أما الرجل لا، الرجل لابد يخرج يصلي النافلة ويعتني بالجماعة، إذا كانت النافلة قبلها لا يتأخر عن الجماعة، مثل راتبة الظهر لو صلاها في البيت فليس له أن يتأخر حتى يفوت الفريضة مع الجماعة، لو صلاها في البيت أو صلاها في المسجد فالأمر واسع، لكن ليس له أن يتأخر تأخراً يفوته الفريضة.
وهكذا في البيت المرأة والمريض، ليس له أن يؤخر الفريضة تأخراً يخرجها عن الوقت، أما تأخر لا يخرجها عن الوقت بل لحاجة فلا بأس بذلك.
السؤال: هل إذا نادى علي أحد والدي وأنا في صلاة النافلة، هل أقطعها مع العلم بأنه يعلم أني أصلي؟
الجواب: إذا كان الوالد أو الوالدة لا يتأثر بذلك … إذا صبرت حتى تكملي فلا حاجة إلى القطع، أما إذا كانت حاجة ضرورية ويخشى من التأخير فوات المطلوب، فاقطعي النافلة، وفي قصة جريج عبرة، فإن جريجاً كان عابداً من بني إسرائيل فجاءته أمه ذات يوم وهو يصلي فقالت: يا جريج ! فقال: يا رب أمي وصلاتي، ثم استمر في صلاته ولم يقطعها فذهبت أمه، ثم جاءته في يوم آخر، وهو يصلي قالت: يا جريج ! فقال: يا رب أمي وصلاتي ثم استمر في صلاته، ولم يقطعها، وذهبت أمه، ثم جاءته اليوم الثالث فقالت: يا جريج ! فقال: يا رب أمي وصلاتي، ثم مضى في صلاته ولم يقطعها فذهبت وقالت عند ذلك: اللهم لا تمته حتى ينظر في وجوه المومسات، يعني: الزانيات، فأجيبت دعوتها، والنبي أقرها، ولم يستنكر هذا عليه الصلاة والسلام، ولم يقل: إنها أخطأت، بل أقرها.
فدل ذلك على أن المشروع له قطعها، لأن النافلة تقطع عند الحاجة، بر الوالدة واجب، فإذا دعت الحاجة إلى قطعها قطعها وأجاب الوالدة أو الوالد ثم رجع إلى صلاته من أولها، النافلة أمرها أوسع، والحمد لله، فإن هذه أم جريج أجيبت دعوتها فابتلي جريج وتسلط عليه جماعة من سفهاء بني إسرائيل وقالوا لامرأة بغي أن تذهب إليه لتفتنه، فذهبت إليه وعرضت عليه نفسها للزنا، فعصمه الله منها ولم يلتفت إليها، فذهبت إلى راع فمكنته من نفسها فحملت، فلما ولدت سألوها قالوا: من أين هذا الولد؟ قالت: من جريج ، كذبت عليه وقذفته بالزنا، فجاءوا وهدموا صومعته التي كان يتعبد فيها، وضربوه فقال: ما شأنكم؟ قالوا: إنك زنيت بهذه، فقال: هاتوا الصبي، فأتوا بالصبي قال: أمهلوني وصلى ركعتين ودعا ربه أن يظهر براءته، فجاء إلى الصبي وطعن في بطنه وقال: من أبوك يا غلام؟ فقال: أبوي فلان الراعي، فأنطقه الله وهو في المهد، وهو أحد الثلاثة الذين نطقوا في المهد كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، فبرأ الله ساحته واعتذروا إليه، وقالوا: نعيد لك صومعة من ذهب، فقال: لا، بل أعيدوها إلي من تراب -من طين- كما كانت أولاً.
فالمقصود أنه وقع في هذه المصيبة بسبب أنه استمر في عدم الاستجابة لأمه، فدل ذلك على أن المشروع أن يستجيب لها وألا يستمر في صلاته لأنها قد تكون حاجتها ما ينبغي تأخيرها، فإذا وقع منه هذا اليوم فدعا رجل ولده أو امرأة ولدها وهو في النافلة فإنه إذا كان يخشى أن يغضبا عليه أو الحاجة مستعجلة فإنه يقطع.
أما إذا كان يعرف أنهما لا يغضبان ولا يتأثران فإنه يتمها ثم يلبي حاجتهما.
السؤال: تسأل أختنا وتقول: هل لي أن أسمع نداء أبي أو أمي إذا كان الفيديو أو ما شابه الفيديو مفتوحاً وبه فيلم أو أمراني بالجلوس معهما؟ وهل يحق لهما منعي من قراءة الكتب النافعة التي تزيد بصيرتي في الدين؟
الجواب: ليس للوالدين ولا غيرهما أن يمنعا البنت أو الولد الذكر من قراءة الكتب النافعة، وليس لهما أيضاً أن يلزما الذكر أو البنت بحضور أفلام خليعة لا خير فيها، كل هذا ليس لهم ذلك، وليس للولد أن يطيعهما في المعصية، وله أن يخالفهما لكن بالأسلوب الحسن والكلام الطيب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف)، (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، ولا شك أن منع الوالدين للولد ذكراً كان أو أنثى، لا شك أن منعهما له من قراءة الكتب المفيدة، أمر لا يجوز ومنكر، وكل إنسان في حاجة إلى الكتب المفيدة، من ذكر وأنثى.
وهكذا دعوتهما الولد الذكر والأنثى إلى أن يحضر الأفلام الخليعة، والأشياء المنكرة في تلفاز أو فيلم أو غيره، لا شك أن دعوة الوالد للبنت أو الابن دعوة منكرة، لا يلزمهما طاعته في ذلك، بل لا يجوز لهما طاعته في ذلك، إذا كان ذلك مما حرم الله عز وجل؛ لأن الله نهى عن حضور المنكر، وأمر بالبعد عن ذلك، وأمر أيضاً باجتناب ما حرم الله، وعدم التعاون على الإثم والعدوان، ونهى عن طاعة المخلوق في معصية الخالق، فليس للولد ذكراً كان أو أنثى أن يستجيب لدعوة أبيه أو أمه فيما حرم الله. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً. إذاً هناك حد معين لطاعة الوالدين؟
الشيخ: نعم، في المعروف، هذا الحد.
المقدم: الطاعة في المعروف.
الشيخ: المعروف هو المشروع والمباح، أما المعصية فلا، لكن عليهما أن يعني: على الولد ذكراً كان أو أنثى عليه أن يعتني بالأسلوب الحسن والكلام الطيب، والدعاء لوالديه بالتوفيق والهداية، يا والدي رحمك الله، يا أبي رضي الله عنك، يا أمي رحمك الله، يا والدتي! غفر الله لك، هذا شيء لا يجوز، هذا شيء لا أتمكن من الاستجابة إليه، يعني: بعبارات طيبة، بعبارات لبقة لطيفة ليس فيها عنف؛ لأن الله قال في حق الوالدين:
وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا
[لقمان:15] ولو كانا كافرين، فكيف بالمسلمين.
وقال الله سبحانه:
أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ
[لقمان:14] وقال:
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
[البقرة:83].
السؤال: تسأل أختنا وتقول: يوجد لي بلوزة اشتريتها قبل أن أعلم أن الصور حرام وعليها صورة وأريد أن أتلفها ولكنها غالية، ماذا أفعل؟
الجواب: بالإمكان أن يزال رأس الصورة بشيء من الصبغ أو الخياطة، حتى يزول الرأس، فإذا زال الرأس بأي شيء من خياطة أو رقعة أو صبغ من الأصباغ فلا حرج في بقاء بقية الجسم.
المقدم: يعني لو نسجت على رأس الصورة صورة شجرة أو ما أشبه ذلك يكفي هذا؟
الشيخ: كفى.
السؤال: أنا ساكن في القرية وعندما أذهب إلى المسجد للصلاة أرى في الطريق بعض الشباب لا يصلون وأسلم عليهم، هل علي إثم في هذا الفعل؟
الجواب: ليس عليك إثم، يشرع لك السلام عليهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، تقول لهم: يا عباد الله! الصلاة.. الصلاة.. توكلوا على الله.. الحقوا الصلاة.. أذن المؤذن، تنصحهم وتأمرهم بالمعروف وتسلم، تبدأ بالسلام ثم تأمرهم بالمعروف وتنصحهم تقول: استعينوا بالله.. توجهوا إلى المسجد.. بارك الله فيكم.. هداكم الله.. أصلحكم الله ونحو هذا من الكلام الطيب.