مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، وعلى بركة الله نبدأ في استعراض بعض من رسائل السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من جمهورية السودان وباعثها أحد الإخوة يقول: ابنكم عمر ملوان -فيما يبدو- أخونا رسالته مطولة وكتبها بلهجته العامية السودانية فهمت منها سماحة الشيخ: أن أمه غير مسلمة ويسأل عن البر بها بعد وفاتها، كيف تنصحونه سماحة الشيخ؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
ما دامت توفيت فليس هناك شيء يلحقها بعد الوفاة؛ لأن الكافر لا يلحقه شيء بعد الوفاة، ما دامت ماتت على دين النصرانية أو الوثنية فلا تدع عليها ولا تدع لها ولا يلحقها منك شيء لا صدقة ولا استغفار ولا غير ذلك، إنما هذا في حق الميت المسلم: (إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، أما إذا كنت تعلم أنها ماتت على النصرانية أو اليهودية أو الوثنية عبادة القبور، فهذه لا يلحقها شيء منك، لا تدع لها ولا تتصدق عنها، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الجواب: إذا مات الرجل بعد الولادة فهذه عليها العدة بعد ذلك، أما إذا مات وهي حبلى ثم ولدت بعد وفاته ولو بساعة ولو بدقائق فإنها دخلت ضمن العدة؛ لأن الله جل وعلا قال: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]، فإذا كانت ولادتها بعد وفاته ولو بخمس دقائق، ولو بعشر دقائق فإنها تخرج بذلك من عدته وليس عليها عدة بعد ذلك، ولها أن تتزوج بعد وضع الحمل ولو في مدة النفاس، لكن الزوج لا يطؤها حتى تطهر، كما أنها لها أن تتزوج وهي في الحيض إذا كانت في غير عدة، ولكن ليس للزوج أن يقربها حتى تطهر.
فالخلاصة: أن المرأة إذا وضعت حملها بعد وفاة زوجها ولو بقليل ولو بدقائق فإنها تخرج من العدة بوضع الحمل، لقول الله سبحانه: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]، ولذا في الصحيحين من حديث سبيعة الأسلمية : (أنها وضعت بعد وفاة زوجها بليال فاستفتت النبي صلى الله عليه وسلم فأفتاها: بأنها قد حلت من زوجها بوضعها الحمل).
الجواب: نعم، إذا كان الميت ما زكى ماله على الورثة أن يزكوا المال إذا علموا أن مورثهم لم يؤد الزكاة سنة أو سنتين وجب عليهم إخراجها؛ لأنها حق عليه، دين على والدهم أو على مورثهم كأخ ونحوه، فعليهم إذا علموا ذلك أن يؤدوا عنه ويستغفروا له ويدعوا له إذا كان مسلماً.
الجواب: الواجب على المرأة أن تعتني بحيضها وطهرها، فإذا مضت العادة التي تعرفها خمساً أو ستاً أو أكثر أو أقل، اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها، حتى تجيء العادة، حتى تجيء الدورة، وإذا كانت الدورة تزيد وتنقص فلا بأس، عادة النساء قد تتغير، تزيد تنقص، قد تكون في بعض الشهور خمسة أيام وفي بعض الشهور ستة أيام سبعة أيام فلا حرج، متى رأت الدم لا تصلي ولا تصوم ولا تحل لزوجها، ومتى رأت الطهارة -القصة البيضاء- أو تلطفت بقطن ونحوه ورأته نظيفاً اغتسلت وصلت وصامت، والحمد لله.
أما إن استمر معها الدم هذه تكون مستحاضة إذا استمر معها الدم أكثر من خمسة عشر يوماً، استمر معها فإنها تكون مستحاضة تصلي وتصوم في كل وقت وتقف عن الصلاة في وقت العادة، فإذا جاءت الدورة وقفت لم تصل ولم تصم بعدد أيام الدورة خمساً أو ستاً أو سبعاً.. أو نحو ذلك، فإذا ذهبت الدورة اغتسلت وصلت وصامت وصارت هذه الدماء التي معها تعتبر استحاضة دم فساد، تصلي معها وتصوم معها وتحل لزوجها؛ لأنها دماء غير مانعة من الصلاة، بل هي تسمى استحاضة، فهي تتوضأ لوقت كل صلاة تتحفظ بقطن أو غيره مما يخفف عنها الدم وتصلي كل وقت في وقته، وإن جمعت بين وقتين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فلا بأس كما علم النبي صلى الله عليه وسلم حمنة بنت جحش لما كثر عليها الدم، وإذا اغتسلت للظهر والعصر غسلاً واحداً والمغرب والعشاء غسلاً واحداً كان أفضل وللفجر غسلاً واحداً كذلك مع الوضوء تتوضأ لكل صلاة، ولكن الغسل هو أفضل وليس بواجب في حال الاستحاضة -يعني: في الأيام التي بين الدورتين- والدم يمشي فيها، فهذه يقال لها أيام استحاضة، فإن صلت فيها كل وقت في وقته فلا بأس الظهر في وقتها والعصر في وقتها والمغرب في وقتها والعشاء في وقتها، تتوضأ إذا دخل الوقت تستنجي وتتوضأ أو تستجمر بالمناديل.. ونحوها حتى تزيل الأذى من فرجها، ثم تتوضأ وضوء الصلاة وتصلي كل صلاة في وقتها فهذا جائز، وإن جمعت بين الصلاتين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فهذا أفضل، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم حمنة بنت جحش ، وإذا اغتسلت مع ذلك فهو أفضل للظهر والعصر غسل، وللمغرب والعشاء غسل وللفجر غسل على سبيل الاستحباب. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
ترجو من سماحة الشيخ توجيهها في موضوع إعادة الصلاة أي القضاء؟
الشيخ: إذا كانت تعلم شيئاً تقضيه، أما إذا كانت لا تعلم فالوساوس ينبغي اطراحها، إذا كانت تعلم أنها قصرت في شيء من الصلوات التي وجبت عليها في حال الطهر وأنها التبس عليها الأمر إن كانت تعلم شيئاً تقضيه، أما إن كانت لا تعلم شيئاً وإنما هي وساوس وظنون فلا تلتفت إليها، وتتعوذ بالله من الشيطان ولا تلتفت إليها، أما الشيء الذي يترك عمداً وتساهلاً وقلة مبالاة فهذا ليس له دواء إلا التوبة، التوبة إلى الله والندم على ما فعلت، ويكفي هذا ولا قضاء في ذلك، فإن المسلم إذا ترك الصلاة عمداً ليس لها كفارة إلا التوبة؛ لأن تركها كفر نعوذ بالله من ذلك، كما قال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، إذا تركها عمداً عدواناً متعمداً ليس عن نسيان ولا عن جهل في بعض الأحكام، وإنما تعمد تركها، فهذا قد أتى كفراً عظيماً نعوذ بالله وعليه التوبة إلى الله من ذلك ولا يقضي شيئاً، أما الذي يترك ذلك لمرض أو اشتباه ثم انتبه وعرف أن الواجب عليه أن يصلي ولم يتعمد تركها تساهلاً، ولكن بعض الناس قد يظن أنه إذا أخرها حتى يزول عنه المرض يكون أصلح، فهذا غلط منه يصلي على حسب حاله ولو أنه مريض، يصلي قاعداً إن عجز عن القيام، يصلي على جنبه إن عجز عن القعود، يصلي مستلقياً إن عجز عن الصلاة على الجنب، ولا يؤخرها ولا يتركها، بل يجب أن يصليها في الوقت على أي حال كان قائماً أو قاعداً أو على جنب أو مستلقياً حسب طاقته: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وهكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المريض، قال لـعمران بن حصين وهو مريض: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقياً)، هكذا علمه النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الواجب على المرضى أينما كان، ولا يؤخرون الصلاة، ليس لأحد تأخيرها عن وقتها، بل إما أن يصليها في وقتها، وإما أن يجمعها مع قرينتها كالظهر مع العصر والمغرب مع العشاء لمرض أصابه وعلة أصابته، وكالمستحاضة أيضاً وكالمسافر. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم، إذاً: كيفية القضاء سماحة الشيخ؟
الشيخ: كيفية القضاء مثلما سمعت عليها أن تقضي ما تركته نسياناً أو تركته لمرض تظن أن تأخيره أصلح فعلمت أنها مخطئة في تأخيره تقضي، فتقضي كما يقضي الناسي وكما يقضي من نام عنها.. ونحو ذلك.
أما الذي تركها عمداً تساهلاً منه قلة مبالاة فهذا ليس له إلا التوبة ولا يلزمه القضاء على الصحيح من أقوال العلماء.
المقدم: بارك الله فيكم، إذاً: ليس للقضاء وقت معين ولا يلزم أن يقضى كل فرض مع مثيله؟
الشيخ: لا، القضاء يلزم في الحال إذا كان عن نوم أو نسيان يبادر به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك)، هذا المعذور، أما الذي تركها غير معذور عامداً متساهلاً فهذا عليه التوبة الصادقة ولا قضاء عليه على الصحيح.
الجواب: هذا يختلف إن كانت صرحت بأنها مع زوجها وأن زوجها ما طلقها فهذا كذب، أما كونها تحكي حكايات توهم المستمعين أنها مع الزوج، ولكن ليست صريحة، وإنما تخبر عن حالها مع زوجها وبحال زوجها معها قبل أن يطلقها ونحو ذلك، وليس قصدها الكذب، وإنما قد يفهم المستمع أنها مع الزوج ولم تقصد الكذب، مثل أن تقول: كنا نفعل كذا.. كنا نأكل الطعام في وقت كذا.. كنا نأكل كذا وكذا.. كنا نعمل كذا وكذا.. مما يباح الكلام فيه، فهذا لا بأس به، وليس من شرطه أن تقول: إنه طلقني يوم كذا أو يوم كذا، إذا أخبرت عن حالها مع زوجها فلا يضر ذلك.
الجواب: لا يجوز الغش في الامتحان لا في المواد الدينية ولا في غيرها، الواجب على الطالب والطالبة أن يؤدي الامتحان بغاية الأمانة؛ لأن المقصود أن تعرف منزلته في العلم وأهليته ومدى ذكائه وفطنته، فالخيانة تفسد هذا وتضيع هذا، فالواجب على الطالب وعلى الطالبة أن يؤدي الأمانة وأن يبتعد عن الغش لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا)، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الغش، وقال: (من غشنا فليس منا)، وهذا من جوامع الكلم يعم الغش في البيع والشراء ويعم الغش في الامتحان والاختبار ويعم الغش في غير ذلك، حتى ولو كانت المادة إنجليزية أو حسابية أو غير ذلك، الواجب أن تؤدي الأمانة الطالبة والطالب جميعاً.
الجواب: لا بأس الحمد لله خير هذا وإذا اقتصرت على الإثنين والخميس أو ثلاثة أيام من كل شهر هذا كله طيب، ومن صام ما شاء من الدهر فلا بأس، لكن لا يزيد على أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، قال النبي صلى الله عليه وسلم لـعبد الله بن عمرو : (صم يوماً وأفطر يوماً قال: إني أريد أفضل من ذلك، قال عليه الصلاة والسلام: لا أفضل من ذلك هذا صوم داود نصف الدهر)، أفضل صيام المتطوع أفضله أن يصوم يوما ويفطر يوماً إذا قدر واستطاع ذلك، هذا الأفضل، وإذا اكتفى بيوم الإثنين والخميس أو بثلاثة أيام من كل شهر كان هذا أرفق به وأفضل، نعم، أفضل له حتى لا يندم حتى لا يرجع عن عمله.
أما أفضل الصيام من حيث هو تطوع فأفضله أن يصوم يوماً ويفطر يوما إذا استطاع ذلك، ولم يترتب عليه إخلال بشئون أهله ولا إخلال بطلبه العلم ولا إخلال بواجبات أخرى فلا بأس.
الجواب: أحبك الله الذي أحببتنا له، الله جل وعلا أخبر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أن المتحابين في جلاله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، يقول صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. ذكر منهم اثنين تحابا في الله اجتمعا في ذلك وتفرقا عليه)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (يقول الله يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)، فالتحاب في الله من أفضل خصال الإيمان ومن أفضل القربات، ونصيحتي لك أيها الأخت ولغيرك من الأخوات تقوى الله في جميع الأحوال والاستقامة على دينه سبحانه وتعالى، والمحبة فيه والبغضاء فيه، وإحسان الخلق مع الناس، والقيام بما يلزم من بر الوالدين، وصلة الرحم حسب الطاقة، وحفظ الوقت عما لا ينبغي، والإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى، هكذا ينبغي للمؤمن وهكذا ينبغي للمؤمنة حفظ الوقت حتى يشغل بطاعة الله وذكره سبحانه وتعالى، وحفظ الجوارح عما حرم الله والاستكثار من طاعة الله عز وجل، كما قال الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت:30-32]، هذا جزاء من استقام على دين الله في ليله ونهاره وفي جميع أوقاته فحفظ الجوارح عن محارم الله، وشغل لسانه وجوارحه بطاعة الله وذكره ووقف عند حدود الله وأحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله وأعطى لله ومنع لله وأدى الحق الذي عليه لوالديه، ولقراباته ولجاره ولإخوانه المسلمين، فوصيتي لك ولغيرك هو ما ذكر، هو تقوى الله جل وعلا والحرص على أداء الواجب في كل وقت وحين، وحفظ الوقت عما لا ينبغي وإشغاله بذكر الله وطاعته سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
الجواب: الفيديو والتلفاز فيها أخطار، فإذا كان الإنسان لا ينظر ولا يشاهد إلا ما ينفعه فلا حرج عليه، أما مشاهدة الأفلام الخليعة والمسلسلات الخليعة أو سماع الأغاني والملاهي فهذا منكر لا يجوز لا من التلفاز ولا من الفيلم ولا من الإذاعة ولا من غير ذلك، فالواجب على المؤمن والمؤمنة التحفظ من هذه الأمور والحرص على سلامة القلب واللسان وسلامة الأذن من استماع ما حرم الله عز وجل، فالمؤمن يتحرى أن يستمع وأن يشاهد ما ينفعه في دينه ودنياه، وأن يبتعد عما يضره في دينه ودنياه، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
الجواب: الأصل السلامة، الأصل الإباحة وما دام لا يعلم أنه ارتضع من جدتك ولا يعلم أنه عمك فالأصل الإباحة والسلامة والحمد لله، وإذا كانت الجدة لا تحفظ عدد الرضعات، فلا يثبت فيها حكم لابد من خمس رضعات معلومات أو أكثر، فإذا كانت المرضعة لا تحفظ عدد الرضعات لا تدري هل هي خمس أو أربع أو ثلاث فرضاعها لا يعول عليه ولا يعتمد عليه، ومادام الرضاع لغير هذا الخاطب وهذا الخاطب إنما يشك أن يكون قد رضع، هذا لا يعول عليه والأصل الإباحة والسلامة والحمد لله.
الجواب: هذا فيه تفصيل: يعني لا يمكن الجزم في هذا، فإذا كانت تخفي اسمها وتذكر كنية أو تقول: بنت فلان؛ لأن لها غرضاً في ذلك ومصلحة في ذلك، فلا بأس: أنا بنت فلان ولا يضر غيرها ذلك، أما إذا كان هذا الإخفاء يتضمن جحد حق يجب عليها الإقرار به فلا يجوز لها ذلك، بل يجب عليها أن تقر بالحق الذي عليها يخصها هي، ولا يجوز لها أن تخفي اسمها في حق يلزمها، وإن كان ذلك لمقاصد شرعية وإسلامية ولا يتضمن إسقاط حق لأحد ولا ظلم أحد فلا بأس، ليس عليها أن تبين اسمها لكل أحد، ولكن لابد أن تلاحظ أن إخفاء اسمها لا يبطل حقاً لأحد ولا يوقعها في محرم ولا يضر غيرها، والله المستعان.
الجواب: لا شك أن هذا من الشيطان، فالشيطان يدعو الناس إلى الشك في دين الله ويلقي عليهم الشبه والوساوس حتى يقول لهم: ما الدليل على كذا؟ وما الدليل على كذا؟ الواجب على المؤمن والمؤمنة إذا وجدا شيئاً من هذه الأمور أن يقول الواحد منهم: آمنت بالله ورسله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا: الله خلق كل شيء، فمن خلق الله؟ فمن وجد ذلك فليقل: آمنت بالله ورسله)، وفي اللفظ الآخر: (فليستعذ بالله ولينته)، فهكذا هذا الوسواس الذي يرد عليك في أمر الجنة والنار اعلمي أنه من الشيطان، فقولي عند ذلك: آمنت بالله ورسله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا أردت أن تعرفي الحقيقة فعليك بكتاب الله، تدبري القرآن هذا القرآن العظيم المعجز هو كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، من تأمله عرف أنه كلام الله وأنه حق جاء به محمد عليه الصلاة والسلام من عند الله: لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42]، فمن تدبره وتعقله عرف أنه الحق وعرف أنه كلام الله وعرف أنه لا ريب فيه ولا شك فيه، وفيه الإخبار بالجنة والنار وإخبار بالرسل الماضين، وما جرى لهم وما جرى عليهم، وفيه إخبار عما كان وعما يكون، فمن تدبره جاءه برد اليقين وعرف أن الحق هو ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وعرف أن ما تضمنه كتاب الله هو الحق والهدى من أمر الجنة والنار والشرائع التي جاء بها محمد عليه الصلاة والسلام، وما جاء به الرسل الماضون إلى غير هذا، فعليك بتدبر القرآن والإكثار من تلاوته وأبشري بالخير وأبشري بالتوفيق، وإذا خطر هذا الخاطر فقولي: آمنت بالله ورسله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهكذا غيرك من الناس كل من خطر له خاطر في أمر الجنة والنار أو في أمر الله أو في أمر الرسل أو في أمر القيامة أو غير هذا من أمور الدين فليستعذ بالله من الشيطان وليقل: آمنت بالله ورسله، وليتدبر القرآن وليكثر من تلاوته حتى يجد برد اليقين وحتى يجد الشفاء العاجل فيما يقرؤه من كتاب الله سبحانه وتعالى.
الجواب: إن كان الكلب يابساً واليد يابسة فليس على من لمسه شيء، أما إن كان الكلب رطباً أو اليد رطبة فليغسلها سبع مرات بالماء تحت كباس يغسلها سبع مرات، وإذا جعل في ذلك تراب يكون أحسن أيضاً كالولوغ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتراب في الولوغ في إحدى الغسلات السبع، فإذا لمس الكلب أو لمس لعابه أو بوله يغسله سبع مرات، ويكون فيها تراب، فإن لم يتيسر صابون أو إشنان يقوم مقام ذلك والتراب أولى؛ لأنه جاء به النص، ولا ينبغي أن تربى الكلاب ولا ينبغي أن تقتنى الكلاب إلا في ثلاث، للصيد وللمزرعة -المزارع- وللماشية -الغنم- لأجل وجوده فيها يحميها بإذن الله من الذئاب وينبه أهلها حتى يلاحظوها، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية أو زرع فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان)، كيف يرضى مسلم لنفسه أن ينقص من أجره كل يوم قيراطان باقتنائه كلباً لا حاجة إليه لا لماشية ولا صيد ولا زرع، فإذا كنت تقتنين الكلاب فاحذري ذلك وأبعديها، ولا تقتنيها أبداً إلا لأحد الثلاث: للصيد أو لمزرعة أو للغنم الماشية.
الجواب: الصدقة على غير المسلمين جائزة إذا كانوا ليس حرباً لنا، إذا كان الكفار ليسوا حرباً لنا في حال أمان وهدنة ومعاهدة ونحو ذلك فلا بأس، لقول الله عز وجل: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8]، ولأنه ثبت في الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما: (أن أمها وردت عليها في وقت صلح الحديبية حين صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة وفدت عليها في المدينة تطلب الرفد منها، فقالت
فالحاصل: أن المسلم له أن يصل أقاربه الكفار وغير أقاربه من الكفار بالمال والإحسان إذا كانوا ليسوا حرباً لنا في حال هدنة، أما إذا كانوا حرباً لنا في حال حرب لا، لا يوصلون بشيء ولا يعانون بشيء، ولا يجوز أن يعانوا بشيء بالكلية لا قليل ولا كثير.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لكم مستمعي الكرام، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر