قال المؤلف عليه رحمة الله تبارك وتعالى: [ونؤمن بالكرام الكاتبين، فإن الله قد جعلهم علينا حافظين] .
الكرام الكاتبون هم الملائكة الموكلون بكتابة أعمال العباد، وهم المذكورون في مثل قوله تعالى:
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ
[الانفطار:10-12] ، وقوله:
مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ
[ق:18] ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح عن أبي هريرة : (يتعاقبون عليكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار) ، فهؤلاء الكرام الكاتبون، يكتبون أعمال العباد حسنها وسيئها.
النزاع في المباحات هل تكتبها الملائكة أم لا؟
الإيمان بملك الموت
قال: [ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض أرواح العالمين] .
الله أعلم بماهية قبضه للأرواح، وإنما يؤمن أهل السنة والجماعة والجماهير من المسلمين بأن الله سبحانه قد وكل بالموت ملكاً يقبض أرواح العباد، وقد ثبت ذكر ملك الموت في السنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
الإيمان بعذاب القبر وفتنته
عذاب القبر ونعيمه على الروح والجسد
وعند أهل السنة والجماعة أن عذاب القبر ونعيمه يكون على الروح والجسد، وأما قول من يقول: بأنه على الروح فقط، فإن هذا قول منكر مخالف لإجماع السلف، بل تعذب الروح متصلة بالجسد، ويقع العذاب عليهما معاً.
والروح لها أحوال مختلفة، ولهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تطير في الجنة، وأن أرواح الأنبياء في عليين.. ولكنها وإن كانت تنعم في الدرجات العليا فإنها تكون متصلة بالجسد نوع اتصال، وهذا هو المقصود من قولهم: إن العذاب يقع على الروح والجسد، فالمقصود بذلك ما يقع بالاتصال، وإن كانت الروح قد تفارق مفارقة ما، إما إلى نعيم وإما إلى عذاب.
وقد يكون العذاب أو النعيم على الروح والجسد مع أنهما في القبر، أي أن الروح تكون في القبر، فهذه أحوالٌ تختلف بحسب حال العبد، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل الإيمان: أنه يفسح لهم في قبورهم، وما إلى ذلك، ولهذا قال في دعائه للموتى: (اللهم افسح لهم في قبورهم، ونور لهم فيها) ، فالقصد أن أهل السنة أجمعوا على أن العذاب يكون على الروح والجسد، وقول من يقول: بأن الجسد لا علاقة له البتة، وإنما النعيم أو العذاب على الروح فقط، قول مبتدع وإن ذكره بعض المتأخرين من أهل السنة.
القبر روضة من الجنة أو حفرة من النار
قال: [والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران] .
القبر إما أن يكون روضة من رياض الجنة، وذلك في حق أهل الإيمان والإسلام، وإما أن يكون حفرة من حفر النار، وذلك في حق أهل الكفر، وأما فساق أهل الملة فقد يعرض لهم في قبورهم ما هو من العذاب، ولكن لا يلزم أن يستمر هذا العذاب أو التضييق، بل يكون مآلهم إلى خيرٍ ورحمة من الله سبحانه.
الإيمان بالسمعيات
قال: [ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم القيامة، والعرض والحساب، وقراءة الكتاب، والثواب والعقاب، والصراط والميزان] .
جمهور الأصول السمعية متفق عليها بين عامة طوائف المسلمين، وإن كانت هناك مخالفات عند المبالغين في التأويل كبعض الغلاة من المعتزلة، أو من تأثر بالفلسفة من الأشاعرة، أو دخل في شيء من ذلك، أو في التصوف الإشراقي كـأبي حامد الغزالي ، حيث يعرض له في كلامه ما هو من التأويل لبعض هذه المسائل كمسألة الميزان ونحوه، وإلا فإن الأصل عند جماهير أهل القبلة -فضلاً عن إجماع أهل السنة والجماعة- هو الإيمان بهذه المسائل وأنها حقائق وماهيات الله أعلم بكيفيتها وماهيتها.