إسلام ويب

شرح كتاب الإيمان [1]للشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • معتقد أهل السنة والجماعة في الإيمان أنه قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان، ويعتقدون أن هذا الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، وقد اهتم سلف هذه الأمة بمسألة الإيمان اهتماماً عظيماً لأنها أول مسألة اختلف فيها أهل القبلة، ولم يكن قبلها نزاع في شيء من مسائل الأصول، وإنما كان الخلاف في مسائل الفروع والفقه.
    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين.

    أما بعد:

    أهمية كتاب الإيمان للإمام أبي عبيد

    فإن هذه الرسالة للإمام العالم المحدث اللغوي أبي عبيد القاسم بن سلام ، وهي رسالةٌ شائعةٌ بين أهل العلم، ولها اختصاص:

    1- من جهة مصنِّفها، وما له من الإمامة وفقه حقائق الأقوال في هذا الباب.

    2- ومن جهة موضوعها؛ فإنها في أصل من أصول الدين أشكل شأنه ليس على أهل البدع والكلام فقط، وإنما على طائفةٍ من متقدمي أهل السنة والجماعة ومتأخريهم أيضاً.

    طرق التأليف في مسائل الإيمان عند الأئمة المتقدمين

    عُني بالتصنيف في باب الإيمان جملة من أعيان أئمة السنة والجماعة، حتى إن كثيراً من المحدِّثين فيما صنفوه من حديث النبي صلى الله عليه وسلم قد صدروا جملة من كتبهم بهذا الاسم-أي: باسم كتاب الإيمان-.

    والمراد بهذه التسمية في الجملة أحد وجهين:

    الوجه الأول: أن يُراد بكتاب الإيمان الجملة من مسائل أصول الدين، وعلى هذا المراد يًذكر القول في مسمى الإيمان وغيره من المسائل، كالقول في الصفات، والقدر، والشفاعة، ومسائل الكبائر... إلى غير ذلك.

    وهذه طريقة جماعة من أئمة السنة من المصنفين في الحديث وغيرهم.

    وعلى هذه الطريقة صنف الإمام مسلم رحمه الله كتاب الإيمان من صحيحه، فقد وضع في صدر صحيحه كتاب الإيمان، وأراد به القول في جملة مسائل أصول الدين، وكأن المراد بالإيمان هنا: الإيمان العام الشرعي الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله، وتؤمن بالبعث، وتؤمن بالقدر كله).

    الوجه الثاني: أن يراد بكتاب الإيمان مسماه، والمسائل المتعلقة به، كالقول في زيادته ونقصانه، والفرق بين اسم الإيمان والإسلام، وما يتعلق بمسألة الاستثناء.

    وقد وضع الإمام البخاري رحمه الله كتاب الإيمان في صحيحه على هذه الطريقة.

    وممن استخدم هذا الوجه مَنْ يُدخل على ذلك ما يكون فرعاً عن هذا الأصل، وهو: القول في باب الأسماء والأحكام.

    ولهذا يجد الناظر في كتاب الإيمان من صحيح مسلم وكتاب الإيمان من صحيح البخاري فرقاً بيّناً؛ فإن مسلماً رحمه الله ذكر أحاديث التوحيد والشفاعة والصفات وأحاديث من القدر، بخلاف البخاري ؛ فإنه قصد إلى تقرير اسم الإيمان وأنه قول، ودخول العمل فيه، والقول في زيادته ونقصانه، والرد على المرجئة... إلى غير ذلك من المسائل.

    وقد وضع الإمام المصنف كتابه هذا على المراد الثاني، فإنه لم يقصد بكتاب الإيمان جملة المسائل في أصول الدين، وإنما قصد هذه المسألة الخاصة، وما يلتحق بها من المسائل أصولاً كانت أو فروعاً.

    الفروع التي تندرج تحت قول السلف: الإيمان قول وعمل

    من المعلوم أن الذي درج عليه السلف أن الإيمان قولٌ وعمل.

    ويتفرع عن هذا القول ثلاث مسائل أصول:

    المسألة الأولى: أنه يزيد وينقص، وهذه مسألة ملتحقة -ولابد- بتقرير مسمى الإيمان.

    ثم ثمة مسألتان أصول قد تذكران في حال وتؤجلان في حال، وهما:

    أولاً: مسألة الأسماء، ويراد بها أسماء أهل الإيمان والدين، والعصاة من المسلمين، وما يتعلق بشأنهم في دار الدنيا من تسميتهم مؤمنين أو فساقاً أو غير ذلك.

    وهذه المسألة فرعٌ عن القول في مسمى الإيمان كما سيأتي تفصيله.

    ثانياً: مسألة الأحكام، ويراد بها أحكام أهل الملة في الآخرة من جهة الثواب والعقاب.

    وهذه المسألة -أيضاً- فرعٌ عن القول في مسمى الإيمان.

    وثمة مسألتان تذكران على هذا التقدير في حال وتتركان في حال، وهما ليستا من الأصول على التحقيق، وهما:

    أولاً: الفرق بين اسم الإيمان والإسلام.

    ثانياً: الاستثناء في الإيمان، وقول الرجل: هو مؤمنٌ إن شاء الله..

    وهاتان المسألتان من حيث الإجمال نَزَعَ بعض أهل السنة من المتأخرين إلى تقوية شأنهما، وجعلهما في مسائل الأصول والإجماع.

    والصواب: أنهما ليستا كذلك، فإن جمهور الخلاف فيهما بين السلف إما خلاف لفظي أو خلاف تنوع، ولم يحفظ عن أحد من الأكابر من السلف مادة من خلاف التضاد فيهما، وإن كان حكي ذلك عن بعض أعيانهم، إلا أن النقل يسقط أو يتأخر على أحد وجهين:

    الوجه الأول: أن النقل لا يكون مثبتاً، كما نقل عن سفيان الثوري رحمه الله في ذلك.

    الوجه الثاني: أن يكون فهم بعض المتأخرين لمراد بعض المتقدمين فيه غلط، كما فهم جملة من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله بعض أجوبته على غير وجهها في هذه المسألة.

    وعلى هذا تكون المسائل الأصول في باب الإيمان والتي عُني الأئمة بتقريرها:

    1- القول في مسماه.

    2- القول في زيادته ونقصانه؛ فهي مسألة أصل، والخلاف فيها مع المرجئة وغيرهم معروف ومثبت.

    3- القول في باب الأسماء والأحكام كفرعٍ عن القول في مسمى الإيمان.

    هذه جملة لابد لطالب العلم من اعتبارها في فهم مراد المصنفين من أهل السنة والحديث.

    وقد تقدم أن لهذه الرسالة اختصاصاً من جهة فقه مؤلفها لحقائق الأقوال، وهذه مسألةٌ أنبه إليها في صدر هذه الرسالة؛ لأن كثيراً من المتأخرين قد فاتهم هذا الفقه؛ فإن مؤلفها -كما سيأتي في صدرها- ينزع إلى أن المخالفين من المرجئة الفقهاء أتباع حماد بن أبي سليمان رحمه الله هم في دائرة السنة والجماعة، ومن المعدودين في أتباع السلف.

    وهذا من فقهه؛ فإن هذا هو التحقيق في شأن هذا القول كما سيأتي بيانه.

    لكن إذا قيل: إنه قولٌ لطائفة من أهل السنة فإن هذا لا يستلزم أن لا يقال فيه: إنه بدعة، ولا يستلزم أن لا يقال فيه: إنه مخالفٌ للإجماع، بل يقال: إنه قول لطائفة من أهل السنة، ومع ذلك هو قولٌ بدعة، وقولٌ مخالفٌ للإجماع، كما سيأتي تقريرة وبيانه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088545523

    عدد مرات الحفظ

    777240544