إسلام ويب

شرح كتاب الإيمان [10]للشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • معتقد أهل السنة أن مرتكب المعصية لا يصرف عنه مسمى الإيمان، ولا يطلق عليه مسمى الكفر، حتى وإن كان المقصود به كفر النعمة، وقد فرع أهل السنة على مسألة زيادة الإيمان ونقصه أن نفي الإيمان عن مرتكب المعصية لا يقصد به نفي الأصل وإنما نفي الكمال.
    [قال أبو عبيد : أما هذا الذي فيه ذكر الذنوب والجرائم، فإن الآثار جاءت بالتغليظ على أربعة أنواع:].

    أراد رحمه الله بهذا الباب بيان الأوصاف الشرعية في الكتاب والسنة في ذكر الذنوب المخالفة للإيمان؛ فإن الشارع وصفها بأربعة أوصاف سيذكرها المصنف رحمه الله، ويبين المذاهب في تفسيرها، ثم يبين الصواب عند السلف، وهذا باب فاضل، ولا سيما أن بعض المذاهب التي ذمها المصنف عند ذكره لها قد دخلت على كثير من متأخري أهل السنة، ففسروا ما هو من هذه الأحاديث بها.

    أنواع الذنوب والمعاصي المخالفة للإيمان

    [فاثنان منها فيها نفي الإيمان، والبراءة من النبي صلى الله عليه، والآخران فيها تسمية الكفر وذكر الشرك وكل نوع من هذه الأربعة تجمع أحاديث ذوات عدة.

    فمن النوع الذي فيه نفي الإيمان حديث النبي صلى الله عليه: (لا يزني الرجل حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن) وقوله: (ما هو بمؤمن من لا يأمن جاره غوائله) وقوله: (الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن)وقوله: (لا يبغض الأنصار أحد يؤمن بالله ورسوله).

    ومنه قوله: (والذي نفسي بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا) وكذلك قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: (إياكم والكذب، فإنه يجانب الإيمان) وقول عمر رضي الله عنه: (لا إيمان لمن لا أمانة له) وقول سعد : (كل الخلال يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب). وقول ابن عمر : (لا يبلغ أحد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء وإن كان محقاً، ويدع المزاحة في الكذب).

    ومن النوع الذي فيه البراءة، قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) وكذلك قوله: (ليس منا من حمل السلاح علينا) وكذلك قوله: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا) في أشياء من هذا القبيل.

    ومن النوع الذي فيه تسمية الكفر قول النبي صلى الله عليه وسلم حين مطروا فقال: (أتدرون ما قال ربكم؟ قال: أصبح من عبادي مؤمن وكافر، فأما الذي يقول: مطرنا بنجم كذا وكذا، كافر بي مؤمن بالكوكب، والذي يقول: هذا رزق الله ورحمته مؤمن بي وكافر بالكوكب) وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)وقوله: (من قال لصاحبه: كافر فقد باء به أحدهما) وقوله: (من أتى ساحراً أو كاهناً فصدقه بما يقول أو أتى حائضاً أو امرأة في دبرها فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، أو كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)وقول عبد الله : (سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر)، وبعضهم يرفعه.

    ومن النوع الذي فيه ذكر الشرك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الأصغر؛ قيل: يا رسول الله! وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء) ومنه قوله: (الطيرة شرك، وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل)، وقول عبد الله في التمائم والتيولة: (إنها من الشرك)، وقول ابن عباس : (إن القوم يشركون بكلبهم! يقولون: كلبنا يحرسنا، ولولا كلبنا لسرقنا)].

    فالنوع الأول: أدلة شرعية ورد فيها نفي الإيمان لموجب عمل.

    ومثاله: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة - وهو في الصحيحين-: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)

    والنوع الثاني: أدلة شرعية ورد فيها البراءة من النبي صلى الله عليه وسلم.

    ومثاله: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة أيضاً -وهو في مسلم -: (من غش فليس منا).

    والنوع الثالث: أدلة شرعية ورد فيها تسمية الكفر.

    ومثاله: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة أيضاً -وهو في مسلم -: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت) وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود -وهو في الصحيحين-: (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر) وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جرير بن عبد الله -وهو في مسلم -: (أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم) وأمثال ذلك.

    والنوع الرابع: أدلة شرعية ورد فيها تسمية الشرك.

    ومثاله: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمر -وهو في الترمذي وغيره-: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك).

    فهذه أربعة أوصاف: نفي الإيمان.. البراءة.. تسمية العمل كفراً.. تسمية العمل شركاً.

    مذاهب المخالفين للسلف في نصوص الوعيد

    [فهذه أربعة أنواع من الحديث، قد كان الناس فيها على أربعة أصناف من التأويل ، فطائفة تذهب إلى كفر النعمة، وثانية تحملها على التغليظ والترهيب، وثالثة تجعلها كفر أهل الردة، ورابعة تذهبها كلها وتردها.

    فكل هذه الوجوه عندنا مردودة غير مقبولة، لما يدخلها من الخلل والفساد، والذي يرد المذهب الأول ما نعرفه من كلام العرب ولغاتها، وذلك أنهم لا يعرفون كفران النعم إلا بالجحد لأنعام الله وآلائه، وهو كالمخبر على نفسه بالعدم، وقد وهب الله له الثروة، أو بالسقم وقد منَّ الله عليه بالسلامة. وكذلك ما يكون من كتمان المحاسن ونشر المصائب، فهذا الذي تسميه العرب كفراناً إن كان ذلك فيما بينهما وبين الله، أو كان من بعضهم لبعض إذا تناكروا اصطناع المعروف عندهم وتجاحدوه. ينبئك عن ذلك مقالة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء: (إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير- يعني الزوج- وذلك أن تغضب إحداكن فتقول: ما رأيت منك خيراً قط)

    فهذا ما في كفر النعمة.

    وأما القول الثاني المحمول على التغليظ فمن أفظع ما تأول على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن جعلوا الخبر عن الله وعن دينه وعيداً لا حقيقة له، وهذا يؤول إلى إبطال العقاب، لأنه إن أمكن ذلك في واحد منها كان ممكناً في العقوبات كلها.

    وأما الثالث الذي بلغ به كفر الردة نفسها فهو شر من الذي قبله، لأنه مذهب الخوارج الذين مرقوا من الدين بالتأويل، فكفروا الناس بصغار الذنوب وكبارها، وقد علمت ما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من المروق وما أذن فيهم من سفك دمائهم. ثم قد وجدنا الله تبارك وتعالى يكذب مقالتهم، وذلك أنه حكم في السارق بقطع اليد، وفي الزاني والقاذف بالجلد، ولو كان الذنب يكفر صاحبه ما كان الحكم على هؤلاء إلا القتل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من بدل دينه فاقتلوه)أفلا ترى أنهم لو كانوا كفاراً لما كانت عقوباتهم القطع والجلد؟ وكذلك قول الله فيمن قتل مظلوماً: فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً [الإسراء:33] فلو كان القتل كفراً ما كان للولي عفو ولا أخذ دية، ولزمه القتل.

    وأما القول الرابع الذي فيه تضعيف هذه الآثار فليس مذهب من يعتد بقوله، فلا يلتفت إليه، إنما هو احتجاج أهل الأهواء والبدع الذين قصر عملهم عن الاتساع، وعييت أذهانهم عن وجوهها، فلم يجدوا شيئاً أهون عليهم من أن يقولوا: متناقضة. فأبطلوها كلها!].

    أحاديث الوعيد تأتي على جهتين:

    1- وعيد في الآخرة.

    2- وعيد اسمي.

    فالوعيد في الآخرة كقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً [النساء:10] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل من الكعبين ففي النار).

    وأما الوعيد الاسمي فهو: إخراج مرتكب المعصية عن مسمى اسم شرعي، أو عدم إضافته إلى المسلمين أو إلى المؤمنين أو ما إلى ذلك.

    وهو كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) وما إلى ذلك.

    المذهب الأول: من يفسر نصوص الوعيد بأنها من باب كفر النعمة

    المذهب الأول: هو قول من يذهب إلى تفسير هذه النصوص بأنها من باب كفر النعمة، وقد اعترض المصنف على هذا بأن العرب لا تعرف هذا الطرد.. وهذا صحيح؛ فلا يجوز أن تفسر جميع هذه النصوص في جميع مواردها بأنها من باب كفر النعمة؛ لأن كفر النعمة هو الجحد للآلاء... أو ما إلى ذلك، هذا هو الذي تعرفه العرب.

    ولكن ينبه إلى أن المصنف رحمه الله لم يرد إبطال هذا التفسير في جميع الموارد، وإنما أراد إبطال الطرد له، وإلا فإن الله يقول: إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الإنسان:2-3]فلا شك أن من خالف فقد كفر شيئاً من النعم.

    إذاً أراد المصنف أن بعض الأحاديث لا تناسب هذا التفسير لغة.. وهذا صحيح، أما أن هذا حكم على جميع مواردها.. فهذا لم يرده المصنف، وإنما الذي أراد نفيه: أن هذا يسمى في باب كفران النعم.

    وكأن المصنف إنما رفض هذا التفسير طرداً؛ لأنه من جنس تفسير الإباضية من الخوارج؛ فإنهم يحملون أحاديث الوعيد على تفسير واحد، وهو أنها تدل على كفر النعمة، فالجمهور من الخوارج يقولون: مرتكب الكبيرة كافر كفر ملة. والإباضية منهم يقولون: كافر كفر نعمة؛ فالتزموا تفسير جميع هذه الأحاديث بكفران النعمة.

    وهذا الطرد مخالف للغة، ومخالف لطريقة السلف، فقد كان السلف يفسرون كل وعيد من الوعيد الاسمي بحسب ما يقتضيه السياق، فقد يكون السياق يقتضي أنه كفر نعمة فيجعلونه كفر نعمة، وقد يكون السياق يقتضي غير ذلك فيفسرونه بموجبه.

    وقد يقال: إن كل من عصى الله سبحانه وتعالى فإنه يلزمه أن يكون كافراً لشيء من نعمه.

    فيقال: إن هذا من باب اللوازم صحيح، ولكن فرق بين تفسير الاسم بحقيقته وتضمنه وبين تفسيره بلازمه؛ فإن الأسماء تفسر بحقائقها المطابقة أو المتضمنة، وأما اللوازم فإنها باب آخر.

    فصحيح أن كل من أتى كبيرة من الكبائر فقد كفر؛ لأن الله لم يجعل الناس إلا أحد شخصين: إما شاكراً وإما كفوراً، ولكن هذا من باب اللوازم في بعض الموارد، وقد يكون من باب المطابقة في بعض الموارد، وأما جعله مطرداً مطابقاً، فهذا هو الذي أراد المصنف عيبه.

    المذهب الثاني: من يحملها على التغليظ

    المذهب الثاني: وهو مذهب من يحملها على التغليظ، وهذا المذهب قد شاع عند بعض المتأخرين من أهل السنة كذلك، ونسبوه إلى السلف، فقالوا: إن السلف يذهبون إلى أن هذه الأحاديث في الوعيد الاسمي -وبعضهم طرد هذا حتى في وعيد الآخرة- إنما هي من باب التغليظ والترهيب، وليست على ظاهرها أو حقيقتها..

    وهذا القول أيضاً بدعة لم ينطق بها السلف، وإنما موجب إضافتها إلى طائفة من السلف: أنه جاء عن بعض السلف أحرف قد كانت زمن السلف من المفصل، وصارت زمن المتأخرين من المجمل.. فقد قال طائفة من السلف -مثلاً-: أمروها كما جاءت. وهذا كما قالوا في الصفات، أي: ترك تفسير أحاديث الوعيد، ولما سئل بعضهم عنها قال: هي على ما قال الله ورسوله، وعلى ما أراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

    فكان بعضهم -أحياناً- يترك التفسير لها، ففهم من هذا بعض المتأخرين أنهم ما كانوا يذهبون إلى أنها على حقيقتها وظاهرها، فقالوا: إذاً يراد بها الترهيب والتغليظ..

    فتفسير هذه النصوص بهذا المذهب طرداً وقصراً هو من باب تفسير المرجئة، بل إن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: "من التزم أنها ترهيب محض فهذا من جنس تفسير الفلاسفة" . أي: من جنس قول المتفلسفة الذين عطلوا الوعيد عن حقيقته، وأنكروا حقيقة الثواب والعقاب الجسماني.

    إذاً هذا قول منكر على هذا الوجه، وإن كانت هذه النصوص -بلا شك- تسمى ترهيباً، ويراد بها الترهيب والتغليظ، ولكن الذي قصد المصنف وغيره من أئمة السنة إبطاله هو أنه لا يصح أن تقصر على مجرد الترهيب الذي معناه أنها لا حقيقة لها في نفس الأمر.

    ومثال ذلك: أن نفي الإيمان الذي ورد في قول الشارع صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) له حقيقة؛ فالزاني لا يسمى مؤمناً.

    فإن قيل: كيف لا يسمى مؤمناً؟

    قيل: لأن الإيمان هو ما ذكره الله بقوله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون:1] ومن صفاتهم: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [المؤمنون:5] وهذا لم يحفظ فرجه؛ فلا يسمى مؤمناً، فهذا تطابق مع القرآن وليس مخالفةً له.

    إذاً لا شك أنها تغليظ وترهيب، لكن من قصد أنها تغليظ وترغيب بمعنى أنها لا تفسر، أو أن معانيها غير معلومة، أو أنه لا حقيقة لها.. فكل هذه المعاني بدعة من بدع المرجئة، ومن نسبها إلى أحد من السلف فقد غلط عليه.

    المذهب الثالث: من يجعلها من باب كفر أهل الردة

    المذهب الثالث: وهو مذهب من يجعلها في باب كفر أهل الردة.

    وهذا المذهب لم يختلط على أحد من أهل السنة؛ فهو معروفٌ أنه قول الجمهور من الخوارج، وقولهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "لم يدخل شيء من مادته على أئمة السنة والجماعة، أو من انتسب إليهم، وإنما الذي دخل شيءٍ من مادته على بعض أئمة السنة ومن اشترك معهم، ونصر مذهبهم، فهو قول المرجئة" .

    إذاً تفسيرها بأنها من باب كفر الردة.. هذا لم يقل به أحد من أئمة السنة، ولا أشكل على أحد؛ لأنه مذهب معروف لجمهور الخوارج، وهو قولٌ بدعي، بخلاف التفسير الأول والتفسير الثاني فإن فيهما اشتباهاً كثيراً، وموجب اشتباههما أنهما ليسا غلطاً محضاً، وإنما الغلط في طردهما أو في القصر عليهما، أو ما إلى ذلك.

    المذهب الرابع: من يذهبها كلها ويردها

    المذهب الرابع: وهو مذهب من يذهبها كلها ويردها.

    وهذا قولٌ أشد نكارة من سابقه.

    فإن قيل: فمن الذي يذهب إلى هذا القول؟

    قيل:لم يعرف عن طائفة معينة في المسلمين أنها تبطل سائر الوعيد، حتى من يقول بترك أخبار الآحاد وعدم الاستدلال بها لا يقولون هذا؛ لأن هذا الوعيد مستعمل في القرآن، وقد ذكر المصنف مثالاً له من القرآن، وهو قول الله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]

    إذاً: من هي الطائفة التي ترد كل هذه الأحاديث؟

    هنا يفسر كلام المصنف على أحد وجهين:

    الوجه الأول: أنه أراد الأحاديث؛ لأن أمثلته في الجملة من الأحاديث، وهو في مبدأ كلامه يقول: "فهذه أربعة أنواع من الأحاديث..." إلى أمثال ذلك.

    فإن أراد الأحاديث فكأنه قصد من طعن في هذه الأحاديث، فلا معنى أنها ليست من المتواتر.

    الوجه الثاني: أنه أراد بهذا النوع حتى ما دخل فيه من نصوص القرآن، فالطائفة التي ترد هذا كله ليست طائفة معينة، وكأنه أراد الطوائف البدعية التي لم تحقق هذه الأحاديث، ولم تعتبر حقائقها، وخالفتها في أقوالها... وما إلى ذلك؛ فيكون من باب المرادات العامة، وليس من باب المرادات الخاصة.

    وننبه هنا إلى أن مسألة تعيين الطوائف ليست أمراً مقصوداً لذاته.

    ونضرب مثالاً على هذا: أنه شاع عن غلاة المرجئة أنهم يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، وأن مرتكب الكبيرة في الآخرة إلى الجنة، وأنه ليس هناك وعيد لأهل الكبائر... إلى غير ذلك. مع أنه لم ينضبط قولاً لأحد من الأعيان، وقد نص الإمام ابن تيمية على هذا في منهاج السنة، وإن كان الأشعري في المقالات وكذلك ابن حزم قد نسبا هذا القول إلى مقاتل بن سليمان ، لكن ابن تيمية يقول: "إن من أهل المقالات من ينسبه إلى مقاتل بن سليمان ، ولا يصح ذلك عنه".

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088555063

    عدد مرات الحفظ

    777298903