إسلام ويب

السهام الأخيرةللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن معركة الإسلام ومواجهته للحرب الضروس من قبل أعدائه، وتكالب أمم الكفر عليه، واستخدام الحكام المسلمين كأيدٍ تضرب الإسلام في وطنه، هي مسألة خطيرة تثير النخوة وتحفز النفوس للدفاع عن هذا الدين، وفي هذا الدرس ما يوضح كثيراً من جوانب هذه المسألة وطرح الحلول لذلك.
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    وبعــد:

    رقم هذا الدرس هو السابع والثمانون، وهو في هذه الليلة ليلة الإثنين (5/ من ذي القعدة/ من سنة 1413هـ)، وأرجو ألا تفاجئوا مرة أخرى بنوع من التغيير فيما وعدتكم به، فسوف أكون مضطراً في هذه الليلة إلى تأجيل الدرس الموعود مرة أخرى، أما في هذه الليلة فسوف يكون حديثي إليكم بعنوان(السهام الأخيرة).

    لقد ألح عليَّ العديد من الإخوة في تعليقات متفرقة على الأحداث التي تشهدها الساحة الإسلامية، بما في ذلك بعض الأشياء التي عرضت لها في المجلس السابق، ثم ما تلا ذلك من قرارات جائرة وتصريحات ماكرة وتحليلات وتوقعات في سائر بلاد الإسلام، بل وحتى في بلادٍ غير إسلامية.

    إن الساحة العربية والدولية تشهد حرباً على ما يسمونه هم بالأصولية، أو التطرف، أو العنف، أو الإرهاب، وقد أصبحت هذه الكلمات تدل على كل معاني الوحشية والقسوة في نظرهم.

    فيكفي أن يوصم بها شخص ليكون مجتمعاً في نظرهم من النقائص والعيوب خلواً من كل معاني العطف والإنسانية، وتتنادى الدول ضد هذا العدو الجديد الذي يراد له أن يحل محل الشيوعية مع أن الشيوعية هي الأخرى بدأت تجمع فلولها لمعركة مع الجميع، وتتحالف ضد هذه الأصولية.

    ومن الواضح أن هذه الحرب هي في حقيقتها ضد الإسلام من حيث هو دين الله عز وجل، فليس هناك في عرف هؤلاء نمط مقبول من الإسلام ولا نموذج مرتضى، مهما تنازل المسلمون وتخلوا عن بعض حقائق دينهم.

    لقد أصبح الجهاد -وهو شريعة مجمع عليها- يطلق عليه في نظر الكثيرين أنه نوعٌ من الإرهاب، أو التطرف، أو العنف، أو التهييج، ولذلك فهو مرفوضٌ في قوانين الأرض، وإن كان مأموراً به في شريعة الله عز وجل.

    تجفيف المنابع في بعض البلاد

    إنك تجد في بلادٍ كبعض بلاد المغرب العربي ترفع شعار تجفيف المنابع، أي: إزالة أي أثر للإسلام في الحياة في التعليم أو في الإعلام أو في المجتمع خشية أن يترك ذلك بعض الآثار على الأجيال، فيكون عندها شيء من الولاء للإسلام؛ مع أن الحياة هناك تريد لها أن تكون حياة غربية، ومع أن الراية الإسلامية المرفوعة هي رايةٌ مرنةٌ جداً، وملطفةٌ جداً، وفيها كثيرٌ من التنازلات، ولكن كل هذا لا يرضي غرور الخصوم، وفي بلد أفريقي تحكمه دولة أصولية -كما يعبرون- هناك قدر كبير من المرونة تبديه، ونوعٌ من الخطاب اللبق للعقلية الغربية، وتنازلات هنا وتنازلات هناك، لكن هذا أيضا لا يرضي الخصوم الذين لا يريدون حتى مجرد رفع الراية الإسلامية.

    وفي البوسنة فالأمر أظهر وأوضح، فهناك مجتمع كان يقوم على أساس علماني في الأصل، وكان الاختلاط بين الرجل والمرأة، أو شرب الخمر، أو وجود أماكن ترفيه تحتوي على ما حرم الله أمراً مألوفاً في تلك المجتمعات التي يختلط فيها المسلمون بـالصرب وبالكروات، وكلا الشعبين -أعني الصرب والكروات- من النصارى، ومع ذلك فالحرب قادت هؤلاء إلى مزيد من الالتزام بالإسلام والعودة إلى جذورهم وأصولهم، وتلك الأوضاع العلمانية التي قام عليها مجتمعهم لم تشفع لهم عند أعداء الإسلام من النصارى المجاورين وغير المجاورين.

    والغرب يضغط على الجميع ليس هذه الأمثلة التي ضربت فحسب، بل في جميع بلاد الإسلام لاتخاذ مواقف مشابهة في محاربة الفرص الإسلامية، وتمهيد الطريق لدعاة العلمنة، أو دعاة الشهوة لينفذوا بسمومهم إلى مجتمعات الإسلام.

    الحرب الإعلامية

    إن وسائل الإعلام العربية أصبحت تستكثر ساعةً أو ساعتين في اليوم والليلة للإسلام، مع أن الذي يستغلها ويتحدث باسم الإسلام هو ذلك المفتي الرسمي، ولكن كيف نبذل ساعتين للإسلام، ونحن ننادي بإسكات صوت المؤذن من التلفاز، لئلا يفهم أننا دولة دينية أو -كما يقولون- حكومة ثيوقراطية.

    نعم لقد بلغت الجراءة والوقاحة أن يعرض شيء، نستطيع أن نعبر عنه بالجنس في قنوات تبث للمسلمين.. كيف؟ نعم إنهم يصورون الحيوانات وهي تتسافد وتتوالد وتتكاثر، ويصورون الأنثى وهي تخطب ود الذكر، ويصورون الذكر وهو يبحث عن الأنثى، بل وهو يقوم معها بالعملية الجنسية، ويتحرك بصورة مثيرة، وهم يقولون من خلال هذه البرامج البريئة في ظاهرها للشاب وللفتاة: إن العملية الجنسية عملية بيولوجية وفسيولوجية تتعلق بالإنسان من حيث تكوينه، وتتعلق بسائر الذكور من المخلوقات، فكما أن الجمل يتعامل هكذا مع أنثاه، وكما أن العصفور يتعامل هكذا مع أنثاه، فهكذا أيضاً يجب أن تتعامل الفتاة مع الفتى، ويعرض هذا في قنوات تلتقط في طول بلاد العالم الإسلامي وعرضها.

    أما نصف ساعة لبرنامج ديني فهي كثيرة، أما الأذان في هذه الإذاعات والمحطات فهو أيضاً لا داعي له، فهو يظهرنا كما لو كنا دولة دينية، ويوجد في أوساطنا النصارى، ويوجد في أوساطنا اليهود، ويوجد في أوساطنا من لا دين لهم.

    وحين تتصفح وجوه الجرائد والمجلات هنا أو هناك في أي محلٍ أو مكتبةٍ، أو بقالة سوف تجد للإثارة والإغراء والفن والحب مئات بل آلاف المطبوعات، ولا تستغرب أن تجد صوراً غايةً في الخلاعة والتبذل، أما حين تبحث عن نصيب الإسلام فستجد مجلات تعد على رءوس الأصابع، ثم حين تلج إلى داخلها تجدها تقدم نفسها على استحياء، وتجدها تتراءى أشباحاً في الظلام، وتخاف من عين الرقيب أو من مقصه، فتقول قليلاً وتسكت عن كثير، ومع ذلك فلا تعدم أن تجد صفحةً مقصوصة هنا، وملزمةً منـزوعة هناك، والصوت الوحيد -ربما- الذي لا يزال يصل إلى المسلمين هو صوت المنادي في المسجد صوت الخطيب أو المتحدث، وحتى الخطبة هي في طريقها إلى التأميم لتصبح نسخةً طبق الأصل يقرؤها الجميع بلسان واحد، وهناك دعوة جادة لمحاولة جعل خطب الجمعة خطبةً واحدة توزع على الخطباء ليقرءوها من على المنابر، وحينئذ يمكن أن يقرأها حتى طالب المدرسة الابتدائية، لأن الأمر لا يتطلب أكثر من مجرد فك الحروف.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089162783

    عدد مرات الحفظ

    782299969