إسلام ويب

حي على الجهادللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تحدث الدرس عن معنى الجهاد وأهميته وبقائه إلى يوم القيامة، وعن الطائفة المنصورة، ثم ذكر أدلة على سعة مفهوم الجهاد وأنه أقسام باعتبارات عدة منها أقسامه باعتبار من يقع عليهم وأقسامه باعتبار الآلة باليد وبالمال، وأقسامه من حيث المرحلية: كَفُّ، وإِذْنٌ، وقتال المقاتل، وقتال المشركين كافة، وأقسامه باعتبار الحكم: فرض كفاية إلا إذا أغار العدو أو أمر السلطان تعين على من عَيَّن السلطان، ثم ذكر واقع الأمة اليوم وتركها للجهاد وسقوط الخلافة وأثره في الجهاد، ثم ختم بأنه لا بد من إقامة حركة إسلامية جهادية. ثم أجاب على الأسئلة.
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

    أما بعــد:

    سمعتم عنوان هذه المحاضرة أيها الأحبة وهو (حي على الجهاد) فما أدري: هل أنتم مستعدون للجهاد؟

    من قال حي على الجهاد تجبه صيحات الدماء لو كنت أشلاء ممزقة بأنحاء الفضاء

    لم آل جهداً في كفاح مناصب الدين العداء

    وإذا كنتم مستعدين، فلابد أن نطبق معكم ميزان يوشع بن نون عليه الصلاة والسلام.

    جعل الدنيا تحت القدمين مع استخدامها

    روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {غزا نبي من الأنبياء، فقال لقومه: لا يتبعني رجل بنى أو ملك بضع امرأة ولما يدخل بها -يعني رجل عقد على امرأة ولما يتزوجها بعد هذا ينسحب-، ولا رجل اشترى إبلاً أو غنماً وهو ينتظر ولادها ونتاجها، ولا رجل بنى بيتاً ولما يرفع سقفه، فانفض عنه جمع غفير من هؤلاء.

    ثم مضى بمن بقي من الجيش، فلما اقترب من القرية التي كان يريد أن يغزوها كان عند صلاة العصر، فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علي شيئاً، -يعني جزءاً من الوقت تتوقف الشمس- أو تعود له حتى ينتهي من قتال هذه القرية.

    فحبسها الله تبارك وتعالى حتى غزا هذه القرية، وانتصر على أهلها، ثم جمعوا الغنائم في صعيد، -وكان من عادة الأمم السابقة أنهم إذا غنموا غنيمة لا يصيبونها، بل يجعلونها في صعيد، فتأتي نار من السماء فتحرقها- فلما وضعوا هذه الغنائم في الصعيد، انتظروا أن تأتي النار، فجاءت النار ولم تحرقها.

    فقال لقومه: فيكم غلول، -فيكم من أخذ من الغنيمة شيئاً-.

    ليبايعني من كل قبيلة رجل، فبايعه من كل قبيلة رجل، فلصقت يده بيد رجل، فقال: فيكم الغلول -في قبيلتك الغلول- لتبايعني قبيلتك رجلاً رجلاً، فبايعته القبيلة رجلاً رجلاً، فلصقت يده بيد رجلين أو ثلاثة، فقال: فيكم الغلول ائتوا به، فذهبوا وأحضروا له مثل قرن الثور من الذهب -قد أخذوه وغلوه- فأخذه ووضعه في الغنيمة، ثم جاءت النار من السماء فأحرقتها}.

    من كان سيستجيب لنداء (حي على الجهاد) فإنه يحتاج إلى أن يجعل الدنيا تحت قدميه، لا مانع أن يستخدمها، لكن لا يكون عبداً وخادماً لها، وفرق بين من يخدمها، وبين من يستخدمها.

    مدلول كلمة الجهاد

    أحبتي الكرام: الجهاد بحد ذاته كلمه ذات مدلول عميق، وهي من الشعائر العظيمة التي جاء بها دين الإسلام، ولو رجعنا يسيراً الى المعنى والمدلول اللغوي لكلمة (جهاد) لوجدنا أنها مشتقة أصلاً من كلمة (جهد)، و(جهد) تدل على بذل الجهد، واستفراغ الوسع والطاقة في أمر من الأمور، فأنت تقول: فلاناً أجهد فلاناً يعني اتعبه، وفلان اجتهد في كذا يعني بذل جهده وغايته، فإذا أضفنا إلى أصل معنى كلمة (جهد) لفظ (الجهاد) أو (المجاهدة) الذي يدل على مفاعلة بين طرفين، بأن يبذل شخص جهده ضدك وأنت تبذل جهدك ضده، هذه مثل المقاتلة، فرق بين أن تقول: فلان قتل فلاناً، أو فلان قاتل فلاناً، وفقتله يمكن أن تكون بمعنى أن يجده نائماً -مثلاً- فقتله بالسيف، لكن عندما تقول: قاتله، معناه أن هذا كان معه سيف، وهذا كان معه سيف، فالتقيا، ومازال كل واحد منهما يكر ويفر ويميل يمنة ويسرة على الآخر حتى أمكن منه فقتله.

    إذاً (جاهد) تدل على أن هناك طرفاً آخر يقاتل المسلمين، ويؤذيهم، ويحاربهم، والمسلمون مطالبون بأن يواجهوا هذا بالجهاد، مثل قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا [آل عمران:200] فقوله (اصبروا) يدل على أن الإنسان يصبر على ما يناله، وما يصيبه، لكن لما قال: وَصَابِرُوا [آل عمران:200] معناه أنه لا يكفي الصبر، بل لابد من المصابرة، بمعنى أنكم ستلقون أعداء يصبرون كما تصبرون، فصابروا، أي: اصبروا صبراً فوق صبرهم.

    قيل لبعض الشجعان في الجاهلية، وأظنه عنترة بن شداد قيل له: كيف كنت شجاعاً باسلاً؟ وكان عنترة عبداً ليس له قيمة، وفي يوم من الأيام أغار الجيش على قومه، فأمره سيده بأن يوقد النيران ويقاتل، فإن انتصر فهو حر، وهكذا، المهم قيل له: بماذا صرت شجاعاً يشار إليك بالبنان؟ قال: إنني أجد من الألم كما يجد غيري، ولكنني في كل لحظة أصبر نفسي، وأقول: أنتظر ربما تكون هذه اللحظة هي اللحظة التي ينهزم فيها عدوك، فأنتظر لحظة، وهكذا أصبر نفسي حتى يعلن عدوي هزيمته وانتصر أنا، وإلا فأنا أجد من الألم ومس العذاب مثلما يجد غيري.

    ولذلك كان من حكمة الله أنه جعل اسم هذا الأمر الذي شرعه لنا من قتال الأعداء وغيره، جعل اسمه (الجهاد) حتى تكون الكلمة بحد ذاتها معبرة، حتى لو لم ترد نصوص صريحة في هذا الباب فإن مجرد هذه الكلمة -كلمة (الجهاد)- ذات دلالات عميقة، كما سيتضح من خلال هذا الحديث العابر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087508873

    عدد مرات الحفظ

    772756256