إسلام ويب

الصومال الجريحللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تحدث الشيخ عن أسباب اختياره الموضوع، ثم ذكر أحوال إخواننا في الصومال ودور المنظمات التنصيرية في التنصير هناك، ودور مراكز الإغاثة الإسلامية، وواجبنا نحوها، ثم ذكر الأخوة الإيمانية عند الصحابة، والسلف وكيف هي فيما بيننا، وبيَّن طريقة القرآن والسنة في تقرير مبدأ الأخوة وأن الاسلام هو الفرق بين الناس، وليست القبيلة، ولا البلد، ولا غير ذلك.

    1.   

    أسباب أختيار موضوع الصومال الجريح

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم.

    أما بعــد:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأعتذر إليكم عن هذا التأخير الذي كان لأسباب خارجة عن إرادتي، ثم إنني في هذه الليلة ليلة الأربعاء، العاشر من رمضان، كنت قد زورت لكم حديثاً عنوانه اعترافات مذنب.

    ثم بدا أمر جديد دعاني إلى تأجيل هذا الموضوع إلى ليلة غد، أما في هذه الليلة فسيكون حديثي إليكم حديثاً سريعاً قصيراً عن جرح من جراحات المسلمين، عن الصومال الجريح.

    والذي دعاني إلى هذا الموضوع أمور هي:

    التجاوب والتبرعات

    أولها: ما رأيته منكم من التجاوب الكبير، فإن مجموع التبرعات، التي بذلتموها كان رقماً طيباً جداً، فقد وصلت إلى ما يزيد على مائتي ألف ريال، فجزاكم الله تعالى خيراً، وأسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يرزقكم خيراً مما أنفقتم، وأن يبارك لكم فيما أعطاكم، وأن يكثر في المسلمين من أمثالكم، وأن يزيدكم جوداً وكرماً وإيماناً، إنه على كل شيء قدير.

    لم يكن الفرح بهذا العطاء لمجرد؛ أنه عطاء، فإن ثرياً واحداً، ربما يعطي أضعاف أضعاف هذا المبلغ، ولكن الفرح كان أكثر بتجاوبكم، وشعوركم بالمسئولية ومشاركتكم، فإن الواحد يعلم أنه لم يكن أحداً منكم، لا من ذكرانكم ولا من إناثكم، مستعداً للمشاركة، وربما فوجئ بذلك الطلب، ومع هذا حصل هذا الخير الكثير، فأسأل الله تعالى أن يجزيكم خيراً.

    التقارير التي تصف المأساة في الصومال

    الأمر الثاني: الذي دعاني ويدعوني الآن إلى طرح موضوع الصومال الجريح، هو مجموعة من التقارير التي جاءت من هناك، وكلكم علمتم بالمأساة التي نـزلت بإخوانكم، نـزلت بما يزيد على ثلاثة عشر مليوناً موزعين بين الصومال وجيبوتي لم يكن بينهم نصراني واحد، بل ثلاثة عشر مليوناً كانوا في البادية، يدعون الله تعالى أن يتوفاهم، قبل أن يروا بعيونهم نصرانياً واحداً، وكانوا إذا شرب النصراني في الإناء، فإنهم يغسلونه سبع مرات كما يغسلون الإناء إذا ولغ فيه الكلب، كانوا يستعظمون أن يروا رجلاً كافراً بالله تعالى، يمشي على وجه الأرض، بلادهم مليئة بالمساجد، على حين لم يكن يوجد فيها كنيسة واحدة.

    ولذلك كانوا هدفاً للنصارى، فسعوا وخططوا واستغلوا أزمات المسلمين، ومزقوا بلادهم، حتى كانت الكارثة الأخيرة، وحينئذ شمرت المنظمات النصرانية عن ساعد الجد، وذهبت عشرات المنظمات من أشهرها منظمة أطباء بلا حدود، وهي منظمة نصرانية، وكذلك الصليب الأحمر، ووكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الرجالية والنسائية النصرانية، التي أصبحت تستقبل المسلمين رجالاً، ونساءً، وأطفالاً، وتأخذهم وتذهب بهم إلى بلاد الكفر، حتى هاجر من الصومال ما يزيد على مليوني إنسان غالبيتهم من الشباب، رجالاً ونساءً فتياناً وفتيات ذهبوا إلى بلاد الكفر، ليحصلوا هناك على الجنسيات على المرتبات، ويحصلوا على سكن مجاني، ويحصلوا على كل المميزات، وإذا جاءوا يبحثون عن بلاد المسلمين، لم يجدوا البلد الذي يؤويهم، وأستطيع أن أقول وأنا مطمئن: ليس هناك دولة واحدة من دول المسلمين من أعلنت استعدادها لاستقبال عدد من الصوماليين قل أو كثر، بل إن مجرد الزيارة كان أمراً صعباً، فإذا أراد الإنسان أن يذهب إلى عمرة أو إلى زيارة، أو إلى إقامة مؤقتة في أي بلد إسلامي، فإن أهون ما يقال له: إن جوازك مزور، ووثائقك غير مضبوطة، ولذلك نحن نعتذر إليك.

    إنها لكارثة؛ أن يجد اليهود في دولتهم المسماة بإسرائيل، فرصة للعمل في أوساط المسلمين، وأن يوزعوا الأدوية المختوم عليها بختم دولة إسرائيل، ويوزعوا الإعانات والإعانات، ويحضروا المؤتمرات، التي يقيمها المسلمون، ويسعوا إلى الإيقاع بين الصوماليين وبين العرب، فيقولون للصوماليين: إن العرب يحتقرونكم ويزدرونكم، وينظرون إليكم نظرة دونية، ولا يقيمون لكم وزناً، وينشر هذا في عدد من المطبوعات، التي تروج بين إخواننا في الصومال. وأن يجد النصارى فرصتهم السانحة في العمل الإغاثي الإنساني، في ظاهره والعمل التنصيري في حقيقته، وأن يكون المسلمون هم آخر من يتحرك لغوث إخوانهم.

    ثم تأتي الطامة الكبرى، يوم دخلت قوات الغزو الأجنبي القوات الأمريكية إلى الصومال بقوتها وأعدادها وعتادها، دخلت ودعواها أنها تغيث المسلمين، تفض الخصومات بينهم، أما حقيقتها فهي غزو مبطن لهذا البلد، ليس للـالصومال فحسب، بل للقارة الأفريقية بأكملها، فهي نوع من الضربة الوقائية، ليطمئن الغرب إلى أن الإسلام الأصولي لن يكون له وجود يذكر في إفريقيا السوداء، وأن مضيق باب المندب وغيره سيكون مؤمناً، وأن الوجود الغربي سيكون قريباً من مناطق العمليات في الشرق الأوسط، وأمس -بالذات- أعلن الرئيس الأمريكي الجديد أن القوات الأمريكية، في منطقة الصومال، وفي منطقة الخليج، سوف يكون لها طابع المرابطة الطويلة الأمد.

    نعم هذا كنا نعرفه من قبل، حتى كانوا يعلنون أن إقامتهم في الصومال، لن تتجاوز أربعة أشهر أو ستة أشهر، وأن وجودهم سوف يكون محصوراً بألف أو ألفين، فقد تفاقم العدد وأصبح بعشرات الألوف، وأعلنوا صراحة أن وجودهم سوف يتخذ طابع المرابطة الطويلة.

    أيها الإخوة ... ذلك الصومالي، الذي كان بالأمس يكره أن ينظر في وجه الكافر، أو يشرب بعده، أصبح اليوم يسمع -وفي المسجد الجامع الكبير- رجلاً من ضحايا الغزو الغربي السافر الكافر، مثل بعض بني جلدتنا الذين أصبحوا يتكلمون عن العداوة للغربيين على أنها من أدبيات القرن الماضي، كما قال رئيس تحرير إحدى المجلات الإسلامية، جبر الله عزاءنا وعزاءكم، أصبحت العداوة للغربي الكافر من أدبيات القرن الماضي، كيف والقرآن الكريم يصرح بعداوتهم؟! كيف والسنة النبوية مليئة بذلك؟! إنها الهزيمة النفسية.

    يقوم رجل من المنتسبين إلى الإسلام، على منبر الجمعة بعد الصلاة، في جامع من الجوامع الشهيرة وفي هذا العام بالذات، في مدينة بيدوا الصومالية، ويقول: أيها الناس أيها المسلمون أنتم ترون حالنا وما حل بنا من المجاعة نتيجة الحروب الأهلية والقبلية، ولقد رأيتم أنه لم يهتم بنا أحدٌ من إخواننا المسلمين، لا من العرب ولا من العجم، ولقد لاحظتم أن الذين هبوا لنصرتنا وإغاثتنا هم النصارى وعلى رأسهم الأمريكان، وبقية الدول الأوروبية، ثم يقول: علينا نحن كشعب قاسى من الحروب والويلات، ألا نعتبر أن المسيحية عدو لنا، -هذا تعبيره- أو أن المسيحية دين محرف وأننا نخافه، بل يجب علينا، أن نأخذ منهم المساعدات، بقلوب مطمئنة ونية صادقة، وأن لا نعتبرهم أعداءً؛ لأنهم أرحم بنا من المسلمين، وبما أن جميع الأديان السماوية والمسيحية من أول الأديان السماوية فهي أرحم دين ساعدنا، ومعتنقوا هذا الدين هم أرحم الناس بنا، فما الحرج من أن يعتنق بعضنا هذا الدين الرحيم، الذي أثبت ذلك للعالم بمواقفه معنا ومع جميع المتضررين في العالم!!

    انظروا من الذي يقف مع المسلمين في البوسنة والهرسك إلا الهيئات النصرانية؟ من الذي يقف مع المسلمين المبعدين في فلسطين إلا الصليب الأحمر الدولي؟ من الذي يقف مع الصوماليين إلا النصارى؟ فالمطلوب منكم -هكذا يقول- ترك الناس وشأنهم، كل يختار الدين الذي يحبه ويرتاح إليه لا إكراه في الدين.

    انظر إلى البعد الشاسع والتأثير العظيم، ذلك المسلم صاحب الفطرة الذي كان يقرأ القرآن الكريم، فيعرف أن المسلم هو أخوه حيث كان، وأن الكافر عدوه مهما كان، فيترتب على ذلك أن يحب المسلمين ويبغض الكفار لا يزال الكفار به، يعملون له الأعمال، ويخططون له الأحاييل، حتى يوجد من بين المسلمين، من تكون هذه نظرته وهذا منطقه.

    أيها الإخوة.. لا أريد أن تتصوروا أن شعب الصومال تحول إلى مجموعة، من المنهزمين وضعفاء الإيمان، والمغترين بالنصارى، كلا! فإن هذا الشعب، يشهد صحوة إسلامية قوية جداً، في الجنوب والشمال على حد سواء، وفيما يسمى بـجمهورية أرض الصومال مثلاً، فقد وجد اجتماع ومؤتمر عام لا يزال معقوداً إلى الآن، وكانت أهم قرارات هذا المؤتمر ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية، وهناك المساجد مليئة بالمصلين والحمد لله، والشباب الدعاة إلى الله تعالى، لهم نشاط منقطع النظير، والعلماء والمشايخ الآن هم الذين أثبتوا أنهم قادرون على ضبط الأمن، والقضاء على اللصوص وعلى المجرمين، فالإسلام، هو مستقبل الصومال، وشعب الصومال شعب مسلم مهما عملوا، ولكن هذا لا يمنع من وجود العلمانيين والمنهزمين، وضعفاء الإيمان والمتأثرين، بل والذين شريت ضمائرهم من قبل الغرب، فيستغلون بعض الظروف وبعض الأوضاع.

    1.   

    طريقة القرآن والسنة في تقرير مبدأ الأخوة

    لنعد قليلاً إلى طريقة القرآن الكريم والسنة النبوية في تقرير مبدأ الإخوة الإسلامية.

    الإسلام هو الفرق بين الناس

    إنك تعجب وأنت تقرأ في القرآن الكريم إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] فتدرك أن الله تعالى لم يفرق بين الناس بألوانهم ولا ببلدانهم ولا بقبائلهم، وإنما جعل الإسلام هو الفرق بين الناس، فمحمد صلى الله عليه وسلم فرق بين الناس، من أسلم وآمن فهو أخونا، له مالنا وعليه ما علينا، ومن كفر فهو العدو اللدود، ولو كان أخوك لأبيك وأمك، ولو كان من جلدتك ولو كان من بلدك، فنحن لا نعترف بحدود الجاهلية ولا نعتبر أن الأخوة هي الأخوة الوطنية أو الأخوة القبلية أو الأخوة العرقية.

    كلا، وألف كلا، الأخوة: هي أخوة الدين والإيمان، أما أخوة الدم وأخوة النسب وأخوة الوطن، فكل هذه الأشياء نجعلها تحت أقدامنا، متى تعارضت مع أخوة الدين، مع الولاء والبراء الذي جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فجعل قريشاً تنقسم إلى قسمين: مؤمنين وكفار والمؤمنون يعتبرون أن سلمان الفارسي وبلال الحبشي، وصهيب الرومي، وفلان الأوسي أو الخزرجي الأنصاري أنهم هم إخوانهم، أما أخوه القرشي من قبيلته ومن بلده بل وربما من أبيه وأمه، فإنه يواجهه لا أقول بالكلمة القوية بل حتى بالسيف في ميدان المعارك.

    كم أب حارب في الله ابنه     وكم أخ حارب في الله أخاه

    يقول: مصعب بن عمير لأخيه عزيز بن عمير: رآه وهو يؤسر فقال مصعب للأنصاري: اشدد وثاقه، فإن أمه امرأة غنية تفتديه منك بأغلى الأثمان، فقال: يا أخي، فهذه وساتك بي قال مصعب: كذبت لست بأخي هذا أخي -يعني الأنصاري- هذا أخي دونك.

    نعم إنها أخوة الدين والإيمان التي نسوا في ظلها كل معنى آخر للإخاء غير إخاء العقيدة، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] وقال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71] ثم تنتقل إلى السنة النبوية وهذه نماذج فتجد أنه صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي رواه الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه} البنيان في حالة القوة كل لبنة تشد الأخرى وتقويها فإنك تلحظ أن اللبنة بذاتها قد يجملها الطفل وقد يكسرها، لكنها إذا كونت جدارا يشد بعضه بعضا ويقوي بعضه بعضا فإنه يقف في وجه العواصف والأعاصير ولا يستطيع أحد أن يزيله، فهذا في حال القوة فالقوة لا تجعل المؤمنين ينقسمون على أنفسهم أو يتحاربون فيما بينهم أو يضرب بعضهم بعضا أو يدمر بعضهم بعضا.

    فما هو الأمر في حال الضعف؟ في حال الضعف يعبر عن ذلك الحديث الآخر العظيم حديث النعمان بن بشير وقد رواه مسلم في صحيحه عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر} إنه جسد اشتكى منه عضو بالحمى ارتفاع الحرارة بالمرض بالألم فلا يظل هذا الجرح أو هذا العضو يألم وبقية الجسد لا يتألم، بل يكون الجسد كله يتداعى له، إذا اشتكى رأسه اشتكى كله وإذا اشتكت يده اشتكى كله وإذا اشتكت عينه اشتكى كله هذا هو الإيمان.

    تذوب حشاشات العواصم حسرة     إذا دميت في كف بغداد إصبع

    ولو أن بردى أنت لخطب أصابها     لسالت بوادي النيل للنيل أدمع

    أين نحن من الأخوة الإيمانية الحقيقية

    أيها الإخوة... أنحن ندري معنى الأخوة الإيمانية الحقيقية؟! أنحن نألم لآلام إخواننا؟! كلا والله، بل إنني أقول: أي معنى لأخوة نظرية، نقولها بألسنتنا في كثير من الأحيان، وندعي أننا إخوان للمسلمين في كل مكان، وأننا أعداء للكافرين، ثم تجد أن المسلم يصيح ويستغيث ويستنصر، فلا يهب لنصرته ونجدته إخوانه المؤمنون، بل يسارع أعداء الدين من اليهود والنصارى المتربصين؛ ليعطوهم الطعام بيد والضلال باليد الأخرى، إنجيلاً أو توراةً أو كفراً أو إلحاداً أو ما أشبه ذلك.

    والله تعالى يقول: وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ [الأنفال:72] فهم استنصرونا واستغاثوا بنا واستصرخونا.

    كم يستغيث بنا المستضعفون وهم جوعى وعطشى فما يهتز إنسان

    ماذا التقاطع في الإسلام بينكم      وأنتم يا عباد الله إخوان

    أيسرك أن تتحول بلاد المسلمين إلى أوكار للنصارى، وأن يعلن المرتدون على المنابر أنه لا حرج على إنسان أن يغير دينه؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول، كما في صحيح البخاري عن ابن عباس {من بدل دينه فاقتلوه} والرب جل وعلا يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54] ويقول: وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38] أيسرك أن ترى أعداء دينك يأخذون فلذات الأكباد من أولاد المسلمين بعشرات الألوف؛ من أجل أن ينصروهم، لا أقول: من أجل أن يتحولوا إلى لادينيين، ولا أقول: من أجل أن يتحولوا إلى نصارى، بل من أجل أن يتحولوا إلى قسس، ودعاة للديانة النصرانية، وقد يكون اسم الواحد منهم جورج أو ميشيل، ولكن اسم أبيه عبد الله، أو محمد أو علي أو صالح، وهذا موجود مع الأسف الشديد.

    فالغوث الغوث أيها المؤمنون! واليقظة اليقظة يا أصحاب القلوب! دعونا من مشاكلنا الصغيرة، ودعونا من همومنا الذاتية، ودعونا من قضايانا الخاصة، وهلم نطل على هذا الجسد الإسلامي المثخن بالجراح، وهلم ننظر لهذه الأمة التي عبث بها عدوها، لم يكتف بأخذ أموالها، ولا بإهدار اقتصادها، وقد فعل، ولم يكتف بغزوها عسكرياً، وجعلها تحت مظلة قواته وأجهزته وجنوده وعدده وعُدده، وقد فعل، ولم يكتف بأن يجعل جميع أولي النفوذ والقوة في البلاد، من ربائب الغرب الذين تخرجوا من جامعاته، ورضعوا من ألبانه، وقد فعل، بل أضاف إلى هذا كله، أنه أراد أن يحول أفراد المسلمين، ومستضعفيهم وجهالهم، ونساءهم وأطفالهم إلى دين النصرانية.

    إنهم يعدون العدة للحرب العظمى بين الإسلام والكفر، والمعركة الفاصلة، ونحن نعلم علم اليقين، ونشهد بالله أننا نؤمن بذلك، وأن الله تعالى سينصر دينه ويظهر كلمته، وأن أمر الإسلام إلى ارتفاع، وأمر الكفار إلى سفول وأن هؤلاء يكيدون والله تعالى يكيد قال تعالى: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً [الطارق:15-17]... وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30] ولكننا نعلم علم اليقين أيضاً أن الله تعالى ابتلانا بأن نقوم على هذا الدين، وأن ننصر دينه، وأن نعلي كلمته، قال الله عز وجل: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:14-15].

    إنه مما يجرح القلب أن تكون بلاد المسلمين كلأً مباحاً لأعداء الدين، يتدخلون كما شاءوا وينشرون دعوتهم، ويفسدون كما شاءوا، دون حسيب أو رقيب.

    لقد تدخل الكفار في بلاد الكفر، ومع ذلك لقنهم الكفار في فيتنام وغيرها دروساً لم ينسوها قط، وظلت محفورة في ذاكرتهم، أما بلاد المسلمين فهي أهون الضحايا، وهم يدخلون مطمئنين يظنون أنهم آمنون، ونحن نقول: إن نصر الله تعالى للمؤمنين آت، وإن الله تعالى سيبعث لدينه جنداً، وإذا تخلينا نحن اختار الله تعالى غيرنا قال الله: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ [محمد:38] مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ [المائدة:54] من هؤلاء القوم، ليسوا قوماً جبناء ولا بخلاء، ولا قوماً همهم أن يقاتلوا إخوانهم، وأن يتشاغلوا فيما بينهم، كما كانت الجاهلية الأولى.

    وأحياناً على بكر أخينا      إذا ما لم نجد إلا أخانا

    المهم أن نفتعل معركة ولو مع أقرب قريب، والمؤاخي الحبيب، ولو مع المؤاخي، ولو مع الموافق لك في دعوتك ودينك ومنهجك.

    أما أولئك قوم صنف آخر، يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين -ذليل متواضع لأخيه المؤمن- أعزة على الكافرين ذووا قوة وشجاعة وبأس، لكن ليس على إخوانهم، وإنما على الكافرين يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ [المائدة:54] كل حالة رده. عاشها المسلمون، جاء الله تعالى بعدها بالنصر على أيدي جند، يصنعهم على عينه، ويختارهم سبحانه، ويوفقهم للبلاء والصبر والجهاد، وتقع على أيديهم الوعود، التي ذكرها الله تعالى في كتابه، وأعلنها الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته، فهلم أيها الأخ الحبيب نكون جزءاً من هذه الطائفة، وهذه الفئة التي وعد الله تعالى بها؛ فنجاهد بعلمنا وبعقولنا وأيدينا وأموالنا وألسنتنا وبدعائنا، وبكل ما نستطيع.

    1.   

    المنظمات التنصيرية في الصومال

    هذه بعض الجراح التي جاءتني هذا اليوم من الصومال، ومن الأشياء، التي وصلت إليَّ، نموذجاً للجهود التنصيرية.

    هذه الورقة وهي عبارة عن دعاية لشركة نصرانية اسمها c.r.d.e، أي منظمة التطوير الإغاثية الكنسية. هذا نموذج للعمل التنصيري المكشوف، نصراني لا يقول: جئتكم للإغاثة أو للمساعدة أو للإنسانية، ولكن يقول: جئتكم لأدعوكم إلى الإنجيل! هذه الورقة عبارة عن منظمة مهمتها أنها مسئولة عن المشاريع الإنمائية الزراعية في الصومال، وأنت تعرف حاجة الصومال إلى مثل هذه المشاريع، فأي مشروع زراعي إنمائي، لابد أن يمر من خلال هذه المؤسسة أو هذه الشركة.

    وهذه الشركة عندها فكرة أنها سوف تقوم في منطقة اسمها منطقة أرابي، في شمال غرب الصومال، سوف تقوم بعمل مشاريع زراعية، يؤوون من خلالها أكثر من ثلاثمائة ألف لاجئ مسلم، يؤوونهم في مشاريع إغاثية، وفي هذه المنطقة الزراعية الممتازة، هذا العمل الذي قد يكون سبباً في تنصير ألوف وربما مئات الألوف من المسلمين، وخاصة من الأطفال والجهلة، فكم تتوقع أن يكلف هذا العمل؟! إنه لا يكلف أكثر من ثمانية ملايين ريال سعودي! أين أغنياء المسلمين؟ أين رءوس الأموال؟! أين الدعايات الطويلة العريضة عن الإغاثات والمساعدات والكلام الإعلامي الذي يبدأ ولا ينتهي؟! فقط ثمانية ملايين ريال من شأنها أن تقوم بمثل هذا العمل، فهذا نموذج لمثل هذه المنظمة، وهذه المنظمة تلاحظ أنها وضعت في أسفل الورقة مربعاً كبيراً، وحشرت فيه أسماء مئات من المنظمات الأخرى، التي تعمل في الصومال، وفي القرن الأفريقي بشكل أوسع، وفي القارة الإفريقية وكل هذه منظمات نصرانية، ذات أهداف تنصيرية مكشوفة، أما تلك المنظمات التي تسعى إلى التنصير باسم الإغاثة والإنسانية والدعم والطب والعلاج فحدث ولا حرج.

    دور مراكز الإغاثة الإسلامية ووجوب دعمها

    صحيح أن الأوضاع في الصومال قد تحسنت عن ذي قبل، وخاصة في العاصمة مقديشو، وفي بعض المناطق في جمهورية أرض الصومال فهناك تحسن كبير، ولكن لا يزال هناك مناطق في أواسط الصومال ما وصلتها الإغاثة بعد، ولا يزال هناك منظمات إغاثية إسلامية كثيرة، بأمس الحاجة إلى العون والدعم، خاصة وهي تواجه حرباً من القوات الأمريكية ومن قوات الأمم المتحدة ومن المنظمات التنصيرية الغربية، الذين بدءوا يضغطون على جميع المنظمات الإسلامية، ويعبرون عنها بأنها منظمات أصولية وأنه ينبغي حصارها، وأن أي إنسان يريد أن يعمل عليه أن يعمل من خلال الأمم المتحدة ومنظماتها، فهم بأمس الحاجة إلى دعمكم.

    إن هناك مطابخ ومراكز توزيع، وإغاثة ومساعدة في طول الصومال وعرضها إسلامية، توشك أن تتوقف بسبب قلة الدعم أو توقفه من المسلمين.

    إن من الأهداف التي سعى إليها الإعلام العالمي، أن أشعر المسلمين بأن الأوضاع في الصومال قد تحسنت، وأن الأمور على ما يرام، ولذلك فهذا من مكاسب التدخل الغربي، هكذا صوروا للناس كذباً وزوراً، ثم اطمأنت قلوب المسلمين، وظنوا أن إخوانهم في الصومال قد استغنوا عنهم، وهنا كاد المجال أن يخلو للمنظمات النصرانية الغربية.

    فيا أهل الصيام والقيام! ويا من ترجون لقاء الله تعالى والدار الآخرة! ويا من تعلمون أنكم موقوفون بين يدي الله تعالى ومحاسبون، وبأعمالكم مجزيون! ويا من تحملون قلوباً يثيرها هم المسلمين في كل مكان وصدوراً تحزن لحزن أهل لا إله إلا الله! يا أهل التوحيد! كما جدتم وساعدتم إخوانكم في البوسنة والهرسك، فإني أدعوكم هذه الليلة إلى أن تصدقوا لله تعالى، وتروا الله تعالى من أنفسكم خيراً، وأن تبذلوا كل ما تستطيعون لإخوانكم المسلمين في الصومال، واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلا أجرت عليها، وأن الله جل وعلا وهو لا يخلف الميعاد يقول:

    { يا ابن آدم أَنَفقْ أُنفِقْ عليك} فإذا كان ربك، وأنت تؤمن به وتصدق بوعده يقول لك: أنفق أنفق عليك، ماذا تريد أكثر من هذا؟ سوف تكسب الأجر والغنيمة والسعادة والبر والمغفرة بإذن الله عز وجل، ومع ذلك كله لن ينقص من مالك شيء، وفي الصحيح: {ما نقصت صدقة من مال} وأنت خبير بقصة صاحب الحديقة، التي جاء فيها: اسقِ حديقة فلان، اسقِ حديقة فلان. فاصدق الله تعالى يصدقك، وقدم لنفسك وقدم لآخرتك وسارع، ولعل الله تعالى في هذه الساعة المباركة أن ينـزل علينا -نحن الحاضرين- من بركاته ما يرحمنا به إنه على كل شيء قدير.

    اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم أصلح فساد قلوبنا، اللهم تقبل منا، اللهم استر علينا، اللهم ارفع درجاتنا،اللهم وفقنا لما تحب وترضى، اللهم اجمع شمل المسلمين، اللهم وحد كلمتهم اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم حرك الإيمان في قلوبهم اللهم اجعلهم يتناصرون بأخوة الإيمان يا رحيم يا رحمن، اللهم احم المسلمين من شر النصارى واليهود وسائر أعداء الدين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، اللهم وفقنا يا حي يا قيوم.

    ثم إني أدعو -أيها الإخوة- الإخوة الشباب أن يقوموا بجمع التبرعات من الحضور المصلين، أما بالنسبة للأخوات، فإني أدعوهن إلى مزيد من البذل والصدقة، فإن المرأة ينبغي أن تتصدق وتعلم أن هذه الصدقة سعة في رزقها، وعافية في بدنها، وصلاح في أولادها وصحة لها وصلاح لزوجها، وزوال للمشكلات التي تعانيها، وقيل ذلك كله هي قربة لربها، ترجو ثوابها وأجرها وذخرها يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.

    هناك أبياتٌ أيها الإخوة.. من الشعر ننشدها فنقول:

    أنا عالميٌّ ليس لي       أرض أسميها بلادي

    وطني هنا أو قل هنالك      حيث يبعثها المنادي

    أو نقول:

    مسلمون مسلمون مسلمون     حيث كان الحق والعدل نكون

    يا أخي في الشرق أو في المغرب     أنا منك أنت مني أنت بي

    لا تسل عن عنصري أو نسبي     إنه الإسلام أمي وأبي

    لكن المحك الحقيقي: هو أن نحول هذه الشعارات إلى برنامج عملي نطبقه، فنعيش مع إخواننا بقلوبنا وحياتنا، وألسنتنا، ودعواتنا، وأموالنا، وبكل إمكاناتنا.

    1.   

    الأسئــلة

    الاهتمام بقضايا المسلمين

    السؤال: إنكم قد تحدثتم عن المسلمين في كل مكان، ألا يستحق الجهاد في فلسطين والمجاهدين مثل هذا الحديث؟ وتذكير المسلمين بوجوب تحرير الأقصى من أيدي اليهود، وبذل الغالي والنفيس من أجل ذلك، فقد جمعت التبرعات للمجاهدين في العالم، ونسيتم مجاهدي فلسطين فقد نسيتموهم حتى من الدعاء؟

    الجواب: ندعو الله تعالى أن ينصر إخواننا المجاهدين في فلسطين، ونسأله جل وعلا أن يحرر المسجد الأقصى من رجس اليهود، ونسأل الله تعالى أن يقر عيوننا برؤية كتائب الجهاد، وهي تدق أبواب هذا البلد المبارك، وتطهره من رجس اليهود، فنحن لم ننس هؤلاء الإخوة، فهم يعيشون معنا وفي قلوبنا، وإني أشكر الأخ الكريم الذي كان محامياً عن قضية من قضايا المسلمين، وهكذا يجب علينا جميعاً، فإن الجراح كثيرة والألم أكثر، فربما في غمرة ذلك قد يكون الأمر كما قيل:

    تكاثرت الظباء على خراش     فما يدري خراش ما يصيد

    ولكن علينا أن نكون مدافعين عن قضايانا، ومذكرين بها، وأنا أطالب الإخوة الذين يحملون هم جرح معين أن يبذلوا وسعهم في سبيله، فالإخوة الفلسطينيون -مثلاً- عليهم أن يكونوا دائماً وأبداً مذكرين بقضيتهم في كل مكان، والإخوة من بلاد المغرب كذلك والإخوة من البوسنة كذلك، والإخوة من الصومال كذلك والإخوة من الفلبين كذلك، بحيث تظل قضايا المسلمين تعيش في وجداننا وفي حياتنا، وسأحاول إن شاء الله أن أخصص وقتاً لذلك.

    الأسباب الشرعية في العلاج

    السؤال: لقد ابتلاني الله تعالى منذ سنتين بمرض، ولقد راجعت قرابة عشرة أطباء لكنهم لم يجدوا شيئاً وما زلت أشكو من هذا المرض، فأرجو الدعاء لي بالشفاء، لعل الدعاء بتأمين الحاضرين يكون مستجاباً؟

    الجواب: أولا: عليك أن تدعو الله تعالى لنفسك كما أسلفت، فلن يكون أحد أنصح منك لنفسك، ولا حرج أن تستخدم الأسباب الشرعية، ومنها الرقية، فإنها ربما تنفع، وقد قرأ أبو سعيد الخدري رضي الله عنه سورة الفاتحة على لديغ، فبرأ وقام كأنما نشط من عقال، ثم إني أسأل الله تعالى لك ولسائر مرضى المسلمين أن يشفيهم ويعافيهم، إنه على كل شيء قدير.

    حكم الماء النازل من البدن أثناء غسل الجنابة

    السؤل:هل الماء النازل عن الجسم أثناء الغسل من الجنابة نجس أم لا؟ بمعنى: إذا لامس الملابس المعلقة النظيفة تكون نجسة؟

    الجواب: هذا المال النازل من البدن، إن وقع على نجاسة في البدن مثل البول فإنه يكون نجس، أما إذا لم يقع على نجاسة بمعنى أن المغتسل قد طهر موضع النجاسة أولاً ثم اغتسل بعد ذلك، فإن الماء النازل من البدن لا يكون نجساً، ولا ينجس الملابس التي يقع عليها.

    سجدة التلاوة أثناء السفر

    السؤال: ما حكم سجدة التلاوة أثناء السفر؟

    الجواب: إذا كان الإنسان في سيارة، وهو يقرأ القرآن فوصل إلى موضع سجدة، فإن كان يقود السيارة فإنه لا يسعه أن يسجد حينئذٍ، لأن السجود قد يكون سبباً في حادث يضره أو يضر غيره، أما إن كان راكباً وقرأ فإنه حينئذ يسجد بحسب وسعه، ولو أن يضع يديه وجبهته على ما أمامه، ويسبح الله تعالى.

    جمع التبرعات في الحرم

    السؤال:ما حكم جمع التبرعات في الحرم المكي الشريف، خاصة في العشر الأواخر لصالح المسلمين المتضررين؟

    الجواب: يا ليت أن يكون هذا، ولكن إذا لم يتيسر هذا على النطاق العام، فلا حرج عليك أنت أن تبذل وسعك في جمع التبرعات للمسلمين بكل مناسبة.

    استعمال الفكس للصائم

    السؤال: الفكس هل يفطر أم لا؟

    الجواب: كل الروائح بمجردها لا تفطر، لكن ينبغي للإنسان أن يحرص على أن الأشياء التي تكون رائحتها نفاذة ألا يقر بها من أنفه محافظة على صيامه، ومثل ذلك أيضاً ما ذكرته من موضوع البخور الذي يحرق بالنار.

    الإسراف بالمال أثناء العمرة

    السؤال: يقول: بعض الناس يذهبون إلى العمرة ويستأجر أحدهم سكناً بعشرات الآلاف، ولو أنه تصدق بهذا المبلغ على فقير لكان خيراً له؟

    الجواب: سبق أن ذكرت أن السفر إلى العمرة وإطالة البقاء هناك، مع إهمال الولد فيه مضرات كثيرة، ولو أن هذا الإنسان ذهب وأدى العمرة، وحصل على الأجر تعدل حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، خاصة في شهر رمضان الكريم، ثم وفر بقية المبلغ للفقراء والمساكين والمحتاجين وأهل الديون، أو لأصحاب الجوائح العامة، والشعوب المسلمة المستضعفة التي تعاني؛ لكان ذلك خيراً له.

    حكم تارك الصلاة

    السؤال: إنسان يصوم رمضان، وفي غير رمضان لا يصلي أحياناً فهل إذا ترك صلاة المغرب في رمضان أو غيره هل له أجر من الله تعالى؟

    الجواب: أما إن كان هذا الإنسان تاركاً للصلاة بالكلية، كما هي حال بعض الناس لا يصلون قط، ومع ذلك يصومون، فهؤلاء على القول الراجح عند جماهير أهل العلم أنهم ليسو بمسلمين، ولا ينفعهم صومهم ولا عبادتهم، لأن الله تعالى يقول: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الروم:31] ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر} وقال: {بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة} أما إن كان يصلي ويترك، يصلي أحياناً ويترك أحياناً، فهو على خطر عظيم، وقد أتى باباً من أبواب الكبائر، ويخشى أن يختم له بسوء، ويخشى ألا يقبل منه عمله، فإن الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويراجع دينه، ويحرص على الصلاة، بل يكون مع المسلمين في صلواتهم وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43].

    دعاة على أبواب جهنم

    السؤال: يقول: في حديث حذيفة الذي ذكر { دعاة على أبواب جهنم } فالآن كثرت الدعوات من الجماعات والأحزاب، فهل هؤلاء هم أولئك الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة {دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها

    الجواب: هم الذين يدعون إلى الضلال، ويدعون إلى الفتنة، ويدعون إلى مخالفة السنة، وإلى البدع، وإلى الشيوعية وإلى الاشتراكية، وإلى الكفر، وإلى الرفض، ويدعون إلى الاعتزال، ويدعون إلى ما أشبه ذلك من المبادئ الكافرة أو الضالة، فهؤلاء هم الذين أخبر عنهم النبي عليه الصلاة والسلام، أما من يدعون إلى الخير والهدى والإيمان والسنة، فإن هؤلاء على خير، وليسوا مقصودين بالحديث، ولو كانوا مقصرين في بعض الأمور.

    النظر إلى العورة أثناء الصيام

    السؤال: أنا امرأة أقوم بعلاج زوجي بتطهير جرح في مكان ما، ويؤدي ذلك إلى النظر إلى العورة، فهل في ذلك مضرة على الصوم؟

    الجواب: يعتقد بعض النساء أن النظر إلى العورة يسبب الفطر، وقد سألتني نساء كثيرات: هل كشف الطبيبة على امرأة للحاجة، هل ذلك يفطر؟ والجواب: كلا! لا علاقة لذلك بالصيام ولا يفطر، لا الطبيبة التي تكشف ولا المريضة التي يكشف عليها، ومثل ذلك المرأة لو اضطرت إلى الكشف على زوجها لعلاج أو تمريض فإن ذلك لا يفطر.

    استجابة الدعاء

    السؤال: تقول: أنا أدعو الله تعالى في هذا الشهر المبارك فلا يستجاب لي، وأنا طالبة في إحدى المدارس؟

    الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم يقول:{يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي} ولا يدعو المؤمن بدعاء إلا أجابه الله تعالى، أو دفع عنه من الشر مثله، أو ادخره ليوم الحساب، فهو على خير، والله تعالى يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] ولو لم يكن من بركة الدعاء إلا أنه عبادة لله تعالى يكتب للعبد به أجر عند الله تعالى لكفى، فهو إذا دعا كتب له أجر، كما إذا صلى أو صام أو تصدق أو حج أو ماشابه ذلك.

    الملابس التي فيها صور

    السؤال: هل يجوز لبس الملابس التي فيها صور أو عليها علامة صليب؟

    الجواب: ينبغي للمسلم أن يحرص على تجنب هذه الملابس، خاصة إذا كانت على الكبار، وخاصة إذا كانت هذه الصور لرجال أو نساء، وقد تكون صوراً لبعض العظماء عند الكفار، كالمغنين والممثلين، والراقصات وعارضات الأزياء والرؤساء، وما أشبه ذلك ممن هم من الطواغيت الذين يجب بغضهم ومحاربتهم وتجنبهم، ومقاطعة كل ما يكون فيه تصاوير لهم، أما إذا كانت على الأطفال فالأمر أخف، ومع ذلك ينبغي -إن أمكن- أن تطمس الصور، أو تزال أو يزال بعضها، فإن لم يتسن ذلك كله، فعلى أقل تقدير أن تلون بألوان من جنس لون الملابس، بحيث لا تتميز الصورة بلون خاص.

    حامل لعبة الورق أثناء الصلاة

    السؤال: صليت الظهر، وبعد الانتهاء منها تذكرت أني أحمل في جيبي لعبة ما يسمى بالورق، ومن المعلوم أن فيها صوراً، ثم عزمت أن أخرجها من جيبي قبل العصر، ولكني نسيت، وكذلك الحال في المغرب والعشاء، فما حكم صلاتي؟

    الجواب: أما صلاتك ما دمت ناسياً والصورة مخفية؛ فأرجو أنها مقبولة -إن شاء الله تعالى- وصحيحة، أما مايتعلق بهذه الصور فعليك أن تزيلها، وعليك أن تتلفها، وذلك لأن هذه اللعبة تضيع الوقت، وتسبب العداوة بين الإخوة، وربما يتحول لعبها إلى نوع من الإدمان، وقد قال كثير من أهل العلم بأنها مكروهة، بل بعض أهل العلم وصل بها إلى درجة التحريم، لما فيها من الإلهاء والإشغال عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة.

    حكم الأرباح البنكية الربوية

    السؤال: لي مساهمة في شركة سابك، وقد علمت أن الأرباح تدخل البنك للحصول على بعض الفوائد الربوية، فلو احتنبنا هذه الأرباح الممزوجة بالفوائد امتثالا لقول الله عز وجل: لا تَأْكُلُوا الرِّبا [آل عمران:130] ولكن استعملته لشراء بعض الحاجات الأخرى، كفرش المنـزل ولعب الأطفال وغيرها، فهل هذا جائز؟

    الجواب: إن كنت تعلم أنها من الربا فلا يجوز لك استعمالها وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة:278] أما إن كنت لا تدري فانظر، إن كانت هذه الشركة تعلن نسبة الأرباح والفوائد البنكية، فتقول مثلاً: عشرة في المائة فوائد بنكية، فعليك أن تخرج من الأرباح ما قيمته (10%) وتتخلص منها في أبواب الخير، أما إن كنت لا تدري، فعليك أن تتخلص من نصف هذه الأرباح (50%) منها في أبواب الخير، ولا تجعلها في شيء من أمورك الخاصة.

    الجريمة في الغرب والسقوط الوشيك

    السؤال يقول: سمعت في إحدى الإذاعات تقريراً عن الجريمة بين الأحداث في بريطانيا، وكانت على شكل ندوة، وكان من ضمن المشاركين بعض المسئولين الذين قالوا: إن هذه الجرائم في أوروبا إنما هي من إفرازات الرأسمالية، وأن هذا النظام له سلبيات كثيرة، فهل هذا يدل على تبرم من هؤلاء بذلك، وأنه يبشر بسقوط هذا النظام؟

    الجواب: نعم، وعندي معلومات كثيرة عن ذلك، وسوف أخصص لها بعد رمضان إن شاء الله محاضرة خاصة عنوانها السقوط الوشيك. وسوف أتحدث فيها عن الانهيار الذي ينتظر الأمم الغربية، بعد ما راحت ضحيته الأمم الشرقية.

    مجالسة الكفار

    السؤال: ما حكم مجالسة الكافر؟

    الجواب: إن كانت مجالسته للدعوة وأمره بالخير وبيان الدين له، وبيان ما هو عليه من الباطل، فذلك من الخير ومن البر والله تعالى أمر بذلك وقال: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ [النحل:12] أما إن كانت مجالسته لتسمع ما عنده من الضلال والفساد والانحراف وترضى بذلك، فهذا لا يجوز، قال الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ [النساء:140] وأما إن كانت المجالسة لحاجة مثل أن يكون جمعك معه عمل، فلا حرج عليك في ذلك، ولكن عليك أن تستفيد من ذلك في دعوته إلى الله تعالى، وأمره بالإيمان والإسلام، مع أنه ينبغي على المسلمين أن يسعوا في إخراج المشركين من بلاد الإسلام، وخاصة من جزيرة العرب، وقد ساءني جداً ما سمعته من قدوم بعض الأطباء والموظفين من الهندوس، أهذه الجائزة التي نقدمها لهم، بعد ما هدموا أكثر من ثلاثمائة مسجد، منها المسجد البابري، وبعد ما قتلوا آلاف المسلمين، وبعد ما انتهكوا أعراض أخواتنا المسلمات؟! نقدم لهم هدية على طبق من ذهب، وكثير من هؤلاء الهندوس يأخذون أموالهم من منطقة الخليج العربي، وقد عرفت ذلك، وعندنا معلومات جديدة خطيرة عنهم وعن مخططاتهم في هذه المنطقة المهمة الثرية الغنية، فالله الله في إخوانكم المسلمين، لا تخذلونهم، ولا تولوهم الأدبار، ولا تطعنوهم في ظهورهم باستعمال الهندوس، وأعداء الإسلام.

    معنى مائلات مميلات

    السؤال: ما معنى هذا الحديث: {مائلات مميلات}

    الجواب: هذا الحديث في صحيح مسلم قال عليه الصلاة والسلام: {صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما، ثم قال: نساء كاسيات، عاريات، مائلات مميلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا}

    ومعنى قوله: {مائلات مميلات} قيل: مائلات في مشيهن مميلات غيرهن وقيل: مائلات عن الحق مميلات غيرهن عن ذلك، وهذا كله داخل في معنى الحديث السابق.

    حكم تناول السحور وقت الأذان

    السؤال يقول: قمت متأخراً وتناولت طعام السحور والمؤذن يؤذن، ولم أنته إلا بعد فراغ المؤذن، هل علي شيء؟

    الجواب: لا ينبغي للإنسان أن يتناول طعام السحور بعد طلوع الفجر، فإذا كان المؤذن أميناً يؤذن على الوقت، فينبغي الإمساك بمجرد سماع لفظة الله أكبر من صوته.

    الغلول

    السؤال: السكوت عن الزملاء في المكتب الذين يكثرون الغياب، حيث إن بعضهم لا يحضر إلا بعد الظهر طوال السنة؟

    الجواب: هذا لا يجوز، بل هذا من الغلول، والله عز وجل يقول: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161] فلا يجوز للإنسان أن يكون على عمل فيتأخر في عمله، أو يفرط فيه، أولا يقوم بالواجب، وعليه إن وقع منه شيء من ذلك على غير تعمد؛ أن يسعى إلى تعويضه بقدر ما يستطيع.

    استخدام الأيدي العاملة الكافرة

    السؤال يقول: يوجد في إحدى الصيدليات في الصالحية عامل نصراني مصري يتحدى مشاعر المسلمين، ويقول: لأطفالهم: إنه لا فرق بين الإسلام والنصرانية، فنرجو حث الإخوان على مقاطعته؟

    الجواب: أولاً: يجب على كل المسلمين أن يستبعدوا مثل هؤلاء النصارى، وخاصة نصارى العرب، فلا يوجد أخبث ولا أحقد على الإسلام والمسلمين منهم، وهم أشد حقداً من نصارى الروم فنصارى العرب عصوا على بينة وعلى بصيرة، وهم قد جالسوا المسلمين في بلادهم، وحاربوهم وعادوهم وعرفوا ما عندهم، فهم أخطر ما يكون، وبعض هؤلاء النصارى في مصر يجعلون هناك شبكات لإيقاع الفتيات المسلمات في أوكار الدعارة، ويجعلون شبكات لتوريط شباب المسلمين، والحكومة هناك -مع الأسف الشديد- تعتبر أن هذا نوعاً من الحرب الطائفية، وتتصيد من تسميهم بالمتطرفين، ولم نسمع أن هناك تعرضاً للنصارى بوجه من الوجوه، فإلى الله تعالى المشتكى، فعلينا أن نستبعد جميع العمال، سواء أكانوا أطباء، أم صيادلة، أم موظفين، أم فنيين، أم ما كانوا، إذا كانوا من غير المسلمين، وألا نستعمل إلا مسلماً، ثم إذا عرفنا أنه يوجد مثل هؤلاء؛ فعلينا أن ندعوهم إلى الله عز وجل، فإن عرفنا أنهم مصرون محاربون للإسلام فيجب حينئذٍ أن يقاطعوا، خاصة إذا تفوهوا بمثل هذا الكلام، الذي إذا ثبت عليهم يعتبر نقضاً للعهد المبرم معهم، وينبغي على من اطلع على ذلك أن يثبته بالوسائل الشرعية، ثم يرسل ذلك إلى أهل العلم والإيمان.

    حكم صوم من لم يستيقظ إلا بعد الفجر

    السؤال: ما رأيكم في صائم فات وقت السحور ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس، ما حكم صومه؟

    الجواب: صومه صحيح ولا شيء عليه، ما دام قد نوى الصيام من الليل.

    حكم من ترك تحية المسجد

    السؤال: رأيناك جلست ولم تؤد تحية المسجد، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الذي جلس بالصلاة ركعتين؟

    الجواب: لعلي لم أجلس على الأرض، هذا أولاً، الأمر الثاني: إنني تأخرت، وشعرت بأنني أخذت من وقتكم ولا شك أن تحية المسجد سنة مؤكدة أمر النبي عليه الصلاة والسلام بها فقال: {إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين} وقد جلس بعض الصحابة في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيح دون أن يصلوا هاتين الركعتين ولم يقل النبي عليه الصلاة والسلام لهم شيئاً، فتحية المسجد سنة من فعلها فهو مأجور ومن تركها فلا شيء عليه.

    واجبنا نحو المجاهدين في فلسطين

    السؤال: هذه ورقة من بعض الإخوة يقول نرجو ألا تنسى إخوة لنا في فلسطين، فادع الله تعالى أن يعينهم ويثبتهم، وخاصة أهل قطاع غزة ضربت عليه السلطات الإسرائيلية حصاراً، بدأ تنفيذه اليوم وإلى إشعار آخر، بسبب مقتل اثنين من اليهود، وجرح سبعة آخرين على يد بعض الشباب، وقد قتل جندي يهودي هناك، وواجب علينا نصرة إخواننا المسلمين ودعمهم والوقوف معهم ولو بالدعاء؛ عسى الله أن يرزقنا صلاة في المسجد الأقصى، ويعين إخواننا في فلسطين: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً [النساء:84]؟

    الجواب: نسأل الله أن يذل اليهود ومن شايعهم، فإن اليهود لم يكن لهم من شأن ولا قوة؛ لو لا أنهم دعموا بحبل من الناس قال الله: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ [آل عمران:112] فنحن العرب الذين نتسمى بالعروبة، نحن الذين مددنا إليهم الحبال، ورضينا بوجودهم، وعقدنا معهم المعاهدات، ومددنا معهم الجسور، بل ونحن الآن نعقد معهم الاتفاقيات للتبادل الاقتصادي، والتبادل الصناعي، والتبادل الأمني، والتبادل العسكري، ومن أجل أن نكون نحن واليهود صفاً واحداً في مقاومة الأصولية الإسلامية، لقد نجم النفاق في هذا الزمان، وظهر قرنه، وذرا صوته، وأصبح الإسلام يحارب في بلاده باسم حرب الأصولية، وحرب التطرف، وحرب العنف، وما أشبه ذلك من المسميات، وأصبح بعض بني قومنا يمدون أيديهم إلى اليهود ضد إخوانهم:

    والمدعون هوى الإسلام سيفهم      مع الأعادي على أبنائه النجب

    يخادعون به أو يتقون به      وما له منهم رفد سوى الخطب<

    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية

    السؤال يقول: أتحرج كثيراً في الصلاة، حيث إن الإمام لا يترك فرصة لقراءة الفاتحة، وهو يقرأ بعدها مباشرة؟

    الجواب: لا حرج عليك في ذلك، فالراجح من أقوال أهل العلم أن المأموم لا يجب عليه قراءة الفاتحة في الجهرية، خاصة إذا كان الإمام لا يسكت بعد الفاتحة، والله تعالى يقول: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204] والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي ذكره مسلم {إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا} فمن كان وراء الإمام فقراءة الإمام له قراءة، فإن سكت الإمام فاقرأ، وإن قرأ الإمام فعليك بالسكوت ولا حرج عليك.

    حكم اجتماع النساء بتبادل الأحاديث في المسجد

    السؤال: بعض النساء في المدارس يتفقن على الحضور في هذه المساجد من أجل الكلام مع بعضهن أثناء صلاة التراويح أرجو توجيه كلمة لذلك؟

    الجواب: لا شك أن المساجد ما وضعت لهذا، والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى من ينشد ضالة في المسجد قال: {إنما بنيت هذه المساجد لما بنيت له} وأمرنا إذا سمعنا من يبيع أو يشتري، أن فقول: لا أربح الله تجارتك، ومن ينشد الضالة أن نقول له: لا ردها الله عليك، مع أنه قد يحتاج إلى شيء من ذلك. فأن تكون المساجد فرصة لتبادل الأحاديث، والطرائف والأقوال، والأخبار، وهذا قد يشغل المصلين، ويلهيهم عن صلاتهم، وقد يدخل فيه نميمة أو غيبة أو قيل وقال مما لا يجوز، فلاشك أنه لا ينبغي أن تستخدم المساجد لهذا، بل على الأخوات أن يعتبرن هذه فرصة لعبادة الله، وسماع القرآن، والتأمين على الدعاء، وذكر الله تعالى، والتكبير، والقيام، والركوع والسجود، وما يدري العبد ربما يدخل الجنة بسجدة، أو ركعة، أو دعوة توافق باباً مفتوحاً، ولا يدري العبد في أي عمله البركة.

    حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء

    السؤال: ما حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء؟

    الجواب: هذا فيه أقوال: من أهل العلم من يرى ذلك، لأنه جاء في حديث عند الترمذي أو حديثين، وقال ابن حجر: إن مجموعها يقتضي أنه حديث حسن، وكذلك حسنه الترمذي، والأكثرون على أن ذلك لا يثبت؛ وبناءً عليه فالأولى أن لا يمسح الإنسان وجهه بعد الدعاء، أما تقبيل البعض لإيديهم فهذا لا أصل له البتة، ولم يرد في حديث ولا غيره.

    حكم تعليق الأذكار والأدعية في السيارات

    السؤال: ما الحكم فيما يعلق في السيارات من الأذكار والأدعية؟

    الجواب: إذا كانت هذه الأذكار مناسبة مثل ذكر السفر، أو ركوب الدابة، أو ما أشبه ذلك، فهذا جائز لأنه يذكر الركب بمثل هذا، لكن الاعتماد عليه لا ينبغي، فإن الذكر لا ينبغي أن يعتمد على تعليقه، بل ينبغي أن يقوله الإنسان.

    حكم من لا يتعلم بحجة عدم معرفة الأساسيات

    السؤال: ما الحكم فيمن يقول: أنا لن أطلب العلم لأني لا أعرف الأساسيات، فيقول: أنا لا أتعلم الحديث لأني لا أعرف المصطلح، وما نصيحتكم؟

    الجواب: أخشى أن تكون هذه الأمور يجر بعضها إلى بعض، عليك أن تطلب العلم، فإذا كنت لا تعرف المصطلح فابدأ بالمصطلح، مع أن الإنسان يستطيع أن يتعلم من العلوم، ولو لم يكن ملماً بغيرها إلماماً كاملاً، فمثلاً تستطيع أن تقرأ في كتب الحديث، ولو لم يكن لديك علم واسع بالمصطلح، وتستطيع أن تقرأ في كتب التفسير، ولو لم يكن لديك علم غزير بالفقه، وعلى الإنسان أن يبدأ بالعلم شيئاً فشيئاً، ويبدأ بالمختصرات، ويبدأ بالعقيدة، ويبدأ بالكتب النافعة، وإذا أشكل عليه شيء سأل، ولا يهجم على العلم، وألا يدعي شيئاً ليس له، فكونه حفظ أو قرأ لا يعني أنه تحول إلى عالم أو مفتٍ يتكلم في الدقيق والجليل.

    تعارض صلاة العشاء مع التراويح للمتأخرين

    السؤال: جماعة دخلوا المسجد متأخرين عن صلاة العشاء، وقد شرع الإمام في صلاة التراويح، فهل من الأفضل إقامة جماعة جديدة، أم الدخول مع الإمام بنية العشاء؟

    الجواب: الأفضل أن يدخلوا مع الإمام بنية العشاء، ويتموا بعد ذلك ركعتين، ولا يضر اختلاف النية بين الإمام والمأموم، فإن معاذ بن جبل رضي الله عنه، كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يذهب إلى قومه في بني سلمة فيصلي بهم صلاة العشاء، وهي له نافلة ولهم فريضة كما في سنن البيهقي وغيره، وسنده صحيح، فاختلاف النية بين الإمام والمأموم لا يضر.

    وفاة الشيخ أحمد مفتي زاده

    السؤال يقول: نشرت مجلة المجتمع في عددها الأخير نبأ وفاة الشيخ أحمد مفتي زاده وهو من أنصار السنة في إيران بعد أن أمضى عشر سنوات داخل السجون؟

    الجواب: هذه من الأخبار التي وصلتني بالفاكس من بعض الإخوة المعنيين بأوضاع أهل السنة في إيران، فقد كتب إلي الأستاذ الدكتور العالم الشهير عبد المنعم صالح العلي، هو ومحمد أحمد الراشد بنبأ وفاة الشيخ أحمد مفتي زاده بعد زمان طويل قضاه في السجن، وبين أخبار المسلمين السنة في إيران وما يعانون من المصاعب والمشاكل، وأنهم بأمس الحاجة إلى دعم إخوانهم من أهل السنة ومساعدتهم، فإن ثمة فرص لإقامة المساجد في بلاد السنة، ودعوتهم ونشر الكتب بينهم، بل هناك بعض الفرص سواءً في العراق أو في إيران لدعوة الشيعة إلى السنة، وقد أخبرني ثقات أن أعداداً كبيرة من شباب الشيعة قد دخلوا إلى مذهب السنة في العراق وفي إيران، مع أن الدعوة هناك ضعيفة وقليلة والضغط كبير، فالحمد لله تعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.

    حكم من أتاها الدم في وقت الطهر

    السؤال: هناك امرأة أتتها العادة، ثم طهرت عدة أيام، وبعد طهرها بأيام أتاها الدم مرة أخرى فهل تصلي وتصوم؟

    الجواب: إذا كانت المرة الأخرى أتاها دم العادة المعتاد بلونه ورائحته، فإنها تدع الصلاة والصيام حتى تطهر.

    حكم من أخذت الجهات الرسمية منهم الزكاة

    السؤال يقول: في العام الماضي ذهبت إلى أحد التجار لكي أعرض موضوع رجل مستحق للزكاة، فأعطاني مبلغاً من المال واعتذر لقلته، وقال: إنه يؤخذ منا أغلب الزكاة، وحدث مثل هذا الاعتذار لرجل هذا العام، بأن الزكاة تؤخذ من هؤلاء، وربما تأخذها بعض الجهات الرسمية، فهل هذه الزكاة تصل لمن يستحقها؟

    الجواب: إذا أخذت منهم رسمياً فقد برئت ذمتهم، أما كونها تصل أو لا تصل، فهذه مسئولية من أخذها.

    استغلال وقت العمل

    السؤال: أنا أعمل في دائرة حكومية ومن بعد الظهر لا يوجد عمل، لكن زملائي يجتمعون في غرفة ويقرءون الجرائد ويتكلمون بلا فائدة، حتى تسمع بعض الكلام من بعيد والضحك، أرجو توجيه كلمة لهؤلاء؟

    الجواب: على الإنسان إذا كان في عمل حكومي، ولم يكن عنده عمل يشغله، أن يقبل على قراءة القرآن فهي فرصة لقراءة القرآن، وذكر الله تعالى والتسبيح وهو صائم، والملائكة تصلي عليه وتستغفر له، وهو مع ذلك يقبض مرتباً مقابل بقائه في هذا العمل، أما أن يشغل ذلك بمثل هذه الأمور التي ربما تكون نوعاً من الغيبة أو النميمة، فهذا لا شك أنه محرم، أما إن شغل وقته بالأمور المباحة، كالكلام في الأشياء المباحة، فلا حرج عليه في ذلك، ولكن الأولى ألا يضيع عمره في مثل هذه الأشياء، أو ألا يطيل فيها.

    الفقير الذي يجوز له أخذ الصدقة

    السؤال: من هو الفقير الذي يجوز له أخذ الصدقة والزكاة، وإذا كان راتبه ألفين وخمسمائة ريال، والبيت إيجار ومعه الزوجة، وعنده ثلاثة أطفال فهل يستحق الزكاة والصدقة؟

    الجواب: هذا يعتمد على ما يملكه هذا الرجل، فمن حق الإنسان أن يملك بيتاً ولو كان محتاجاً إلى أن يشتري بيتاً له ولأولاده، فإن له أن يأخذ الزكاة لهذا، ولو اشترى بيتاً بدين فإن له أن يأخذ الزكاة ليسدد هذا الدين، إذا لم يكن عنده ما يسدد به دينه، فليس له دخل ولا مزرعة ولا دكان ولا غير ذلك، فإن البيت من الأشياء الضرورية، ومثل ذلك الغذاء والكساء والدواء، وما أشبه ذلك من الحاجيات التي يحتاجها هو أو زوجته أو أولاده، وإذا أعطيت إنساناً فلتغنه، أي: تعطيه ما يكفيه ويكفي أولاده لشهر أو شهور أو سنة لا حرج في ذلك، فإذا أعطيتم فأغنوا.

    أسأل الله تعالى أن يعطي منفقاً خلفاً، اللهم أعط منفقاً خلفاً، اللهم أعط منفقاً خلفاً، اللهم من تصدقوا وبذلوا وأنفقوا وساعدوا فإننا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العليا يا حي يا قيوم يا أرحم الأرحمين، يا أكرم الأكرمين، يا جواد يا كريم، أن تجعل السعادة في قلوبهم، والعافية والصحة في أبدانهم، والبصيرة في قلوبهم، والرفعة في درجاتهم، وأن تطيل أعمارهم، وتصلح أعمالهم وأولادهم وذراريهم يا أرحم الراحمين، وتحل مشكلاتهم، وتوفقهم لكل خير إنك على كل شيء قدير، اللهم وفق المسلمين في كل مكان إلى ما تحب وترضى، اللهم وفقهم إلى الاجتماع على طاعتك، والعمل بشريعتك، والدعوة إلى سنتك إنك على كل شيء قدير، اللهم من كان من المسلمين فقيراً فأغنه، ومن كان مريضاً فعافه، ومن كان ذليلاً فأعزه يا ذا الجلال والإكرام، اللهم انصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المسلمين في فلسطين يا خير الناصرين، اللهم قد أغلقت أبواب أهل الأرض، ولم يبق إلا بابك يا واسع الجود، إنك على كل شيء قدير.

    وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768289048