إسلام ويب

أسباب الثبات أمام الفتنللشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن أعظم ما نقدم به على الله عز وجل هو الحق الذي أوجبه علينا، وأنزل من أجله الكتب، وأرسل الرسل، وهو عبادته سبحانه وتعالى. وإن من الأمور المثبتة على العبادة تواصي المؤمنين فيما بينهم بدوام عبادة الله وتقواه، ومحاسبة أنفسهم على كل تقصير، والمجاهدة في لزوم طاعة الله، والدعوة إلى استغلال الأوقات فيما يقرب إلى الله، والشعور بالمسئولية الملقاة على عاتق كل مؤمن، وكل هذا يتحصل بالحرص على العمل بأسباب السعادة الدنيوية والأخروية.

    1.   

    الغاية من خلق العباد

    الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإني أشكر الله عز وجل على ما منَّ به من هذا اللقاء مع إخوة في الله في بيت من بيوت الله، للتناصح والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، والتعاون على البر والتقوى، وأسأله عز وجل أن يجعله لقاءً مباركاً، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعاً، وأن يمنحنا وإياكم الفقه في دينه والثبات عليه، والنصح له ولعباده، وأن يعيذنا وإياكم من مضلات الفتن، ونزغات الشيطان، إنه جل وعلا جواد كريم.

    أيها الإخوة في الله: تعلمون أن الله عز وجل إنما خلق الخلق ليعبد وحده لا شريك له، لم يخلقهم عبثاً ولا سدى، ولكن خلقهم لأمرٍ عظيم، خلقهم ليعبدوه ويعظموه وينقادوا لأمره، قال تعالى: أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً [القيامة:36] أي: معطلاً لا يؤمر ولا ينهى، كلا! وقال تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ [المؤمنون:115]، ينكر عليهم ذلك سبحانه وتعالى، ويقول جل وعلا: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ [ص:27] لم يخلقها باطلاً، بل خلقها لأمر عظيم وحكمة عظيمة، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21] خلقهم ليتقوه وليعبدوه.. وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:56-58].

    وقد أرسل الله الرسل عليهم الصلاة والسلام بهذا الأمر العظيم، فقال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]، وقال عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]، هذا هو الواجب على جميع المكلفين من الجن والإنس، أن يعبدوه ويعظموه، وينقادوا لشرعه، ويتواصوا بذلك، خلقوا لهذا وأمروا بهذا، فالواجب على جميع الرجال والنساء، والجن والإنس، والعرب والعجم، والأغنياء والفقراء، الجميع يجب عليهم أن يعبدوا الله وأن يعظموه وينقادوا لشرعه، وعليهم أن يتفقهوا في هذه العبادة، وأن يعرفوها ويعلموها، ولا طريق إلى ذلك إلا باتباع الكتاب والسنة، والتفقه في الكتاب والسنة؛ حتى تعرف العبادة التي أنت مخلوق لها، وأنت مأمور بها، وهي توحيد الله وطاعته.. وهي الإسلام والإيمان.. هي الهدى والبر والتقوى.. هي طاعة الله والانقياد لشرعه.

    هذه العبادة التي أنت مخلوق لها سميت إسلاماً، وسميت إيماناً، وسميت عبادة، وسميت طاعة لله ولرسوله، وسميت تقوى وبراً وهدى، وحقيقة الأمر أنها فعل ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه، هذه العبادة التي أنت مأمور بها أصلها وأساسها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، هاتان الشهادتان هما أعظم الأوامر، وهما أساس العبادة، وهما أساس التوحيد، أن تعبد ربك وحده وأن تخصه بالعبادة، وأن تعلم يقيناً أنه هو المعبود بالحق دون كل ما سواه، كما قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62]، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، وقال سبحانه: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً [النساء:36]، وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5]، وقال سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، لما أثنى على نفسه في الفاتحة التي هي أعظم سورة قال بعدها: إِيَّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة:5].. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:3-4]، علَّم عباده أن يقولوا هكذا، ثم يقول القارئ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] أي: إياك وحدك نعبد وإياك وحدك نستعين.

    فالعبادة حقه وحده دون كل ما سواه، فمن عبد مع الله ملائكة، أو أنبياء، أو أصحاب القبور، أو الأصنام، أو الأشجار، أو الأحجار، أو الجن يدعوهم، أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يعبدهم بشيء من العبادة؛ فقد كفر بالله، وناقض قول لا إله إلا الله، وخالف ما خلق له.

    فالواجب على الجميع أن يعبدوا الله وحده، وأن يخصوه بدعائهم، وخوفهم، ورجائهم، وصلاتهم، وصومهم، وذبحهم، ونذرهم، وحجهم.. وغير ذلك، فالعبادة حق الله: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة:5].. ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62].

    1.   

    أهمية التواصي والتناصح بين المؤمنين

    على الجميع أن يتواصوا بهذا، وأن يتناصحوا في ذلك، كما قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، والبر والتقوى توحيد الله وطاعته واتباع شريعته، قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71]، هذه أوصاف المؤمنين.. هذه أخلاق المؤمنين والمؤمنات، بعضهم أولياء بعض، وهم الذين آمنوا بالله ورسوله، ووحدوا الله، وانقادوا لشرعه، فهم المؤمنون بالله، من صفاتهم: أنهم أولياء، كل واحد ولي أخيه.. لا يغشه، ولا يكذب عليه، ولا يظلمه، ولا يخونه في الأمانة، ولا يغشه في المعاملة، بل ينصح له في كل حال؛ لأنهم إخوه في الله بعضهم أولياء بعض، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا)، ويقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27]، ويقول عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، ويقول سبحانه: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المؤمنون:8]، هذا هو وصف المؤمنين، يرعون الأمانات والعهد ولا يخونون، بل هم أولياء أحباء متناصحون، متواصون بالحق، متعاونون على البر والتقوى، آمرون بالمعروف، ناهون عن المنكر، هذه صفات أولياء الله، هذه أخلاق المؤمنين والمؤمنات، كما سمعتم في قوله سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71]، ليسوا أعداء، فمن تعدى على أخيه بظلم، في نفس، أو مال، أو عرض، أو خيانة في أمانة، أو غش في معاملة؛ فقد خالف هذه الآية، وخالف النص، ودخل في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27].

    فالواجب أداء الأمانة، والنصح لله ولعباده، قال تعالى: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3]، أقسم سبحانه وهو الصادق وإن لم يقسم، أقسم بالعصر، وهو الزمان الذي هو النهار، أن الإنسان في خسران، جميع بني آدم في خسران، وهكذا بنو الجان كلهم في خسران من ذكور وإناث.. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:3] هؤلاء هم الرابحون، والسعداء، والله يقسم بما يشاء من خلقه، كما أقسم بالذاريات، والطور، والليل إذا يغشى، والضحى.. ونحو ذلك، لا أحد يتحجر عليه سبحانه، بل يقسم بما شاء من مخلوقاته الدالة على عظمته، وأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم جل وعلا، أما العبد فليس له أن يحلف إلا بالله، المخلوق ليس له أن يحلف إلا بربه، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)، وقال: (من حلف بالأمانة فليس منا)، وقال: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون).

    فبهذه الآيات العظيمة يقسم بالعصر أن الإنسان في خسران، أي: أن جنس بني آدم في خسران، وهكذا بنو الجان كلهم في خسران، الجن والإنس كلهم في خسران.. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:3] هؤلاء هم الرابحون، هم السعداء، هم المؤمنون الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر، المتحابون في الله، المتعاونون على البر والتقوى، الصادقون في أقوالهم وأعمالهم، هؤلاء أولياء الله.. هؤلاء هم المؤمنون.. هؤلاء أحباء الله.. هؤلاء أصحاب الجنة، قال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:72]، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ [البينة:7] خير الخليقة جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ [البينة:8] لمن خاف الله وراقبه.

    1.   

    أهمية المحاسبة والمجاهدة

    أيها الإخوة: علينا أن نحاسب أنفسنا ونجاهدها؛ حتى نستقيم على هذه الأخلاق التي جعلها الله صفات الرابحين، وهي الإيمان بالله ورسوله، الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله من أمر الآخرة والجنة والنار، وغير هذا، عليك أن تؤمن بالله، وأنه ربك ومعبودك الحق، وتؤمن برسوله، وأنه مبعوث إليك لتوحيد الله وطاعته واتباع شريعته، وأنه خاتم الأنبياء، وأنه رسول الله إلى الجميع، كما قال تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [الأعراف:158] أرسله الله إلى الجن والإنس، وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً [سبأ:28]، وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]، وقال تعالى: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40]، وقال عليه الصلاة والسلام: (أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي)، فهو رسول الله إلى الجن والإنس، وهو خاتم الأنبياء ليس بعده نبي، فالواجب اتباعه، والانقياد لشرعه، وتعظيم أمره ونهيه، والسير على منهاجه.. هذا هو الواجب على الجميع، كما قال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء:13-14]، وقال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، وقال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ [النور:63] أي: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63]، وقال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80].

    فعلينا جميعاً أن نوحد الله، وأن نستقيم على دينه، وأن نخصه بالعبادة، وأن نطيع أوامره، وأن ننتهي عن نواهيه، وأن نطيع رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ونتبع ما جاء به.. هذا هو الواجب على الجميع، طاعة الله ورسوله، واتباع ما جاء به رسول الله من الهدى ودين الله، قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ [التوبة:33] (بالهدى) بالعلم النافع والأخبار الصادقة، (ودين الحق) الشريعة الكاملة والعمل الصالح، أرسل الله بها رسوله محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بالهدى ودين الحق، فالواجب اتباعه، والانقياد لشرعه، وتعظيم أمره ونهيه، والإيمان بأنه رسول الله حقاً إلى جميع الثقلين، وأنه خاتم الأنبياء ليس بعده نبي عليه الصلاة والسلام.

    فعلى كل مؤمن ومؤمنة، وعلى كل مكلف أن يحاسب نفسه: هل هو مستقيم على هذا الخلق وعلى هذا الطريق؟ هل هو من المؤمنين بالله ورسوله؟ هل عمل بشرع الله؟ هل نصح لله ولعباده؟ هل أمر بالمعروف؟ هل نهى عن المنكر؟ هل تواصى مع إخوانه بطاعة الله ورسوله؟ هل صبر على ذلك؟ يحاسب نفسه، وينظر، فإن هذه الدار دار محاسبة.

    كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في خطبته: [حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزن] أي: تأملوا وتدبروا واعملوا، وقال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71] تأمل! هل أنت ولي أخيك أم أنك تخاصمه وتعاديه وتظلمه وتغشه وتخونه في الأمانة؟ تأمل وحاسب نفسك وجاهدها، ثم قال: يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة:71] هل أنت من هؤلاء؟ هل جاهدت نفسك؟ هل أمرت بالمعروف؟ هل نهيت عن المنكر؟ ثم قال: وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ [التوبة:71] أي: يؤدونها كما أمر الله، يحافظون عليها في جميع الأوقات: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، هكذا يجب على المؤمن أن يحافظ عليها في الجماعة في مساجد الله، في جميع الأوقات الخمسة، وعليه أن يتقدم في النوم ولا يسهر؛ حتى يؤدي صلاة الفجر مع الجماعة.

    وهكذا النساء عليهن هذا الأمر، عليهن أن يتقين الله، وأن يحذرن الغش والخيانة لزوج أو غيره.. عليهن أن يؤدين الأمانة، وألا يخن الله ورسوله، وعليهن النصيحة لأزواجهن ولغير أزواجهن.. وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71]، فلا تخون زوجها، ولا أهل زوجها، ولا غيرهم، بل تنصح لله ولعباده.

    وعلى كل واحد من المؤمنين والمؤمنات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا هو الواجب على الجميع، يقول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بعث الله من نبي في أمة قبلي إلا كان في أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل).

    1.   

    اغتنام الحياة بالأعمال الصالحة والتحلي بالصبر

    أيها الإخوة في الله: هذه الدار دار العمل.. دار المناصحة.. دار التعاون على البر والتقوى.. دار التواصي بالحق، وليست دار نعيم ولا دار خلد، ولكنها دار فناء وزوال، أنت منتقل طال عمرك أو قصر، فليست دارك، بل أنت منتقل إلى الدار الأخرى إما إلى الجنة وإما إلى النار، وأمامك حساب وجزاء، وجنة ونار، وكتب توزع، فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله، وميزان هذا يرجح، ميزان هذا يخف.. فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ [القارعة:6-9].. فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً [الانشقاق:7-9].

    المقصود أن الله جل وعلا حذرنا من هذا المقام وهذا اللقاء، وذكرنا به جل وعلا، فأنت على خطر، قد تعطى كتابك بشمالك، وقد يخف ميزانك، فاحذر يا عبد الله! أعد العدة في هذه الدار، حاسب نفسك وجاهدها، تأمل أسباب النجاة واعمل بها، وتأمل أسباب الهلاك واحذرها، هكذا المؤمن، ولهذا قال سبحانه: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [العصر:1-3] إيمان صادق بالله ورسوله، وعملٌ صالح، والعمل الصالح: أداء فرائض الله وما شرع الله، وترك ما نهى الله عنه وما كره سبحانه، هذه الأعمال الصالحة، أن تعمل بطاعة ربك، وأن تستقيم على دينه، وأن تدع ما نهى الله عنه.. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [العصر:3] وأن يكون من أعمالك وإيمانك التواصي بالحق مع إخوانك، التواصي والتناصح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى، لا تغفل، اغتنم الحياة، اغتنم الفرصة.

    ولابد من الصبر أيضاً، هذه أمور لا بد فيها من الصبر، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [وجدنا خير عيشنا بالصبر]، ويقول علي رضي الله عنه: [الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ثم يرفع صوته ويقول: ألا لا إيمان لمن لا صبر له]، فلابد من الصبر، يقول الله سبحانه: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]، ويقول جل وعلا: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]، ويقول عز وجل: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127]، فلابد من الصبر على أداء فرائض الله، والصبر عن محارم الله، والصبر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولابد من الصبر على بر الوالدين، وصلة الرحم، وغير هذا من وجوه الخير.

    فلابد أن تصبر، ولابد أن تحاسب نفسك، هذه الدار دار الصبر.. دار التواصي بالحق والتواصي بالصبر.. دار التعاون على البر والتقوى، دار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما الآخرة فهي دار جزاء، كل واحد يجزى بعمله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، قال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:7-8]، وقال تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47]، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً [النساء:40].

    فأنت -يا عبد الله- في حاجة إلى عملك الصالح، بل في ضرورة أن تحاسب نفسك، وجاهدها في هذه الدار قبل الموت، فإنك لا تدري متى يهجم الأجل، لا تدري متى تنقل إلى حفرتك.. كم من خازن بيت لم يعد! كم من ممسٍ لم يصبح! كم من مصبح لم يمس! فحاسب نفسك -يا عبد الله- وجاهدها لعلك تستقيم.. فكر كثيراً فيما أوجب الله عليك وفيما حرم عليك، وسارع إلى الخيرات، وابتعد عن جلساء السوء، واحذرهم، وعليك بصحبة الأخيار الذين يعينونك على طاعة الله ورسوله، واحذر صحبة الأشرار الذين يثبطونك عن الخير ويعينونك على معصية الله ورسوله، احذر أولئك الأشرار، وعليك بصحبة الأخيار، فقد جاء في الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك-أي: يعطيك- وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، وأما نافخ الكير فإما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة)، فعليك بصحبة الأخيار.. (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) ويقول الشاعر:

    عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه     فكل قرين بالمقارن يقتدي

    فالمقصود أن صحبة الأخيار لها أثرها العظيم، وصحبة الأشرار لها خطرها العظيم، والله جل وعلا يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، ويقول: وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:3]، ويقول سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة:71]، ويقول عز وجل: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، هذه صفات الأخيار، هذه صفات خيرية الأمة.. الإيمان الصادق بالله ورسوله، والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو داخلٌ في التواصي بالحق والصبر، والناس في حاجة إلى التواصي والتناصح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل واحد في حاجة إلى أخيه أن يعينه على الخير، فالتناصح مطلوب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة.. الدين النصيحة.. الدين النصيحة. قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم).

    يقول جرير بن عبد الله البجلي أحد الصحابة رضي الله عنهم: [بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم]، عاهد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا.. أن يقيم الصلاة كما أمر الله، ويؤدي الزكاة كما أمر الله، وينصح لكل مسلم، هذا هو الواجب على الرجال والنساء، وعلى المرأة كذلك أن تنصح لله ولعباده، أن تقيم الصلاة كما أمر الله في بيتها في الوقت بطمأنينة وخشوع وعدم استعجال، وأن تقوم على أهل بيتها من بنات وأولاد وغيرهم كالرجل، والرجل والمرأة عليهم بالتعاون فيما يتعلق بالبيت وإصلاحه مع الأولاد، ومع الأيتام، ومع الخدم والخادمات، لابد من التعاون على البر والتقوى، ولابد من العناية، وهكذا الأمير، وهكذا شيخ القبيلة هذا واجبه.. الأمير يعتني برعيته، فيجتهد فيما يصلحها، ويتعاون مع الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر في إصلاح الرعية، وهكذا شيخ القبيلة ورؤساء القبيلة، عليهم أن يتعاونوا في إصلاح قبيلتهم، في أمرهم بالمعروف، وفي نهيهم عن المنكر، وفي الأخذ على يد السفيه، هكذا يجب على المؤمنين التعاون والتواصي بالحق والتناصح.

    1.   

    الشعور بالمسئولية واجب الجميع

    يقول الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6].

    كل واحد يجتهد في أن يقي نفسه وأهل بيته عذاب الله، وهكذا يجتهد في أن يقي شعبه وجماعته وقومه من عذاب الله، فشيخ القبيلة عليه مسئوليته، وأمير البلاد عليه مسئوليته، والسلطان عليه مسئوليته، وصاحب البيت عليه مسئوليته، كل واحد عليه مسئوليته، وعليه أن يتقي الله، قال تعالى: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الحجر:92-93]، وقال جل وعلا: فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ [الأعراف:6-7]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام على الناس راعٍ ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والعبد راعٍ في مال سيده ومسئول في رعيته)، ثم يقول صلى الله عليه وسلم: (ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته).

    ويدل على هذا المعنى قوله جل وعلا: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الحجر:92-93] فأنت مسئول، فحاسب نفسك وأعد الجواب.. هل أديت المسئولية؟ هل قمت بالواجب مع أهل بيتك؟ مع جيرانك؟ مع جلسائك؟ مع زملائك؟ مع إخوانك المسلمين؟ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الحجر:92-93] (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته) فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ * وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَظْلِمُونَ [الأعراف:6-9].

    1.   

    الحرص على أسباب السعادة والحذر من أسباب الشقاوة

    احذر يا أخي هذا الموقف! احذر أن يخف ميزانك! احذر أن تعطى كتابك بيسارك! إنها مصيبة عظيمة، واحرص على أسباب السعادة والنجاة، وأن يثقل ميزانك، وأن تعطى كتابك بيمينك، وأن تكون من السعداء الرابحين الناجين.

    هذه الدار دار المحاسبة، فحاسب نفسك، وانظر في أعمالك ليلاً ونهاراً ودائماً حتى تموت، فإن كنت مستقيماً فاحمد الله، واشكره، واصبر وصابر، واسأل ربك التوفيق والثبات، أما إن كنت قد قصرت وأهملت في بعض الأشياء فحاسب نفسك، وتب إلى الله، واستقم، وراجع ما فرطت فيه، واستقم على أوامر الله، وابتعد عن نواهي الله، عن نية صادقة، وعن إخلاص لله، وعن رغبة فيما عند الله، وعن صدق.. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119] فالصدق لابد منه.. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119].. فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ [محمد:21]، ويقول سبحانه في آخر سورة المائدة: هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [المائدة:119]، هذا حال الصادقين، من صدق مع الله في أداء الحق، وترك ما نهى الله عنه، وفي مجاهدة النفس بالخير، والمسارعة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق، والنصح لله ولعباد الله.. من جاهد نفسه وجد العاقبة الحميدة، حمد العاقبة وربح في الدنيا والآخرة، ومن أضاع وأهمل ندم العاقبة.

    فالواجب الحذر، وأن تحاسب نفسك في ليلك ونهارك: ماذا فعلت؟ ما الذي قصرت فيه؟ حتى تعرف مالك وما عليك.

    واحذر صحبة الأشرار الذين يثبطونك عن الخير ويعينونك على الشر، وعليك بصحبة الأخيار الذين إن ذكرت أعانوك، وإن نسيت ذكروك بالخير وجاهدوا معك، وصبروك وأعانوك وشجعوك على الخير.. عليك بصحبة الأخيار، فالمرء على دين جليسه، وعلى دين خليله، فاحرص على صحبة الأخيار الطيبين، الذين يعينونك على الخير، ويذكرونك إذا نسيت، ويشجعونك إذا كسلت.. عليك بصحبة الأخيار، واحذر صحبة الأشرار، الذين يثبطونك عن الحق ويجرونك إلى الباطل.. احذر صحبتهم.

    فالمؤمن على حسب حاله، إن نصح لله ولعباده وصحب الأخيار سعد غاية السعادة، وإن فرط وأضاع ندم غاية الندامة، فأنت -يا عبد الله- تخلّق بأخلاق المؤمنين والزمها.. وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71]، ويقول صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: يا رسول الله! من يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)، من أطاع الله ورسوله دخل الجنة وفاز بالسعادة، ومن عصى الله ورسوله فقد أبى وتعرض لغضب الله وعقابه.

    فالواجب الحذر، والواجب جهاد النفس، قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69]، وقال سبحانه: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ [محمد:31]، فلابد من المجاهدة، ولا بد من الصبر، قال تعالى: وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [العنكبوت:6]، جاهد نفسك لعلك تنجو، فأنت في خطر، هذه الدار دار خطر، دار الغرور، دار الفتنة، وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185].. إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15] أنت في دار الغرور، دار الفتن، دار الشهوات، دار الإغراء بما حرم الله، فعليك بالحذر ما دمت في هذه الدار، جاهد نفسك، واصبر على طاعة ربك، واحذر عصيانه، والزم الأخيار، واحذر الأشرار، هذا هو طريق السعادة.. هذا هو طريق النجاة.. هذا هو سبيل الخير، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، فعليك بالتعلم، تفقه في الدين وتبصر.

    1.   

    الاهتمام بالقرآن والعناية به

    الوصية.. العناية بالقرآن، القرآن كتاب الله، أعظم وأصدق كتاب، فأوصيكم بالقرآن.. أكثروا من تلاوته وتدبر معانيه، والاستماع له، ففيه الخير العظيم وفيه النجاة، قال تعالى: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام:155]، وقال تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29]، وقال تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [إبراهيم:1].

    عليكم بالقرآن، وأكثروا من تلاوته وتدبر معانيه، والاستماع لمن يقرأ بإحضار قلب وخشوع؛ لأن فيه الهدى، ولأنه طريق الهدى، هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ [إبراهيم:52].. أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24] فعليكم بالقرآن.

    الوصية أيها الأخوة وأيها الأخوات في الله! الوصية بالقرآن، الإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه؛ لأن فيه الدعوة إلى كل خير، والتحذير من كل شر، كما قال تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] وقال تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57]، وقال تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89] فكتاب الله فيه الهدى والنور.. فيه الرحمة.. فيه الذكرى.. فيه الدعوة إلى كل خير.. فيه التحذير من كل شر.

    وأوصيكم بإذاعة القرآن، اسمعوها ففيها نصائح ومحاضرات، وفتاوى نور على الدرب فيه مصالح كثيرة، فأوصيكم بإذاعة القرآن، بالإقبال عليها، والاستماع لها؛ لما فيها من الخير والفوائد العظيمة.

    أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع، والعمل الصالح، وأن يمنحنا وإياكم الفقه في دينه، وأن يعيذنا وإياكم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، كما أسأله سبحانه أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، نسأل الله أن يصلح أحوالهم في كل مكان، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يولي عليهم خيارهم ويصلحهم.

    كما أسأله سبحانه أن يصلح ولاة الأمر في هذه المملكة ، نسأل الله أن يوفقهم لكل خير، وأن يعينهم على كل خير، وأن يصلح لهم البطانة، وأن ينصر بهم دينه، وأن يسخر لهم أعوانه في الخير، وأن يجعلنا وإياكم وإياهم من الهداة المهتدين، إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

    1.   

    الأسئلة

    أسباب الثبات أمام الفتن

    السؤال: إني أحبك في الله.. ما هي أسباب الثبات أمام الفتن؟

    الجواب: المحبة في الله من الخصال العظيمة المرضية، فنسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المتاحبين فيه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يقول الله جل وعلا: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتباذلين في، والمتجالسين في) ويقول صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (يقول الله يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)، فالمتحابون بجلال الله عليهم التعاون بالبر والتقوى، وعليهم التواصي بالحق، وعليهم التناصح.

    ومن أسباب الثبات: الاستقامة على دين الله، ومحاسبة النفس وجهادها.. عليك أن تحاسبها، وأن تذكر قدومك على الله، ونقلك إلى القبر، فإن هذا مما يعينك على الثبات والاستقامة، وعليك بتدبر القرآن والإكثار من تلاوته، وهذا مما يعينك على الثبات على الحق والاستقامة عليه، فإن هذه الدار هي دار الفتن ودار المحن، فالواجب على المؤمن أن يثبت على الحق ويستقيم، وأن يتعاطى أسباب الثبات، وذلك بتدبر القرآن، والإكثار من تلاوته، وذكر الآخرة والجنة والنار، وصحبة الأخيار، والبعد عن صحبة الأشرار، كل هذه من أسباب السلامة والعافية والثبات على الحق.

    حكم الزواج بنية الطلاق

    السؤال: سبق وأن أفتى سماحتكم بجواز الزواج بنية الطلاق، وقد رأينا اليوم من يسافر إلى الخارج من أجل هذا الزواج، فيعقد على امرأة هناك لمدة أسبوعين أو ثلاثة أو أقل أو أكثر، ثم يطلق ويعود، فما حكم ذلك؟

    الجواب: ذهب الجمهور من أهل العلم إلى جواز هذه النية، ولكن ترك هذه النية أفضل، فيتزوج ومتى شاء أن يطلق فلا أحد يحاسبه على الطلاق، يتزوج ومتى شاء الطلاق فعليه الطلاق، وقد ينقلها إلى بلده، فالمقصود أن كونه بنية الطلاق لا يضر، لكن ترك هذه النية أولى وأحوط، والأفضل له أن يتزوجها بنية إن ناسبته أبقاها وإلا تركها.

    حكم التداوي مع التوكل على الله

    السؤال: يرى بعض الناس أن التداوي بالأدوية ينافي كمال التوحيد المستحب أو الواجب، ما قولكم يا سماحة الشيخ؟

    الجواب: التداوي لا بأس به، ولا حرج فيه، ولا ينقص الإيمان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله)، لكن ترك طلب الاسترقاء هو الذي جاء في الحديث: (ولا يسترقون) أي: لا يطلبون من يرقي لهم ويقرأ عليهم.. (ولا يكتوون)، فترك الكي أفضل إلا عند الحاجة فلا بأس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الشفاء في ثلاث: كية نار، أو شربة عسل، أو شرطة محجم، وما أحب أن أكتوي)، فإذا دعت الحاجة إلى الكي أو الاسترقاء أو نحو ذلك فلا بأس به، فالتداوي مطلوب (ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له شفاء).

    لكن مع التداوي يعتمد على الله، ويسأل ربه الشفاء، ويعلم أنه سبحانه هو الشافي وبيده الأمر.

    والتداوي من الأسباب، فالعلاج عند الأطباء أو عند القراء كلها أسباب، والتوفيق والشفاء بيد الله جل وعلا.

    مفهوم مصطلح الإرهاب والتطرف

    السؤال: كثيراً ما نسمع عن مصطلحات مثل: الإرهاب، والتطرف، ويتكلم في ذلك من هب ودب، فما هو المعيار الصحيح لذلك؟ أي: لمعنى هذه المصطلحات، أو بمعنى آخر: متى يكون الرجل إرهابياً أو متطرفاً؟

    الجواب: التطرف هو الأخذ بالرخص التي لا وجه لها ولا دليل عليها، والإرهاب هو الذي يتعدى على الناس بالضرب أو بالقتل بغير حق وبغير دليل، عن جهل وقلة بصيرة، هؤلاء هم الإرهابيون الذين يقتلون الناس بغير حق، وبغير حجة شرعية، فيغيرون على الناس أمنهم، ويسببون المشاكل بينهم وبين دولهم، هؤلاء هم الإرهابيون، أما من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر حسب طاقته فليس إرهابياً، فيأمر بالمعروف حسب طاقته مع أهله، ومع أولاده بيده، في سلطانه، كونه أميراً أو رئيس هيئة، أو موظفاً، فإنه مأمور حسب ما أمر به، وحسب ما عنده من الصلاحيات، والذي لا يستطيع فإنه ينكر بلسانه.. يا عبد الله! اتق الله، هذا لا يجوز، هذا واجب عليك، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، كما قال تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، وقال تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159].

    فإن عجز فيكره المنكر بقلبه ولا يحضر المنكر، فالذين يقتلون أو يضربون الناس بغير وجه شرعي هؤلاء هم الإرهابيون، هم المفسدون، هم الذين يخلّون بالأمن ويفسدون على الناس مجتمعاتهم، ولكن لا يغير بيده إلا إن كان عنده صلاحية من جهة ولاة الأمور، وإلا فليرفع الأمر إلى ولاة الأمور، إذا رأى المنكر وعجز عنه يرفع الأمر إلى ولاة الأمور، ولكن ينصح بالكلام والدعوة إلى الله والترغيب والترهيب، أما مع أهل بيته، مع زوجته وأولاده، مع من تحت سلطانه فلا بأس به، له الأمر باليد حسب ما عنده من الصلاحية.. وفق الله الجميع.

    الواجب تجاه من لا يعرف أحكام الإسلام

    السؤال: قد ذهبنا إلى إحدى الجمهوريات الإسلامية التي كانت تحت الاحتلال الروسي الشيوعي، فوجدنا الناس لا يعرفون من الدين إلا الشهادتين، فلا يعرفون أن الصلاة واجبة، وكذلك الزكاة والصوم وغيرهما من الشرائع، وأكثرهم لا يصلون ولا يصومون، والسؤال: هل يجوز اعتبارهم مسلمين، بمعنى: هل يجوز لنا إلقاء السلام عليهم، وأكل ذبائحهم ومناكحتهم والصلاة على موتاهم؟

    الجواب: الواجب نصحهم وتوجيههم للخير ودعوتهم إلى الله، وتبصيرهم فيما جهلوا، هذا واجب الدعاة في البوسنة وغيرها، عليهم تبصيرهم ودعوتهم إلى الله، وإعلامهم بما شرع الله، وتوجيههم للخير، وإذا كانوا لا يصلون فلا تحل ذبيحتهم، أو كان عندهم الشرك؛ حتى يتوبوا، فإن تابوا فلا بأس، أما ماداموا لا يصلون، أو يتعاطون الشرك، فلا تؤكل ذبائحهم، ولكن يعلمون وينصحون، فإذا تابوا إلى الله ورجعوا أكلت ذبائحهم وصاروا إخوة لنا في الله.

    فعلى الدعاة أن يوجهوهم ويرشدوهم ويعلموهم، كما فعل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم مع أهل المدينة ، وكما فعلوا في مغازيهم في الشام والعراق وغير ذلك، فلابد من الدعوة والتوجيه والصبر.

    حكم شراء سيارة بالإيجار المنتهي بالتمليك

    السؤال: ما حكم شراء سيارة بالإيجار الشهري المنتهي بالتمليك والمنتشر حالياً بين تجار بيع السيارات؟

    الجواب: هذا البيع حتى الآن لم يتم لنا فيه فتوى، وهو لدى مجلس هيئة كبار العلماء للنظر فيه، وإذا صدرت فيه فتوى نشرت إن شاء الله، ولكن ننصح بترك هذا الأمر؛ لأنه محل شبهة، فننصح بترك هذه المعاملة، وأن يشتري شراءً جازماً ليس فيه شبهة.

    حكم وضع سجادة مستقلة للإمام وحكم حجز المكان في المسجد

    السؤال: ما حكم وضع سجادة مستقلة للإمام في المسجد، خصوصاً مع انتشار هذه الظاهرة عند أئمة المساجد، بل تجد بعضهم يضع عدة سجادات بعضها فوق بعض بشكل ملفت للنظر؟ كذلك ما حكم استخدام السجادات المزخرفة سواء للإمام أو المأمومين؟

    الجواب: وضع السجادة للإمام لا بأس بها، علامة على أن هذا محل إمام، وأن هذا هو موقف الإمام؛ حتى يعرف الصف الموقف، وحتى إن كان كثيفاً ينتفع بهذه السجادة في صلاته، ولكن لا تكون مزخرفة؛ لأن النقوش قد تشغل المصلين، والأولى ألا يكون منقوشاً نقشاً يؤذي المصلين ويشق عليهم ويشوش عليهم، ولا يجوز الحجز للناس، بل الصف لمن تقدم، من تقدم فهو أولى بالصف الأول.. وهكذا، ولا يجوز الحجز حتى يتأخر، ولكن من تقدم فهو أولى.

    حكم بيعتين في بيعة وبيع وشرط

    السؤال: ما حكم من باع عقاراً بمبلغ معلوم بأقساط سنوية وفي وقت محدود، واشترط في عقد البيع أنه إذا انفسخ العقد لعدم السداد بالمبلغ أن يكون المشتري مستأجراً للعقار بمبلغ محدد عن كل سنة مضت؟

    الجواب: هذا عقد في عقد لا يصح، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط ونهى عن بيعتين في بيعة، وألا يحل سلف وبيع، ولكن يبيع بيعاً جازماً، فإذا أعسر أو حصل شيء فعنده المحاكم وعنده الأمراء، يشكو عليهم إذا تعذر عليه تسليم حقه، إذا كان البيع جازماً بأقساط معلومة، هذا هو الواجب.

    أحكام السقط

    السؤال: السقط يكثر السؤال عنه في الآونة الأخيرة.. متى يصلى عليه؟ ومتى تكون المرأة نفساء؟ بعض أهل العلم يرى الصلاة عليه إذا تم ثمانين يوماً، أي: إذا دخل في الأربعين الثالثة، ما رأي فضيلتكم؟

    الجواب: إنما يصلى عليه إذا ولد في الخامس ونفخت فيه الروح، فهو إنما يتحرك في الخامس، فيصلى عليه إذا ولد في الشهر الخامس أو السادس وما بعده، ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، أما قبل ذلك فليس له حكم الإنسان، ولكن يدفن في أرض طيبة ولا بأس، ولا يحتاج إلى صلاة ولا غير ذلك، حتى يكون في الشهر الخامس فما بعد، ويعق عنه أيضاً ويسمى.

    والمرأة تكون نفساء بوجود ما يدل على أنه إنسان، فإذا ولد في الطور الثالث أو الثاني وفيه علامات إنسان، رجل أو رأس أو يد، فتكون نفساء، لكنه لا يغسل ولا يصلى عليه؛ لأنه ليس بإنسان، لكن هذه علامات النفساء، فعليها أن تدع الصلاة مدة النفاس ما دام الدم معها، فإذا انقطع الدم قبل الأربعين طهرت وصلت، وإلا فلها أن تجلس حتى تكمل الأربعين أو ترى الطهارة، مادام هناك علامات إنسان وجد فيه رجل أو رأس أو نحو ذلك مما يدل على تخلقه، أما إذا كان دماً فليس بنفاس إنما يكون دم فساد، حكمها حكم الاستحاضة، فتصلي وتتوضأ لكل صلاة، أما إذا وجد ما يدل على أن هذا إنسان من رأس أو يد أو رجل أو نحوه مما يدل على أنه طفل، فإنها تكون نفساء، لا تصلي ولا تصوم حتى ترى الطهارة أو تكمل الأربعين، أما هو فلا يغسل ولا يصلى عليه إلا إذا كان في الخامس وما بعده.

    بيان خطأ من حصر الكفر في التكذيب والجحود

    السؤال: هناك من يقول: إن الكفر لا يكون إلا بالتكذيب والجحود، ويستدل على ذلك بقوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ [النحل:106] الآيتين، فهل هذا صحيح؟ وما هو مذهب أهل السنة في هذه المسألة؟

    الجواب: ليس هذا بصحيح، بل ذكر أهل العلم في باب حكم المرتد أنواع الردة، فمن أتى بالكفر قولاً أو عملاً أو اعتقاداً كفر، هذا هو المعروف عند أهل العلم في باب حكم المرتد، إلا المكره.

    فإذا سب الدين، أو سب الله، أو سب الرسول، أو ترك الصلاة، أو سجد لغير الله، أو دعا غير الله؛ فقد كفر، ولو قال: إني لا أستبيحها، متى فعلها كفر، فمن يدعو الأموات ويستغيث بالأموات ولو قال: لا أستحلها؛ فهو كافر، والذي لا يصلي فهو كافر، ولو قال: ما جحدت وجوبها، هذا هو الصحيح، وهكذا من سب الله وسب الرسول، أو استهزأ بالدين كفر، ولو قال: ما أستحلها فلا يصدق، بل حكمه حكم الكفر كما صرح العلماء بذلك، وليس في هذا نزاع بين أهل العلم.

    علاقة العمل بمسمى الإيمان

    السؤال: من الناس من يقول: إن الأعمال ليست ركناً من أركان الإيمان، وإنما هي من مكملاته، فما مدى صحة هذا القول؟

    الجواب: الأعمال فيها تفصيل، منها ما هو أصل في الإيمان، ومنها ما هو من مكملاته، فالإيمان قول وعمل يزيد وينقص، الإيمان عند أهل السنة قول وعمل، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، فالصلاة إيمان، والزكاة إيمان، والصوم إيمان، والحج إيمان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إيمان.. وهكذا، لكن بعضها إذا تركه صار عاصياً، فمن لم يزكِ صار عاصياً وليس بكافر، أو أفطر في رمضان من غير عذر أصبح عاصياً وليس بكافر على الصحيح، أو أخر الحج وهو مستطيع صار عاصياً وليس بكافر، أما من ترك الصلاة فهو كافر على الصحيح، أو سجد لغير الله فهو كافر، أو سب الله أو سب رسوله فهو كافر، أو ذبح لغير الله فهو كافر، نسأل الله العافية.

    وجوب العدل بين النساء في الحج وغيره

    السؤال: إذا كان للرجل زوجتان وحج بأحدهما، فهل يحق للزوجة الأخرى المطالبة بالسفر بها نفس المدة التي استغرقها الحج مع ضرتها، مع العلم أن المبيت كان خلال الحج ليس في نفس المكان، أي أن الزوج مع الرجال والزوجة مع النساء؟

    الجواب: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد السفر أقرع بين نسائه، فأيتهن قرعت خرج بها، فإذا أراد الحج أو غيره يقرع بينهن، فمن ترجح لها القرعة خرج بها، ثم الثانية فهي كذلك يحج بها بعد ذلك، إلا إذا تراضين وقالت: أنا موافقة أن تذهبي قبلي، فلا بأس، وإلا فالواجب القرعة حتى يخرج بمن قرعت في الحج وفي غيره؛ لأن العدل واجب.. (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد السفر أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج قرعتها سافر بها).

    حكم الدكاكين المبنية بجوار المسجد

    السؤال: بعض المساجد يوجد بها دكاكين مفتوحة على الشارع وهي ضمن مباني المسجد، فهل هذا داخل في النهي عن اتخاذ المساجد أماكن للبيع والشراء، مع أن إيجارها لصالح المسجد؟

    الجواب: إذا كانت خارج السور فلا، وأما إذا كانت من السور فهي تبع المسجد، يجوز الاعتكاف فيها والصلاة فيها، أما إذا كانت خارج سور المسجد فليست داخلة في المسجد.

    حكم الإشهاد في الرجعة من الطلاق

    السؤال: إذا طلّق الرجل زوجته ثم راجعها في نفس اليوم، فهل يجب عليه الإشهاد على الرجعة؟ وإذا كان واجباً فماذا يصنع من راجع زوجته بدون إشهاد؟

    الجواب: السنة الإشهاد على الطلاق والرجعة، يشهد على طلاقها ورجعتها، قال تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق:2]، هذا يعم الطلاق والرجعة، هذا هو السنة، ومن راجع بغير إشهاد صحت الرجعة لكنه ترك المشروع.

    حكم استخدام الباروكة للنساء

    السؤال: هناك امرأة مصابة بمرض الصلع حيث لا يوجد على رأسها شعر بالكلية، فهل يجوز لمثل هذه المرأة أن تستخدم شعراً مستعاراً، أي: ما يسمى بالباروكة؟

    الجواب: الذي يظهر أنه لا يجوز؛ لأن هذا فيه تشبه بأهل الكتاب، كما خطب معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما هلك من كان قبلكم باتخاذ نسائهم مثل هذا، وأشار على قبة من شعر يلبسها نساؤهم) من جنس الباروكة، فلا يجوز وصل الشعر ولا لبس الباروكة، ونسأل الله العافية.

    خطورة انتشار الفضائيات على أخلاق الأمة

    السؤال: انتشر في الآونة الأخيرة الفضائيات انتشاراً فاحشاً، وفيها تأثير خطير على أخلاق الأمة، فنرجو من سماحتكم النصيحة في ذلك.

    الجواب: الواجب الحذر من هذه (الدشوش) وأشباهها، والواجب على المسلم وعلى أهله الحذر من مطالعتها، فإن فيها شراً عظيماً، ويؤدي إلى شر عظيم، فالواجب الحذر؛ لأن فيها مشاهدات تضر الإيمان، وتدعو إلى الفسق والعصيان، نسأل الله العافية، فالواجب الحذر منها جميعاً.

    حكم الذهاب إلى المحاكم الوضعية لاستخلاص الحقوق

    السؤال: يحتاج كثير من المسلمين في البلدان التي لا تحكم بالشريعة الإسلامية إلى الذهاب إلى المحاكم الوضعية لاستخلاص حقوقهم، فما حكم ذلك؟ وهل يتغير الحكم إذا لم يكن مضطراً إلى ذلك؟ ومتى يكفر المسلم بهذا الفعل؟

    الجواب: إذا تيسر البعد من ذلك فلا بأس، أما إذا أُخذ حقه فله أن يخاصم في رد حقه ولا يأخذ زيادة، إنما يخاصم بطلب حقه الذي غصب منه وظلم فيه، لا بأس أن يطلب من الدولة -ولو كانت كافرة- يطلب منها رد حقه، ولا يأخذ زيادة، ولا يظلم الناس، بل يأخذ حقه الذي ظلم فيه فقط ولا حرج في ذلك.

    حكم اشتراط مبدأ التحكيم عند النزاع في بعض العقود التجارية

    السؤال: يكثر اليوم في كثير من العقود التجارية اشتراط مبدأ التحكيم عند النزاع، وصورته: أنه إذا وقع نزاع بين المتعاقدين فإنه يرشح كل طرف شخصاً يحكم من طرفه، ويتفقان على الثالث ليكون رئيساً للجنة التحكيم، ويكون حكمهم للأغلبية وملزماً للطرفين، ويتقاضى الثلاثة المحكمون أتعاب التحكيم من طرفي العقد، فما حكم ذلك؟ وهل من ضوابطٍ شرعية لذلك؟

    الجواب: هذا لا يجوز، هذا يفعله بعض البادية، أما الصلح والتراضي بينهم فلا بأس، لكن أن يحكِّم حكاماً يحكمون أو يلزمون فلا يجوز، إلا لحكام الشرع في المحاكم الشرعية، أما أناس جهلة يحكمون بالهوى أو العرف أو بالدولة أو بالقبيلة فهذا لا يجوز، فالواجب أن يرجعوا إلى شرع الله، إلا إذا أصلحوا بالتراضي فلا بأس، إذا عفا بعضهم عن بعض من بين القبيلة أو من غير القبيلة، أشاروا عليهم بالتصالح والرضا، والتسامح عن ضربته أو ما أشبه ذلك، فلا بأس بالصلح والرضا من غير إلزام، أما الإلزام فعلى المحاكم الشرعية.

    حكم تشريع القوانين الوضعية وإلزام الناس بها

    السؤال: هل تشريع القوانين الوضعية كفر مخرج من الملة؟ وهل الحكم بها وإلزام الناس بها كذلك أيضاً؟

    الجواب: من استباح الحكم بغير ما أنزل الله أو شجع عليه كفر -نسأل الله العافية- لأن الواجب تحكيم شرع الله وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]، فمن رضي بحكم غير الله أو شجع عليه أو دعا إليه كفر، أما إذا حكم لشبهة أو لهوى، بغير الشرع كـ(البقشيش) أو القريب أو ما أشبه ذلك، فيكون عاصياً، ويكون كفراً دون كفر، وظلماً دون ظلم، وفسقاً دون فسق، أما من استحل الحكم بغير ما أنزل الله فقد كفر عند جميع أهل العلم، نسأل الله العافية.

    حكم تقنين الشريعة بدعوى الضرورة

    السؤال: يثير البعض ضرورة تقنين الشريعة في هذا الزمان، ويقول هؤلاء: إن عدم تقنين الشريعة خاصة في بعض المجالات، هو الذي دفع كثيراً من الدول إلى تشريع قوانين وضعية، وذلك لحاجة العصر إلى تشريعات مقننة خاصة في التعامل مع العالم الخارجي، ما مدى صحة هذا القول؟

    الجواب: هذا قد يقع فيه غلط، قد يغلط المقننون، ولكن تقنين الشريعة بالكتب التي فيها بيان الأحكام الشرعية لتنفع القضاة، كـالطرق الحكمية لـابن القيم، وما أشبهها، كتب توضح فيها الأحكام الشرعية، وبيان أحكام الدعاوى هذه تقرب للقضاة، أما إيجاد قوانين تلزم الناس فقد يغلط المقننون، فلا يلزم الناس إلا بالقرآن والسنة بشرع الله.

    حكم استخدام الصور في المادة الإعلامية لمواجهة الإعلام الإباحي والعلماني

    السؤال: يطالب عدد من متخصصي الإعلام الإسلامي بضرورة استخدام الصور والتصوير في المادة الإعلامية المرئية والمقروءة، وأنها أصبحت ضرورة لمواجهة الإعلام الإباحي والعلماني، فهل توافقون على هذا القول؟ وإذا كان الجواب بالمنع فما هو الحل العملي الواقعي لمواجهة الهجمة الإعلامية الضاربة من خلال الفضائيات وغيرها؟

    الجواب: لا يجوز التصوير، بل يجب الحذر من ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مصور في النار)، ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله، والواشمة والمستوشمة، ولعن المصورين، وقال: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون)، فلا يجوز استخدام الصور لذوات الأرواح، ولكن الذي كفى الأولين يكفي الآخرين، الإعلام وغير الإعلام بغير صور، فعل فلان كذا وكذا، أو هذا يجوز وهذا القول لا يجوز، فما كفى عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وعصر الخلفاء الراشدين، وعصر الصحابة، وعصر القرون المفضلة والعصور الماضية يكفي لآخره، كما قال مالك رحمه الله: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.

    فالواجب على الآخرين هو ما وجب على الأولين، وهو التمسك بشرع الله والحذر مما يخالف ذلك، قال تعالى: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ [الزخرف:43]، وقال تعالى: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الجاثية:18]، وقال تعالى: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21]، وقال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة:3].

    حكم الأعياد والمناسبات الوطنية والتهنئة بها

    السؤال: يجري في بعض البلاد أعياد بمناسبة الاستقلال مثلاً، أو بما يسمى بالعيد الوطني، فهل هي أعياد مشروعة أو مباحة، وما حكم التهنئة بها؟ كذلك ما حكم التهنئة بدخول السنة الهجرية؟

    الجواب: كل هذه الأعياد مبتدعة، وكلها باطلة من موالد أو غيرها، لا يجوز فعلها، ولا الاحتفال بها، بل يجب ترك ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ولا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، فالواجب ترك ذلك، أما إذا هنأك إنسان وقال لك: جزاك الله خيراً، نسأل الله التوفيق، فلا بأس به، لكن الأفضل ألا تبدأ بالتهنئة بالعام الجديد أو ما أشبه ذلك، لكن إذا قال لك: مبارك، وجزاك الله خيراً، وبارك الله فيك، فلا بأس إن شاء الله، أما الاحتفال ووجود اجتماعات أو طعام أو ما أشبه ذلك، فلا يجوز.

    حال حديث: (يا عباس.. يا عماه..)

    السؤال: ما صحة قول النبي صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب : (يا عباس يا عماه! ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أفعل لك عشر خصال... الحديث

    الجواب: هذا حديث ضعيف لا يصح.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768264958