باب الخلع:
يباح لسوء عشرة، وبغض، وكبر، وقلة دين، ويكره مع استقامة، وهو بلفظ خلع أو فسخ أو مفاداة فسخ، وبلفظ طلاق أو نيته أو كنايته طلقة بائنة.
ولا يصح إلا بعوض.
ويكره بأكثر مما أعطاها.
ويصح بذله ممن يصح تبرعه من زوجة وأجنبي، ويصح بمجهول ومعدوم لا بلا عوض ولا بمحرم، ولا حيلة لإسقاط طلاق، وإذا قال: متى أو إذا أو إن أعطيتيني ألفاً فأنت طالق طلقت بعطيته ولو تراخت، وإن قالت: اخلعني بألف أو على ألف ففعل بانت واستحقها.
وليس له خلع زوجة ابنه الصغير ولا طلاقها ولا ابنته الصغيرة بشيء من مالها، وإن علّق طلاقها على صفة ثم أبانها فوجدت أو لا ثم نكحها فوجدت طلقت, وكذا عتق.
وإن سافر فوق نصف سنة وطلبت قدومه راسله حاكم, فإن أبى بلا عذر فُرق بينهما بطلبها, وإن لم يُعلم خبره فلا فسخ لذلك بحال. وحرُم جمع زوجتيه بمسكن واحد ما لم يرضيا، وله منعها من الخروج، وعلى غير طفل التسوية بين زوجات في القسم، لا في وطء وكسوة ونحوهما إذا قام بالواجب، وعماده الليل، إلا في حارس ونحوه فالنهار، وزوجة أمة على النصف من حرة، ومبعضة بالحساب، وإن أبت المبيت معه أو السفر أو سافرت في حاجتها سقط قسمها ونفقتها.
وإن تزوج بكراً أقام عندها سبعاً، أو ثيباً أقام ثلاثاً ثم دار].
النشوز هو: عصيان المرأة لزوجها وهو حرام، أي: معصيتها إياه فيما يجب عليها؛ وذلك لأن الواجب عليها أن تطيعه بما يتعلق بحاجته، فإذا رأى منها أنها تكرهه، وعلامة ذلك أنها لا تجيبه إلى فراشه، أو تجيبه متبرمة متثاقلة، فهذا من علامات النشوز، يقول الله تعالى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً [النساء:34] فيبدأ بالوعظ والتذكير، فيذكرها ويخوفها، ويذكر لها حق الزوج عليها، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كنت آمر أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها؛ لما لها عليه من الحق) ، ووردت في عظم حق الزوج على امرأته أحاديث، وإن كان في أسانيدها مقال، ولكن أصحها هذا، فيعظها ويذكرها ويحذرها من هذا النشوز والتبرم والتثاقل، والعصيان لزوجها، ويخوفها بالله، ويخوفها بالعذاب الأخروي، وبسخط الله، وأن الله يسخط عليها، وأن الملائكة تلعنها وما أشبه ذلك.
فإن أصرت وامتنعت أن تقبل وعظه فإنه يهجرها، قال الله تعالى: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ [النساء:34] فيعتزل فراشها، ويذهب إلى زوجته الأخرى إن كان له زوجة، وإذا لم يكن له زوجة فإنه يبيت ويترك فراشها أو يوليها ظهره، فيهجرها في المضجع ما شاء، ولو طالت المدة، ويهجرها في الكلام ثلاثة أيام لا أكثر، فإن الهجر لا يجوز أكثر من ثلاث، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) .
ثم قال تعالى: وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34] فإذا أصرت ولم تتأثر بالموعظة ولا بالهجران ينتقل معها إلى الضرب، ولكنه ضرب غير مبرح، أي: غير شديد، يعني: ضرب تأديب، لا يزيد فيه على عشر جلدات.
ثم ذكروا أن له ضربها على ترك فرائض الله تعالى كالصلاة والصيام وما أشبه ذلك من الواجبات الدينية، كما أن له ضربها على فعل المنكرات، كما إذا علم بأنها تعاكس، أو لها خلوات مع غير المحارم، أو تدخل في بيته من لا يرضاه، كما ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم من تكرهونه، ولا يأذن في بيوتكم لمن لا تريدونه) فليس لها أن تدخل في بيت زوجها من لا يرضاه، ولو كان من محارمها، إلا إذا سمح الزوج.
وكذلك لا تجلس على فراشه أجنبياً سواء تجلسه لفعل الفاحشة بها أو لغير ذلك لعموم: (لا يوطئن فرشكم من تكرهونه)، فإذا علم ذلك منها فله تأديبها.
وكذلك لنقص دينه أو تهمته بالزنا أو بمسكر أو ما أشبه ذلك، وكذلك إذا عمل معها ما لا يحل كإتيانها في الدبر، فإن لها أن تفتدي.
وكذلك إذا كرهته لكبر سن، أي: أنه طعن في السن وهي لا تزال شابة، أو رأت أنه قليل الديانة لا يتورع عن الحرام، أو يترك الصلوات، أو ما أشبه ذلك، ففي هذه الحال لها أن تخالعه.
قوله: (ويكره مع الاستقامة) إذا كانت حاله مستقيمة كره لها أن تطلب الطلاق أو أن تطلب الفراق أو أن تفتدي، ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة) يعني: إذا طلبت الطلاق والحال مستقيمة بينها وبين زوجها، وليس هناك عيب فيه ولا خلل، لا نقص في دينه، ولا نقص في عقله، ولا نقص في أخلاقه؛ فطلبها للطلاق أو للمخالعة يعتبر حراماً عليها والحال هذه؛ لورود هذا الحديث.
إذا كان بلفظ الخلع أو بلفظ الفسخ، أو بلفظ المفاداة اعتبر فسخاً، وإذا كان بلفظ الطلاق أو نيته أو كنايته اعتبر طلاقاً، طلقة بائنة، وإذا قلت: ما النتيجة في ذلك؟
نقول: إذا قال: خالعتها بألف، أو فسخت نكاحها بعشرة آلاف، أو يقول لها: افتدي نفسك بعشرة آلاف فدفعتها، ففي هذه الحال يكون فسخاً، ومعنى كونه فسخاً: أنه لا ينقص به عدد الطلقات، فمثلاً: لو خالعها في سنة إحدى وعشرين بلفظ المفاداة، ثم تزوجها بعد ذلك بالتراضي؛ ثم خالعها في سنة اثنتين وعشرين، فبذلت له مالاً وخالعها، ثم تزوجها بعد ذلك بشهر أو شهرين ودفع لها مهراً، ثم خالعها في سنة ثلاث وعشرين فبذلت له مالاً وخالعها ورضيت بذلك، ثم تراضوا بعد ذلك، فقد خالعها ثلاث مرات، فهل تكون هذه الثلاث ثلاث طلقات؟
الجواب: لا تكون، بل يحل له أن ينكحها بعقد جديد، فالخلع بلفظ الخلع، أو بلفظ الفداء يعتبر فسخاً، هذه من النتائج، كذلك من النتائج أيضاً أن في الفسخ ليس عليها عدة، وإنما عليها أن تتربص حيضة واحدة إذا كانت تحيض، ثم تتزوج إذا شاءت، أو تتربص شهر إذا كانت لا تحيض، هذا معنى كونه بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة، أي: أنه فسخ لا ينقص به عدد الطلاق.
فأما إذا قال: طلقتك بألف فقالت: خذه، فإنه يعتبر طلاقاً بلفظ الطلاق، أو: أعطيني ألفاً وأطلقك، فقالت: أعطيتك، أو قال: طلقت، أو كان بنية الطلاق كما إذا كان ناوياً طلاقها وطلب منها فدية وقع الطلاق، وتكون طلقة واحدة، أو كناية الطلاق فإذا قال -مثلاً-: أنت خلية، أو برية، أو أنت حرة، أو أنت الحرج، أو اخرجي وذوقي وتجرعي، وحبلك على الغارب، اذهبي كيف شئت، فهذه تعتبر كنايات الطلاق، فإذا قال ذلك وقعت طلقة.
وهل تكون رجعية أو بائنة؟
ذكروا أنها طلقة بائنة، ومعنى كونها بائنة عدم تمكنه من الرجعة؛ لأنها اشترت نفسها، فلا ترضى أنه يعيدها، وهي ما دفعت له هذا المال إلا للتخلص، فليس له رجعة عليها، فتعتبر طلقة واحدة بائنة، فإذا قال: اخرجي واذهبي وذوقي وتجرعي طلقت طلقة واحدة ولكنها بائنة.
وأجاز بعض العلماء أن يأخذ منها أكثر، واستدلوا بعموم الآية وهي قوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229] ، يعني: ولو افتدت بكثير فلا جناح عليهما في شيء تفتدي به، وظاهر الآية أنه يجوز أن تفتدي نفسها ولو بأكثر مما أعطاها، فأجاز ذلك بعضهم، ولكن ورد في الحديث، أنه منع من الزيادة، فقال: (أما الزيادة فلا) .
مثلاً: بعض الرجال قد يعشق امرأة زيد من الناس، ثم يراسلها ويهاتفها ويقول: انشزي عنه وافتدي منه وأنا أتزوجك، فإذا قالت: كيف أفتدي وما عندي شيء؟ يقول: أنا أدفع لك -مثلاً- ألفاً أو عشرين ألفاً تفتدين بها نفسك، فمثل هذا لا يجوز، وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من خبب امرأة على زوجها فله النار) أو كما قال، (خببها) يعني: أفسدها حتى نشزت وعصت عليه، ولا يجوز لها أيضاً طاعة مثل هؤلاء الذين يخببونها، ولو وعدها ولو قال: أنا أكثر منه مالاً، وأنا أعطيك أكثر منه أو ما أشبه ذلك، وكذلك أيضاً لو كان يعطيها مطالب قد تجوز أو قد لا تجوز، ويحدث مثل هذا من بعض الفسقة، فإذا رأها -مثلاً- مكموتة قال: زوجك قد أضرك، لم يعطك أجهزة تتسلين بها، ولو كنت عندي فإني أشتري لك جهاز تلفاز، أو جهاز الدش مثلاً، أو أشرطة غناء تتسلين بها، أو أسمح لك بالخروج إلى الملاهي وإلى الملاعب وإلى الأسواق وإلى المنتزهات، وما أشبه ذلك، فهذا أيضاً حرام عليه أن يخبب امرأة على زوجها، فإذا رآها سالكة مع زوجها يحرم عليه الاتصال بها ومكالمتها أو مهاتفتها، ومن باب أولى أفسادها.
أما إذا كان رافقاً بها ورآها متضررة، ورآها متأثمة فتصدق عليها وأعطاها مالاً تفتدي به فلا بأس بذلك، ولا يكون قصده أن يتزوج بها، فإن ثبت أنها متضررة جاز لها أن تأخذ هذا المال حتى تتخلص من ذلك الضرر، من سوء عشرة الزوج، أو سوء خلقه، أو سوء معاملته، أو قبح مظهره، أو إضراره بها، أو تقصيره بالنفقة، أو كثرة غيبته، أو كثرة أسفاره وتركها وحيدة أو ما أشبه ذلك.
ولا يصح حيلة لإسقاط الطلاق، فبعض الناس يتزوج المرأة وإذا رأى منها سوء خلقها وخاف أنه إن طلقها تحسب عليه طلقة قال: أعطيني عشرة ريالات أو خمسة ريالات فداءً افتدي بها نفسك، حتى لا تحسب عليه طلقة، وليس له حاجة بهذه الدراهم وإنما يريد أنها لا تحسب عليه، ثم يتزوجها بعد ذلك بعقد جديد، ثم يحتال أيضاً حتى لا يقع الطلاق بأن يطلب منها وما أشبه ذلك، فلا يجوز أن يتخذ حيلة لإسقاط الطلاق، أما إذا كان قصده المال فلا بأس أن يأخذ المال ولا يحسب من الطلاق.
فإذا قالت له: اخلعني بألف، أو على ألف، ففعل، بانت واستحق الألف، فإذا قال: قد فعلت، قد وافقت، يستحق الألف منها، وتبين منه بينونة صغرى أيضاً؛ وذلك لأنها هي التي طلبت وهو وافق على طلبها.
الجواب: لا يجوز ذلك، بل تترك إلى أن يبلغ الصبي ويعقل، فإن وافق على المخالعة فله ذلك، وأما إذا امتنع وقال: أنا أريدها كزوجة فإنه تبقى الزوجية.
وكذلك أيضاً ليس له طلاق امرأة ابنه إلا برضى الابن، فإذا تشددت وقالت: أريد الطلاق، والابن صغير ليس له اختيار فلا يطلقها أبوه، وإذا تضررت رفع الأمر إلى الحاكم، وللحاكم أن يطلق أو يعلق.
وقاسوا على ذلك العتق، فإذا كان له عبد فقال له: إن سافرت إلى الأحساء -مثلاً- فأنت عتيق، فقدر أنه باعه، اشتراه رجل، وفي حالة شرائه سافر إلى الأحساء، ثم قدر أن صاحبه الأول استعاده واشتراه، ولما اشتراه مرة ثانية سافر إلى الأحساء فيحصل العتق الذي هو متعلق على السفر أو على أية صفة، كأن يقول مثلاً: إن خدمت فلاناً لمدة شهر أو: إن خدمت والدي فأنت حر، وباعه قبل الخدمة، ثم قدر أنه خدم في حالة بينونته وفي حالة عدم كونه تحت ملكه، ثم استعاده فإذا خدم حصل العتق المعلق على ذلك الشرط.
هذا آخر كتاب النكاح.
الجواب: إذا تبين أن الزوج لا يولد له، وكانت ترغب في الإنجاب، فلها طلب الفسخ، ولا يفسخ إلا الحاكم، وإن كان هناك شرط فإنه يحدد، فإذا عرف أنه لا يولد له، وزوجوه وقالوا: بشرط فسخ النكاح بعد سنتين أو خمس سنين إن أرادت المرأة، فلهم ذلك.
الجواب: الصحيح أنه الخلوة، فإذا أغلق الباب، وليس معه أحد غيرها، ففي هذه الحال يُسمى قد دخل بها، ولو لم يطأها.
الجواب: ليس بمعلق، وإنما أخروا الزفاف، فيجوز أن يشترطوا أنه لا يكون هناك زفاف إلا بعد انتهائها من الدراسة أو ما أشبه ذلك، والنكاح المعلق على شرط هو الذي يعلق على شيء مجهول، كأن يقول: بشرط أن يرضى أخوها، ولا يدرى هل يرضى أم لا، أو بشرط نجاحها أو نجاحه وهذا أيضاً لا يدرى هل يحصل أم لا.
الجواب: ذكروا أن هذا شرط باطل، وأن عليه العدل بينهن إلا إذا أسقطت إحداهن حقها أو ليلتها برضاها فلها ذلك، فأما إذا لم ترض ولم يكن هناك قناعة ولا موافقة فلها طلب ليلتها في حينها.
السؤال: امرأة مدرسة لمادة الفقه، ويوجد أقوال للعلماء مختلفة، فكيف يحصل الترجيح، وهل دائماً يؤخذ بالأحوط؟
الجواب: المدرس أو المفتي إذا سئل عن مسألة خلافية فالأولى له أن يذكر الخلاف إذا كان لا يقدر على الترجيح، كأن يكون في المسألة قولان، فيذكر من قال بكل قول، هذا إذا كان الخلاف ظاهراً، أما إذا كان الخلاف ضعيفاً أو الذين ذهبوا إلى أحد القولين هم الجمهور فإنه يقول: قول الجمهور كذا، أو الصحيح عند العلماء كذا.
الجواب: له ذلك، لكن إذا كان صادق الرغبة، فله أن يطلب النظر إليها مرة ثانية، ويقول: إني نظرت وقد تكون في تلك المرة متغيرة، أو متحلية بشيء يغيرها ويجملها، أو ما أشبه ذلك، فعليها أن تظهر بلباسها المعتاد، ولا تغير شيئاً من جسدها، ولا تظهر بحلي أو بزينة تلفت الأنظار لا في المرة الأولى ولا في الثانية، والأولى أنه لا يتشدد في طلب النظر.
الجواب: إذا كنت أقرب عصبتها فلك أن تزوج نفسك بشاهدين إذا كانت راضية، فتقول للشاهدين: اشهدا أنني زوجت نفسي من ابنة عمي، أو أني تزوجتها، أو قبلتها كزوجة، أو ما أشبه ذلك، أو يقول لك ذلك المأذون: قل: إني زوجت نفسي بابنة عمي وقبلت الزواج، وأما إذا كان هناك من هو أقرب منك فإنه هو الذي يتولى العقد.
الجواب: الجمهور على أنه باطل، وهناك بعض الذين يتساهلون فيحللونها للأول إذا تزوجها هذا الثاني، مع أنه ما قصد إلا تحليلها، أو حصل الاتفاق بينهما، فالجمهور على أنه باطل، وعلى أنها لا تحل للأول، وتعرفون أنه تساهل فيه كثير من الناس في القرون الأولى، وصاروا في القرون المتوسطة يتساهلون فيه أكثر، وفي زمن شيخ الإسلام ابن تيمية كثر هذا التحليل، وصار عادة وديدناً، وألف فيه ابن تيمية كتاباً كبيراً مطبوعاً اسمه: (إبطال التحليل) وأورد الأدلة فيه، وبين أنه حرام، وكذلك تكلم عليه ابن القيم في (إغاثة اللهفان من مكائد الشيطان) وبين الأدلة على تحريمه، وكأنه اختصر ما ذكره شيخه، فعلى هذا نقول: إن من تزوجها لقصد الإحلال لا تحل، وحرام عليه، وكذلك إذا استأجره الزوج وقال: تزوجها واشترط كذا.
الجواب: أما العرفي فالعرف عند الناس هو الذي يتعارفون عليه، فإذا كان هناك عرف عند أهل بلد يتعارفون على تسميته زواجاً فلهم عرفهم، ولكن لا يُعتمد إذا كان مخالفاً للشرع، أو كان فيه ما يخالف الشروط الشرعية، ولو تعارفوا على تسميته زواجاً، يعني: لو تعارفوا على تسمية نكاح المتعة زواجاً وقالوا: هذا الزواج العرفي، أو تعارفوا على زواج بلا رضا، أو بلا شهود، أو بلا مهر، وتعارفوا وقالوا: نسميه زواجاً، أو زواجاً مؤقتاً، فلا عبرة بهذا الزواج العرفي.
وأما الزواج الشرعي فهو الذي تمت فيه الشروط التي ذكرت في أول كتاب النكاح، فإذا تمت الشروط فيه وانتفت الموانع، فهذا هو الزواج الشرعي.
وأما ما سموه الآن بزواج المسيار فهذا شيء جديد، ما كان معروفاً بهذا الاسم، ثم اصطلحوا على تسميته، فإذا تمت فيه الشروط فلا بأس، يعني: كأنه لا يجعل لها ليلة، وإنما يأتيها ساعة من نهار، ويقضي وطره ثم يخرج، ولا يجعل لها ليلة محددة، وهي ترضى بذلك، أو تبقى في بيتها، وتقول: لا أتحول عن بيتي ومع أولادي، وأنت الذي تأتي لقضاء حاجتك، فإذا تمت الشروط فهو صحيح، والشروط أن يكون هناك رضا، وشاهدان، وصداق، وإعلان للنكاح، وإضافتها -مثلاً- في دفتر عائلته، فأما إذا كان سراً، فقد ورد النهي عن نكاح السر، وكذلك إذا شرط شيئاً لا يجيزه الشرع.
الجواب: الدروز طائفة من غلاة الرافضة والنصيرية، وقد يكونون أخبث منهم، ويوجدون بكثرة في سوريا في دمشق، وفي كثير من قرى سوريا، وهم معروفون بهذا الاسم، ويعترفون بأنهم دروز، واحدهم درزي، وعقيدتهم عقيدة كفرية، وقد يتكتمون على عقيدتهم ولا يبدونها، ولا يخرجون شيئاًمن مؤلفاتهم التي فيها عقائدهم، لكن بعض من دخل فيهم أو احتال عليهم أظهر شيئاً من مؤلفاتهم التي عرف بها معتقدهم، فهم يعتقدون في الحاكم العبيدي أنه إله أو أنه معبودهم، ومعتقداتهم سيئة، فهم لا يصلون ولا يزكون ولا يعملون الأعمال الصالحة، ولا يخلصون العبادة لله، ولا يعترفون بالعبودية، وقد ألفت في الرد عليهم مؤلفات قديمة وحديثة.
الجواب: هي جارية أهديت له، وأصلها مصرية؛ لأن القبط كانوا في مصر، فهي أمة، وأم ولد، يعني: استمتع بها فحملت وولدت له ابنه إبراهيم ، وبقيت عنده، وأعتقت بعد موته، ولعله أعتقها في حياته.
الجواب: لا شك أنه شرط حرم حلالاً، ولكن للمرأة مصلحة في هذا الشرط، وعليها مضرة بمخالفته، فلأجل ذلك يعتبره كثير من العلماء شرطاً صحيحاً، ويقولون: إذا كان عليها ضرر فتطلب الفسخ، فإذا شرطت أنه لا يتزوج ثم تزوج، فلها أن تقول: فارقني؛ أنا لا أطيق أن أبقى مع ضرة.
الجواب: الصحيح أنه يجوز، وأن النهي عن لعن المعين إنما هو في حال الحياة؛ لأنا لا ندري ما يختم له، أما إذا تحقق أنه مات وهو على كفره مصراً عليه، وعمله الكفري لا خلاف فيه، فإنه يجوز لعنه تنفيراً من معتقده ومذهبه.
الجواب: سيأتينا تحريم نكاح التحليل، وقوله: (بشرطه) ليخرج نكاح التحليل، وهو: أن يطأها زوج، ولذلك سماه زوجاً، وأما المحلل فلا يُسمى زوجاً، فيشترط أنه لابد أن يكون زوجاً لا محللاً.
الجواب: لابد أنه يوجد، فهناك من يدعون إلى التمسك بشريعتهم، فيوجد من اليهود من يدعو إلى التمسك بشريعة اليهود، وهكذا يوجد في النصارى من يُسمون الرهبان والنساك ونحوهم، وعلامتهم أنهم يدعون إلى ذلك، ويُسمون أيضاً مبشرين، ويسمون قسيسين، فلابد أنه يوجد ولو كانوا قلة.
الجواب: إذا لم تطأها فالصحيح أنك لا تكون محرماً لبناتها، وتكون محرماًلأمها؛ لأنك حصل لك العقد مع ابنتها، وكذلك أولادك يكونون محارم لها؛ لأن زوجة الأب تحرم بمجرد العقد، وأما بناتها فحلال لأولادك.
الجواب: أفتى المشايخ أنه يجوز النكاح بنية الطلاق إذا لم يكن مشروطاً في العقد، إذا لم يشترط ولم تحدد المدة، لأنه إذا شرط وحددت المدة فهو نكاح متعة وهو حرام، فأما إذا حصل العقد، ودفع المهر المطلوب منه كاملاً مهر أمثالها، والتزم أنها زوجة له، ورضيت بذلك، وكان في نفسه أنه لا يرضاها كزوجة ثم طلقها؛ اعتبر هو الذي خسر زوجته وخسر ماله، وهي رابحة لأنها سوف تتزوج بعده غيره.
بكل حال، هكذا أفتى المشايخ، وذكروا ذلك أيضاً عن بعض المؤلفين، وخالف في ذلك بعض الإخوان، وألف الشيخ صالح بن منصور رسالة قوية في المنع، وقدم لها الشيخ صالح بن اللحيدان ، وذكروا أنه لا يجوز، واختاروا عدم إباحته لما فيه من المفاسد، ولما فيه من الإسراف والمحذورات، ولكل اجتهاده.
فنحن نقول: إذا كان يخشى على نفسه الزنا وتزوج زواجاً صحيحاً فهو خير من أن يقع في فاحشة الزنا.
ثم نقول أيضاً: لا يجوز السفر لأجل ذلك، فكون الإنسان يقطع هذه المسافات ويسافر لأجل هذا فهذا حرام عليه، يعني: كأنه يقول: أسافر لأجل أتمتع بها هذه المدة، مع أن تكاليف السفر ومهر تلك المرأة وتكاليف الرجوع يمكنه أن يتزوج به زوجة وطنية تبقى معه بقية حياته.
الجواب: نقول: المراد بالقبوريين: عباد القبور الذين يعبدون الأموات، والذين يأتون إلى المقبور كالسيد الحسين أو علي أو البدوي أو ابن علوان أو السيدة زينب أو ما أشبه ذلك، ثم يدعونهم: يا سيدتي زينب ! يا سيدي الحسين ! يا سيدي علي ! يا ابن علوان ! يا يوسف ! يا فلان! ثم يعكفون عندهم، ويذبحون لهم ذبائح يتقربون بها إليهم، ويتبركون بتربتهم، فيأخذ أحدهم التراب ويمسح به وجهه، زاعماً التبرك بهذه التربة المباركة التي نالتها بركة هذا السيد، ويصلي عنده، ويقول: إن الصلاة عنده أفضل من الصلاة في المساجد؛ لأنه يرفع صلاتي! أليس هذا من الشرك؟!
الجواب: لا شك أنه دعاه من دون الله، وإذا كانوا بهذه الحالة أصبحوا كفاراً، ولكن لا يقاتلون إلا بعدما تقوم عليهم الحجة، ونرى أن الحجة في هذه الأزمنة قائمة بانتشار الإذاعات، والكتب الإسلامية، والدعوة إلى الله.
الجواب: يمكن أن يكون أجنبياً وهي وطنية، فمعنى كفالته: أن تكون إقامته على كفالتها، فإذا كان كذلك فعليها إذا أرادته زوجاً أن تكفله حتى تؤشر له الإقامة؛ لأن إقامته محدودة أو مشروط فيها أن يكون له كفيل، فالأجنبي المصري أو اليمني أو السوري إذا لم يكن له كفيل فلابد أنه يُسفّر، أما إذا كان له كفيل ولو كفلته زوجته فإنه يبقى. وبكل حال إذا كانت ترغب أن يبقى زوجاً لها فإنها تتقدم حتى تكفله، هذا إذا كانت السائلة تريد الكفالة يعني: كفالة الإقامة.
أما إذا كانت تقصد كفالة النفقة، أي: أنه فقير يريد أن تكفله، وتنفق عليه من راتبها أو مالها فإذا كان كذلك فالأصل أن الزوج هو الذي ينفق على زوجته، فإذا شرط عليها هذا، فهذا شرط يخالف مقتضى العقد.
الجواب: الأصل أنها ليست حيضاً إذا كانت في غير الحيض، وإنما تكون حيضاً إذا كانت في وقته، أما إذا كانت قبله أو بعده فلا تعد، تقول أم عطية رضي الله عنها: (كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً) أي: لا نعتبرها حيضاً، فلا نترك لها الصلاة.
الجواب: البياض الذي هو القصة البيضاء علامة على انقطاع الحيض، فإذا رأت القصة البيضاء المعروفة عرفت أنها انقضى حيضها، فما رأته بعد ذلك فإنه دم عرق أو صفرة أو كدرة، سواء قليله أو كثيره.
الجواب: هذا شيء تعرفه النساء، يقولون: إنها شيء تشبه الجص، والقصة في الأصل هي الجص الأبيض يخرج من الرحم بعد انتهاء العادة، وهو دليل على أن الحيض قد انقطع، وليس شبيهاً بالإفرازات التي تخرج من الرحم في الاحتلام أو نحوه، فهو شيء له لون خاص، وله إحساس خاص.
الجواب: لا تصح إمامة صاحب السلس إلا بمثله، هكذا نص العلماء، ثم إذا كان كذلك فإن عليه أن يعالج نفسه حتى تزول هذه الأمراض والعاهات ونحوها، وإذا قدموه فعليه أن يتحفظ حتى تنتهي الصلاة، فلا يصلي وهو يخرج منه هذا الريح الذي هو ناقض للوضوء، وإذا خرج منه فإن عليه أن يستخلف، ويقدم غيره ليكمل الصلاة.
الجواب: زوج الجدة يعتبر محرماً للأم، يعني: تقول: أنت زوج جدتي أم الأم أو أم الأب، فأنت تعتبر محرماً، فزوج الأم وزوج أم الأم وزوج أم الأب كلهم محارم للمرأة.
الجواب: إذا كرهت المرأة زوجها، وقالت: أعطيك ألفاً أو عشرة آلاف، أو أعطيك أرضاً أو بيتاً على أن تخلي سبيلي، يُسمى هذا خلعاً، وإذا غاب الزوج وتقدمت المرأة إلى القاضي وقالت: زوجي غاب، وأهملني فله أن يفسخ النكاح؛ لأنها تتضرر بانتظاره، ويُسمى هذا فسخاً، وكذلك إذا ظهر به عيب كمرض مستمر فللقاضي أن يفسخ النكاح.
الجواب: يجوز الرجوع للواهب إذا لم يدفعها للموهوب له أو لوكيله، فأما إذا دفعوها له أو لوكيله حرم الرجوع، فهذا الذي لا تزال هبته في يده ولم يعطها للموهوب له يجوز أن يرجع فيها، وأما الذي قد أعطاك أو أعطى شخصاً آخر فليس له أن يرجع فيها.
الجواب: هي مذكورة في الكتاب في باب الرضاع بعد باب الطلاق، ذكروا أنه تحرم عند الإمام الشافعي والإمام أحمد خمس رضعات، وأما عند الإمام مالك فرضعة واحدة، وذهب الأحناف إلى أنه لا تحرم إلا عشر رضعات.
والرضعة اختلفوا فيها، فمنهم من يقول: إنها مجرد مصة؛ لأن في الحديث قال: (لا تحرم المصة ولا المصتان) فإذا مص وابتلع فتعد واحدة، ومنهم من يقول: إنها الإمساك ثم الإطلاق، فإذا أمسك الثدي وامتص منه ثم تركه أو نزع منه فهي رضعة، ومنهم من يقول: هي الشبع، فإذا رضع حتى يشبع تعد هذه رضعة، ولو أنه مسه وأطلقه مراراً، والمختار الذي عليه الفتوى أن الرضعة هي: الإمساك والإطلاق ولو في مجلس واحد.
الجواب: إذا أدى ذلك إلى هذا الخلاف فعليهم حل هذه الجمعية، ورد كل مال إلى صاحبه، وإذا نزل بهم حادث عليهم أن يجمعوا له ما يحتاج إليه فوراً؛ لأن الحوادث هذه تقوم بها العاقلة، وأقارب صاحب الحادث يأخذون من هذا ألفاً أو خمسة آلاف ومن هذا ومن هذا حتى يجمعوها.
وهذه الجمعية يفعلونها حتى لا يكون هناك تكلف في جمعها بعد أن يحدث الحادث، فإذا صار يحصل بسببها خلاف كأن يقول أحدهم: كلفتوني أو أخذتم مني أكثر من غيري، وقد يقول: لا أعطيكم لأنكم لا تستحقون، أو لأنكم تأخذون مني ولم يحصل شيء، فيحصل نزاعات وخصومات وتقاطع، فالأولى تركها.
الجواب: يصح ذلك، فقد ذكروا أن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب تزوج بنت علي بن أبي طالب ، ولما مات علي تزوج امرأة من نسائه، فجمع بين بنت علي وزوجته، ولكنها ليست أم الزوجة التي عنده، وذلك لأنه لا قرابة بينهما، إنما هي قرابة مصاهرة.
الجواب: لا يجبرها إذا امتنعت، ولا خير في إجبارها؛ لأنها هي التي تتألم، ولكن عليه وعلى أمها إقناعها، وبيان المصلحة التي تترتب على تزويجها، فإذا لم ترغب أصلاً فلا إكراه عليها.
الجواب: إذا كان هذا اصطلاح فلا مانع، وهذا مثل قوله: ملكتك ابنتي، أو أعطيتك ابنتي بصداق كذا، أو بمهر كذا، فهذا يمكن أن يكون اصطلاحاً كما يكون في اللغات الأخرى، هناك لغات أجنبية متنوعة، فكل يعقد باللغة التي يفهمها.
الجواب: المأذون يعتبر كواسطة بينهما، فعليه أن يستفصل قبل أن يعقد، فيسألهم: هل الزوجة راضية؟ ولابد أن يسأل الشاهدين إذا كانا يعرفانها، وكذلك يسأل الولي، ويتحقق من تمام الشروط، ومن انتفاء الموانع، فإذا خاف أن هناك إجباراً، أو أن هناك أشياء من الموانع فلا يجوز له الإقدام على العقد إلا بعد التحقق من توافر الشروط وانتفاء الموانع.
الجواب: كأن الاستئذان مأخوذ من الإذن الذي يدل على الرضا، فيكون السكوت دليلاً على الإذن، وأما الاستئمار فلابد فيه من الأمر، فكلمة: زوجوه أمر، أو اعقدوا له، فلابد أن الثيب تأمرهم، فلذلك قال: (حتى تستأمر) يعني: يطلب منها الأمر، وقال في الصغيرة: (حتى تستأذن) فهذا هو الفرق.
الجواب: لا بأس بذلك؛ لأن الوجه يطلق على الذات، كما قال تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ [القصص:88]، فإذا دعا الله تعالى بيا وجه الله! جاز ذلك؛ لإطلاقه على الذات، وإن كان الاقتصار على بعض الصفات غير مألوف.
الجواب: إذا قبلت بهذا الشرط فلا بأس بذلك، المسلمون على شروطهم، كذلك أيضاً إذا اشترطت عليه شروطاً، فالمسلمون على شروطهم.
الجواب: لا يلزم حتى يسميها، فيقول: زوجتك ابنتي فلانة، وأما قوله: سوف أزوجك أو أريد أن أزوجك بلفظ المضارع فلا يصير عقداً حتى يكون بلفظ: زوجتك، بلفظ الماضي، وبكل حال لا يتم إلا بعد الرضا، ولا يتم إلا بعد التعيين.
الجواب: إذا كان هناك شرط وافق عليه كمواصلة الدراسة أو مواصلة التدريس أو اشترطت أن تواصل الدراسة ثم بعد إنهاء الدراسة أن يمكنها من التدريس والتزم بذلك فإن عليه ذلك، وإذا أراد منعها فإن لها أن تطالبه بتمكينها من هذا الذي شرطت عليه، وإذا منعها من هذا العمل ثم عصت أو نفرت فلا تُسمى ناشزاًوالحال هذه؛ لأنها قد اشترطت عليه، لكن إذا رأيا المصلحة في ترك العمل ونحو ذلك فيشير عليها بذلك رجاء أن يحصل بينهما التوافق.
الجواب: لابد لمن تعين في عمل أن يقوم بذلك العمل، لكن إذا وافق الرئيس المباشر أو المسئول عنه على تخفيف العمل عنه، ويسلم له الراتب كاملاً؛ بسبب كونه يواصل الدراسة انتظاماً أو انتساباً في الداخل أو الخارج ولن يختل العمل الذي وكل إليه، فلعله يتسامح في ذلك، ويكون الراتب حلالاً، سواء وافق على ذلك النظام أو القانون أو لا.
والحاصل: لابد من التأكد من عدم اختلال العمل، وموافقة المسئول.
الجواب: يظهر أنه إذا كان بالهاتف الذي يسمعه الشهود فلا بأس، يعني: هناك هاتف معه سماعة خارجية، ولا يقتصر على سماعه المتكلم، بل يرفع صوته، فالولي ولو كان بعيداً لابد أنهم يعرفون كلامه، ويتحققون أن هذا هو الولي، ويتكلم فيقول: أشهدكم يا فلان وفلان أني قد زوجت ابنتي فلانة لفلان على أن يصدقها كذا، وبشرط كذا وكذا. ثم يجيب الزوج ويقول: أشهدكم أني قبلت، وهو يسمع ذلك، أما إذا كان الهاتف لا يسمعه إلا واحد فلا يكفي؛ لأن الشهود لابد أن يشهدوا على سماع الإيجاب والقبول، وأما الكتابة فلا تكفي، وذلك لأنه يشترط -على الصحيح- الموالاة بين الإيجاب والقبول، وعدم الفاصل بينها.
الجواب: لا يجوز المزح بهذا، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والعتاق) فلا يجوز المزاح ولا العبث بمثل هذه الكلمات، ومع ذلك مثل هذا الكلام لا يكون عقداً صحيحاً، وذلك لفقد الرضا ولفقد التعيين، ولفقد كثير من الشروط كالأهلية وما أشبهها.
الجواب: لكلٍ دليله، والأصل والأغلب الاقتصار على الواحدة كما ذكر ذلك المؤلف بقوله (يسن نكاح واحدة)، وقالوا: إن الزيادة عليها تعريض للضرر، ولذلك تسمى الزوجة الثانية: ضرة، لأنها تضار الأولى، وتضار الزوج، ولكن تختلف باختلاف المقدرات وما أشبهه.
الجواب: أدركنا بعض المشايخ يعملون ذلك، يعني: يكتبون آيات من القرآن في أوراق أو في أواني نظيفة، ثم تغسل ويشربها المريض الذي كُتبت له، ويذكرون أنهم يتأثرون بذلك، ويجدون فيها فائدة؛ لأن كلام الله تعالى فيه فائدة، كما يستشفى بالقراءة عليه ونحو ذلك، فإذا كان ذلك الكاتب موثوقاً معروفاً أنه لا يكتب إلا شيئاً معروفاً فلعله يجوز.
الجواب: عليك أن تطلب النكاح من غير أجنبية؛ لأن نكاح الأجنبية يحتاج إلى إذن من الدولة، ويحتاج إلى إجراءات، ثم هذه الأجنبية قد لا يوافق عليها، وقد لا تناسبك، وإذا طلقت مثلاً أو رجع أهلها إلى دولتهم شق عليك أن تخرجها، وأن تفرق بينها وبين أولادها، ثم في ذلك أيضاً معصية أهلك وأبويك وأقاربك، فنشير عليك بأن تطيع أهلك وأقاربك الذين لا يريدون منك الزواج بالأجنبية، وستجد إن شاء الله من يناسبك غير هذه الأجنبية.
وإذا كان يقصد أنها أجنبية بمعنى ما ذكره المؤلف يعني: أنها ليست من قبيلته بل من قبيلة أخرى، فمثل هذا أيضاً ليس فيه عيب، بل استحبه العلماء كما سمعنا؛ ولما ذكرنا من العلل، ففي هذه الحال لعلك أن تشير على أهلك، وتحاول معهم حتى يوافقوا.
الجواب: لا يستحب ذلك، فهذه الحبوب مضرة بالصحة، وقد قرر ذلك الأطباء المعتبرون، ولها نتائج سيئة؛ فعلى المرأة أن ترضى بقضاء الله تعالى وبقدره، وقد كان النساء قبل أربعين سنة أو نحوها لا يعرفن هذه الحبوب، ولا يستعملها إلا النادر منهن، وكانت المرأة إذا ولدت اشتغلت برضاع ولدها، وإذا اشتغلت بإرضاعه توقف عنها دم الحيض، وإذا توقف يقول العلماء: إنه ينقلب لبناً، وحيث إنها لا تحيض فإنها لا تحمل، وهذا مشاهد أنها تبقى سنتين بعد الولادة وقت الرضاع لا يأتيها قطرة دم، ومع ذلك لا تحمل، فإذا أنهت رضاع ولدها وفطمته ففي ذلك الشهر تأتيها العادة، ثم بعد وطء زوجها لها بعد الطهر تحمل، هذا كان فعل النساء، وفي كل ثلاث سنين تأتي بولد، أو سنتين ونصف، ولا يحصل عليها تأثر، ولا أذى، ولا ضرر بكثرة إنهاك بدنها، أما في هذه الأزمنة فعدل كثير من النساء عن إرضاع أطفالهن، فصارت ترضعه من هذا اللبن الصناعي، وبعدما تنتهي من مدة النفاس تأتيها العادة، ثم إذا طهرت من العادة ووطأها زوجها حملت منه بعد ذلك، فتحمل في كل سنة، وربما في كل عشرة أشهر أو نحوها، فتقول: إنني أتضرر بذلك، فلذلك تعمل هذه الحيل، فتعمل ما يسمى باللولب، أو تتعاطى هذه الحبوب، أو تحمل زوجها على أن يعزل عنها، وإن كان العزل فيه خلاف في جوازه كما سيأتي.
والحاصل: ننصح المرأة بأن تقتصر على ما كانت عليه أمها وجدتها وهو إرضاع الطفل، فتقصره على رضاع لبنه منها إلى أن تفطمه.
ووجد من النساء من تحيض ولو كانت ترضع، ومنهن من تحيض بعد الإرضاع بسنة، يعني: تبقى سنة لا تحيض، والنساء يختلفن في قوة البنية أو ضعفها.
الجواب: إذا كنت قادراً مقدرة مالية فإن الزواج لا يشغلك عن طلب العلم لا في الجامعة ولا في الحلقات ونحوها، وستجد وقتاً تتعلم فيه، والزواج تعف به نفسك، وكذلك تشغل به فراغك، وتؤنس نفسك، وتؤنس زوجتك، فأنصحك بألا تتأخر لأجل عذر الطلب، فكثير من الطلاب متزوجون ولا يعوقهم ذلك.
الجواب: عليه أن يحرص على أن يعفها بما يستطيع، وقد ذكروا في باب العشرة أنه إذا كان قادراً على وطئها في السنة ثلاث مرات -أي: في كل أربعة أشهر مرة- كفاه ذلك، أما إذا لم يقدر أصلاً، وطلبت منه الفراق، وهي مثلاً ذات شباب أو نحوه؛ فيجب عليه أن يفارقها حتى تجد من يعفها.
الجواب: نعتبر هذا خطأ، بل من طلب النكاح وكان أهلاً فإن على الوالد أن يزوجه، وتزويجهم على آبائهم؛ وذلك ليعفهم وليحرص على أن يصونهم عن الوقوع في المحرمات ونحوها.
وكذلك أيضاً الإناث كثير من الأولياء قد تبلغ إحدى بناته مثلاً: خمساً وعشرين سنة، أو ثلاثين سنة، فيتقدم إليه بعض الشباب عمره في عشرين سنة، ويخطب ابنة له عمرها عشرون، أو عمرها ثمانية عشر عاماً فيرده، ويقول: لا أزوجها حتى أزوج التي أكبر منها، فيعضلها ويعضل الأخرى، ويكون سبب ذلك كونه لا يزوج الصغرى حتى تتزوج الكبرى، فعليه أن يزوج من جاءه خاطباً إذا كان كفئاً، فهذا الخاطب الذي عمره عشرون سنة أو ثنتان وعشرون قد لا يرغب في التي عمرها ثلاثون أو خمس وعشرون؛ فلذلك لا يحق له أن يمنع من تقدم له من الأكفاء، والله أعلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر