الجواب: ينبغي أن أحرص على أخي وإن رأيت فيه عيباً، لا أفضحه ولا أشهر به، ينبغي أن أطرق بابه وأقول له: يا أخي! ينبغي أن تكون المسألة بالشكل الفلاني وبالطريق الفلاني وبالأمر الفلاني.
وبهذا تزول الحواجز بين العاملين للإسلام، ونحن نعتبر هذه الجماعات ليست فرقاً منحرفة، هؤلاء لهم عقيدة وهؤلاء لهم عقيدة، وهؤلاء لهم شريعة وهؤلاء لهم شريعة، لا، بل العقيدة متقاربة، والشريعة هي الشريعة، وكثير من الخطوات هي الخطوات، أو نختلف في بعض الوسائل، أو نختلف في الفهم، وهذه أمور تتنوع حتى في إطار الدولة الإسلامية، فهذا عالم، وهذا مجاهد، وهذا عابد، وهذا كذا وكذا.
فهذا أمر لا يرفضه الإسلام، فإذا اتجهت جماعة للعلم، وجماعة اتجهت للدعوة، وجماعة اتجهت لكذا، فلا بأس، لكن الجماعة المثلى هي التي يكون فيها نوع من الشمول والتكامل، هذه هي الجماعة التي فيها نوع من المثالية، فتعطي العلم حقه، والدعوة حقها، والجهاد حقه، لا تنسى مجال التربية، ولا تنسى العلم، ولا تنسى الجهاد، فيكون فيها نوع من التكامل.
بوجود شيء من هذه القواعد أظن أن التعدد الموجود في الساحة لن يكون بأمر خطير، لكن أن أقول: أنا وحدي على الحق وأنت على الباطل، ويصل الأمر إلى أني أنا المسلم وحدي وأنت كافر، أعوذ بالله! فلو أن جماعة قدرها خمسون مثلاً وتعتقد بأنها هي المسلمة، وبقية الأمة كلهم كفرة مجرمون! أو أنا جماعتي هي الجماعة، والجماعات الأخرى كلها ضالة! هذا خطأ في الفهم.
نحن بحاجة أن نحطم هذه الحواجز التي أصبحت بين المسلمين، وأحياناً يصل الأمر إلى الكراهية والحقد، فينبغي أن نحاربها، أنا مسلم أشهد أن لا إله إلا الله، وأنت تشهد أن لا إله إلا الله، كلانا يعتقد أن الله واحد، وأن النبي صلى الله عليه وسلم حق، وشريعتنا واحدة، ونجل سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة، ونرى أن جيلهم هو الجيل الفاضل، وتاريخنا واحد، فلماذا الاختلاف؟! الأصول التي نلتقي عليها مئات، لا توجد أمة تجتمع فيها أمور كثيرة تجمعها كالأمة الإسلامية، ثم مع هذا أكل همك أن تحطمني وتكسر رأسي؟!
إذا وضعنا بعض الأصول والتقى عليها العاملون في الإسلام فستصبح الفروق سهلة.
أنا يمكن أن يأتيني فرد من جماعتي فأقول له: اذهب إلى المجموعة الأخرى الفلانية الذين ليسوا من جماعتي؛ لأن عندهم علم، فادرس عندهم الحديث، وادرس عندهم التفسير، وادرس عندهم كذا؛ لأن هؤلاء عندهم شيء ليس عندي، وهم يقولون: اذهب إلى إخواننا هؤلاء حتى يعلموك التربية؛ لأننا لا نحسن التربية، وهكذا يكون تعاون بين الجماعات.
فلماذا هذه الشدة الموجودة عند بعض إخواننا؟! لا يجوز أن نكون جماعة وكأننا أمة مستقلة عن الأمة الإسلامية! نحن مسلمون يعني: استسلمنا لله، وانقدنا له، فالإسلام: مشتق من أسلم يسلم إسلاماً إذا انقاد وخضع لله تبارك وتعالى، فإذا كنت مسلماً لله وأنا مسلم له، والإسلام الصحيح موجود عندك وعندي، فلماذا نتعادى؟! قد يكون فينا بعض النقائص فيكمل بعضنا بعضاً، أنصحك وتنصحني من منطلق الحب والإخاء.
الجواب: الاختلاف لا نستطيع أن نلغيه في عالم البشر، وهناك اختلاف لا نرضاه، وهو الاختلاف الذي سببه البغي والعدوان والكبر، فهذا خلاف مذموم، فالخلاف الذي سببه بغي بعض المسلمين أو إنكار الحق أو الاستكبار عنه؛ لا يقبل بين اثنين من المسلمين، ولا بين جماعتين منهم، وهذا الخلاف سببه البغي واتباع الهوى، فتأتي له بالدليل من الكتاب أو السنة فيرفضه؛ لأن الدليل يخالف رأيه وهواه!
يوجد هناك قواعد سارت عليها الأمة الإسلامية على مر التاريخ في عقيدتها وشريعتها ومنهجها، قواعد وأصول معروفة، مثلاً: لا أرضى أن أحد المسلمين يقول: الخمر حلال، فهذه قضية لا يختلف فيها، أو يقول: المرأة يمكن أن تصير خليفة للمسلمين، أيضاً هذا نقبله؛ لأن هذه القضايا هي منهج عند الأمة الإسلامية من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، فما كان المسلمون على غير هذا.
وهناك خلاف يأتي ممن تصدر للفتوى قبل أن تكون له حصيلة علمية، فيتعلم كلمتين ويصبح شيخ الإسلام، يفتي في الطلاق وفي الزواج والحلال والحرام، يقول: يقتل فلان، ويضرب فلان، وهو لم ينل حصيلة من العلم!
وهناك الخلاف في الوسائل فمثلاً: أنا أرى أنه يمكن دعوة المسلمين في هذه البلاد بالطريقة الفلانية، كأن أقدم له شريطاً أو كتاباً، والأخ الآخر يرى أنه لابد أن يصحح له الإسلام بنفسه، فأقول: يا أخي! أنت على خير وأنا على خير، وهذا اختلاف تنوع.
وهناك اختلاف بين العلماء في فهم النص، وذلك إذا كان النص غير واضح مثلاً، وهذا اختلاف في نوع من الاجتهاد، وهذا الخلاف لم يكن الصحابة يخافون منه، ولا الأئمة، ولا كان العلماء.
الجواب: هذا يمكن أن يكون في أفراد، ويمكن أن يكون في جماعة، والتاريخ الإسلامي يدل على ذلك حتى في ظل الدولة الإسلامية، فأحد العلماء كان مشهوراً في مكة بعابد الحرمين، يعلم الناس العلم، وزميله في العلم كان عالماً كبيراً وقائداً في الميدان العسكري، فأرسل له القصيدة المعروفة:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا
لعلمت أنك في العبادة تلعب
فهذا حبب إليه الجهاد، وهذا حبب إليه العلم، ما ذم الإسلام هذا ومدح هذا، ولا ذم هذا ومدح هذا، أحياناً تضع العالم في ميدان الجهاد ويكون ضعيفاً، ولو تركته في ميدان العلم فإنه يخرج لك أجيالاً، لكنه ضعيف لا يستطيع أن يقاتل.
مثلاً: شيخ الإسلام ابن تيمية عالم كبير، فإذا نزل إلى ميدان الحرب والقتال يكون أسداً هصوراً، يبث الروح الجهادية في كل الأمة، وهذا شيء طيب، ويوجد إنسان يصلح للجهاد فقط، وآخر للعلم، وآخر يستطيع أن يجمع بين العلم والجهاد، فإذا اتجه مجموعة من الأمة إلى العلم وما خذلوا عن الجهاد، فلا بأس، لكن هناك أناس يرون أنه ليس هناك جهاد! يقولون: اترك القتال، اترك الجهاد، فمنهجهم التخذيل عن الجهاد، فهذا غلط، لكن لو قال: نحن فئة من الناس نستطيع أن نصحح العقائد، ونعلم الأمة الشريعة، والعقيدة، ونذكر، ونريد أولاً أن نحيي الأمة حتى تفيق، فلا بأس بهذا، لكن لا يقول للذي يجاهد: أنت على خطأ! كذلك على المجاهدين، لا ينكروا على العلماء.
ثم هناك ظروف ينبغي أن تتحول الأمة كلها إلى الجهاد، وأحياناً تكون المعركة فيها من المسلمين ما يكفي، فينبغي أن يتحول المسلمون الآخرون إلى أمور أخرى.
فعلينا أن نوسع آفاقنا، ولا تكون بهذا الضيق، وفي وقتنا الحاضر لا شك أن الأمة ينبغي أن تتجه إلى الجهاد فأوضاعها مقلوبة في ديار المسلمين، لكن قد لا يستطيع الإنسان أن يجد المجال الذي يجاهد فيه، لأن المسلمين مقيدون، يمنعون من الجهاد من هنا وهناك، ولكن مع ذلك لو أن إنساناً قال: لا بد أن أجاهد، ولا بد أن أذهب إلى بلاد الأفغان، أو إلى فلسطين، فنقول: جزاك الله خيراً، وباب الجهاد ليس مغلقاً، حتى لو لم يكن منه إلا أنه أفزع الكفار.
الجواب: الجهاد في بلاد الأفغان مشروع، وهو تحت راية إسلامية بلا شك، ولقد قدم المسلمون هناك نماذج وأمثلة رائعة، ولا يمكن أن يفسر ثبات إخواننا المجاهدين في أفغانستان إلا بتفسير واحد: وهو تأييد الله تبارك وتعالى لهم، وقفوا خمس سنوات أمام دولة عظمى! واستطاعوا أن يثبتوا وأن ينالوا من العدو نيلاً، ويحدثنا الثقات بما تمتلئ به قلوبنا إيماناً، وعملهم هذا كأنه يقول للمسلمين: يا مسلمون! هناك قوة وراء قوة البشر، الدبابات والطائرات والمدافع تؤثر، ولكن القوة القليلة إذا كان معها الإيمان فإن الله تبارك وتعالى ينزل عليها النصر، ويحقق بها في الأرض المعجزات.
وإذا احتاج المجاهدون الأفغان إلى جهود المسلمين فينبغي للمسلمين أن يقدموا لهم ما يحتاجون إليه، وعلى الأغنياء أن يقدموا من أموالهم ما يكفي المجاهدين، والمسلم الغني الذي عنده فضل من المال ولا يقدم لإخوانه المجاهدين هناك آثم، وينبغي أن تسد حاجة المجاهدين من السلاح والعتاد والطعام والشراب، وكل ما يحتاجون إليه، وعلى المسلمين أن يقدموا الكفاءات التي يحتاجها المجاهدون، مثل: الكفاءات العسكرية المدربة، والكفاءات العلمية في الإعلام والتوجيه، وكل الكفاءات التي يحتاجها المجاهدون الأفغان يجب أن توفر لهم.
أيضاً: ينبغي أن يوفر للمجاهدين المقاتلون، لكن لا نذهب ونكون عبئاً عليهم، مثلاً: وصل إلى بلاد الأفغان في شهر من الشهور خمسون ألفاً من المجاهدين، وليس معهم من الطعام ما يكفيهم، ولا من العتاد ما يكفيهم، ولا من الشراب ما يكفيهم، وإذا جاء ثلاثة أضعاف الجيش مدد، ولم يأتوا معهم بطعام، ولا بشراب، ولم يأتوا بعتاد، فماذا سيحدث للجيش؟! الطعام الذي كان سيكفيهم شهراً انتهى في ثمانية أيام، وأصبحوا عبئاً بعد ذلك!
إذاً: فالقضية تحتاج إلى شيء من التنظيم، ولابد أن يسأل القائمون على العمل الجهادي: ماذا تريدون؟ فإذا كانوا ليسوا بحاجة إلى الرجال فلا أخرج فتوى أقول فيها للمسلمين: كل مسلم عليه أن يأتي إلى أرض الأفغان، إلى الآن اللاجئين من الأفغان الذين في باكستان لا نجد لهم الطعام والشراب، فلو ذهب إليهم خمسة ملايين من المسلمين فإنهم سيأكلون قوت الأفغان الموجودين هناك، ويموت الجميع من الجوع!
المقاتلون الأفغان الذين يستطيعون أن يصنعوا ما لا نستطيع أن نصنعه كثيرون ومتوافرون، لكن تنقصهم كفاءات، فممكن أن يقولوا: أرسلوا لنا مائة طبيب أو مائتي طبيب، أرسلوا علماء وموجهين، أرسلوا خبراء ومدربين عسكريين، أرسلوا مالاً نشتري به السلاح وهكذا.
إذاً: فالجهاد لا يكون بدون تخطيط وتنظيم، نعم الجهاد واجب، والجهاد قد يكون فرض عين، لكن فرض عين على الكفاءات التي يحتاجها المجاهدون، فإذا كان الميدان يحتاج إلى الجنود والضباط والقادة الحربيين المخططين؛ فيجب عليهم الجهاد، ويتم إرسالهم عبر قنوات، ما يذهب الأخ بلا ترتيب، وعندما تخرج فتوى: يجب أن تذهبوا! وبعد أن نذهب إلى هناك سنجد أنهم ما استفادوا من طاقاتنا، وأننا أصبحنا عبئاً عليهم!
إذاً: فلا بد أن تصدر الفتوى الشرعية بعد أن يتبين للمفتي كيف تسري في واقع الحياة.
الجواب: هذا سؤال عام لا يمكن الإجابة عليه هكذا، فهم أخيار فضلاء أو مجرمون أشقياء، فإذا كان عالم شريعة يدرس في جامعة أو يؤم الناس في مسجد أو يخطب الجمعة؛ فلا بأس، أما عالم شريعة يمكن للطاغوت في الأرض؛ فلا، فتختلف الصورة من حالة إلى حالة، ومن مكان إلى مكان، ومن عالم إلى عالم، فالذي همه أن يثبت أركان الباطل ويكون من علماء السلطان، ويعبد الناس للسلاطين، فهذا جريمته معروفة، أما الذي يصارع في هذه المجتمعات ليفهم المسلمين دينهم، ويبين لهم الحقيقة، ويرشدهم إلى الله، ويعلمهم، ويؤذى في سبيل ذلك؛ فهذا إن شاء الله من المجاهدين.
وإلى أي حد نستطيع فيه متابعة التلفزيون هنا في أمريكا مع ما فيه من الإباحية المطلقة والمثيرة، ولا أستثني من البرامج شيئاً، حتى نشرة الأخبار؟
الجواب: الحال في أمريكا وفي بريطانيا وفي جميع دول الغرب أشد مما هي عندنا في بلادنا، وإن كان في بلادنا أيضاً شيء من هذا، ولكن في هذه الديار المسألة أخطر بكثير مما هي عليه في بلاد الشرق.
والنظر إلى المشاهد المخزية والعارية والفاضحة التي تدعو إلى الفاحشة أمر خطير، قال الله: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ [النور:19]، فيجب على المسلم أن يضبط نفسه، وهذه قضية تحتاج إلى جهاد، فالنفس تدعو إلى الباطل، والباطل سهل، فينبغي أن تضبط هذه المسألة إلى أكبر قدر، ولا شك أنها تؤثر في النفوس تأثيراً سيئاً.
وأنا أقول لكم بصراحة: لا يوجد ضبط للمسألة إلا بالبديل، نحن لا ينبغي أن نكون كالنعامة تضع رأسها في الرمال عندما ترى الصياد كما يقول المثل! لا بد من مشاهدة التلفاز شئنا أم أبينا، يعني: خيرة الناس وأتقى الناس إذا كان التلفاز في بيوتهم بعد سنة وسنتين وثلاث وأربع في ظني أنه يمكنهم أن يغيروا، وحبذا لو أن دولة إسلامية تنتج للمسلمين الأشرطة الطيبة، ويمكن أن نعمل مكتبة تلفزيونية في كل مدينة، وفي كل بلد، وفي كل مكان، ولا يتطلب ذلك منا الشيء الكثير، أنا ما أدعوا أن نخترع الآن شريطاً من البداية، لكن ممكن أن نختار من التلفزيون الأمريكي ومن التلفزيون البريطاني في خلال شهر مثلاً خمسة أشرطة سليمة، نحن ما نريد أن نبيعها ونتاجر من ورائها حتى يقال لنا: خالفتم قانون النشر.
وأيضاً في الدول العربية لو تتبعنا البرامج الطيبة التي تبث للأطفال، أو البرامج العلمية، أو التي للنساء، أو على مستوى الشعب كله من كل دولة، نستطيع أن نأخذ عشرة أو خمسة عشر شريطاً.
إذاً: عندنا بديل، بالإضافة إلى ما بدأ ينتجه بعض المسلمين في بعض البلاد، وأنا قليلاً ما أرى التلفاز، لكن في بعض الأحيان أشاهد برامج طيبة، لا أقول: إنها سليمة مائة بالمائة لكن الفكرة فكرة إسلامية، والأدوار أدوار جيدة فعلاً، تستحق أن تعبر عن قضية وعن مشكلة، وعن عصر من العصور في التاريخ الإسلامي.
أنا أدعو الإخوة المفكرين القادرين على العمل في هذا المجال أن يصنعوا شيئاً للمسلمين، فالفيديو مثلاً بدأ ينتشر، وأنت تستطيع أن تتحكم فيه، وتستطيع أن تعرض في ساعتين لأهل بيتك من خلاله في قضية علمية أو قضية هامة.
أصبح التلفزيون الآن يجري في دماء الناس، فهو مدرسة، فإما أن تحول الناس إلى مجرمين أو تحولهم إلى أخيار.
وحفل السمر الذي سيقام هنا ينبغي أن يصور تصويراً تلفزيونياً، فنأتي بأناس يحسنون التصوير على مستوى راق ثم يوزع هذا الشريط، تذهب نسخة إلى بريطانيا، ونسخة إلى ألمانيا، ونسخة إلى أمريكا، ونسخة إلى الكويت، ونسخة إلى الأردن، ونحن في الكويت نعمل عملاً مثل هذا ونرسل لكم منه نسخة، ونتبادل هذه الأمور، ثم يكون عندنا بعد ذلك من كل مكان أشرطة كثيرة تغذي البيوت بمادة ثمينة.
نحن نستطيع أن نقيم برنامج، وأن نقيم دولة، أو إذاعة، أو محطة تلفاز.
فالحاصل: أن هذا الجهاز يمكن أن يشتريه أكثر الناس، وقد انتشر انتشاراً كبيراً جداً، فالقضية مختلفة، فليست قضية تحريم أو تحليل، وينبغي أن نكون إيجابيين.
الجواب: بعض العلماء يرى أن اللحية سنة مؤكدة، وبعض العلماء يرى أنها واجبة، والحقيقة أن الأحاديث التي تأمر باللحية تدل على الوجوب.
أما تقصير اللحية فإذا كانت اللحية وافرة طويلة وعندما يخفف منها المسلم تبقى على وفرتها؛ فليس هناك مانع لو أخذ المسلم شيئاً منها، لكن أن تجعل اللحية خطاً دقيقاً، أو تجعل اللحية دائرة على الذقن فقط، أو تقصرها حتى لا ترى لحية؛ فهذه ليست لحية، أما إذا لم تزل كثة فلا بأس.
وسؤال آخر في نفس الموضوع وهو: أن بعض الناس يأخذون قروضاً من البنوك فيتزوجون بها، فما حكم من يتزوج بقرض ربوي مع العلم بأن البنك المقرض يتعامل بالربا، ويأخذ فائدة على هذا القرض؟ وهل هذا الزواج حرام؟ وإن كان حراماً فما حكم الأطفال الذين يولدون من هذا الزواج؟
الجواب: قال الله: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275] فالربا حرام، والذي يتعامل به ثم يتصدق بالفائدة مثل اللص الظريف في الروايات البوليسية، لا يسرق إلا من المجرمين ليعطي الفقراء والمساكين! هذه طريقة مرفوضة في ديننا، ومثل ذلك أن يعمل في القمار، أو امرأة تتاجر بعرضها ثم تأخذ هذا المال وتتصدق به، هذه طريقة مرفوضة غير مقبولة؛ لحديث (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً).
ولو أن إنساناً وضع ماله في البنوك الربوية ثم تاب، فهل يأخذ الفوائد الربوية التي قد تبلغ عشرات الآلاف أو الملايين؟
في هذه الحال نقول له: خذ المال، لكن ابتداءً لا تعطي البنك المال ليأخذ منه ربا، ولو بقصد أن ترسله للمجاهدين. لكن لو أن إنساناً وضع ماله في البنك، وبعد ذلك تاب، وكانت الفائدة ملايين، فإن أبى هذا الرجل أن يأخذها قد تحول إلى الكنائس.
ففي هذه الحال نقول: لا تتركها للبنك؛ لأن البنك ليس صاحبها، ولا تأخذها أنت فأنت لست صاحبها، والمال الذي ليس له صاحب يذهب إلى بيت مال المسلمين، فإن لم يكن للمسلمين بيت مال فيذهب إلى المستحقين من الفقراء والمجاهدين وغيرهم.
ولا يجوز للإنسان أن يأخذ قرضاً ربوياً من البنك ليتزوج، والربا حرام، لكن الزواج ليس له دخل في هذه القضية، الزواج ما دام أنه عقد على التراضي وإن كان المهر في أصله حراماً، فهو صحيح، والمرأة لا تملكها بالمهر، فلو دفعت لها خمسمائة دينار هل تكون قد ملكتها؟ لا، أساس الزواج في الإسلام التراضي، هذا هو الأساس الأول؛ ولذلك لو أن امرأة قالت لك: أنا أريد مهراً نصف دينار فقط، فالزواج صحيح، جاء اثنان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في زواج وكان المهر نعلين! فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة: (أرضيت من نفسك بنعلين؟ قالت: نعم، رضيت يا رسول الله)! فأقر الزواج.
وفي الحديث الآخر: (زوجتكها بما معك من القرآن) فالقضية الأساسية هي التراضي، لكن كونك تتزوج من الربا فهذا حرام، لكن الزواج صحيح، ولا يبطله الربا، والأولاد ليسوا بأبناء زنا.
الجواب: الجهاد أنواع: فمنه الجهاد بكلمة حق عند سلطان جائر، والمجاهدة لتغيير الحكم الباطل وإقامة دولة إسلامية، والجهاد في ميدان الحرب والقتال، فالجهاد ألوان كثيرة.
الجواب: تغيير المنكر مراتبه ثلاثة كما في الحديث: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) وفي رواية أخرى: (وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل).
أخي الكريم! أنت في أمريكا، فلماذا لا تغير الباطل الموجود في أمريكا؟ لماذا لا تقيم دولة الإسلام في أمريكا؟ لماذا لا تغير الشارع في أمريكا؟ الجواب: أنك لا تستطيع، وهل سيحاسبك الله تبارك وتعالى لأنك ما استطعت هذا؟!
لن يحاسبك على هذا، لكن هل ترضى بهذا الباطل؟ إن رضيت به فلست بمسلم، لكن هل تستطيع أن تبين؟ نعم تستطيع، فبين وأقم الحجة، عندما أتينا من المطار كانت امرأة عجوز تقود بنا السيارة، فقلت للأخ الذي معي: كلمها حتى نعرض عليها شيئاً من الإسلام، فأنا مهمتي أن أبين لها الدين، وبعد ذلك هي يوم القيامة تأتي وقد بينت لها، وفعلاً استطعنا أن نفهمها ما هو ديننا وإسلامنا، وما هي عقيدتها، ومن هو عيسى، وهي امرأة عجوز في الستين من عمرها، وظهر منها نوع من الاستجابة، وإن كانت استجابة شكلية، أي: (مجاملة)، لكن المهم أنني أقمت عليها الحجة في تلك اللحظات التي كنت معها في السيارة.
كذلك أي إنسان منكم يستطيع أن يبين الإسلام في الطائرة، وفي السيارة، وفي كل مكان فليفعل، أحد الإخوة الباكستانيين قال لي: ماذا تصنع؟ وماذا تعرض على هؤلاء؟ قلت له: القضية سهلة، أقول له: أنا مسلم، وأرسل له رسالة تبين الإسلام ببساطته، وأعرض عليه القضايا الأساسية وليس الفرعية، فأقول: هناك رسول اسمه محمد صلى الله عليه وسلم، أرسل من عند الله، وأنزل عليه القرآن، وأنت عبد لله ينبغي أن تطيع الله، وإن أطعت لك الجنة، وإن لم تطع فلك النار.
ولو سألنا: الرسول صلى الله عليه وسلم كيف أقام الحجة على كسرى وعلى قيصر؟
أرسل رسالة فيها: من محمد رسول الله، وفيها: أسلم تسلم، فإن أبيت فإن عليك إثم رعيتك، وبهذه الرسالة أقيمت الحجة عليه.
فأنت إذا كنت لا تستطيع القول فعلى الأقل أنكر بقلبك.
كذلك عندنا في ديارنا إذا كنت تستطيع أن تفعل ما تشاء، وتصول وتجول في ديارنا، وتستطيع أن تغير الفساد، وتجعلها دولة إسلامية؛ فهذا واجب عليك، وإذا كنت لا تستطيع فعليك أن تضع يدك في يد العاملين، وتعمل معهم بقدر استطاعتك، أما أن تقول: أنا إذا ما غيرت الباطل في أمريكا فالله يعاقبني يوم القيامة؟ لا، كان حول الكعبة ثلاثمائة وستين صنماً، والرسول صلى الله عليه وسلم بقي ثلاث عشرة سنة في مكة وما غيرها، وعندما جاء أوان التغيير وكان له القدرة على التغيير كسرها وقرأ: جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ [الإسراء:81]، فكل شيء له أوانه.
الجواب: نحن عندما نرى هذا الجو الذي يعيش فيه إخواننا ندعو لهم دائماً بالثبات، فهو جو كنار مستعرة، من يثبت في مثل هذا الجو نرجو أن يكون من خيار الناس، وأن يتقبله الله تبارك وتعالى، وأن يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وما من شك أن الزواج من امرأة صالحة هو الحل الذي يعالج كثيراً من المشكلة.
ومن كان لا يستطيع الزواج، فلا بد أن يعيش في بيئة إسلامية، والإخوة هنا يفعلون ذلك، لكن أدعو إلى مزيد من التجمع في أماكن يلتقي فيها الإخوة؛ ليشد بعضهم بعضاً وفي الحديث: (وإنما تأكل الذئب من الغنم القاصية)، فالإنسان عندما يعيش وحده يمكن أن تفترسه الذئاب، ويمكن أن ينحرف، ودائماً في الاجتماع قوة.
وعلى الإنسان دائماً أن يكون معتصماً بالله تبارك وتعالى، يراقب الله عز وجل، وكلما كان في الإنسان حياء فإنه يستشعر أن الله تبارك وتعالى معه، سواءً كان في أمريكا أو في مكة، فيستشعر أن الله تبارك وتعالى معه وأنه محاسبه، وأن الدنيا اختبار وابتلاء، فأنت تبتلى وأنا أبتلى، أنت تبتلى بنوع وأنا أبتلى بآخر، فالعلم الذي يحمله العالم بلاء، يعني: اختبار، وفي الحديث: (أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة: -وذكر منهم- العالم الذي يتعلم العلم لا يريد به وجه الله)، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فالقضية عظيمة جداً، وأنا مبتلى بهذا، وإذا كانت نيتي في علمي هذا الدنيا، فالعلم سيدخلني جهنم والعياذ بالله!
فإذا كنت شاباً وقدر لك أن تتعلم في هذه الديار؛ لأن ديار المسلمين التي تسيل ذهباً وفضة ما استطاع ولاة أمرها أن يوفروا الجامعات حتى نتخلص من هذا البلاء، فأنت ابتليت بهذا وتريد أن تستقيم على دينك، وأنت تعاني مما ذكرت، وإذا سقطت فلن يكون هذا كالسقوط في جامعة، فالسقوط في هذا السبيل أحياناً قد لا يستطيع الإنسان معه العودة.
فلا بد من مراقبة الله تبارك، وتعالى واستشعار أن الله حي لا يموت، كما قال أبو بكر رضي الله عنه : من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، والله يعلم بكم إذا كنتم في أمريكا، أو كنتم في المدينة المنورة، أو في مكة، أو في أي بقعة من الأرض، وسيجازيكم كما قال الله على لسان لقمان : يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [لقمان:16] فهذا الاستشعار يجعل عندك ضابطاً وعاصماً من المحرمات، وهو الذي عصم نبي الله يوسف، وهذا هو البرهان الكبير الذي حماه الله به، فإذا كان عند المرء هذا العاصم وهذا الحافظ كان على صلة بكتاب الله، ويدعو الله لنفسه بالثبات دائماً.
وأحياناً لا يطيق الإنسان الصبر، ولكن في لحظة من لحظات الصبر ينزل الله تبارك وتعالى عليه سكينة وطمأنينة فيجد في نفسه قوة، ويجد في نفسه عاصماً يعصمه، ويجد حماية ما كان يستشعرها من قبل، ولا كان يعرفها.
وأيضاً: فلا بد من الإرشادات التي أرشد إليها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي أن يشغل الشاب نفسه بطاعة الله، لا سيما الصيام، وكذلك لا بد من غض البصر.
أسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر