إسلام ويب

شرح مناسك الحج للنساء [1]للشيخ : محمد حسن عبد الغفار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحج ركن من أركان الدين، ومعلم من معالمه، وأساس من أسسه، فهو أحد أركان الإسلام الخمسة التي لا يتم إلا بها، وقد رغب فيه الإسلام، وحث عليه، من أجل ذلك كان لابد على المسلم أن يتعلم أحكام الحج وكيفيته، ويستوي في ذلك الذكر والأنثى، وإن كان هناك بعض المسائل التي يختلفان فيها نظراً لطبيعة كل منهما.
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    ثم أما بعد:

    فإن أهم مناسك الحج تبدأ يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة.

    الاغتسال يوم التروية

    من السنة أن يغتسل الحاج غسل الجنابة وتغتسل المرأة غسلها من الجنابة، ثم ترتدي ما شاءت من الثياب؛ لأنه ليس محظوراً عليها شيء من الثياب، سوى النقاب والقفاز، فالمرأة لا تنتقب ولا تلبس القفازين. فتغتسل هذا الغسل، وتتطيب، والطيب قسمان:

    قسم له رائحة لا يجوز للنساء استعماله، فهو خاص بالرجال.

    وقسم له عين وليست له رائحة فيجوز لهن. والمرأة إذا أرادت أن تلتمس السنة، وتصيبها فلتطيب بطيب ليس له رائحة بحال من الأحوال، تعبداً لله جل وعلا، بالتمسك بالسنة.

    التلبية يوم التروية

    بعد أن تغتسل تتمهل يسيراً، ثم تلبي من مكانها قائلة: لبيك اللهم بحجة. وبعد أن تلبي بذلك تردفها بالتلبية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، لبيك، فتلبي هذه التلبية، وتخفض صوتها بحيث تسمع نفسها؛ لأن المرأة كلها عورة، فلتتق الله ولتخفض صوتها؛ حتى لا تفتن الرجال.

    الدفع إلى منى وقصر الصلاة فيها

    فإذا لبت المرأة فلتدفع بإذن الله قبل الزوال إلى منى، فمن السنة أن تدرك وقت الظهر عند الزوال في منى، فتصلي الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والمغرب ثلاثاً -لأن المغرب لا يقصر- والعشاء ركعتين، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان للمرأة ورد من الليل فعليها أن تأخذه قبل الفجر، فإن نسيت فلتقم في النهار، وإن لم يكن لها ورد فحري بكل امرأة جاءت إلى هذه الأماكن المعظمة متمسكة متعبدة لله جل وعلا أن تجعل لها فرصة من الليل تقوم فيها ولو بركعتين، بما تحفظ من الآيات، وما تيسر لها، فتكون قد أحيت ليلها وأرضت ربها، ثم بعد ذلك تصلي الفجر مع الناس جماعة، ثم تذكر الله جل وعلا بأذكار الصباح التي تحفظها، ولتحافظ على الأذكار المؤقتة التي كان لا يتركها النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه رجل -كما في المسند بسند صحيح- فقال: يا رسول الله! إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأوصني وأوجز لي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اجعل لسانك رطباً بذكر الله)، وقد ورد حديث في شعب الإيمان بسند ضعيف، قال: (اذكر الله حتى يقال: إنك مجنون).

    فترطب القلوب بذلك وتثبت بإذن الله، ومن اعتاد على الذكر في حال رخائه أتاه الفرج من عند ربه جل وعلا وقت الشدة، ويثبت عند الموت، ويقول: لا إله إلا الله.

    وبعد أن تنتهي من أذكار الصباح فإن كان لها ورد من القرآن فلتقرأه، حتى تطلع الشمس.

    الدفع إلى نمرة

    فإذا طلعت الشمس فلتدفع إلى نمرة، وهذه هي السنة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتنفل حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت دفع إلى نمرة، فلما وصل إليها ضربت له خيمة في نمرة فنزل فيها.

    هذه هي السنة، ولكن مع الازدحام الشديد في هذه الأزمنة لا يستطيع الإنسان أن يطبق هذه السنة، فإذا أرادت المرأة السنة فلتخبر محرمها أن يذهب بها إلى نمرة؛ لأن هذه هي السنة، وإن لم تستطع، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، فليس بواجب، ولا لازم عليها، ولكنها سنة مستحبة، فإذا أرادت أن تحج كما حج النبي صلى الله عليه وسلم فلتذهب إلى نمرة ولتجلس إلى الزوال.

    الدفع من نمرة إلى عرفة

    فإذا زالت الشمس عن كبد السماء، واقترب وقت الظهر فلتدفع من نمرة إلى عرنة، ولتجلس في عرنة ولتسمع الخطيب، ثم بعد الخطبة يؤذن للصلاة، ثم تقام صلاة الظهر، فتصلي ركعتين، ثم الإقامة الثانية للعصر، فتصلي العصر ركعتين جمع تقديم لا تأخير، وبعد صلاة الظهر والعصر تستحضر في قلبها الخشوع والذل التام لله جل وعلا، والمقام مهيئاً لذلك، فإن المرء إذا لبس إحرامه الذي هو إزار ورداء علم أنه سيكفن في مثل هذا، فهذا يهيئه تهيئة تامة، والمرأة لها أن تتذكر ذلك فهي تصلي وترى الرجال الذين يرتدون هذا اللباس، فتتذكر أن هذا كفن، وتتذكر الموت، وتخضع وتذل لكبرياء الله، ولعزته وجبروته وقدرته، فتذرف العين دامعةً لله جل وعلا، ويرق القلب شوقاً لرؤية وجهه الكريم سبحانه وتعالى، وتستحضر في قلبها بأن الله سيباهي بها الملائكة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088521393

    عدد مرات الحفظ

    777100253