عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أبرز الرجال الذين قام الدين على أكتافهم وجهودهم، آتاه الله قوة في الدين والعلم، وجرأة في الحق، وصرامة لا مثيل لها على الباطل، فاستحق بذلك أن يكون الوزير الثاني للرسول الكريم، والخليفة الذي عقمت النساء أن يلدن مثله.
من فضائل عمر بن الخطاب
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
نحن اليوم على موعد مع الوزير الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مع سيد الخلق أجمعين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد أبي بكر في هذه الأمة، مع الذي فرق الله به بين الحق وبين الباطل، بين أهل الشرك وأهل الإسلام، مع الذي قال فيه ابن مسعود : كان إسلامه للمسلمين عزاً، وللإسلام نصراً، وكانت هجرته فتحاً، وكان الله جل وعلا قد قلده كل كنوز كسرى وقيصر، وفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها، الرجل الذي علم أهل الزهد كيف يكون الزهد، الرجل الذي علم أهل العدل كيف يكون العدل، أنه الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
وهذا أدب جم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو يراعي غيرة أصحابه، وهو سيد عمر بل إن عمر لن يدخل الجنة إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وما نجى الله عمر إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن تأدباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدخل القصر الذي في الجنة لما علم من غيرة عمر ، فلما قص ذلك على عمر بكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟!! صلى الله عليه وسلم، فرضي الله عن عمر بن الخطاب ، وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذه شهادة من نبينا صلى الله عليه وسلم على أن عمر بن الخطاب سيد العلماء، وهو أفقه الصحابة بعد نبينا وبعد أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه.
وهنا فائدتان:
الفائدة الأولى: أن شرب اللبن في المنام يؤول بالعلم.
الفائدة الثانية: أن شرب عمر من اللبن كان من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: أنه استقى العلم كله من منبعه وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه أيضاً فيها بشارة للذين يتبعون السنن أن العلم لا يكون إلا بما قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.
وفي البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه قال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، والقصة طويلة جداً وهي تبين لنا شجاعة عمر وعز المسلمين بإسلام عمر فلما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له الرسول: الآن يا عمر ! قال: الآن يا رسول الله: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله! فقال: يا رسول الله ألست على الحق؟ قال: بلى. قال: ولم الكتمان ولم السكوت؟ فخرج فصف حمزة وبعض الصحابة صفاً ثم صف عمر بن الخطاب صفاً آخر، وعلى رأس الصف الأول أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الفاجعة الكبرى التي سقطت كالزلزال على قريش وهي إسلام عمر مع حمزة فـحمزة أسد الله وأسد رسوله على رأس صف، وعمر بن الخطاب كذلك، وصعدوا في شرفات مكة يعلنون بكلام الله وبكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولذلك ابن القيم يقول: انظروا إلى قلب متشعب برضا الله وبعبادة الله، كان في الصلاة يخطط للمعركة، ومن الممكن للإنسان أن يخطط في صلاته؛ لأنه يرضي الله ويرضي رسوله، فالأمر كله منساق للصلاة؛ لأن الصلاة أصالة عبادة لله، وفتح المسلمين للأراضي أيضاً عبادة لله وهي مرتبطة بهذه العبادة.
قال: (حتى روي الناس وضربوا بعطن)، وهذه دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم يبشر بأن خلافة أبي بكر كانت قليلة، وأما خلافة عمر رضي الله عنه وأرضاه فهي طويلة الأمد، فقد اتسعت الخلافة في يد عمر بن الخطاب.
ويستنبط العلماء من تبسم رسول الله أنه أقر نساء الأنصار بما يفعلن وأقر رجال الأنصار بما يفعلوا، وهذا صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم من أجل عقد انفرط على عائشة جلس بالناس وليسوا على ماء؛ كل ذلك من أجل عقد لـعائشة رضي الله عنها وأرضاها.
وقد وردت قصة لطيفة جداً في رفق النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء، فـعائشة لما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم كان سنها تسع سنين، فكانت ما حملت اللحم، فأقرع النبي صلى الله عليه وسلم بين نسائه فسافرت معه، فقال للقوم: (تقدموا)، فتقدموا، (فقال لـعائشة: تسابقيني؟) اللهم! ارزقنا ذلك اللين (فسابقها وسابقته فسبقته)، فمضت مدة وأراد النبي صلى الله عليه وسلم السفر فأقرع بين نسائه فقدر الله أن تخرج عائشة لكنها كانت قد حملت اللحم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال للقوم: تقدموا (وقال: يا عائشة ! تسابقيني؟ فسبقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هذه بتلك) واحدة بواحدة.
ونسأل الله جل وعلا أن يقوينا ويجعلنا في قوة عمر في الحق، أذلاء على المؤمنين، نعمل لرضا الله جل في علاه، ويجمع بيننا وبينه مع النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى.