أهمية تعلم أحكام الحيض
تعريف الحيض
الحيض لغةً: مصدر حاض، يقال: حاض الشيء إذا فاض، وحاضت المرأة يعني: سال دمها.
فالله جل وعلا يجعل أعلى الرحم يدفع الدم جبلة؛ وهذا الدم ليس بدم فساد ولا مرض، بل يخرج على سبيل الصحة، والله جل وعلا قد ابتلى به المرأة لحكمة يعلمها جل في علاه، فهو يناسب أنوثتها وجسدها وكينونتها.
والمرَّةُ يطلق عليها حيضة، والجمع: حِيَض، والمحايض هي: الخرق التي تستثفر بها المرأة فتمص دم الحيض، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (قالوا: يا رسول الله! بئر بضاعة يلقى فيه الكلاب والنتن ويلقى فيه المحايض -يعني الخرق التي تمص الحيض- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الماء طهور لا ينجسه شيء)، ويقال للمرأة: حائض، مع أن كلمة: (حائض) مذكر، لكن ينسب للمرأة؛ لأنه خاص بها، ولا يمكن الاشتباه فيه مع الرجل.
وفي الاصطلاح: هو دم جبلة يخرج من أقصى الرحم للمرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة، في أوقات معلومة بحسب أصناف النساء واختلاف أحوالهن.
أسماء الحيض
حكم دم الحيض
أقسام الدماء الخارجة من فرج المرأة
تنقسم الدماء الخارجة من فرج المرأة إلى ثلاثة أقسام، وهي:
القسم الأول: دم الحيض. ويخرج من أعلى الرحم.
القسم الثاني: دم النفاس. وهو متعلق بالولادة.
وأما الدماء التي تنزل من الحامل قبل أن تلد بيومين تستقبل به الولادة، ففيه خلاف بين الفقها، فلو قلنا: إن الدم الذي ينزل من الحامل قبل أن تلد بيومين هو دم نفاس فالحكم أنها لا تصلي ولا تصوم، ولو قلنا: إنه دم فساد وعلة فالحكم أنها تصلي وتصوم حتى تلد، والراجح من أقوال أهل العلم أنه ليس بدم نفاس.
القسم الثالث: دم الاستحاضة. وهو دم مرض وعلة، فقد تأتي طبيبة مختصة فتقول: إن هناك عرقاً هو الذي يسيل منه هذا الدم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما هو عرق)، وقال: (هو ركضة من الشيطان) .
علامات دم الحيض
هناك علامات لدم الحيض التي بواسطتها تعرف المرأة أن هذا الدم هو دم الحيض، وهي أربع علامات:
الأولى: اللون.
الثانية: الوصف.
الثالثة: الرائحة.
ومعرفة هذه الأمور من العلم والدين.
العلامة الأولى: اللون، فالدم الأحمر ليس بحيض، إلا أن تظهر قرائن تثبت أنه دم حيض، وإنما دم الحيض أسود؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (دم الحيض أسود يعرف)، أي: تعرفه المرأة، ولكن البنت التي ابتدأها الحيض لا تعرف، فعليها أن تذهب إلى أمها لترى الدم، أهو دم حيض أم ليس بدم حيض؟
العلامة الثانية: الوصف، فدم الحيض غليظ، وأما دم الاستحاضة فهو خفيف رقراق، وهذا هو الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة.
العلامة الثالثة: دم الحيض له رائحة كريهة منتنة، ودم الاستحاضة ليس كذلك؛ لأن دم الاستحاضة منبثق عن عرق، أما دم الحيض فهو منبثق من أعلى الرحم، فكان أوفق له أن يكون له رائحة منتنة.
العلامة الرابعة: أن دم الحيض بعد الدفع من الرحم لا يتجمد، وغيره يتجمد.
سن الحيض
أقل الحيض وأكثره
أما بالنسبة لمسألة أقل مدة الحيض وأكثرها، فقد ذهب الأحناف إلى أن أقل الحيض ثلاثة أيام، بمعنى: أن المرأة إذا نزل منها دفعة واحدة من الدم فلا يعتبر عند الأحناف حيضاً، فلا بد أنه يستمر معها ثلاثة أيام، وأكثر أيام الحيض عشرة أيام، فلو زاد على عشرة أيام فهو دم استحاضة.
أما المالكية فقالوا: لا حد لأقله ولا لأكثره، فلو أن الرحم دفع دفعة واحدة من الدم، أو لحظةً واحدة، فهذا الدم دم حيض عند المالكية؛ لأنه لا حد لأقله ولا لأكثره.
أما عند الجمهور -الحنابلة والشافعية- فقالوا: أقل الحيض يوم وليلة؛ لأن الحائض عندهم لا بد أن يستمر معها الدم يوماً كاملاً، وأكثر الحيض خمسة عشر يوماً.
ويستدلون على ذلك بقول علي بن أبي طالب : (وما زاد عن الخمسة عشرة فهي استحاضة).
ودليلهم على أقل الحيض هو: استقراء عادة النساء، فقالوا: وجدناها يوماً وليلة، والعادة محكَّمةٌ، وهذا قول الشافعية والحنابلة.
وكذلك يستدلون بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (النساء ناقصات عقل ودين، قيل: وما نقص دينهن؟ قال: تمكث إحداهن شطر عمرها لا تصلي)، فشطر عمرها أي: نصفه، وهو: خمسة عشر يوماً بالنسبة للشهر، ففيه دلالة على أن أقصى مدة هي: خمسة عشر يوماً ليس بصحيح، بل هو ضعيف، والراجح في ذلك والذي دلت عليه الآثار ويدل عليه النظر أن الحيض لا حد لأقله ولا حد لأكثره عند شيخ الإسلام لكن الصحيح أن هناك حداً لأكثره، فإذا أرخى الرحم دفعة واحدة من الدم فهو حيض، ولو لحظة، ولا بد أن تكون دفعة كبيرة، ليس نقطة أو نقطتين؛ لأن النقطة والنقطتين كما قال علي بن أبي طالب ليست من الحيض، أي: لا تؤثر، فهي معفوٌ عنها، ودليل ذلك أن الله علَّق الحكم على وجود الدم، فإن وجد الدم فهي حائض، ولو ارتفع الدم فهي غير حائض؛ لأن الله جل وعلا قال:
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ
[البقرة:222]، أي: إذا نزل فهو حيض، وإن لم ينزل فليس بحيض.
أما لو شعرت المرأة بدم الحيض داخل الفرج ولم يخرج فلا تعتبر حائضاً؛ لأن الحكم يدور مع وجود الدم، هذا هو الصحيح.
أما أكثر أيام الحيض، فالصحيح الراجح أن أكثر أيام الحيض خمسة عشر يوماً، فلو زاد الدم عن خمسة عشر يوماً فهو دم استحاضة، وعند ذلك ننظر في عادتها هل هي ستة أو سبعة أيام؟ والباقي كله نجعله استحاضة؛ لأنه لا يعقل أن تكون أكثر أيام المرأة لا تتعبد لله فيها أبداً، فهذا مخالف لمقاصد الشريعة والتكليف، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تمكث ليالي لا تصلي)، أي: أنه حدد الأوقات التي لا تصلي فيها، ولو كان أكثر عمرها كذلك لقال النبي صلى الله عليه وسلم: تمكث أكثر أيامها لا تصلي.
أصناف النساء في الحيض
للنساء أصناف وأحوال ثلاثة في الحيض:
الصنف الأول: مبتدئة: وهي التي لم تحض قبل ذلك.
الصنف الثاني: مميزة: وهي التي تستطيع أن تميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة.
الصنف الثالث: معتادة: وهي التي اعتادت على مجيء الحيض في وقت معين من الشهر، سواء في بدايته أو نهايته، ويمكث معها مدة معينة اعتادتها، فهي لا تميزه إلا بعادتها، فإذا زاد عن عادتها بسبب اضطرابات نفسية، أو بسبب استخدام دواء منع الحمل، فيعتبر الزائد استحاضة.