إسلام ويب

رسالة إلى كل امرأة تيسير أحكام الحيض - أحكام نكاح وطلاق ووطء الحائضللشيخ : محمد حسن عبد الغفار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يحرمُ على الرجل وطء امرأته وهي حائض، ويحرم طلاقها كذلك وهي حائض، ومن استحل وطء المرأة في الحيض فقد كفر، ومن وطأ امرأته وهي حائض برضاها فالإثم عليها، ويلزمهما التوبة، وإن كانت مكرهة فالإثم عليه وحده، ويجوز العقد على المرأة الحائض والزواج منها اتفاقاً، والطلاق في الحيض يقع على قول الجمهور، ويجب مراجعة الرجل امرأته إذا طلقها وهي حائض.
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    ثم أما بعد:

    من الأحكام التي تتعلق بالمرأة الحائض: معاملة زوجها معها حال حيضها.

    حرمة وطء الحائض

    أجمع أهل العلم على تحريم وطء المرأة الحائض، ومن فعل ذلك فقد فعل كبيرة، ولا بد أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، ومن استحل وطء المرأة في الحيض فقد كفر، فعل أو لم يفعل، فمن قال: الخمر حلال، وقرئ عليه قوله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ [المائدة:90]، وبينت له الآية، فقرأها وعقل معناها، ثم قال: الخمر حلال. فهذا مستحل، شرب أم لم يشرب، وهو كافر؛ لأن الاستحلال -والعياذ بالله- معلوم بالدين بالضرورة أنه يكفر صاحبه؛ لأنه مكذب لله، فكذلك من وطئ المرأة الحائض في حيضها واستحل ذلك فقد كفر؛ لأنه مكذب لله جلا في علاه.

    ودليل حرمة إتيان الرجل المرأة الحائض قول الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة:222]، ثم قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرن [البقرة:222].

    وهذه الآية مجملة، وظاهرها: عدم القرب من المرأة الحائض، سواء بالمس أو بالمباشرة أو بالتقبيل أو بالضم.

    وقد يبن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الإجمال وفسره بفعله، فعن عائشة : (أنه كان يلقي عليها إزاراً تتزر، فيباشرها وهي حائض).

    إذاً: قول الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ ، ليس على عمومه، ولا على إطلاقه، بل هو مقيد إما بالفرج، وإما بما بين السرة والركبة.

    الاستمتاع من الحائض بما دون الفرج

    وأما ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض، فقد اختلف العلماء في ذلك:

    فجماهير أهل العلم: يرون بأن الرجل يحل له من امرأته المباشرة والتقبيل والضم والتمتع بها كيفما شاء، حتى ما بين السرة والركبة.

    واستدلوا على ذلك بما جاء عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: (كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد كلانا جنباً، وكان يأمرني فأتزر، فيباشرني وأنا حائض).

    الشاهد في الحديث قولها: (فأتزر). ومعلوم أن الإزار أقل شيء أنه يغطي الركبة، فهذه دلالة واضحة جداً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يباشرها في ما بين السرة والركبة، وهذا الذي تعلق به الجمهور.

    والصحيح الراجح الذي لا محيد عنه، وهو الذي رجحه النووي وخرج عن قول الشافعي في ذلك، أو هو قول الشافعية ولكن خرج عن قول الجمهور ومنهم الشافعي : أنه يجوز للمرء أن يصنع كل شيء، ويتمتع بكل جزئية من المرأة إلا الفرج.

    فإن اعترض معترض وقال: إن هذا ذريعة للإيلاج؛ لأن الإنسان كلما حام حول الحمى وقع فيه. فنقول: إن هذا الذي يملك إربه فهذا حلال له، وأما الذي لا يملك إربه فحرام عليه أن يفعل ذلك، وهذا من باب سد الذرائع؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.

    إذاً: الصحيح الراجح في ما يحق للرجل من امرأته الحائض: أن يأتيها من كل مكان، ويجتنب الفرج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء سوى النكاح)، أو (إلا النكاح) والمقصود بالنكاح هنا: الوطء في الفرج. فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء)، نص في العموم، فله أن يقبل ويباشر ويضم، ويضنع كل شيء، وفي كل مكان دون الفرج؛ لأنه قال: (سوى النكاح)، أي: دون الوطء في الفرج؛ لأن النكاح هنا معناه: الوطء في الفرج.

    وأما الدبر فقد جاءت فيه أدلة أخرى، وإن كانت أدلة فيها ضعف، لكنها متعاضدة، بأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم إتيان المرأة في دبرها، ولذلك قال: (ائتها مقبلة مدبرة)، تفسيراً لقول الله تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة:223].

    فقال: (مقبلة مدبرة، واتق الحيضة والدبر).

    وأما الرد على قول الجمهور: بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يباشر عائشة رضي الله عنها وأرضاه بعدما تتزر، وإذا أراد امرأة من نسائه ألقى عليها شيئاً تتزر به.

    فنقول: هذا حكاية فعل، والقول مقدم على الفعل. فقد قال: (اصنعوا كل شيء سوى النكاح). وهذا الفعل على الأحوط والأفضل، ونحن نقول: الأحوط والأورع أن الإنسان إذا أراد أن يتمتع بامرأته الحائض ألا يقترب مما بين السرة إلى الركبة، وإذا كان مالكاً لإربه ولنفسه فله أن يتمتع بكل جزئية من امرأته.

    حكم وطء الحائض

    وإذا باشر الرجل امرأته وهي حائض، فوطئها في فرجها فقد وقع في كبيرة، فليتق الله ربه، وليستغفره، وليتب إليه توبة نصوحاً، وإن طاوعته زوجته على ذلك فهي آثمة وفاعلة لكبيرة، ولا بد أن تتوب توبة نصوحة، وأما إذا أكرهها على ذلك فهو الآثم وحده، ولابد أن يتوب إلى الله جل في علاه من هذه الفعلة.

    فإن تاب فعليه كفارة، فقد جاء في مسند أحمد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى امرأته وهي حائض فعليه أن يتصدق بنصف دينار، أو دينار). وقد قال بعض العلماء: إنه إذا أتاها في انقطاع الدم فيتصدق بنصف دينار، وإن أتاها في أول الدم فيتصدق بدينار. والخلاف في ذلك هين، ويمكن أن نقول: هو مخير بين أن يتصدق بنصف دينار أو يتصدق بدينار. والأولى له والأفضل هذا التقسيم، وقد رضيه بعض العلماء وصححوا الحديث، وإن كان فيه نظر.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088558073

    عدد مرات الحفظ

    777316235