إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. محمد حسن عبد الغفار
  5. سلسلة شرح كتاب مقاييس نقد متون السنة
  6. شرح مقاييس نقد متون السنة - المقياس الثاني: عرض السنة بعضها على بعض

شرح مقاييس نقد متون السنة - المقياس الثاني: عرض السنة بعضها على بعضللشيخ : محمد حسن عبد الغفار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد قام العلماء بوضع قواعد ومقاييس ومعايير دقيقة لنقد متون السنة؛ حتى لا يأتي من يرد الأحاديث بعقله، فلا بد من عرض متون السنة على الكتاب ثم على السنة، ولا يتم الترجيح بين الأدلة التي ظاهرها التعارض إلا بذلك، والعقل يقوم بعملية الفهم لذلك، وأما أن نقدم العقل على النقل فذلك هدم للنقل والعقل.
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    روى أحمد في مسنده بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بين يدي الساعة سنون خداعة، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن الخائن، ويخون الأمين، وتنطق الرويبضة، قالوا: يا رسول الله! وما الرويبضة؟ قال: الفاسق أو قال: الفويسق يتكلم في أمر العامة)، وفي رواية أخرى في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من علامات الساعة أن ينتشر الجهل ويرفع العلم، وإن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور العلماء، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً -وفي رواية: حتى إذا لم يبق عالمٌ- اتخذ الناس رءوساً جهالاً فسألوهم، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).

    وهذه هي الأزمنة التي نعيش فيها الآن، فقد تصدر لدين الله جل وعلا من ليس أهلاً لهذا الدين، ومن ليس أهلاً للنظر في علم الشريعة، فرد حديث النبي صلى الله عليه وسلم جهاراً دون أدنى حياء؛ لأنه ما عنده هذه الآلة الذي تعلمها الأولون، ولا المقومات التي تجعله ينظر في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فيمحص النظر فيها تصحيحاً وتضعيفاً، ولذا ترى أن الأهواء تتحكم كثيراً في عصرنا.

    ذكر الأسباب المؤدية إلى رد الأحاديث

    هناك أسباب جعلت مثل هؤلاء يردون حديث النبي صلى الله عليه وسلم:

    السبب الأول: تعظيم العقل دون تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو تقديم العقل على النقل.

    السبب الثاني: الجهل العميق بقول النبي صلى الله عليه وسلم، والجهل العميق بالآلة التي يعرف بها التصحيح والتضعيف.

    السبب الثالث: وضع الأحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إرضاء لولاة الأمور أو لغيرهم.

    وهذه الأسباب موجودة في عصورنا.

    نماذج من الأحاديث التي ردت ممن يقدمون العقل على النقل

    إن رد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم موجود في كثير من الفضائيات وكثير من المجلات والصحائف، فهؤلاء يتكلمون عن الإسلام المستنير والبعد عن التشدد، ومن هؤلاء الذين زعموا أنهم من أصحاب الإسلام المستنير الشيخ الغزالي رحمه الله، وتلميذه الشيخ القرضاوي حفظه الله، وأماتنا جميعاً على الإسلام، وجعلنا ممن يعمل لدين الله جل في علاه، فالشيخ القرضاوي حفظه الله وردنا وإياه إلى ما يحب ويرضى رد أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس له بضاعة في التصحيح والتضعيف، فقد رد حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف) فرد هذا الحديث وقال: هذا الحديث ضعيف، وبضاعته مزجاة في علم الحديث، وهو يعول على الشيخ الألباني كثيراً في التصحيح والتضعيف، فلم لا يأخذ بقول الألباني في هذا؟ وأيضًا الشيخ الغزالي فقد رد أحاديث كثيرة، منها: حديث شق الصدر؛ وقال الغزالي في هذا الحديث وغيره: إنها لا توافق العقل، وهذا هو منهج المعتزلة؛ فإن من أصول المعتزلة الخمسة: تقديم العقل على النقل، وأصول المعتزلة خمسة وهي:

    التوحيد، والعدل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمنزلة بين المنزلتين، والخامس: تقديم العقل على النقل.

    فـالغزالي كان متأثراً بفكر المعتزلة، ولذلك رد حديث: شق الصدر، وقال كيف -وكان طفلاً صغيراً- يشق صدره ويخرج قلبه ثم يغسله في طست ثم يرد القلب ثم يأخذ حظ الشيطان من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فرد هذا الحديث.

    وأيضًا رد حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي في الصحيحين وهو: (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) قال: لو رأى البخاري ما تفعله تاتشر لما قال بهذا القول، وكأنه ينسب هذا القول إلى البخاري لا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أننا لو نظرنا بدقة نظر فيما فعلته تاتشر فقد خربت إنجلترا، وهذا مصداق لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) فرده لأنه يرى في الواقع أمامه أن هناك نساء قادرات على العمل والعطاء، والآن ينادون بالمساواة بين الرجل والمرأة ويعاندون ربهم جل في علاه، يقول تعالى: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء:32] فلم هذه المعاندة؟!

    وأيضًا منهم من رد الحديث جهلاً وهو لا يعرف شيئاً فتجده يقول: حتى لو جاء في البخاري بأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة وهي بنت تسع سنين فلا أصدق ذلك؛ لأن عائشة لا ترضى ذلك ولا تحتمل، ولا بد أن يكون زواجها عند سن ثماني عشرة سنة، يقول: أنا لي عقل أفكر به فكيف أقبل من البخاري هذا الكلام؟!

    نقول: وهل البخاري أتى بهذا الكلام من كيسه، أو أتى به من عند أمه؟! لم يأت البخاري به إلا بالسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    فهذه الظاهرة ظهرت عندنا، وهي حرب على الثوابت والمبادئ والدين بطرق ملتوية، فهم لا يستطيعون أن يعلنوا هدمهم للدين؛ لأن العامة سيثورون عليهم، لكن يقولون: لا، نحن نأخذ بالدين، وفي الحقيقة هم يهدمون الدين ويهدمون السنة، فهم يعظمون العقل ولا يعظمون سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وغفل هؤلاء أو تغافلوا عن أن الله جل وعلا أغلق كل باب ولن يُقبل أحد حتى يدخل من باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذلك فلابد أن تسلِّم وتعمل بقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36].

    ونحن الآن ندرس نقد متون السنة، فهل الاجتهاد قد أغلق؟ نقول: الاجتهاد باق إلى يوم الدين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرة لا يضرها من خالفها أو خذلها) وأيضًا قول الله تعالى: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [النساء:83] يعني: إلى أولي العلم، ففيها دلالة على الاجتهاد، فقوم غلوا وقالوا: لا ننظر إلى هذا، فإذا جاء الحديث خذ به، وقوم آخرون قالوا: لا، لا نقبل حتى ننظر هل يقبله العقل أم لا؟ والوسطية هم أهل السنة والجماعة الذين قالوا: ننقد الأحاديث وننظر هل هي من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو ليست من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الانتقاد لا بد أن تكون له آلة ومقومات ومقدمات، فالعالم لا بد أن تكون عنده آلة الاجتهاد؛ ليمحص حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويبين الصحيح من الضعيف.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088523708

    عدد مرات الحفظ

    777120544