صفة الرضا صفة ثبوتية أثبتها الله لنفسه، وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، وأيضاً أجمعت الأمة على هذه الصفة.
أما في الكتاب فقد قال الله تعالى:
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ
[الفتح:18].
وقال الله تعالى:
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
[المائدة:119].
وفي السنة: قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في سنن الترمذي بسند صحيح: (إذا أحب الله قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط)، فالحديث يدل على الصفة بالقرائن الأخرى، أي: فله الرضا من الله.
والحديث الذي هو أصرح من ذلك -وهو نص في المسألة- قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، وأن يشرب الشربة فيحمده عليها).
وأجمع أهل السنة والجماعة أن الله يتصف بصفة الرضا.
ونحن نثبت هذه الصفة بلا تمثيل ولا تشبيه ولا تكييف ولا تعطيل، ونثبتها بكيف يعلمه الله جل في علاه، فإن الله يرضى ورضا الله يليق بجلاله وكماله وبهائه وعظمته، وهذا الرضا رضا حقيقي.
أثر الإيمان بصفة الرضا لله تعالى
وإذا علم المرء أن ربه يرضى فإنه سيسارع في مرضاة الله، كما قال تعالى:
وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ 
[المطففين:26] وإذا علم أن ربه يرضى ويسخط فإنه سيتجنب السخط، ويتلمس طريق الرضا، فيأخذ بكل أسباب الرضا. والأخت المسلمة سترضي زوجها لترضي ربها، وتطيع بعلها لترضي ربها، وتؤدي فرضها لترضي ربها، وتتصدق لترضي ربها، وتصوم لترضي ربها، وتقوم الليل لترضي ربها، وتحسن إلى الأخريات لترضي ربها، ولا تغتاب أحداً، ولا تدخل في النميمة، ولا تعصي ربها؛ لأنها تخشى من سخط الله.
والله إذا رضي كافأ وأثاب، فإذا رضي الله عن عبد أحبه، وينادي في السماء: أن يا جبريل! إني قد رضيت عن فلان وأحببت فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، وينادي في أهل السماء فيحبوه، ويكتب له القبول في الأرض.
أما أهل البدعة والضلالة من الجهمية والمعتزلة الذين قالوا: لا رضا، وإن الله لا يرضى، وإن هذه الصفة منفية عن الله فتجدهم لا تشتاق قلوبهم إلى رضا الله جل في علاه، فهم يعيشون حيارى؛ لأنهم نفوا صفة الرضا عن الله.
ثم جاء المتحذلقون الذين قالوا: إنهم هم أهل السنة والجماعة، فقالوا: نثبت الصفة، لكن الرضا معناه: الثواب.
كما حرفوا مجيء الله إلى مجيء أمر الله، فقالوا: لا يجيء الله، وإنما يجيء أمره، وقالوا في قول الله تعالى:
وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا
[الفجر:22]. أي: وجاء أمر ربك والملك صفاً صفاً كما قالوا.
الرد على من نفى صفة الرضا عن الله
ونرد على هؤلاء بأن نقول لهم: لقد خالفتم ظاهر القرآن، فقد كلمنا الله بما نعلم باللغة العربية، وأنتم خالفتم ظاهر القرآن، وخالفتم ظاهر السنة، وهذا أولاً: قدح في حكمة الله كأنه يكلمنا بما لا نعلم، وثانياً: قدح في رسالة النبي، وقدح في تبيين النبي، وقدح في التبليغ؛ لأن الله قال:
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ 
[المائدة:67].
وقولهم: أن الرضا ليس بالرضا الحقيقي بل هو الثواب، نرد عليهم بأن نقول لهم: لقد خالفتم ظاهر القرآن، وخالفتم ظاهر السنة، وخالفتم إجماع الأمة.
ونقول: هل أنتم أعلم بالله من الله؟ إذ لو كان هذا هو الثواب لقاله الله تعالى.
ونقول لهم أيضاً: أنتم أثبتم لازم الصفة، فإن الله جل وعلا إذا رضي عن عبد فإنه سيثيبه، فلازم الرضا الثواب، فهذا لازم الصفة، ونحن نوافقكم على إثبات اللازم، نثبت لازم الصفة، ونثبت الصفة أيضاً، وقد أعملنا الأدلة كلها فأثبتنا الصفة أولاً لأن الله أثبتها لنفسه، وأثبتها له رسوله، ثم أثبتنا لازم الصفة وهو الثواب، هذا هو الرد على الأشاعرة.