أوجب الواجبات وأهم المهمات وأفضل المفروضات هو العلم بالله، وتوحيده في ألوهيته وربوبيته وأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وهو أشرف العلوم؛ لأن العلم علمان: علم بالله، وعلم بأمر الله، والعلم بالله أشرفهما؛ لأن شرف العلم من شرف المعلوم، وهذا العلم مأخوذ من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بفهم سلف الأمة رضوان الله عليهم.
انتهينا في الشرح إلى أن قول المؤلف: وأول واجب، وأوجب الواجبات، وأهم المهمات، وأفضل المفروضات هو العلم بالله جل وعلا، وتوحيده جل وعلا، والناس في حاجة إلى توحيد الله جل وعلا، وإلى العلم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وإفراده بالعبادة أشد من حاجتهم إلى الماء والهواء؛ لأن التوحيد فيه الحياة الأخروية، وهو أول ما قضاه الله على البشر، قال الله تعالى:
وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ 
[الإسراء:23] ، وهو أول واجب فرضه الله على البشرية، قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ 
[البقرة:21] ، وهو أول ما تسأل عنه في القبر، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: (
يأتي الملك إلى الميت فيقعده فيقول: من ربك؟) أول ما يسأله عن الله جل وعلا، وهو أول بوابة لقبول أعمالك عند الله جل وعلا، كما في الصحيح عن
أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) ، لا يقبل عند الله جل وعلا عمل إلا بالتوحيد، فالتوحيد هو أول الواجبات التي لا بد للإنسان أن يسعى إلى تعلمها، وهو أشرف العلوم؛ لأن العلم علمان: علم بالله، وعلم بأمر الله، وأشرف العلوم على الإطلاق العلم بالله، علم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وعلم بربوبية الله جل وعلا، وعلم بإلهية الله جل وعلا، وشرف هذا العلم مستنبط من شرف المعلوم، ولا أحد أشرف من الله جل وعلا.
إن الاتباع والطاعة والامتثال لأمر الله جل وعلا كان من سمات الصحابة، فعلينا أن نحذو حذوهم. وأهل السنة والجماعة هم الطائفة المنصورة، وهم الطائفة الناجية، ومن هم أهل السنة والجماعة؟ لقد فسر معظم أهل الحديث: أن أهل السنة والجماعة والطائفة المنصورة هم أهل الحديث، ولا أقول: أهل الحديث الذين اختصوا بأسانيد متون كلام النبي صلى الله عليه وسلم، لا، بل هم أعم من ذلك، فأهل الحديث هم أهل القرآن، قال الله تعالى:
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ 
[الزمر:23] ، فكلام الله حديث تحدث به مع جبريل، وسمعه جبريل فتحدث به مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأهل القرآن هم أفضل، وهم الطائفة المنصورة وهم الطائفة الناجية؛ لأن الله جل وعلا قال:
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ 
[الزمر:23] ، فمن اهتم بالقرآن دراسة وفقهاً ونظراً واستظهاراً وحفظاً وتعليماً وعلماً كان من الطائفة المنصورة، بل كان أفضلهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (
خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، ثم بعد ذلك نقول: إن أهل الحديث الذين اختصوا بكلام النبي صلى الله عليه وسلم هم في المرتبة الثانية بعد أهل القرآن، هؤلاء الذين فرغوا أنفسهم ومهجهم وقلوبهم لدراسة حديث النبي صلى الله عليه وسلم وللذب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
السنة في اللغة معناها: الطريقة، وفي الشرع لها نحو خمس تعريفات أو أربع: فالسنة عند المحدثين هي كل ما أسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو صفة خلقية.
أما تعريف السنة عند الفقهاء فهي: كل شرع غير مفروض أو غير لازم يعني: السنة في عرف الفقهاء هي المندوب الذي هو المستحب، الذي نقول عنه: هو خطاب الشارع المكلفين على وجه الاستعلاء لا على وجه اللزوم، وحكمه: أنه يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
والسنة عند أهل العقيدة هي أصول الدين، هي: اعتقاد النبي صلى الله عليه وسلم واعتقاد الصحابة رضوان الله عليهم، فهي مقابل البدعة، ولذلك ترى كتب العقيدة كلها تتحدث إما عن اعتقاد النبي صلى الله عليه وسلم أو عن البدعة التي تخالف هذا الاعتقاد، كما في السنة لـابن أبي عاصم والسنة للإمام أحمد بن حنبل .
قال: (والهداية إلى طريق الاستقامة). الاستقامة: هي التمسك بكتاب الله جل وعلا، والتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى:
فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ 
[هود:112] ، وما أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا بالاستمساك بكتاب الله وسنته وشريعته صلى الله عليه وسلم.
وكما في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قل: آمنت بالله ثم استقم) (قل: آمنت بالله) أي: العقيدة الصحيحة. (ثم استقم) أي: على الشريعة القويمة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.