معنى التكييف والتمثيل والتشبيه والتعطيل
الصفات الثبوتية والصفات السلبية
صفات الله على قسمين: صفات ثبوتية وصفات سلبية.
الصفات الثبوتية: هي الصفات التي أثبتها الله لنفسه وأثبتها له رسوله كما بيناه.
أما الصفات السلبية: فهي الصفات المنفية التي نفاها الله عن نفسه ونفاها عنه رسوله صلى الله عليه وسلم.
ضابط الصفات السلبية
أقسام الصفات الذاتية
أما الصفات الثبوتية فتنقسم إلى ثلاث:
صفات ذاتية، وضابط الصفات الذاتية: أنها لازمة للذات، لا تنفك عنها بحال من الأحوال أبداً وأزلاً؛ ولذا تسمى صفات ذاتية.
فهذه الصفات أبدية أزلية، يتصف الله بها ولا تنفك عنه بحال من الأحوال كالحياة والقدرة والعزة والسمع والبصر، فلا يمكن أن نقول: الله يسمع في وقت ولا يسمع في وقت، أو يسمع إن شاء ولا يسمع إن لم يشأ، ولا يجوز أن تقول: الله يقدر على الأمر في وقت ولا يقدر عليه في وقت آخر، فهذه صفات ذاتية لا تنفك عن الله جل وعلا.
القسم الثاني من الصفات الثبوتية: صفات فعلية، والصفات الفعلية ضابطها: أن تضع قبلها: إن شاء. وهذه الصفات متجددة، فهي تتعلق بمشيئة الله جل وعلا، كالاستواء مثلاً، فالله إن شاء استوى على العرش، وإن شاء لم يستو.
والمجيء: إن شاء جاء وإن شاء لم يجيء، إن شاء أتى وإن شاء لم يأت.
والنزول: إن شاء نزل وإن شاء لم ينزل.
والكلام: إن شاء تكلم وإن شاء لم يتكلم، قال الله تعالى:
مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ
[الأنبياء:2] هذه الصفة متجددة تتعلق بمشيئة الله جل وعلا.
الثالث: صفات خبرية، والصفات الخبرية مسماها عند المخلوق أجزاء وأبعاض، كاليد، فإنها جزء أو بعض منك، وكذلك العين والرجل والساق. فالله جل وعلا له ساق، قال تعالى:
يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ
[القلم:42]، وهذه الصفة بالنسبة لله تسمى صفة خبرية لا مدخل للعقل فيها، فهي خبر محض من الله جل وعلا، ولله عين كما قال تعالى:
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا
[القمر:14]، والعين بالنسبة لك هي جزء أو بعض منك، ولكن بالنسبة لله جل وعلا لا يجوز أن نقول عنها أنها جزء أو بعض منه؛ لأنه لا أحد يعرف ذاته سبحانه ليقول ذلك يقال عن صفاته كما قال سبحانه:
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ
[الشورى:11]، إذاً: فالصفات الخبرية مسماها عندنا أجزاء وأبعاض، كالساق، والعين واليد والرجل والأصابع والأنامل، كل هذه الصفات صفات خبرية، وهي في حق الله ليست أجزاء ولا أبعاض.
الاتفاق في الاسم لا يستلزم التساوي في المسمى
الضابط الثالث لصفات الله جل وعلا: أن الاتفاق في اسم الصفة لا يستلزم التساوي في المسمى، فإذا قلت: للبقرة يد وللجمل يد، فقد اتفقت هذه الصفة في الاسم، ولكن لا يستلزم التساوي في المسمى، فيد البقرة لا تشابه يد الجمل، ولكن الله جل وعلا له يد ولك يد، فاتفاقهما في الاسم لا يلزم منه التشابه في المسمى، فيدك لا يمكن أن تشابه أو تماثل يد الخالق جل وعلا.
إذاً: هذا الضابط في غاية الأهمية، فعلينا أن نستحضره دائماً في صفات الله جل وعلا، وهو أن الاتفاق في الاسم لا يستلزم الاتفاق أو التساوي في المسمى.
القول في بعض الصفات كالقول في كل الصفات
وهناك قاعدة مهمة في الصفات يرد بها على الأشاعرة الذين يحرفون صفات الله جل وعلا ويدعون أنهم ينزهونه، وهي: القول في بعض الصفات كالقول في كل الصفات.
فالأشاعرة يثبتون لله سبع صفات، والجواب عليهم أن القول في بعض الصفات كالقول في كل الصفات، فكما أثبتم الحياة اثبتوا النزول، وكما أثبتم القدرة اثبتوا المحبة والإتيان.
فإن قالوا: لو أثبتنا النزول شبهنا الخالق بالخلق، فيكون: نزوله بمعنى رحمته، أو نزول أمره، وتكون المحبة بمعنى إرادة الثواب؛ لأننا لو قلنا: إنه يحب إذاً أثبتنا تغاير القلوب وميل القلب، وهذه كلها للبشر لا يمكن أن تكون للخالق، والجواب عليهم: أنكم تثبتون له القدرة، كما تثبتونها للبشر، فلم لا تقولون بأن قدرة البشر تساوي أو تماثل قدرة الخالق، فإن قالوا: لا، إن الله
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ
[الشورى:11] قلنا: كما قلتم في القدرة قولوا في النزول، والمجيء، والمحبة! فالقول في بعض الصفات كالقول في كل الصفات.
القول في الصفات كالقول في الذات
هناك ضابط آخر في صفات الله جل وعلا يرد به على الجهمية: الذين يثبتون الذات ولكن لا يثبتون الاسم ولا الصفة، وهذا الضابط هو أن القول في الصفات كالقول في الذات، يحذو حذوها وينحو نحوها، فإذا تكلمتم في الذات فمثله تكلموا في الصفات. فالجهمية يقولون: نثبت لله جل وعلا ذاتاً، وللمخلوق ذاتاً، وذات الخالق لا تشبه ذات المخلوق، فذات الخالق تليق بكماله وجلاله، وذات المخلوق تليق بنقصه، وهذا نتفق معهم عليه، لكنهم قالوا: نثبت للمخلوق صفات، ولا نثبت للخالق صفات، لأننا لو أثبتنا للخالق صفات وأثبتنا للمخلوق هذه الصفات شبهنا الخالق بالمخلوق، فنقول لهم: كما قلتم: إن هذه الذات لا يشبهها ذوات المخلوقات، أيضاً قولوا في الصفات: إن هذه الصفات لا تشبهها صفات المخلوقات.
هذا إجمال لمسألة الصفات.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.