الأدلة على أن التلازم وثيق بين عمل الجوارح، وعمل القلب من الكتاب والسنة، ثم من أقوال السلف:
الخصلة الأولى: كلمة التوحيد
شروط لا إله إلا الله
الخصلة الثانية: الصلاة
حكم تارك الصلاة
الخصلة الثالثة: الأمانة
ومن خصال الإيمان: الأمانة.
والأصل فيها أنها من عمل القلب، وأعماله من الإيمان.
فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا إيمان لمن لا أمانة له) .
ومعنى (لا إيمان) أي: لا إيمان كامل، للذي يخون الأمانة.
أنواع الأمانة
والأمانة أمانتان: أمانة مع الله ورسوله، وأمانة مع الخلق.
فأمانته مع الله كما قال تعالى:
لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ
[الأنفال:27]، فخيانة الله جل وعلى كخيانة شرعه، وخيانة سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والأمانة لا تؤدى إلا بعبادة الله، فالذي يسرق من صلاته مثلاً غير مؤتمن أو غير أمين مع الله جل وعلى في عبادته له سبحانه.
أما خيانة الرسول فمنها: عدم تسوية الصفوف، فاعوجاجها ليس أمانة مع النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن خيانة الأمانة: الابتداع في دين الله جل وعلا، وعدم تبليغ الدعوة.
ومن خيانة الأمانة أيضاً: أن تسكت عن بدعة ولا تنكرها.
ومن خيانة الأمانة لله جل وعلا: أن ترى من يحرف دينه، وكتابه، ويزعم أموراً لا يرضاها الله ولا رسوله فتسكت عنها ولا تنكرها ولا تبينها.
وأما الأمانة مع الخلق فهي من قول الله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ
[النساء:58] فعدم الغيبة، وعدم النميمة، يكون من الأمانة، وكذا إذا استودع عندك إنسان وديعة فمن الأمانة أن تؤديها كما هي، وإذا أدى إليك قولاً فمن الأمانة أن تبلغه كما هو بلا زيادة ولا تحريف.
فالمؤمن الغير أمين ليس بمؤمن كامل الإيمان.
الخصلة الرابعة: الحياء
الحياء خصلة من خصال الإيمان، وهو من الأعمال القلبية أيضاً.
والحياء: هو خلق يمنع المرء من أن يقترف الآثام.
أنواع الحياء
اسم المرجئة مشتق من الإرجاء، معناه: التأخير، قال الله تعالى:
وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ 
[التوبة:106] .
وقد ظهرت هذه الطائفة في آخر القرن الأول، ففي عصر الفتن ظهرت المرجئة بعد ما خرجت الخوارج على علي، وعثمان رضي الله عنهما.
وأول من تكلم بالإرجاء هو الحسن بن محمد بن الحنفية ، وكان الإرجاء عنده غير الإرجاء الذي ينكره أهل السنة والجماعة.
فقد كان الإرجاء عند الحسن بن محمد بن الحنفية أنه قال: نحن نقر بخلافة الشيخين: أبي بكر وعمر ، ونرجئ أمر عثمان، وأمر علي لله جل وعلا.
ومن رموز المرجئة حماد بن أبي سليمان ، بل يقال: إنه أول من أنشأ مذهب الإرجاء في مسمى الإيمان، وهو من أهل الكوفة، وتلميذ إبراهيم النخعي، وهو شيخ لـأبي حنيفة، وكان يقول حماد : الأعمال ليست من الإيمان، ولكنهم اختلفوا بعد حماد بن سليمان وبعد ما أخذ أبو حنيفة عنه هذا المذهب إلى فرق كثيرة.
فمنهم من قال: الإيمان هو المعرفة، أي: إن عرفت أنه يوجد رب خالق للكون فقط فأنت مؤمن، وعندهم من هو أشر من إبليس يستوي إيمانه مع إيمان جبريل؛ ولذلك كفرهم كثير من أهل السنة والجماعة.
وفرقة أخرى قالت: الإقرار هو الإيمان، وفرقة ثالثة قالت: التصديق هو الإيمان، وبعضهم قال: الإقرار والتصديق وقول اللسان هو الإيمان، وبعضهم ومنهم الكرامية قالوا: العمل فقط عمل الجوارح.
أما مرجئة الفقهاء الذين بينهم وبين أهل السنة والجماعة بعض الخلاف وبعض الاتفاق فقد قالوا: الإيمان إقرار بالقلب، وأقروا بأعمال القلوب، لكن قالوا: أعمال الجوارح ليست من الإيمان، بل هي ثمرة بالإيمان، فهذا قول مرجئة الفقهاء في أمر الإيمان.
أما قولهم في الكفر فهم يقولون: إن الأقوال أو الأفعال الكفرية ليست كفرية، أي: سب الرسول أو سب الشريعة ليس بكفر وإنما علامة على الكفر الداخلي.
وهم يقولون هذا؛ لأن منهج المرجئة في الإيمان: أن الإيمان إقرار وتصديق، فيقرون بأعمال القلوب، أما أعمال الجوارح فليست عندهم من الإيمان، والكفر عندهم علامة على ما في داخل القلب، ولهم أدلة في ذلك.
منها: قول الله جل وعلا:
وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ
[يوسف:17] قالوا: فالإيمان في اللغة: التصديق، والتوحيد: هو التصديق، فالأعمال ليست تصديقاً فلا تدخل في مسمى الإيمان.
ومنها: أنهم قالوا: إن الله جل وعلا عطف الأعمال على الإيمان، والأصل في العطف المغايرة، قال تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
[البقرة:277]، فجعل العمل الصالح غير الإيمان.
وقالوا كذلك: إذا قلنا: بأن الإيمان هو التصديق، فلا يكون الكفر إلا التكذيب، فحصروا الكفر بالتكذيب.