اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد:
قال الله عز وجل في سورة فصلت: وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ * قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ [فصلت:5-7].
يخبرنا الله سبحانه تبارك وتعالى في هذه الآيات عن تكذيب المشركين للنبي صلوات الله وسلامه عليه، وعن جحودهم وإعراضهم عنه، فقد كانوا لا يسمعون ما يقول، ويعرضون عنه فلا يسمعون ولا يفهمون كلامه صلى الله عليه وسلم، إلا مجرد سماع لا ينتفعون به، فهم كالذين لا يسمعون ولا يفهمون، ومع ذلك كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ [فصلت:5] وأكنة: جمع كنان وكن، وهو ما يغطي الإنسان. فقالوا: قلوبنا عليها أغطية مغطية عليها، فهي فِي أَكِنَّةٍ [فصلت:5] أي: في أغطية مكنونة داخل هذا الغطاء، فلا تراك، ولا تسمعك، ولا تعقل عنك، فهي مغطاة وعليها أغشية ومطبوع عليها، فلا تفهم هذا الذي تقول. وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ [فصلت:5]، فهي إذاً: ليست في أكنة من كل شيء، وإنما منك أنت وحدك، فنفهم أي شيء آخر إلا الذي تأتي به، فقلوبنا في أغطية ثقيلة عنك أنت بالذات.
وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ [فصلت:5] فالقلب لا يفهم ولا يعي ما تقوله وما تريده، والآذان مسدودة، بحيث لا نسمع ما تقوله، ولا نريد أن نستمع إليك، وأما غيرك فسنسمعه. وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ [فصلت:5] أي: صمم، فهي مسدودة فلا نستمع إليك.
وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ [فصلت:5] أي: هناك حاجز بيننا وبينك، فلا نفهم هذا الذي تقول، فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ [فصلت:5].
وقد كانت هذه معاملة الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم، فكم عانى وكم قاسى صلوات الله وسلامه عليه من هؤلاء؛ فقد كان يذهب إليهم ويخاطب عقولهم فيقولون له: لا نفهم، فيخاطب قلوبهم فيقولون له: نحن نغطيها فلا تعي هذا الذي تقول، ويخاطب أسماعهم فيسدون آذانهم بأصابعهم فلا يستمعون للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد استغشوا ثيابهم وأسروا النجوى فيما بينهم بألا يسمعوا له، فكان إذا جاء أحد إلى مكة جاء إليه الكفار محذرين له قائلين: لا تذهب إليه -أي: الرسول- فإنه مجنون وكذاب، ونحن أعلم به، ويأخذون عليه العهود والمواثيق ألا يستمع إليه، فكان الرجل يضع ثوبه فوق وجهه، حتى لا يرى النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا كلمه النبي صلى الله عليه وسلم سد أذنيه بأصابعه، حتى إن أحدهم ليقول للنبي صلى الله عليه وسلم: لقد جئتك وقد حلفت عدد هؤلاء ألا أكلمك. يعني: أن الكفار أخذوا عليه اليمين عشر مرات ألا يسمع النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الله العظيم سبحانه يشاء أن يدخل الإيمان في قلبه، فيذهب ويستمع ويقول للنبي صلى الله عليه وسلم: ما الذي تدعو إليه؟ فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم أو لغيره: (أدعو إلى الله الذي إن مسك الضر دعوته فكشف عنك، والذي إذا أصابتك سنة جدب دعوته فكشف عنك، والذي إذا أضللت راحلتك دعوته فردها عليك). أي: أدعوا إلى الله سبحانه الذي أنت تعرف قدرته، وتعرف ما يصنع بك من جميل الفعل سبحانه تبارك وتعالى، والذي إذا أصابك عام جدب وسنة دعوته، فهذا هو الإله العظيم الذي أدعو إليه، وأدعوك لتعبده ولا تعبد أحداً غيره.
وقد كان هذا الكلام يخاطب عقولهم ويفهمون منه، فهم يعرفون ذلك من أنفسهم، كما قال تعالى: وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:67]، فقد كانوا يعرفون هذا الشيء، وكان الواحد منهم يعبد الصنم والوثن ويعبد غير الله سبحانه في وقت الرخاء، فإذا نزل عليه البلاء رفع يده إلى السماء ويقول: يا رب يا رب. إذاً: فادع ربك في كل وقت، في وقت البلاء، وفي وقت الرخاء، وفي وقت الكرب، وفي وقت النفع والضر. فادع ربك دائماً، وادع إليه، فهذا الذي تدعوه في وقت ضرك أدعوك إلى أن تدعوه في كل وقت، وأن تعبده وحده لا شريك له.
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب عقول هؤلاء لو كانوا يفهمون، وهم يبتعدون ويعرضون عنه صلى الله عليه وسلم، ويقولون له ما حكاه عنهم القرآن: وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ [فصلت:5] أي: في أغطية مغطاة، وفي أغلفة مغشاة، فلا نفهم ولا نعي.
قوله تعالى: وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ [فصلت:5] أي: اعمل بما تقول أنت، ونحن عاملون بما نقول وما نريد، فلن نتبعك واعمل لإلهك فإنا نعمل لآلهتنا، واعمل في إهلاكنا -متحدين له- فإنا نعمل في إهلاكك. فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ [فصلت:5] أي: الذي تقدر عليه اعمله، ونحن الذي نقدر عليه سنعمله، كد لنا فإننا سنكيد لك، صلوات الله وسلامه عليه. فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ [فصلت:5].
وهذا من التلطف في الخطاب، وإلا فهم يعرفون أنه بشر مثلهم عليه الصلاة والسلام، وأنه مولود من أبوين منهم، وولد بينهم، فهم يعرفونه تماماً صلوات الله وسلامه عليه.
وهنا يقول: أَنَا بَشَرٌ أي: مثلي مثلكم، فلا أتعالى عليكم، ولا أستكبر عليكم، ولا أقول: إنني من جنس آخر غير جنسكم، وإنما أنا بشر مخلوق من طين كما خلقتم أنتم من طين، وولدت من أبوين كما ولدتم أنتم أيضاً. وهذا يرد ما جاء كذباً على النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث أنه قال: (أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر
إذاً: النبي صلى الله عليه وسلم لم يميز على غيره في أصل الخلقة، وإنما ميز عليهم صلى الله عليه وسلم بأن جعله الله عز وجل نبياً رسولاً صلوات الله وسلامه عليه.
يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ وهذه هي دعوة كل الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهي دعوة التوحيد فاعلم أنه لا إله إلا الله، وكانوا يدعون قومهم أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ[المؤمنون:32] ، فلا إله إلا الله هي دعوة كل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وكذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم إليها، فإنه إنما أوحي إليه أَنَّمَا إِلَهُكُمْ[فصلت:6] أي: المعبود الوحيد الذي يستحق العبادة هو الله سبحانه تبارك وتعالى.
أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ[فصلت:6] ، فلماذا تفرقون بين الرب وبين الإله، فتقولون: الرب واحد وهو الذي يخلق ويرزق، والآلهة التي نعبدها كثيرة متعددة؟ وأي مزية في هذه الآلهة حتى تعبدوها وتتقربوا إليها وتتركوا الذي خلقكم ورزقكم؟! فإن الإله والرب الواحد سبحانه، الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:78-80]، إذاً: الله سبحانه هو الذي يفعل ذلك: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ[الشعراء:82] وهو هذا الإله الذي أتوجه إليه بالعبادة سبحانه.
فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ[فصلت:6] أي: استقيموا على دينه، وتوجهوا إليه بأقصر الطرق، وهي طريق الاستقامة، فلماذا تنحرفون عنه؟! ولماذا تقولون: نعبد الأصنام؛ لأنها تقربنا إلى الله؟! توجهوا إليه مباشرة، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ[البقرة:186]، فلا تبتعد عن ربك سبحانه، واستقم إليه، كما قال: فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ[فصلت:6] أي: استقيموا على طاعته، وخذوا أمره سبحانه عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم، وليس عن طريق غيره، فاعملوا به، فإنه يدعوكم إلى التوحيد، وإلى الاستقامة على دينه سبحانه تبارك كما تعالى، كما قال: فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ[فصلت:6] أي: أقيموا وجوهكم إلى الله واعبدوه وحده لا شريك له وَاسْتَغْفِرُوهُ[فصلت:6] أي: توجهوا إليه وحده، واستغفروه من شرككم ومن معصيتكم، ومن جهلكم ووقوعكم في الأخطاء تجاه ربكم وتجاه الخلق.
ثم قال: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ[فصلت:6] ويل: وعيد شديد من الله سبحانه، قيل: ويل: واد في قعر جهنم للكفرة والمشركين والعياذ بالله، فهو تهديد لهم، أي: لكم الويل والهلاك، فلكم واد في قعر جهنم -والعياذ بالله- إذا أشركتم بالله، ودمتم على هذا حتى متم عليه.
(وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) والزكاة: زكاة أبدان، وزكاة نفوس، وزكاة أموال، فكأنه عنى الجميع، وقد ذكر الذين لا يزكون أنفسهم في قوله سبحانه وتعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:14-15] أي: زكى نفسه بالإيمان وطهرها.
وقال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشمس:9] أي: من زكى نفسه بطاعة الله وتوحيده والإيمان به، وقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:10] أي: قد خاب الإنسان الذي نجس ودنس ودس نفسه فأبعدها عن طريق الله، وأشرك بالله سبحانه وتعالى.
وهذه السورة مكية، والزكاة فريضة مدنية، ولم تكن قد فرضت في مكة، وإنما فرضت الزكاة في المدينة مع الصيام سواء قبله أو بعده، بعد العام الثاني من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا قال الله في المشركين: لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [فصلت:7] فإن المعنى: أنهم لا يزكون أنفسهم، ولا يتصدقون، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى الزكاة إجمالاً في سورة مكية أخرى وهي سورة الأنعام، في قوله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141] ، إذاً: فقد أمر الله تعالى بحق الزرع في يوم الحصاد في مكة، ثم أمر بأن تحصي الذي عليك يوم الحصاد، ثم أمر أن تعطى الفقراء العشر أو نصف العشر بعد أن تجفف هذه السنابل وتصير صالحة لأن تخزن وتقتات، إذاً قد وجدت في السور المكية إشارات إلى الزكاة من دون تحديد للمقادير، وقد ذكر البعض أن هذا منسوخ، ويرى البعض الآخر أنه ليس بمنسوخ، وإنما هو مجمل بين بعد ذلك وفصل، وهذا هو الصواب، فالصواب: أن الله أشار إلى فرضية الزكاة، وأما الآن فليست مفروضة، وإنما الواجب عليك أن تتصدق بأي شيء، وويل للمشركين الذين لا يتصدقون.
والمعنى الأعم في الزكاة: أنها تزكية للنفس سواء بالإيمان أو بالبذل والعطاء والإنفاق، فأشار إليها، وكأن هذه الصفة - صفة العطاء - من أشق الصفات على الإنسان، أو من أشق ما يكون على قلب الإنسان، ولذلك يقولون: المال شقيق الروح، بل هو من ضروريات حياة الإنسان التي يدافع عنها وهي: دينه وروحه وعقله وماله وعرضه، وهذه الخمسة الأشياء يسمونها: الضروريات الخمس التي جاء الإسلام بحمايتها، وبتحريم كل شيء يؤذيها؛ فلا بد من حماية هذه الضروريات حتى يستطيع الإنسان العيش في هذه الدنيا، والإنسان له عقل يحمي به هذه الأشياء، فقد جاءت الشريعة بحماية هذه الضروريات للإنسان، فحمى روح الإنسان وبدنه بالقصاص، قال تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة:179]، فجعل الله الحدود حماية لذلك، سواء بقتل القاتل إذا كان قتلاً عمداً وعدواناً، أو بقطع عضوه إذا كان قطعه من آخر عمداً وعدواناً، فيفعل به ذلك، قال تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ [البقرة:179]، وقال: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ [المائدة:45]؛ لأن من ضروريات حياة الإنسان: حماية روحه وبدنه وعقله.
وكل ما يعترض الضروريات ويؤذيها فبابه التحريم، فلا تتعرض لبدن إنسان أو حياته إلا بما شرع الله عز وجل، لا تتعرض لعقلك ولا لعقل غيرك بما حرم الله، لأن حماية العقل ضرورة من ضروريات الحياة، ولذلك حرم الله المسكرات وحرم الخمر، وحرم على الإنسان كل ما يذهب عقله.
وحمت الشريعة العرض، فجعلت حد القذف، فكل من قذف إنساناً ولم يأت بالبينة فإنه يجلد الحد الشرعي، ومن وقع في الزنا أقيم عليه الحد، فإن كان ثيباً رجم، وإن كان بكراً جلد.
وحمت الشريعة المال بأن شرعت قطع يد السارق إذا توافرت فيه شروط السرقة المعروفة.
إذاً: فهذه ضروريات لحياة الإنسان حمتها الشريعة بذلك.
إذاً: فالمال من ضمن ضروريات الإنسان حتى يعيش، فهو محتاج إليه، وإنفاقه له قد يكون سخاء، وقد يكون لمصلحة، كأن يأخذ أكثر منه، أو من أجل أن يمدح كما كان يفعل أهل قريش، كما قال أبو جهل : لقد تنافسنا الشرف نحن وبنو عبد مناف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذا؟ والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه! فما صده إلا الحسد للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال الله هنا: ويل لهؤلاء الذين لا يؤتون الزكاة، وليست أي نفقة فإن النفقة التي كان ينفقها هذا المجرم وغيره هي للتفاخر، وقد قال تعالى: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ [التكاثر:1] أي: التفاخر حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ [التكاثر:2]، وقد كان الفخر عندهم شيئاً كبيراً جداً، وأشعارهم مليئة بالفخر الذي كان بينهم، واستكبار بعضهم على بعض، أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ [التكاثر:1] أي: التفاخر حتى ذهبتم إلى المقابر تعدون عظام الموتى، وتفتخرون بهم!
وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [فصلت:6-7]، وهم لن ينفقوا؛ لأنهم أقسموا فيما بينهم ألا ينفقوا على أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يدفعوا لأحد منهم حاجة، فقال: فويل لهؤلاء الذين لا يؤتون الزكاة.
إذاً: المشرك الكافر يعذب يوم القيامة على عدم دفع الزكاة، وهذه مسألة من مسائل الأصول التي يقول فيها أهل العلم: إن الكافر مخاطب بفروع الشريعة، وإن لم يأت بأصل الأصول وهو التوحيد ولا يقبل منه شيء من العبادات إذا أتى بها بوجود المانع وهو الشرك.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر