إسلام ويب

تفسير سورة الفاتحة [13]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اشتملت سورة الفاتحة على حمد الله وتمجيده، والثناء عليه بذكر أسمائه الحسنى وصفاته العلى، وعلى ذكر المعاد، وعلى إرشاد عبيده إلى سؤاله والتضرع إليه، والتبرؤ من الحول والقوة إلا به، وعلى سؤاله أن يهديهم صراط المنعم عليهم، وأن يجيرهم صراط المغضوب عليهم والضالين.
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل: اشتملت هذه السورة الكريمة -وهي سبع آيات- على حمد الله وتمجيده، والثناء عليه بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا، وعلى ذكر المعاد وهو يوم الدين، وعلى إرشاده عبيده إلى سؤاله والتضرع إليه، والتبرؤ من حولهم وقوتهم، وإلى إخلاص العبادة له وتوحيده بالألوهية تبارك وتعالى، وتنزيهه أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل، وإلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو الدين القويم، وتثبيتهم عليه حتى يقضي لهم بذلك إلى جواز الصراط الحسي يوم القيامة، المفضي بهم إلى جنات النعيم، في جوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين].

    الصراط صراطان: صراط حسي، وصراط معنوي، فالصراط المعنوي هو الحق والعلم النافع والعمل الصالح، فمن استقام على هذا الطريق المعنوي في الدنيا جاز على الصراط الحسي يوم القيامة، وهو الصراط الذي ينصب على ظهر جهنم، ومن انحرف عن هذا الصراط المعنوي في الدنيا، ومال عن الحق فإنه ينحرف عن الصراط الحسي يوم القيامة، ولا يستطيع أن يجوزه بل يسقط في النار، فالواجب على المسلم أن يطلب الحق بدليله، وأن يعلم الحق ويعمل به، ويسأل الله الثبات عليه، ويتبرأ إلى الله من طريق المغضوب عليهم والضالين، ويبذل الجهد في تعلم العلم الشرعي، ثم يجاهد نفسه على العمل به، حتى يكون من أهل الصراط المستقيم، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.

    وهذه سورة عظيمة اشتملت على إثبات توحيد الله بأنواعه الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، واشتملت على تقسيم الناس إلى طوائف ثلاث: منعم عليهم، ومغضوب عليهم، وضالون.

    واشتملت أيضاً على تعليم العباد، وأمرهم بالثناء على الله وتمجيده، ثم الدعاء بعد ذلك.

    واشتملت على الرد على أهل البدع جميعاً كالقدرية والاتحادية وغيرهما.

    واشتملت على إثبات الجزاء والحساب، والبعث والنشور، حتى قال العلامة ابن تيمية رحمه الله في الفاتحة: فيها الرد على جميع أهل الفرق، ليس هناك فرقة من الفرق المخالفة للحق إلا وفي الفاتحة رد عليها، وهذا كلام صحيح، فمثلاً فيها رد على الاتحادية والملاحدة الذين يقولون: الخالق والمخلوق شيء واحد، فإن هذه السورة العظيمة فيها إثبات رب ومربوب، ومالك ومملوك، وعبد ومعبود، وراحم ومرحوم، ومنعم ومنعم عليه، وضال ومضل وهكذا، وهذا رد على الاتحادية الملاحدة الذين هم أكفر الناس، ومذهبهم منتشر في كثير من البلاد، ولهم مؤلفات، وهناك من يدافع عنهم، ويحقق مؤلفاتهم، ويقول: إنهم عارفون بالله، ومؤلفاتهم تحقق في مصر وفي غيرها، وتطبع وتنشر، وهم يحذون حذو ابن عربي الملحد، نسأل الله السلامة والعافية.

    قال المؤلف رحمه الله: [ واشتملت على الترغيب في الأعمال الصالحة؛ ليكونوا مع أهلها يوم القيامة، والتحذير من مسالك الباطل؛ لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة، وهم المغضوب عليهم والضالون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088570722

    عدد مرات الحفظ

    777390772