قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل: اشتملت هذه السورة الكريمة -وهي سبع آيات- على حمد الله وتمجيده، والثناء عليه بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا، وعلى ذكر المعاد وهو يوم الدين، وعلى إرشاده عبيده إلى سؤاله والتضرع إليه، والتبرؤ من حولهم وقوتهم، وإلى إخلاص العبادة له وتوحيده بالألوهية تبارك وتعالى، وتنزيهه أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل، وإلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو الدين القويم، وتثبيتهم عليه حتى يقضي لهم بذلك إلى جواز الصراط الحسي يوم القيامة، المفضي بهم إلى جنات النعيم، في جوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين].
الصراط صراطان: صراط حسي، وصراط معنوي، فالصراط المعنوي هو الحق والعلم النافع والعمل الصالح، فمن استقام على هذا الطريق المعنوي في الدنيا جاز على الصراط الحسي يوم القيامة، وهو الصراط الذي ينصب على ظهر جهنم، ومن انحرف عن هذا الصراط المعنوي في الدنيا، ومال عن الحق فإنه ينحرف عن الصراط الحسي يوم القيامة، ولا يستطيع أن يجوزه بل يسقط في النار، فالواجب على المسلم أن يطلب الحق بدليله، وأن يعلم الحق ويعمل به، ويسأل الله الثبات عليه، ويتبرأ إلى الله من طريق المغضوب عليهم والضالين، ويبذل الجهد في تعلم العلم الشرعي، ثم يجاهد نفسه على العمل به، حتى يكون من أهل الصراط المستقيم، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.
وهذه سورة عظيمة اشتملت على إثبات توحيد الله بأنواعه الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، واشتملت على تقسيم الناس إلى طوائف ثلاث: منعم عليهم، ومغضوب عليهم، وضالون.
واشتملت أيضاً على تعليم العباد، وأمرهم بالثناء على الله وتمجيده، ثم الدعاء بعد ذلك.
واشتملت على الرد على أهل البدع جميعاً كالقدرية والاتحادية وغيرهما.
واشتملت على إثبات الجزاء والحساب، والبعث والنشور، حتى قال العلامة ابن تيمية رحمه الله في الفاتحة: فيها الرد على جميع أهل الفرق، ليس هناك فرقة من الفرق المخالفة للحق إلا وفي الفاتحة رد عليها، وهذا كلام صحيح، فمثلاً فيها رد على الاتحادية والملاحدة الذين يقولون: الخالق والمخلوق شيء واحد، فإن هذه السورة العظيمة فيها إثبات رب ومربوب، ومالك ومملوك، وعبد ومعبود، وراحم ومرحوم، ومنعم ومنعم عليه، وضال ومضل وهكذا، وهذا رد على الاتحادية الملاحدة الذين هم أكفر الناس، ومذهبهم منتشر في كثير من البلاد، ولهم مؤلفات، وهناك من يدافع عنهم، ويحقق مؤلفاتهم، ويقول: إنهم عارفون بالله، ومؤلفاتهم تحقق في مصر وفي غيرها، وتطبع وتنشر، وهم يحذون حذو ابن عربي الملحد، نسأل الله السلامة والعافية.
قال المؤلف رحمه الله: [ واشتملت على الترغيب في الأعمال الصالحة؛ ليكونوا مع أهلها يوم القيامة، والتحذير من مسالك الباطل؛ لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة، وهم المغضوب عليهم والضالون.
اللغات في (آمين)
[ فصل:
يستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها: آمين مثل: يس، ويقال: أمين بالقصر أيضاً، ومعناه: اللهم استجب ].
آمين فيها ثلاث لغات: آمين بالمد، وأمين بالقصر، وآمّين بتشديد الميم، ومعناها: اللهم استجب، ومستحب لمن قرأ الفاتحة أن يقول آمين في الصلاة وفي خارجها، وآمين ليست من الفاتحة، وأمين على وزن يمين.
الأدلة على استحباب التأمين في الفاتحة
فضل من وافق تأمينه تأمين الملائكة
فتوى الشيخ الألباني في تأمين المأموم
معنى آمين
الرد على من قال: إن آمين اسم من أسماء الله
مذهب المالكية في التأمين
من شرع له التأمين
اختلاف الفقهاء في جهر المأموم بالتأمين في الصلاة الجهرية
قال رحمه الله تعالى: [ وقد اختلف أصحابنا في الجهر بالتأمين للمأموم في الجهرية، وحاصل الخلاف: أن الإمام إن نسي التأمين جهر المأموم به قولاً واحداً، وإن أمن الإمام جهراً فالجديد أنه لا يجهر المأموم، وهو مذهب
أبي حنيفة ورواية عن
مالك ؛ لأنه ذكر من الأذكار فلا يجهر به كسائر أذكار الصلاة.
والقديم أنه يجهر به، وهو مذهب الإمام أحمد بن حنبل ، والرواية الأخرى عن مالك فيما تقدم: (حتى يرتج المسجد) ].
الصواب أن الإمام والمأموم يجهران بالتأمين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولنا قول آخر ثالث: أنه إن كان المسجد صغيراً لم يجهر المأموم؛ لأنهم يسمعون قراءة الإمام، وإن كان كبيراً جهر ليبلغ التأمين من في أرجاء المسجد، والله أعلم. ].
وهذا ضعيف، والصواب أنه يشرع الجهر بالتأمين سواء كان المسجد صغيراً أو كبيراً؛ لعموم النصوص.
مزايا الإسلام التي يحسد اليهود المسلمين عليها
اختلاف الفقهاء في قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية
مذهب الأحناف في قراءة الفاتحة للمأموم والرد عليهم
قال المؤلف رحمه الله: [ ولهذا جاء في الحديث: (
من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة) رواه
أحمد في مسنده ].
هذا الحديث حجة للأحناف على أن المأموم لا يقرأ الفاتحة لا في السرية ولا في الجهرية، لكن هذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه مجاهيل وضعفاء، وعجيب أن الحافظ ابن حجر رحمه الله ما تكلم على هذا الحديث مع أن فيه ضعفاء ومجاهيل، ولو صح هذا الحديث فإن هذه المسألة ليس فيها خلاف.
الراجح في قراءة المأموم للفاتحة
حكم الشيخ مقبل الوادعي على حديث بلال: (لا تسبقني بآمين يا رسول الله)
الحكم على حديث: (إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقال آمين ...)