إسلام ويب

تفسير سورة البقرة [130-136]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد كان إبراهيم عليه السلام على الملة المستقيمة، وعلى الطريق السوي، وعلى الحنيفية السمحة، ولا يرغب عن ملته إلا من سفه نفسه، وغره جهله، ولقد وصى إبراهيم عليه السلام نبيه بهذه الحنيفية السمحة أن يتمسكوا بها، ويموتوا عليها، وقد أكذب الله تعالى اليهود والنصارى في قولهم: إن الهداية هي في اتباع اليهودية أو النصرانية، وذكر أن الهداية هي في اتباع ملة إبراهيم الحنيفية.
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ يقول تبارك وتعالى رداً على الكفار فيما ابتدعوه وأحدثوه من الشرك المخالف لملة إبراهيم الخليل إمام الحنفاء، فإنه جرد توحيد ربه تبارك وتعالى، فلم يدع معه غيره، ولا أشرك به طرفة عين، وتبرأ من كل معبود سواه، وخالف في ذلك سائر قومه حتى تبرأ من أبيه، فقال: يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام:78-79]، وقال تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ [الزخرف:26-27]، وقال تعالى: وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ [التوبة:114]].

    فإن قيل: هل الحجارة التي وجدتها قريش عند تجديد بناء الكعبة أساس بناء إبراهيم عليه السلام أم أساس بناء الملائكة؟

    فالجواب: ثبوت بناء الملائكة ليس فيه دليل من أخبار بني إسرائيل يعني: بناء الملائكة وبناء آدم ليس عليه دليل.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التوبة:114]، وقال تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [النحل:120-122]، ولهذا وأمثاله قال تعالى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ [البقرة:130] أي: ظلم نفسه بسفهه وسوء تدبيره؛ لتركه الحق إلى الضلال، حيث خالف طريق من اصطفي في الدنيا للهداية والرشاد لحداثة سنه إلى أن اتخذه الله خليلاً، وهو في الآخرة من الصالحين السعداء، فمن ترك طريقه هذا ومسلكه وملته واتبع طريق الضلالة والغي فأي سفه أعظم من هذا؟! أم أي ظلم أكبر من هذا؟! كما قال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13].

    قال أبو العالية وقتادة : نزلت هذه الآية في اليهود أحدثوا طريقاً ليست من عند الله، وخالفوا ملة إبراهيم فيما أحدثوه، ويشهد لصحة هذا القول قول الله تعالى: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:67-68] ].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088462548

    عدد مرات الحفظ

    776870440