إسلام ويب

شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [9]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بينت السنة المطهرة ما ينقض الوضوء من نوم وغائط وبول، وخروج مذي وودي وغيرها، كما تطرقت إلى ذكر حكم الوضوء من لمس المرأة وأكل ما مست النار وغير ذلك من الأحكام الفرعية.

    شرح حديث علي: (كنت رجلاً مذاءً...)

    قال المؤلف رحمه الله تعالى:

    [ باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقض الوضوء من المذي.

    أخبرنا هناد بن السري عن أبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن قال: قال علي : (كنت رجلاً مذاء، وكانت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم تحتي فاستحييت أن أسأله، فقلت لرجل جالس إلى جنبي: سله، فسأله، فقال: فيه الوضوء) ].

    هذه الترجمة عقدها المصنف رحمه الله لبيان ما ينقض الوضوء من المذي، والمذي: ماء لزج يخرج على طرف الذكر عند إحداث الشهوة، بخلاف المني، فإنه ماء أبيض يخرج دفقاً بلذة، وهو أصل الإنسان، وبخلاف الودي، فإنه ماء نجس يخرج بعد البول، والمذي دل هذا الحديث على أنه يجب الوضوء من المذي، وهو نجس، ولكن نجاسته مخففة كما سيأتي، حيث يكفي فيه النضح، كما في الحديث الآخر: (انضح فرجك) ويُغسل منه الذكر والأنثيان، وكأن الحكمة -والله أعلم- تقلص الخارج، ولا سيما إذا كان الماء بارداً، بخلاف البول، فإنه يغسل طرف الذكر فقط، ولا يغسل الخصيتين أما المذي فإنه يغسل الذكر كاملاً والخصيتين، ويغسل ما أصابه، يكفي فيه النضح من دون فرك.

    وقوله: [ كنت رجلاً مذاءً ] أي: كثير المذي، وهي صفة مبالغة.

    أما قول المصنف في الترجمة: [ باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقض الوضوء من المذي ] فظاهره أن هناك من المذي ما لا ينقض الوضوء، والصحيح أن المذي كله ينقض الوضوء، إلا إذا أراد أنه إذا لم يخرج شيء عند الملاعبة، فإن لم يخرج شيء عند الملاعبة فليس عليه وضوء.

    إسناد آخر لحديث علي: (كنت رجلاً مذاءً...)

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن علي قال: قلت للمقداد : (إذا بنى الرجل بأهله فأمذى ولم يجامع، فسل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ فإني أستحي أن أسأله عن ذلك وابنته تحتي. فسأله فقال: يغسل مذاكيره، ويتوضأ وضوءه للصلاة) ].

    قوله: (يغسل مذاكيره ويتوضأ) أي: يغسل ذكره، وقد يقال: إن مذاكيره هي الذكر والخصيتان، كما في الحديث الآخر: (اغسل ذكرك وأنثييك).

    ويتعلق بخروج المذي مسألة مهمة وهي: حكم الصوم حال نزوله، وقد اختلف العلماء في ذلك، فالحنابلة وجماعة يقولون: يبطل الصوم.

    والقول الثاني أنه لا يبطل الصوم إلا خروج المني.

    فالحنابلة قالوا: من أكل أو شرب أو استعطى أو استمنى فأمنى أو أمذى فسد صومه.

    فالمسألة فيها خلاف، فإذا قضى احتياطاً فذلك أولى إذا كان متعمداً، وأما إذا كان خروج المذي من دون اختياره كأن فكر ثم أمذى فصومه صحيح، لكن إذا استمذى -أي: استدعى خروج المذي- بأن عالج نفسه بأن تذكر الجماع، أو باشر زوجته متعمداً، أو لاعبها فأمذى، فهذا فيه خلاف.

    إسناد آحر لحديث علي: (كنت رجلاً مذاءً...)

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن عائش بن أنس أن علياً قال: (كنت رجلاً مذاء، فأمرت عمار بن ياسر يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل ابنته عندي، فقال: يكفي من ذلك الوضوء) ].

    هذا الحديث فيه أن المذي يوجب الوضوء ولا يوجب الغسل، بخلاف المني فإنه يوجب الغسل.

    كما أن المذي نجس ونجاسته مخففة، حيث يكفي فيها النضخ مثل بول الصبي الذي لم يأكل الطعام.

    أسانيد أخرى لحديث علي في المذي

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا عثمان بن عبد الله قال: أخبرنا أمية قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا روح بن القاسم عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن إياس بن خليفة عن رافع بن خديج رضي الله عنه: (أن علياً أمر عماراً أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المذي، فقال: يغسل مذاكيره ويتوضأ).

    أخبرنا عتبة بن عبد الله المروزي عن مالك -وهو ابن أنس - عن أبي النضر عن سليمان بن يسار عن المقداد بن الأسود : (أن علياً أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه؟ فإن عندي ابنته وأنا أستحي أن أسأله. فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه، ويتوضأ وضوءه للصلاة).

    أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني سليمان قال: سمعت منذراً عن محمد بن علي عن علي قال: (استحييت أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي من أجل فاطمة فأمرت المقداد بن الأسود فسأله، فقال فيه الوضوء) ].

    وفي بعض روايات هذا الحديث أن علياً أمر المقداد أن يسأل، وفي بعضها أنه أمر عمار بن ياسر ، قال السندي : لا منافاة بين الروايتين؛ لجواز أمره كلاً من عمار والمقداد .

    أي: أنه يحتمل أنه أمر هذا وأمر هذا، خشية أن ينسى أحدهما.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088576859

    عدد مرات الحفظ

    777424248