إسلام ويب

شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد لابن الأمير الصنعاني [7]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • النذر مكروه ولو كان لله تعالى، فما بالك بالذين ينذرون للقبور والأموات، فيجعلون لها من أموالهم وحقوقهم الشيء الكثير، ويتقربون إليها بشتى العبادات؟! وهذا شرك بالله العظيم، لا يقبل الله من صاحبه صرفاً ولا عدلاً حتى يترك هذه الفواقر والبلايا.
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فإن قلت: القبوريون وغيرهم من الذين يعتقدون في فسقة الناس وجهالهم من الأحياء يقولون: نحن لا نعبد هؤلاء، ولا نعبد إلا الله وحده، ولا نصلي لهم، ولا نصوم، ولا نحج.

    قلتُ : هذا جهل بمعنى العبادة، فإنها ليست منحصرة فيما ذكرتَ، بل رأسها وأساسها الاعتقاد، وقد حصل في قلوبهم ذلك، بل يسمونه معتقداً، ويصنعون له ما سمعته مما تفرع عن الاعتقاد من دعائهم، وندائهم، والتوسل بهم، والاستغاثة، والاستعانة، والحلف والنذر وغير ذلك.

    وقد ذكر العلماء: أن من تزيّا بزي الكفار صار كافراً، ومن تكلم بكلمة الكفر صار كافراً، فكيف بمن بلغ هذه الرتبة اعتقاداً وقولاً وفعلاً؟

    فإن قلت : هذه النذور والنحائر ما حكمها؟

    قلت: قد علم كل عاقل أن الأموال عزيزة عند أهلها، يسعون في جمعها ولو بارتكاب كل معصية؛ ويقطعون الفيافي من أدنى الأرض الأقاصي، فلا يبذل أحد من ماله شيئاً إلا معتقداً لجلب نفع أكثر منه، أو دفع ضرر، فالناذر للقبر ما أخرج ماله إلا لذلك، وهذا اعتقاد باطل، ولو عرف الناذر بطلان ما أراده ما أخرج درهماً، فإن الأموال عزيزة عند أهلها، قال تعالى: وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ [محمد:36-37] ].

    المعنى الصحيح للصلاة

    هاتان أيضاً شبهتان من سلسلة الشبهات التي يذكرها المؤلف، فإن قلت: القبوريون وغيرهم من الذين يعتقدون في فسقة الناس وجهالهم من الأحياء يقولون: نحن لا نعبد هؤلاء، ولا نعبد إلا الله وحده، ولا نصلي لهم، ولا نصوم ولا نحج.

    يعني: أن القبوريين الذي يعبدون القبور يقولون: نحن لا نعبد القبور، وهذا أيضاً هو قول من يعتقد في الفسقة الأحياء، يقولون: نحن لا نعبدهم، نحن لا نعبد إلا الله، ولا نصلي إلا لله، ولا نصوم إلا لله، ولا نحج إلا لله، فكيف تجعلوننا مثل عباد الأصنام؟

    قال المؤلف: هذا جهل بمعنى العبادة؛ لأن العبادة ليست منحصرة في الصلاة والصيام والحج، إنما العبادة أنواع كثيرة، فمنها: الدعاء، والذبح، والنذر، والاعتقاد، أي: إذا اعتقدتم أنه يجوز أن يصرف لهم أيُّ نوع من أنواع العبادة فهذا كفر حتى ولو صليتم وحججتم لن تنفعكم هذه العبادات؛ لأن الصلاة والزكاة والصوم والحج لا تنفع أحداً من فاعليها إذا وجد ناقض من نواقض الإسلام.

    فالمؤلف يقول هذا جهل منكم بمعنى العبادة.

    يقول المؤلف: وقد حصل في قلوبهم ذلك، أي: حصل في قلوبهم أن صاحب القبر يستحق أن تصرف له العبادة، بل يسمونه معتقداً، أي: يسمون صاحب القبر معتقداً، ويصنعون له ما سمعت مما تفرع عن الاعتقاد، ولولا أنهم يعتقدون أنه يستحق العبادة لما دعوه من دون الله، ولما توسلوا، واستغاثوه واستعانوه وحلفوا به، ونذروا له.

    حكم التزيي بزي الكفار

    وقول المؤلف: وقد ذكر العلماء: أن من تزيا بزي الكفار صار كافراً، هذا الأمر فيه تفصيل، فمجرد التزيي قد لا يبلغ به إلى درجة الكفر، أما إذا تزيا بزيهم تعظيماً لهم واستحل هذا التزيي وعظم دينهم فهذا كفر.

    وأما من يعتقد كفرهم وبطلان دينهم ويعلم أنه عاصٍ بهذا التزيي، لكن لبسه من باب التساهل فلا يكفر، وهذا تفصيل المسألة وفيها خلاف لأهل العلم.

    ومن تشبه بهم فقد أصابه حديث: (من تشبه بقوم فهو منهم) والتشبه بهم أقل أحواله التحريم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ، وإلا فظاهره الكفر، ولكن المراد أن التشبه والتزيي لا يكون كفراً إلا إذا انضم إليه اعتقاد أن دينهم حق، وتعظيم دينهم وما أشبه ذلك، وأما مجرد التزيي فقط من غير قصد تشبه ويعلم أن دينهم باطل، وهو مؤمن بالله، ويعتقد أن دين الإسلام هو الحق، وأنه عاص بفعله، وإنما وقع في هذا التزيي لهوىً، فهذا عاص.

    قوله: (ومن تكلم بكلمة الكفر صار كافراً) كما سبق، فمن سب الله وسب الرسول صار كافراً، ومن تكلم بكلمة الكفر -أي: قاصداً لهذه الكلمة- فإنه يكفر، وأما من تكلم بكلمة الكفر ذاهلاً، أو جرت على لسانه بغير قصد، أو نائماً، أو هاذياً فلا يكفر، فكيف بمن بلغ هذه المرتبة اعتقاداً وقولاً وفعلاً ألا يكفر؟ أي: إذا كان الذي يتزيا بزي الكفار يكفر، والذي يتكلم بكلمة الكفر يكفر، فكيف بمن اعتقد أن صاحب القبر يستحق أن تصرف له أنواع العبادة؟ أو أمر بذلك، أو فعل ذلك، أو وقع في الشرك بقوله أو بفعله، ألا يكون أولى بالكفر من غيره؟

    حكم النذور والذبائح للأضرحة والمشاهد

    يقول المؤلف: فإن قلت هذه النذور والنحائر -وهي جمع نحيرة أي: الذبائح- ما حكمها؟

    قلت: قد علم كل عاقل أن الأموال عزيزة عند أهلها، يسعون في جمعها ولو بارتكاب كل معصية، ويقطعون الفيافي -أي: الصحاري- من أدنى الأرض والأقاصي، فلا يبذل أحد من ماله شيئاً إلا معتقداً لجلب نفع أكثر منه، أو دفع ضرر، فالناذر للقبر ما أخرج ماله إلا لذلك.

    مراد المؤلف: أن هذه النذور والذبائح التي تنذر لصاحب القبر، فيذبح له، وتدفع إليه الأموال، لماذا يدفعها أصحابها؟ يقول: ما دفعها أحدهم إلا لاعتقاده أن صاحب القبر يستحق التعظيم والعبادة، وهذا الاعتقاد كفر؛ لأن الأموال عزيزة، كما يقال: المال شقيق الروح، والأموال يجمعها صاحبها ويتعب، ثم يلقيها بسهولة عند صاحب القبر، كلا، فلا يمكن أن يلقيها جزافاً، بل يلقيها لاعتقاده أن صاحب القبر يستحق هذا التعظيم، وأنه تصرف له العبادة، فيكفر بهذا الاعتقاد، فإن الأموال عزيزة عند أهلها ويحبونها، قال تعالى: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ [العاديات:8]، وقوله سبحانه: وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ [محمد:36-37]، فإذاً يتبين أن حكم النذور والنحائر التي تنحر عند القبور شرك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088551093

    عدد مرات الحفظ

    777280916