إسلام ويب

كيف نربي أطفالناللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الأطفال أمانة في أعناق آبائهم، وكثير من الآباء اليوم قد أهملوا أطفالهم، فربوهم على الميوعة، والغناء، والرقص، فخانوا الأمانة التي أئتمنهم الله عليها.

    وفي هذا الدرس تحدث الشيخ عن كيفية تربية الطفل المسلم التربية الإسلامية الصحيحة.

    الحمد لله حمداً حمداً، والشكر لله شكراً شكراً، الحمد لله الذي جمعنا بالصالحين ووفقنا لسيرة سيد المرسلين، نسأله رحمة منه فإنه أرحم الراحمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين وحجة الله على الهالكين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أمَّا بَعْد.. فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته،،

    عنوان هذا الدرس: كيف نربي أطفالنا

    قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً [الكهف:46] الأولاد زينة للحياة، جعلهم الله عز وجل قرة عين للآباء وللأمهات إذا أصلحهم الله، ولذلك وصف الله الصالحين بقوله في دعائهم أنهم يقولون: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74] وقال كثير من الصالحين: لا تحلو الحياة إلا بالولد؛ ولذلك جعل صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة التي تلحق الرجل الصالح (ولد صالح يدعو له) -كما في صحيح مسلم - والعقيم في حياته شيء ليس من قبل الله عز وجل؛ فإن الله قد يعوضه خيراً من هذا الولد؛ لكن في سلوته وراحته وفي عزائه وفي حياته، ولذلك كان زكريا يقول: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ [الأنبياء:89] أي: لا تتركني وحيداً بلا ولد وبلا أبناء، ولذلك أرسل الله الملائكة يبشرونه فنادته الملائكة وهو قائم في المحراب يصلي أن الله يبشرك بيحيى، فجعل الله الولد بشارة، وهي من أعظم البشارات لمن أحسن تربية الأولاد، ولكن كيف نربي الأطفال؟ وكيف نحسن تربيتهم؟ وكيف نرضعهم الإيمان والعقيدة الصحيحة التي أتى بها محمد عليه الصلاة والسلام؟

    وكلمتي هذه الليلة للآباء وللأمهات، وإن كان من نصيب أوفر فهو للأم، فأقول لها: يا أمنا! يا رائدة الأجيال! يا صانعة الأبطال! يا مدرسة الجيل.. أرضعي أبنائك عقيدة التوحيد مع اللبن فإن الله سوف يسألك عن أبنائك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

    ولذلك وصف الشعراء الأبناء بأنهم الأكباد التي تمشي على الأرض؛ كما ذكر ذلك ابن الرومي وغيره، هم أكبادنا التي تمشي على الأرض، وهم شجا قلوبنا، وقرة أرواحنا، دخل عمرو بن العاص الداهية أرطبون العرب على معاوية بن أبي سفيان الخليفة وهو في دار الملك، وعند معاوية فتاة صغيرة نجيبة في الأربع أو في الخمس سنوات. قال عمرو بن العاص: [[يا أمير المؤمنين.. ما لك تقرب هذه الفتاة، والله إنهم ليقربون البعيد ويبعدون القريب ويوصمون العار! فغضب معاوية وقال: خالفت وأخطأت، والله إنهم شجا الأرواح، وإنهم ريحان الحياة، وإنهم شفاعة في الآخرة]] وصدق رضي الله عنه وأرضاه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم (كان يحمل الحسن والحسين ويقبلهم ويقول: هذان ريحانتاني من الدنيا) يعني: يكفيني من الدنيا الحسن والحسين، وكان ينظر إليهما ويقول: (اللهم إني أحبهما فأحب من يحبهما) وهذا الحديث يروى عنه صلى الله عليه وسلم بسند فيه ضعف، فنشهد الله أنا نحب الحسن والحسين بحب جدهم عليه الصلاة والسلام.

    هديه صلى الله عليه وسلم مع الأطفال في الصلاة

    الحسين والحسن جدهما محمد صلى الله عليه وسلم، فنحب الأحفاد لحب الجد الكبير العظيم، وإنما الشاهد في القصة أنه صلى الله عليه وسلم تحبب إلى الأطفال، أتى يصلي إما العصر وإما الظهر صلى الله عليه وسلم فأخذ أمامة وعمرها ثلاث وقيل: أربع سنوات وهي بنت زينب، وزينب بنته صلى الله عليه وسلم، أي: أنها بنت بنته، فحملها في الصلاة، صلى بالمسلمين وبعلماء الصحابة وساداتهم وشجعانهم وشهدائهم فحمل أمامة على كتفه عليه الصلاة والسلام، فإذا سجد وضعها وإذا قام رفعها حتى سلم من الصلاة.

    وعند النسائي والحاكم أنه عليه الصلاة والسلام: {خرج يصلي بالناس صلاة العصر أو الظهر فلما سجد أطال السجود -بأبي هو وأمي- فلما سلم بالناس قالوا: يا رسول الله! أطلت سجدة. قال: إن ابني هذا (قيل: الحسن وقيل: الحسين) ارتحلني (أي: صعد على ظهري) -لما رأى المصطفى صلى الله عليه وسلم ساجداً أعجبه المنظر -وكان طفلاً- فصعد على ظهر الحبيب- قال: إن ابني هذا ارتحلني فخشيت أن أقوم فأؤذيه فانتظرت حتى نزل من على ظهري}. يا للخلق! ويا للطافة! ويا للسماحة! وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].

    يقول أحد الناظمين في الشباب والأطفال:

    يا للشباب المرح التصابي     روائح الجنة في الشباب

    وهذا البيت لـأبي العتاهية، يقول: روائح الجنة في الأطفال، وأنت إذا قبلتهم كأنك تقبل شيئاً خرج من الجنة، فهم بريئون، طاهرون، مزكون، لا حقد ولا حسد ولا ضغينة {كل مولود يولد على الفطرة} ولد مسلماً، لا علمانياً، ولا يهودياً، ولا شيوعياً، ولا نصرانياً، وإنما حنيفاً مسلماً، حتى يدخل أبوه وأمه عليه الكفر: اليهودية أو النصرانية أو العلمانية.

    يا للشباب المرح التصابي      روائح الجنة في الشباب

    يا ليتني ما زلت في الطفولة     بنفسي الطاهرة المقبولة

    لم أحمل الحقد ولم أدر الحسد      ولم أنافس في الدنيات أحد

    يحب كل المسلمين قلبي      وليس في قلبي سواك ربي

    هذا منطق أهل الطفل يوم ينشأ عابداً مخلصاً لله، ولذلك كان الأطفال قرة عين الصالحين، قال الله عز وجل: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [آل عمران:38] وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عن تربيتهم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].

    هديه صلى الله عليه وسلم مع الطفل عند الولادة

    كيف نربي أطفالنا؟

    هنا مسائل:يوم يلد الطفل أمر عليه الصلاة والسلام {أن يؤذن في أذنه اليمنى، وفي لفظ -لكنه ضعيف- وأن يقام في اليسرى} ولـابن القيم كلام جميل في تحفة المودود يقول: أمر عليه الصلاة والسلام أن يؤذن، ليكون أول ما يطرق قلب الطفل التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فينشأ على حب الله وعلى حب رسول الله، وتغرس في قلبه شجرة الإيمان، ويطرد منه الشيطان؛ لأن الشيطان يفر من الأذان، إذا أذن المؤذن فر الشيطان فهو لا يقبل الأذان ولا يقبل ذكر الله، فالوصية كما ثبت عند أبي داود والترمذي: أن يؤذن في أذنه اليمنى، كما في حديث أبي رافع وابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم {لما ولد لابنته فاطمة الحسن بن علي أذن في أذنه اليمنى} وينسب إلى عمر بن عبد العزيز أنه قال: [[ويقام في الأذن اليسرى]].

    هذه معالم التوحيد، بيوتنا تبدأ بلا إله إلا الله وتنتهي بلا إله إلا الله، أول ما يقع رأس الطفل في الأرض ينبغي أن يعلم بأنه لا إله إلا الله، ويؤذن في أذنه، ويوم تقبض روحه عليه أن يختم حياته بلا إله إلا الله.

    صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله، دخل الجنة}.

    أبو زرعة أحد المحدثين الكبار: رؤي في المنام بعد أن توفي: قالوا: ما فعل الله بك؟ قال: رفعني ربي في عليّين، قالوا: بماذا؟ قال: كتبت بيدي ألف ألف مرة صلى الله عليه وسلم.

    لما حضرت أبا زرعة الوفاة، أتى المحدثون وتلاميذه حوله ليذكرونه بحديث لا إله إلا الله عله أن يقولها، قال: فأتوا يتذكرون أول السند فيقولون: عله ينتبه؛ لأنه أصيب بإغماء فكانوا يقولون: حدثنا فلان فأخطئوا في الاسم فاستيقظ -بإذن الله- من غفلته وقال: حدثنا فلان عن فلان قال: حدثنا فلان عن معاذ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله، دخل الجنة} ثم توفي.. فهذه هي الكلمة التي ينتهي بها الإنسان من الحياة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088467120

    عدد مرات الحفظ

    776893724