إسلام ويب

هجوم على الكعبةللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تعرضت الكعبة المشرفة لغزو قبل البعثة، وقص نبأ ذلك في كتابه، في سورة قصيرة تحمل من المعاني والصور واللطائف ما ستجده في ثنايا هذا الدرس إن شاء الله.
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً.

    سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    عنوان المحاضرة: (هجوم على الكعبة).

    أولاً: وقبل أن أبدأ: أسأل الله ألا يجعل حظنا من هذه المحاضرات واللقاءات هذا المديح الذي تسمعونه دائماً، فإنه إذا كان هذا هو نصيبنا وحظنا فقد خسرنا في الدنيا والآخرة، وقد مُدِح أحد الأئمة من الشافعية أمام الناس فبكى وقال:

    إذا كان هذا الدمع يجري صبابةً     على غير سعدى فهو دمع مضيعُ

    فإذا كانت الثمرة هي هذا الإطراء والمديح، فإن هذا -أولاً- ليس مطلباً للعلماء ولا للدعاة، فإن المديح لقوم يعشقونه ويحبونه ويسعون إليه، ويحاولون من الجماهير أن يقولوا كلمتهم سواء أكانت صادقة أم كاذبة في مديحهم، أما أهل العلم والدعوة خاصة من يخاف الله فهم يريدون منكم الدعاء، فأنا أطلب منكم الدعاء لأهل العلم ولأهل الدعوة على مثل هذه اللقاءات؛ كفضيلة الشيخ جابر المدخلي، وعلى من يكون سبباً في الخير دائماً وأبداً؛ أن يزيده الله تسديداً وتوفيقاً وتأييداً وحفظاً ورعاية.

    تشريف الله لمكة بجعلها حرماً آمناً

    ثانياً: أطلب منكم شكر المولى سبحانه وتعالى على أن جعلكم في هذا البلد الآمن، والله يتحدث لنا عن بيته في القرآن وعن هذا البلد الأمين كيف دافع عنه، وكيف رد عنه المعتدين والغزاة منذ أن بُنِي هذا البيت والله عزَّ وجلَّ يدافع عنه، ولكن اسمع منطق الجاهلية والوثنية، اسمع إلى أبي جهل وأبي لهب وهم يقولون: إذا اتبعنا محمداً تخطفنا الناس من الحرم، فالله يقول لهم: وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [القصص:57] يقول سبحانه وتعالى: أما مَكَّنَّا لهم الحرم؟! أما صددنا عن الحرم الهجوم؟! أما جعلناه حرماً آمناً؟! وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الأنفال:26] وفي سور أخرى يذكِّر الله المسلمين بمن فيهم رسولهم المعصوم عليه الصلاة والسلام ويقول لهم: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ [التوبة:25] فلله الحمد، لكن جزاء هذه النعمة الجليلة أن نشكره سبحانه وتعالى ولا نكفره.

    ولا تكون أعمالنا مناقضة لأقوالنا فإن الشكر بالأعمال، ومِن شُكْرِه سبحانه وتعالى أن يصفَّى هذا الحرم الآمن من كل ما يخالف منهج الله في الأرض ومن كل ما يغضب الله عزَّ وجلَّ مِن مِثل الربا، والسفور الفاضح الذي يعارض شريعة الرسول عليه الصلاة والسلام، المعاصي بما فيها: الدخان، والمجلات الخليعة، وأشرطة الكاسيت الغنائية، والفيديو المهدِّم، واللباس المحرم، والاختلاط الآثم الذي نهى عنه ربنا سبحانه وتعالى ورسوله، كل هذه الصور تنافي قدسية هذا المكان واحترام هذا المكان الذي يذكِّرنا اللهُ بها في سورة الفيل.

    وإنها بديعة في التصوير وبعض المفسرين يقول: سماهم الله بأصحاب الفيل، ولم يذكر أسماءهم مع أن القائد العسكري هو أبرهة، ولكن من احتقاره عند الله عزَّ وجلَّ ومن صغره وذلته لم يذكر الله اسمه، إنما ذكرهم بأصحاب الفيل، فكأن الذي يقود المعركة هو الفيل، وكأن الذي يدبر الخطط العسكرية الفيل، وكأن الذي يأتي إلى الهجوم على الكعبة هو الفيل، أما هم فإنهم أصحابه وأتباعه فحسب، هذه لمحة يشير إليها كثيرٌ من أهل التفسير.

    سورة الفيل قصيرة معجزة غنية بالفوائد والعبر

    ثالثاً: سمعنا هذه السورة: بسم الله الرحمن الرحيم، أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [الفيل:1-5] هذه السورة في حد ذاتها -وهي من أقصر السور- معجزة وفيها تحدٍّ؛ ولكن فيها عشرون مسألة، ولعلي لا أكون مستطيعاً أن أذكرها برتابة فاعفوني من الرتابة في التسلسل، ولكني سوف أذكر أغلب القضايا التي أشار إليها المفسرون، وأحرص -بإذن الله وهو الموفق عزَّ وجلَّ- على أن أربطها بواقع الناس وبواقع الأمة الذي تعيشه في هذا الزمن، وما هي مفاجآت القرآن؟ ما هو مجرى القرآن في حياتنا؟ ما هو أثر هذا القرآن الذي يُتلى علينا في الدروس والصلوات والمحاضرات واللقاءات؟

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088462397

    عدد مرات الحفظ

    776869954