إسلام ويب

تفسير سورة الحج [27-28]للشيخ : المنتصر الكتاني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد أمر الله تعالى عبده إبراهيم بأن يؤذن في الناس بالحج، فقام نبي الله تعالى بذلك فأبلغ الله صوته إلى كل من كان في الأرض في ذلك الزمان، ومن كان في أصلاب الآباء، فصار الناس في ذلك الزمان وما بعده يلبون هذه الدعوة من هذا النبي الكريم، فيأتون قائلين: لبيك اللهم لبيك. ولهم في هذا الحج منافع دينية ومنافع دنيوية، وهذا من فضل الله تعالى علينا أمة الإسلام.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً ...)

    قال تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ [الحج:27-28].

    قوله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ[الحج:27] الجمهور على أن معناها: أن الله أمر إبراهيم عندما بنى البيت بأمر الله أن يعلم الناس ويؤذن في الناس على جبل أبي قبيس ليدعوهم إلى حج بيت الله الحرام.

    وقال قوم: الكلام مستقل بعد الآية الماضية وهي قوله تعالى: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ[الحج:26].

    وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ[الحج:27]: كلام جديد مستأنف، وهو أمر لرسولنا ونبينا صلوات الله وسلامه عليه، أي: يا محمد! أعلم الخلق بحج هذا البيت وزيارته والطواف حوله.

    واستجاب صلى الله عليه وسلم وقال فيما صح عنه وتواتر أنه قال عليه الصلاة والسلام: (ألا فحجوا فإن الله يأمركم بالحج) .

    وهكذا أصبح الحج من شعائر الإسلام، وأحد أركانه الخمسة الرئيسية الأساسية، ولكن الجمهور على أن الخطاب كان للجد الأعلى أبي الأنبياء إبراهيم عليه صلاة الله وسلامه.

    وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ[الحج:27] أي: بالقصد والعبادة والزيارة لهذه البطاح المقدسة، وبالطواف بالكعبة والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف في عرفات، والمبيت في مزدلفة، والوقوف في المشعر الحرام، والمبيت في منى يوم النحر ويومي منىً، ثم الطواف بالبيت بعد ذلك.

    وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا[الحج:27] أي: يستجيبوا لك، فيأتوا لما أمرتهم به راجلين على الأقدام، وركباناً على الإبل والخيل والدواب.

    وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ[الحج:27] أي: على كل مضمر من الإبل ومن الدواب، ومعنى (ضامر) مهيأ ومضمر للرحلة والسياحة والتنقل بين الأقاليم والأقطار مشرقاً ومغرباً إلى قصد بيت الله الحرام في مكة المكرمة.

    وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ[الحج:27] رجالاً: جمع راجل، كقيام جمع قائم، وصيام جمع صائم، أي: يأتوك ماشين على الأرجل، وراكبين على الإبل المضمرة والخيل والدواب.

    واختلف علماؤنا هل الحج مشياً أفضل أو ركوباً؟ وقد قلت: إن الشافعي رحمه الله والجمهور على أن الحج راكباً أفضل، ائتساءً برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حج راكباً.

    وقال مالك وغيره من الأئمة: الحج مشياً أفضل، واحتجوا بفعل رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما جاء للسعي بين الصفا والمروة فقال: (نبتدئ بما بدأ الله به) فقد بدأ الله بالذكر بالصفا ثم المروة، فابتدأ السعي من الصفا إلى المروة.

    وقياساً على هذا وأن ما قدمه الله له حق التقديم، قال مالك : قدم الله ذكر الماشين على الأقدام في قوله: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ[الحج:27] فالحج راجلاً أفضل.

    وبطبيعة الحال فإن ذلك على من استطاعه واحتمله، قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[الحج:78] .

    وأما الاحتجاج بفعل رسول الله عليه الصلاة والسلام فالأمر هنا ليس كذلك، فقد كان من الهدي النبوي والسيرة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما على أمته.

    والأيسر على أمته أن تحج ركباناً، وأيضاً لو حج رسول الله عليه الصلاة والسلام ماشياً في حجة الوداع وهي الحجة الوحيدة، وقد حج معه فيها مائة وعشرون ألفاً من الأصحاب فيهم الشيوخ الركع، وفيهم الأطفال الرضع، بل منهم من ولد في الطريق، فقد ولدت أسماء بنت أبي بكر وهي في الطريق.

    فلو حج الرسول عليه الصلاة والسلام ماشياً لأتعبهم، ولمنعهم من الركوب الحياء، فسيكون رسول الله ماشياً على قدميه وهم ركبان، فسيرى ذلك من قلة الأدب، ومن عدم الحرمة لرسول الله عليه الصلاة والسلام، ولو فعلوا كفعله لو حج ماشياً لأجهدهم ولأتعبهم، ولهلك الكثير في الطريق قبل الوصول.

    ولم يكن هذا من السيرة النبوية التي فيها الشفقة والرحمة بأمته وبأتباعه من المؤمنين، وعلى ذلك: فلقائل أن يقول كما قال مالك : ما ترك عليه الصلاة والسلام الحج ماشياً إلا رحمة بأمته، وشفقة من إجهادها وإتعابها.

    وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ[الحج:27] قال ربنا جل جلاله: يأتين، وقد ذكر ضامراً مفرداً، فكيف عاد الضمير جماعة؟

    قال تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ[الحج:27] فكل دلت على أن الكثيرين سيأتونك على إبل ضامرة وخيل مضمرة ودواب مهيأة ومعدة لذلك، فبهذا الاعتبار عاد الضمير جماعة، وهو يعود على غير العاقل مؤنثاً كما في هذه الآية.

    يَأْتِينَ[الحج:27] أي: يأتي هؤلاء الضمار ومن يركبها من البشر.

    مِنْ كُلِّ فَجٍّ[الحج:27] أي: من كل طريق عميق بعيد، وهكذا الأمر ولا يزال منذ فجر الإسلام يأتي الحجيج إلى زيارة وإلى حج بيت الله الحرام من أقصى ديار الدنيا شرقاً من الصين، وأقصى ديار الدنيا غرباً من المغرب الأقصى وما خلفه.

    وهكذا استجاب الناس لدعاء ونداء النبي عليه الصلاة والسلام. وقد قلنا: إن النبي إبراهيم أو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد علم أن صوته لن يبلغ إلى كل أحد في الأرض ليستجيب لهذا النداء الكريم، ولكن الله قال: سأبلغ صوتك يا إبراهيم أو يا محمد عليه الصلاة والسلام.

    وقد قالوا: إن كل من حج منذ النداء النبوي والأمر الإلهي كان قد بلغه وسمع الصوت إلهاماً من الله وهم لا يزالون في أصلاب آبائهم وفي أرحام أمهاتهم.

    وهذا معنى كون الحاج عندما يغتسل ويصلي ركعتي الإحرام ثم يبتدئ بعد ذلك فيقول: لبيك اللهم لبيك. فهي استجابة للنداء الأزلي، للنداء الإلهي، للنداء النبوي عندما دعي وهو لا يزال في الرحم وفي الصلب، فعندما استطاع أن يتكلم وبرز للوجود بحواسه الباصرة والمتكلمة والسميعة، فخرج يقول: لبيك اللهم لبيك.

    ولا تكون لبيك إلا إجابة نداء، إلا نعم بأقصى أنواع الأدب، ولا يزال هذا في لغة ولهجة أهل الحجاز إذا نودي منادى فإنه من الأدب يجيب: لبيك لبيك.

    والتلبية: الاستجابة، ومعنى لبيك لبيك: الاستجابة والتكرار بالاستجابة مرة بعد مرة.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ...)

    لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28].

    قوله تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ[الحج:28] المنافع جمع منفعة، أي: ليحضر هؤلاء المنادون والحجيج إلى الديار المقدسة وإلى بيت الله الحرام؛ ليشهدوا ويحضروا منافع لهم؛ منافع دنيوية ومنافع دينية، فمن المنافع الدنيوية: التعارف بين المسلمين، وإن كانت الغاية دينية إن أرادوا ذلك.

    ومن المنافع الدنيوية: التجارة والبيع والشراء.

    والدينية: عفو الله ومغفرته كما قال الإمام محمد الباقر .

    وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال بأن الحاج الذي يخرج من الحج وقد قبل منه يخرج كيوم ولدته أمه لا ذنب ولا خطيئة، فكل ذلك يغفر، وكل ذلك يعفى عنه، ويبتدئ حياة جديدة بأعمال جديدة.

    وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ[الحج:28] أي: ليذكروا الله ذكراً متتابعاً متواصلاً بأنواع من العبادات: تالين ومصلين وذاكرين وطائفين بالبيت الحرام وبالكعبة المشرفة، وساعين بين الصفا والمروة، وواقفين في عرفة، إلى بقية مناسك الحج فكل ذلك عبادة.

    والحاج منذ أن يحرم ويصلي ركعتي الإحرام، ويغتسل قبلهما ويقول: لبيك لبيك، فهو في عبادة سواءً كان صاحياً أو كان نائماً، ومادام أنه أحرم من هناك كما استحب ذلك الكثير من الفقهاء والأئمة -وإن كان خلاف المنصوص وخلاف الوارد- فبمجرد ما يبتدئ الإحرام من مواقيته فهو في عبادة متصلة إلى أن يعود لبلده، والعبادة بكل أشكالها ذكر لله، ذكر باللسان وذكر بالجنان وذكر بجميع حواس الجسد.

    وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ[الحج:28] الأيام المعلومات عند الجمهور: هي العشر الأول من شهر ذي الحجة، وكان يصومها صلى الله عليه وسلم جميعاً سوى العيد، فإن العيد يحرم صيامه.

    وقد قالوا في تفسير قوله تعالى: وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2] أن الليالي العشر في الآية هي العشر الأول من شهر ذي الحجة.

    وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الأيام المعلومات هي: يوم عرفات، ويوم النحر، ويومان بعد يوم النحر.

    وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنه: الأيام المعلومات يوم النحر، وأيام التشريق بعد يوم النحر.

    وقال سعيد بن جبير : أيام التشريق.

    وعلى كل: فهذه الأيام التي أشار الله إليها تارة بمعلومات وتارة بمعدودات علمت ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة، فهي (معدودة) أي: قليلة. و(معلومة) قد عرفت ببيان رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي كلف بالبيان، قال تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ[النحل:44].

    أي: يذكرون الله شاكرين، حامدين، مثنين على الله جل جلاله.

    عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ[الحج:28] (البهائم) تدخل فيها البهائم المركوبة التي لا يحل أكلها من خيل وبغال وحمير، وإنما جعلت للركوب على خلاف في بعض ذلك. والإبل تؤكل باتفاق، والخيل بكراهة ومنهم من حرمها، وأما البغال والحمير فقد حرمت.

    فال الله: بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ[الحج:28] ليعلمنا ويشعرنا ويدعونا إلى أن نذكر الله، ونقدم الهدي ونقدم الذبائح في الحج ونحن نذكر الله، وألا تكون إلا من الأنعام، والأنعام هي: الإبل والبقر والغنم.

    ومن المعلوم في الضحايا أن الإبل أفضل ثم البقر ثم الغنم، ويشترك في البعير سواء كان ناقة أو جملاً يشترك فيه سبعة ويكون مجزياً عنهم، وكذلك البقرة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، وقد أوتي للنبي عليه الصلاة والسلام من اليمن بمائة بدنة، أتى بها علي رضي الله عنه، فنحر منها بيده الكريمة عليه الصلاة والسلام ثلاثاً وستين بدنة، وذبح ونحر الباقي علي رضي الله عنه.

    فكان يقول عند الذبح: باسم الله، اللهم منك وإليك، عمن لم يهد من أمتي. وكان يذبح بعض ذلك عن أسرته وعائلته الشريفة.

    وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ[الحج:28] أي: ما رزقهم منها للهدايا وللضحايا وللرزق وللأكل وللاستنفاع سواء في الحج أو في غير الحج، فالله قد خلقها لنا وأحلها لنا حضراً وسفراً، وفي الحج تعتبر هدايا وتطوعاً بالنسبة لمن لم يكن عليه جزاء فدية أو جزاء في شيء أفسد به حجه، أو خالف فيه بعض ما يجب ألا يخالف، أو كان متمتعاً أو قارناً فكذلك عليه ذنب.

    قال تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ[الحج:28] أمرنا أن نأكل منها، وقد اختلف العلماء في نوع هذا الأمر هل هو أمر وجوب أم أمر استحباب؟ وقد قال الظاهرية ومن يقول بقولهم: إنه أمر وجوب، وقال به من كان اجتهاده اجتهادهم ممن اعتبروا الأمر باستمرار هو للوجوب ما لم يأت ما يصرفه عن ذلك.

    ولكن الجمهور في ذلك فصلوا وقالوا: أما الهدايا وضحايا التطوع فيؤكل منها، فالنبي عليه الصلاة والسلام ما نحره من الإبل أمر بأن يقتطع من كل بدنة قطعة لحم وطبخ ذلك فأكل من لحمها وشرب واحتسى من مرقها، وتصدق بالباقي؛ لأن الله أمر وقال: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ[الحج:28] .

    فنحن قد أمرنا أن نأكل من هدايانا وتطوعنا، وأن يأكل معنا منها البائس الفقير.

    وقال بعض أهل العلم: تقسم أنصافاً، نصف للمضحي، وللمهدي، وللمتطوع، والنصف الآخر للفقراء والمساكين.

    وقال البعض: تقسم أثلاثاً: ثلث لنفسه ولعياله، والثلث لطبقة من الناس الذين لا يطلبون ولا يسألون ولا يتسولون ممن يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، كما سيأتي في تفسير القانع والمعتر، والثلث الآخر لمن يسأل؛ للبائس بالمرة، كما قال تعالى في هذه الآية الكريمة.

    وأما الأكل من الهدايا ومن التطوع فقد أجمع الفقهاء على حل ذلك وجوازه، وقالوا: الأكل في الآية هو متعلق ومرتبط بالهدايا والتطوع.

    وقالوا: ليس الأمر أمر وجوب، وإنما هو أمر إجازة وإباحة، فإن شئت أن تأكل فكل، وإن لم تشأ فلا تفعل، ولكن هذا مختلف ومخالف للأسوة النبوية؛ فقد أكل صلى الله عليه وسلم شيئاً سمي أكلاً، فهي قطعة لحم من كل ناقة طبخت مع بعضها وأكل منها بعضاً، واحتسى من مرقها، والباقي تصدق به جميعه، وهو أشبه بألا يكون أكل منها إلا لامتثال هذا الأمر في الآية. وهذا موضع إجماع من الأئمة الأربعة وغيرهم.

    وقال مالك : يباح الأكل من التطوع، ولا يباح الأكل من دم القران إذا كان حج مقرناً، ولا حج التمتع، ولا جزاء الصيد، ولا ما ذبح لفساد وقع بالحج؛ لأن هذا الذبح واجب لا يتم الحج إلا به.

    والأحناف قالوا: يؤكل من ذبائح التمتع ومن ذبائح القران، ولا يؤكل من ذبائح الجزاء وذبائح فساد الحج إن حدث نقص أو فساد بالمرة.

    والشافعية كذلك أباحوا بعض ذلك وحرموا بعض ذلك؛ أباحوا الجزاء ومنعوا من أن يؤكل من ذبيحة التمتع وذبيحة القران.

    فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ[الحج:28] البائس الفقير هو: الفقير الذي اشتد بؤسه وفقره، واشتدت حاجته، فينبغي لمثل هذا في مثل هذه الأيام أن يأكل كما يأكل الناس، وهي أيام عيد، وأعظم موسم في الإسلام، وهو الموسم الأعظم؛ موسم الحج.

    والأضحية يؤكل منها، ويعطى منها للفقير الذي لا يطلب فيحسبه الجاهل غنياً من التعفف، والفقير الذي يسأل وقد أضر به الفقر والحاجة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718712

    عدد مرات الحفظ

    765798271