إسلام ويب

تفسير سورة الفرقان [72-77]للشيخ : المنتصر الكتاني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في هذه المادة ذكر بعض صفات عباد الرحمن الصالحين، فمن صفاتهم: أنهم لا يحضرون مجالس الزور، وإذا مروا باللغو مروا كراماً، فلا يردون السب بالسب، ولا يردون الشتم بالشتم، ومن صفاتهم أنهم إذا ذكّروا بآيات الله تعالى لم يتغافلوا عنها، بل يتعظون بها، ويتدبرونها، ويقفون عندها وقفات تأمر وتفكر.
    قال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا [الفرقان:72].

    هذه من صفات المؤمنين العابدين، حيث يقول تعالى: وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ [الفرقان:72]، والزور هنا فسر بالباطل، وهو كل أنواع الآثام، وكل أنواع الذنوب، وكل أنواع الباطل، وكل أنواع اللغو.

    وأصل الزور: تلبيس الباطل بلباس الحق المزخرف بالقول أو بالعمل، كما تزور المرأة القرعاء شعرها أمام الناس، فتأتي بالشعر فتضعه على رأسها، وكما يزور الأشيب ذو اللحية البيضاء لحيته فيسودها ليوهم الناس أو من يريد الزواج بها إن كانت امرأة أنه لا يزال صغيراً، وهكذا قل عن كل شيء زخرف وغير عن أصله تضليلاً وتزويراً وزخرفة، فكل ذلك يسمى زوراً.

    فوصف الله هؤلاء المؤمنين بأنهم لا يحضرون الزور، فلا يحضرون مجالس الفسق، ولا مجالس الغناء، ولا مجالس اللهو، ولا مجالس الباطل.

    وأيضاً لا يشهدون شهادة الزور، بأن يري المرء عينه ما لم ترى، ويسمع أذنه ما لم تسمع، فيشهد لزيد أو لعمر مقابل دريهمات وهو لم يسمع ذلك قط، ولم يره قط.

    وشهادة الزور من أعظم الكبائر، ولذا عد النبي عليه الصلاة والسلام الكبائر، فذكر الشرك بالله أولاً، ثم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ثم عقوق الوالدين، ثم ذكر شهادة الزور، وكان صلى الله عليه وسلم متكئاً فجلس، فقال: (ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور)، وكرر ذلك حتى قال الصحابة: ليته سكت.

    معنى قوله تعالى: (وإذا مروا باللغو مروا كراماً)

    قال تعالى: وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا [الفرقان:72].

    أي: إذا سمعوا شخصاً شتم أو سب أو استهزأ أو نطق بالسوء أو نطق بما لا يليق (مروا كراماً).

    و(كراماً) حال، وهي جمع كريم، وذلك مأخوذ من قول العربي: فلان مر على فلان فشتمه فتكرم عليه فتركه وأعرض عنه. أي: كان أكرم منه قولاً، وأكرم منه خلقاً، وأكرم منه سيرة، وأكرم منه ديناً.

    فإذا سمعوا سيئاً من القول لا يجيبون بمثله، بل يعرضون عنه ويمرون عليه مرور الكرام، قيل: ومن اللغو: الغناء.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088511725

    عدد مرات الحفظ

    777043123