إسلام ويب

تفسير سورة الصافات [22-35]للشيخ : المنتصر الكتاني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يكذب المجرمون بيوم الدين، وبالبعث بعد الموت، ويوم القيامة يأمر الله الملائكة أن يحشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون إلى الجحيم، فإذا بهم يتساءلون مختصمين، فيتهم الأتباع متبوعيهم أنهم هم الذين أضلوهم، لكنهم يتبرءون منهم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (احشروا الذين ظلموا وأزواجهم...)

    تقول الملائكة عن أمر الله: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ [الصافات:22-24].

    يأمر ربنا جل جلاله الملائكة ويقول: احشروهم كما تحشر الدواب، واجمعوهم هم وأشكالهم ومن كان على مثل حالهم.

    احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا [الصافات:22] ظلم الكفر والشرك، إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، ولذلك كان الشرك أعظم أنواع الظلم، فظلموا الحق في النفس، وظلموا ما كان يجب ألا يظلموا أنفسهم فيه، فأنكروا خالقهم وقدرته وإرادته، وأنكروا كونه جل جلاله لا يحتاج إلى معين ولا وزير ولا مساعد ولا شريك له ولا ند، لا في ذات ولا في صفات ولا في أفعال.

    احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ [الصافات:22]، من أزواجهم؟

    قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الأزواج: الأمثال والأشباه والنظائر، احشروا الزانية مع الزاني، وشارب الخمر مع شارب الخمر، والكافر مع الكافر، والفاسق مع الفاسق، وبهذا المعنى فسره جماهير المفسرين، أي: مأخوذ من المزاوجة والمشاكلة، تقول: وزاوج الرجل المرأة فأصبحت نداً وشريكاً له في حياته، وكذلك هؤلاء في ظلمهم وفي كفرهم وفي شركهم.

    وانفرد الحسن البصري فقال: أزواجهم نساؤهم وزوجاتهم المشركات اللاتي متن على الشرك، ليزداد عذاب البعض بالبعض.

    وعلى كل فلا حاجة لهذا التفسير، سواء كانت زوجة أو غير زوجة، فإن كانت مشركة فهي من أمثاله، وهي من أشكاله، اجتمعت به أو لم تجتمع، فهم سيحشرون في مكان واحد، ويفصلون عن المسلمين.

    احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ [الصافات:22] ما كانوا يعبدون: من إبليس، ومن شيطان، ومن حيوان، ومن جمادات، لتكون حجة الله البالغة عليهم، فهؤلاء الذين كنتم تعبدون سيتبرءون منكم ومن عبادتكم، فإن كانوا يعبدون الملائكة أو رسلاً أو صالحين، فإنهم أيضاً يقفون معهم، وكما قال الله لعيسى: أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ [المائدة:116].

    فيحشر معهم للبراءة منهم، حتى الصالحون لا يحشرون معهم إلى النار، ولكن يقفون معهم، ليتبرءوا منهم وليدركوا إذ ذاك ولات حين إيمان أنهم عاشوا على ضلال، عاشوا على باطل، ولكن اعترافهم فاته الزمن، وفاته الوقت، وكما يقولون: الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك، لقد قطعوا بالوفاة وبالموت: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ [الصافات:22-23]، بعد أن يحشروا ويكبلوا في السلاسل يقول الله لملائكته والأمر له: (فاهدوهم): أي: دلوهم، قال: فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ [الصافات:23] إلى الطريق البين الواضح الذي يوصل إلى جهنم، وقد تكون جهنم بعيدة عليهم، فتأتي الملائكة تحشرهم وتسحبهم زحفاً على وجوههم إلى أن يدخلوا النار وبئس المصير.

    قال: فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ [الصافات:23-24]، يمرون على الصراط ولا بد من المرور عليه لكل كبير أو صغير، من نبي مرسل، أو رجل صالح، وللكافر والمنافق سواء، وقفوهم: تكون متعدية ولازمة، قفوهم أو أوقفوهم، قال: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ [الصافات:24]، سيسألون ويحاسبون، سيفتح حسابهم ويكون شديداً، يكون عسيراً، يكون يوماً عظيماً عليهم، فزيادة على الكفر سيسألون حتى عن الفروض، وسيسألون عن ظلم من ظلموا، وأكل من أكلوا، وفساد من أفسدوا، وما صنعوا في حياتهم، ثم يؤمر بهم فيقذفون في النار.

    قال: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ [الصافات:24]، تسألهم الملائكة، يسألهم الله جل جلاله، يفصل بينهم، يقضي قضاءه فيهم، يأمر بهم إلى النار، بعد الحساب الشديد العسير.

    قال: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ [الصافات:24-25]، عندما يقذف بهم إلى النار، وعندما يشدد حسابهم تقول لهم الملائكة زيادة في العذاب النفسي وزيادة في الحسرة والألم: مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ [الصافات:25] أي: ما كنتم تفعلون في دار الدنيا؟ ما لكم؟ لم لا تتناصرون؟ لم لا ينصر بعضكم بعضاً؟ و(تناصر) فيه مفاعلة، أي: كما كانوا يفعلون في الدنيا، عندما ينصر يهودي نصرانياً، ونصراني يهودياً، عندما يخدع منافق من أقرانه أو يهودي أو لكليهما يمكر بعضهم لبعض ويترك إخوانه المسلمين، ويبتعد عنهم، ولا يناصرون إلا أمثالهم من المنافقين، من اليهود والنصارى: مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ [الصافات:25].

    بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ [الصافات:26]، ويقال لهؤلاء الذين بكتوهم، والذين حقروهم: ما لكم لا تناصرون، فيجيب آخرون: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ [الصافات:26]، يائسون من النصرة، يائسون من أحد يدفع عنهم، هم بين يدي الله، قد استسلموا كما لم يستسلموا في الدنيا قط، استسلموا للذل وللهوان، وللعنة المتلاحقة، وللعذاب الدائم عذاب السعير: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ [الصافات:26].

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون)

    قال تعالى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ [الصافات:27]، أخذوا يتخاصمون فيما بينهم فيتساءلون في خصام، يقول الأتباع للمتبوعين وهم يسائلونهم وأولئك يجيبونهم، ويبرأ بعضهم من بعض، ويكفر بعضهم ببعض، وأقبل بعضهم على بعض، أي: لجئوا إلى بعضهم إقبالاً: قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ [الصافات:28]، يقول الأتباع للمتبوعين، يقول الشهم كما يعبر عنه اليوم باللغة الوثنية الجديدة، يكفرون بالله ويقولون الشهم، ينشرون الفسق ويقولون الشهم، يفعلون ما شاءوا ويقولون الشهم، وما هي إلا صيغة يهودية، ودعوة يهودية، الإسلام لا يقول هذا، الإسلام يقول الحق، من كان معه الدليل ومعه الحق فهو الجماعة وهو الكثرة، وهو الأمة، وهو الشعب.

    أما الأكثرية الضالة فقال الله عنها: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116].

    قال تعالى: قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ [الصافات:28]، قال الأتباع للمتبوعين، قال الرعاع للأئمة والزعماء والرؤساء والموجهين من الكفار والمشركين: قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ [الصافات:28]، فسروا اليمين هنا بعدة تفاسير، قالوا: أي: كنتم تأتوننا عن القوة، تستغلون قوتكم علينا، سلطانكم المالي، سلطانكم الحكمي، سلطانكم الجماهيري، وتضغطون علينا وتقهرونا على الكفر، وفسروا اليمين بالقوة، وفسروه: بالدين الحق، وفسروه: بالحق، قالوا: أي: كنتم توهموننا أن ما تدعوننا إليه هو الحق، وهو الدين الصحيح، وهو الصواب، إلى أن دفعتمونا للشرك دفعاً، للكفر بالله، وبرسول الله، وبدين الله سبحانه.

    وقال الحسن البصري : أي: كنتم تأتوننا عن الأيمان واليمين، أي: تأتوننا عن يميننا، وعن شمائلنا، ومن أمامنا، ومن خلفنا، وتحيطون بنا في سجل الأوقات والأزمنة مدة حياتنا وحياتكم، وأنتم تنشرون بيننا الكفر والشرك والضلال، تقولون في الصباح: اشتراكية، وفي الليل اشتراكية، وتقولون: إن الدين لا علاقة له بالدولة، فليذهب صاحبه في المسجد، نحن دولة متحضرة، نحن شعب متحضر، أرادوا أن يبرروا بذلك الاستسلام لليهود، والخضوع لليهود، والكفر بالله، وبرسول الله، وبالدين الحق الإسلام، وهيهات هيهات! فهؤلاء يرون كل وقت إذا لم يتعظوا بالماضي ففي الحاضر، يرون بجلاء من تأله على الله، ولقب نفسه: بملك الملوك، كيف كانت عاقبته، وكيف كانت نهايته، فرسول الله القائل صلى الله عليه وسلم: (أخنع الأسماء وأذلها: ملك الملوك)، هذا الذي يتأله على الله، وملك الملوك هو الله، الذي يزعم لنفسه حقاً ليس له، يألم ويتغوط ويجوع ويعرى ويستر نفسه ثم يزعم أنه ملك الملوك، ذهبت الأملاك وذهب الإثم وذهب الوجود، وهكذا كل كافر بالله في الزمان الغابر، وفي العصر الحاضر، ولكن الناس عن الله غافلون، وعن الحق مبتعدون.

    قال تعالى: قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ [الصافات:28]، تأتوننا عن يميننا وعن شمائلنا، ومن أمامنا ومن خلفنا، ومن فوقنا ومن تحتنا، من أعالي القصور، يا أيها الناس! نحن ندعوكم إلى الحضارة، دعكم من الدين، يقول هذا اللعين الكافر: يريد فلان أن يعيدنا إلى أربعة عشر قرناً، وهو يقصد بذلك: قرن النبي عليه الصلاة والسلام، يزعم أنه ينصر الناس من الحياة النبوية، ومن العصر النبوي، وهاهو ذا يرى مآله ونهايته، وهو مثال لكل من يريد أن يتبع أثره، ويسلك سلوكه، وما ذلك على الله بعزيز، فطالما أهلك الجبابرة والطغاة، وكل من تأله على الله، وقال: أنا ربكم الأعلى، ولكن الله يمهل ولا يهمل جل وعلا، كما أخبرنا بذلك رسول الله وخاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه.

    قال تعالى: قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [الصافات:29]، بل أنتم لم يكن فيكم استعداد للإيمان بالله، ولا برسل الله، ولا بكتب الله، فأنتم الذين كفرتم بنا، ولسنا نحن من كفرنا بكم: بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [الصافات:29]، أي: لم نجدكم مؤمنين فأرجعناكم عن الإيمان، فهم يتخاصمون بهذا وهم في النار: وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ [الصافات:30]، ليس لنا عليكم قهر ولا قوة أن نلزمكم قلباً وعقيدة وضميراً بأن تشركوا بالله غيره، وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً: وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ [الصافات:30]، طغيتم على ذلتكم وحقارتكم، وكان لكم طغيان في الكفر، ورغبة في الكفر، وحرص على الكفر، وعمل بالكفر، لستم أقل منا فلم نجبركم، ولم يكن لنا دليل على الكفر، ولا على الفساد ولكنكم كنتم مهيئين لذلك، ولو لم تفعلوا هذا معنا لفعلتموه مع غيرنا، وقد كنتم قوماً طاغين، يقول الرؤساء: فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ [الصافات:31]، وجب علينا قول ربنا لمن عصاه وخرج عن أمره: إِنَّا لَذَائِقُونَ [الصافات:31] أي: ذائقوا العذاب والنار، ذائقوا لعنة الله وغضبه وعقوبته.

    قال تعالى: فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ [الصافات:32]، أضللناكم وكنا ضالين، ولكن هذا الضلال كنتم على استعداد له، فلم تكونوا مؤمنين من قبل حقاً، فالمؤمن الحق لو نشر بالمناشير ما ارتد عن دينه، لو أغري بتيجان الدنيا وعروشها لما غير دينه، ولكنكم في الأصل كنتم مهيئين للكفر، كنتم مهيئين لعدم الإيمان، طمعتم في قليل من الدنيا، مال أو منصب، فنحن وأنتم الآن سواء، أنتم غاوون، ونحن غاوون، أنتم ضالون ونحن ضالون، وإذا بالله يقول: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ [الصافات:33].

    سواء قادة أو مقودين، أما أن يقول إنسان: المسئولية على إمامنا، على قادتنا، على حكوماتنا فليس كذلك، فقد خرجنا من بطون أمهاتنا كل واحد بنفسه، وسندخل قبورنا فرادى، وسيأتي الملكان يسألان كل إنسان مع نفسه، فلم يكن معه أب ولا ابن ولا زوجة، ولا جيش ولا دولة، ولذلك فكل إنسان على نفسه بصيرة، فكل إنسان يجب أن يفكر عندما سيسأل: ما دينك؟ من ربك؟ من نبيك؟ هل صليت؟ هل زكيت؟ ماذا صنعت؟ يكفر ما يجيب به على هذه الأسئلة.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ...)

    قال تعالى: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ [الصافات:33-34].

    أي: كما قصصنا عليكم ما فعلنا بالأمم السابقة، وبالكفار السابقين، وقصصنا عليكم أن أرواحهم الآن تعذب في قبورهم، ويوم القيامة تعذب الأشباح مع الأرواح، فكذلك نفعل بكل من يأتي بعد هؤلاء ممن عصوا النبي عليه الصلاة والسلام.

    كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ [الصافات:34]، أي: من فعل فعل المشركين المعاصرين لنبينا عليه الصلاة والسلام، سواء كانوا من مشركي العرب، أو مشركي العجم، أو مشركي اليهود أو مشركي النصارى، فكل دين ما خلا الإسلام باطل، قال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85].

    ثم قال تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ [الصافات:35]، فكان هؤلاء المشركون يحادون الله، ويكفرون بالإسلام كلمة وراء كلمة، فيقولون لك: لا تكن متعصباً، كن متسامحاً، كالحملة الموجودة في العالم على الإسلام والمسلمين، أن الإسلام غير متسامح، وما معنى التسامح؟ معناه: أن الدعاة إلى الإسلام لم يسمحوا بالخمر، ولم يسمحوا بالخليلة، ولم يسمحوا بالزنا، والمتسامح عندهم هو الذي يشارك الزاني في زناه، والكافر في كفره، والفاسد في فساده، والمشرك في شركه.

    كذلك هؤلاء أخذوا يقولون: اتركوا التعصب والتزمت إلى أن وصلوا إلى قولهم: لم محمد نبي وحده؟ ما بال موسى وعيسى؟ وقد قال كافر ممن يتزعم شعباً: محمد صلى الله عليه وسلم لم يرسل إلى النصارى واليهود، وإنما أرسل للوثنيين، ثم قال: أزيلوا من القرآن (قل) ثم وضع كتاباً سماه: الأخضر، سيحترق عليه ويحترق به إن شاء الله تعالى.

    وهكذا ابتلي المسلمون اليوم بكفرة ضالين مضلين، يقول: الاستعمار الكبير، الاستعمار الكبير هم هؤلاء وأمثالهم، فلم نستقل بعد.

    قال تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ [الصافات:35]، يستكبرون على الله، هذا النطفة القذرة، هذا الماء المهين، هذا الذي خلقه الله ورزقه وأعطاه أخذ يتجرأ على الله ويتعالى عليه، يقول: أنا أقول: لا إله إلا الله، بل إنه يقول عن نفسه: أنا ربكم الأعلى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718712

    عدد مرات الحفظ

    765794215