إسلام ويب

دليل الطالب كتاب الصيام [7]للشيخ : حمد الحمد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من أحكام الصيام ما يتعلق بالقضاء لما فات صيامه من رمضان بعذر، فمن ذلك حكم الفورية في القضاء وحكم تأخير القضاء إلى مجيء رمضان الثاني، وحكم تطوع من عليه قضاء قبل القضاء، وغير ذلك من الأحكام المتعلقة بهذه المسألة.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فصل: في قضاء رمضان .

    ومن فاته رمضان قضى عدد أيامه ] قال جل وعلا: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184] فمن أفطر من رمضان يوماً أو يومين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك أو أفطر الشهر كله لعذر يبيح الفطر، وتقدم ذكر الأعذار التي تبيح الفطر، فمن ذلك المرض، فإذا كان قد أفطر لمرض يرجى برؤه، أفطر من رمضان -مثلاً- عشرة أيام، أو أفطرت المرأة للحيض ستة أيام أو سبعة أيام مثلاً؛ فالواجب القضاء، قال جل وعلا: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184] فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ [البقرة:184] أي: فأفطر فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184] يعني: عليه قضاء عدة من أيام أخر، وكان فيما أنزل من القرآن فعدة من أيام أخر متتابعات كما في الدارقطني من حديث عائشة قالت: ثم نُسخ ذلك فعدة من أيام أخر متتابعات ولذا قال ابن عباس -كما في البخاري معلقاً-: لا بأس أن يفرّق، وهذا هو إطلاق الآية الكريمة؛ لأن قوله (متتابعات) نسخ، وعلى ذلك فلو قضى متتابعاً أو متفرقاً فلا بأس بذلك، عليه عشرة أيام من رمضان فصام من كل أسبوع يوماً حتى قضى ما عليه لا حرج، أو صامها متتابعة لا حرج، والأفضل أن يتابعها، كما أن الأفضل أن يبادر بالصيام بعد يوم العيد، هذا هو الأفضل؛ وذلك لأن في ذلك إبراء ذمته، وعلى ذلك فيجب القضاء وتستحب المبادرة به ويستحب أن يكون متتابعاً، فإن لم يتابع أو لم يبادر فلا بأس، ولذا قالت عائشة رضي الله عنها -كما في الصحيحين-: (كان يكون عليّ الصوم من رمضان فلا أقضيه إلا في شعبان لمكان النبي عليه الصلاة والسلام مني) فتأخير القضاء إلى شعبان جائز، وعلى ذلك فالقضاء واجب، ولا بأس أن يفرق ولا بأس أن يؤخر ما لم يأت رمضان الجديد، كالصلاة الظهر يُستحب أن تصليها في أول وقتها، لكن لو أخّرتها ما لم يحضر العصر لا بأس، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس ما لم يحضر العصر) فما دام أن رمضان الآخر لم يحضر فلك أن تقضي.

    حكم القضاء على الفور

    قال رحمه الله تعالى: [ ويسن القضاء على الفور ]؛ لأن في القضاء على الفور إبراء للذمة، وفيه مسارعة إلى الخير ومبادرة إليه، وفيه أيضاً إبراء لذمته.

    قال رحمه الله تعالى: [ إلا إذا بقي من شعبان بقدر ما عليه فيجب ] هذا رجل عليه خمسة أيام من رمضان، فإذا كان اليوم الخامس والعشرون من شعبان وجب أن يصوم اليوم الخامس والعشرين والسادس والعشرين والسابع والعشرين والثامن والعشرين والتاسع والعشرين؛ لأن الشهر قد يكون ناقصاً فوجب عليه أن يصوم، وهل له أن يُفطر في اليوم الخامس والعشرين؟ لا. هذا عليه خمسة أيام من رمضان أخّرها لم يصمها، خرج شوال وخرج ذو القعدة وخرج ذو الحجة ومحرم وصفر حتى جاء شعبان، بقيت خمسة أيام فقط من شعبان، هل له أن يُفطر؟ لا، يجب أن يصوم؛ لأنه لو أفطر ولو يوماً واحداً منها بقي عليه يوم يصومه بعد رمضان الآخر، وهذا لا يجوز.

    إذاً: لا يجوز تأخير قضاء رمضان حتى يأتي رمضان الجديد، ولذا قال: [ إلا إذا بقي من شعبان بقدر ما عليه فيجب ] لضيق الوقت.

    وأما يوم الثلاثين -وهو يوم الشك- فإنه يصومه قضاءاً الذي عليه قضاء؛ لأن هذا قد صامه بنية القضاء، والذي يُنهى عنه صومه بنية الاحتياط لرمضان.

    وإذا مرض العبد فإنه يُفطر، ما دام أنه مريض فالمرض يبيح الفطر في رمضان نفسه.

    حكم من أخر القضاء حتى جاوز رمضان الثاني

    وهنا مسألة: هذا رجل أفطر عشرة أيام من رمضان، قلنا: إنه ليس له أن يؤخر ذلك حتى يجيء رمضان الجديد، فإن أخّر حتى جاء رمضان الجديد لنقول: هل هو معذور أم ليس بمعذور؟ إن قالوا: لا، بل هو معذور لقد استمر به المرض حتى جاء رمضان الجديد، هذا معذور، كامرأة أفطرت عشرة أيام من رمضان بالحيض ثم إنها مرضت من ليلة عيد الفطر واستمر بها المرض حتى جاء رمضان الآخر فصامته وهي غير مريضة، شُفيت، الآن أخّرت عشرة أيام لعذر أو لغير عذر؟ لعذر، فالواجب القضاء فقط، نقول: اقضي فقط.

    فإن أخّره لغير عذر كرجل أفطر في رمضان ثم إنه لم يصم في شوال مع أنه كان يمكنه أن يصوم ولم يصم في ذي القعدة مع أنه كان يمكنه أن يصوم، بل أخّر فقال: حتى يأتي شعبان، ولما جاء شعبان انشغل أو مرض فأخّره حتى جاء رمضان الآخر فهذا عليه مع القضاء الإطعام؛ لأنه أخّر لغير عذر، فعليه القضاء والإطعام، يُطعم عن كل يوم مسكيناً.

    إذاً: إذا أخّر القضاء إلى ما بعد رمضان الآخر أو إلى ما بعد رمضان ثان أو ثالث أو رابع، لو أخّره إلى ما بعد خمس سنين ولم يكن هذا لعذر فالواجب عليه أمران: القضاء، والكفارة، يُطعم عن كل يوم مسكيناً، فما دام أنه أفطر عشرة أيام نقول: يطعم عشرة مساكين، وهذا قد صح عن أبي هريرة كما في الدارقطني وكذلك عن ابن عمر وابن عباس كما في الدارقطني أيضاً، ولا يُعلم لهم مخالف.

    إذاً: من أخّر لغير عذر حتى جاء رمضان الآخر ولم يصم فهذا عليه مع القضاء الإطعام، لكن إن أخر إلى شعبان لعذر أو لغير عذر فلا بأس ولا شيء عليه، وإذا أخره سنة أخرى هل نعدد الكفارة أو هي كفارة واحدة؟ كفارة واحدة ولو أخره عشر سنين، كرجل عليه يوم من رمضان فلم يقضه إلا بعد عشر سنين لغير عذر، عليه القضاء وكفارة واحدة.

    حكم من مات وعليه قضاء من رمضان

    فإن مات وعليه أيام من رمضان فهل يشرع لوليه القضاء أو الإطعام؟ هذا رجل مات وعليه صيام، فإذا كان الذي عليه صيام نذر فإن وليه يقضي، وإن كان الذي عليه صيام فرض فإن وليه يطعم، هذا رجل قال: إن أبي قد مات وقد أفطر شهراً كاملاً من رمضان، فما الواجب؟ نقول: الواجب هو الإطعام، فإن قال: إن أبي قد نذر أن يصوم شهراً كاملاً فلم يصمه فما هو المستحب في حقنا؟ نقول: الصيام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) رواه البخاري من حديث عائشة ، وقوله هنا: (من مات وعليه صيام) يعني صيام نذر كما فسّرت هذا عائشة رضي الله عنها وهي راوية الحديث، فقد صح في سنن سعيد بن منصور أن عائشة رضي الله عنها سألتها عمرة قالت: إن أمي ماتت وعليها أيام من رمضان، أفأقضي عنها؟ قالت: لا، أطعمي عنها عن كل يوم مسكيناً، وهذا هو قول ابن عباس رضي الله عنه كما في سنن أبي داود وهو المشهور في المذهب؛ لأن أقوال الصحابة تخصص العمومات، فالميت الذي عليه أيام من رمضان يُطعم عنه، يعني: يؤخذ من تركته ويُطعم عنه، مات وعليه أيام من رمضان يؤخذ من تركته ويُطعم عنه، وإن لم يكن له تركة استحب لأوليائه أن يُطعموا عنه، فإن مات وعليه نذر فالمستحب لأوليائه أن يصوموا عنه؛ لحديث (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) هذا هو المشهور في المذهب من هذا التفصيل، وهو الذي دلت عليه الآثار.

    حكم تطوع من عليه قضاء

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولا يصح ابتداء تطوع من عليه قضاء رمضان ] هذا رجل يريد أن يصوم يوم عرفة ولكن عليه قضاء، أو يريد أن يصوم أيام الست من شوال وعليه قضاء من رمضان، أو يريد أن يصوم يوم عاشوراء وعليه قضاء من رمضان، فما الحكم؟ يقول المؤلف هنا: لا يصح ابتداء تطوع من عليه قضاء من رمضان، واستدلوا بما جاء في مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام تطوعاً وعليه أيام من رمضان لم يقضها لم يجزه) ولكن الحديث فيه ابن لهيعة وابن لهيعة ضعيف الحديث، هذا هو المشهور في المذهب، وقال الجمهور: بل له أن يتطوع وإن كان عليه قضاء، قالوا: لأن وقت القضاء موسع كوقت الصلاة، فإذا زالت الشمس فهل لك أن تتطوع وتؤخر صلاة الظهر إلى الساعة الثانية ظهراً أو الساعة الثالثة قبل أذان العصر بدقائق؟ لك أن تؤخر، الوقت واسع، بقطع النظر عن صلاة الجماعة، ولذا قالت عائشة : (كان يكون عليّ الصيام من رمضان فلا أقضيه إلا في شعبان) فوقت القضاء موسع، وعلى ذلك فالراجح أن له أن يتطوع قبل القضاء، لكن إن بادر بالقضاء فهو أفضل؛ لأن القضاء دين في ذمته فكونه يبدأ به أولى، ولكن إن أخر ذلك واشتغل بتطوع فلا بأس بذلك، هذا هو الصحيح وهو قول جمهور العلماء.

    قال رحمه الله تعالى: [ فإن نوى صوماً واجباً أو قضاء ثم قلبه نفلاً صح كالصلاة ] يقول: هذا نوى أن هذا اليوم -مثلاً- نذر ثم إنه نواه نفلاً، قلب نيته إلى نفل، فيصح كما لو قلب نية الفرض إلى نفل، هذا رجل دخل في المسجد فكبّر بنية الفريضة فإنه يقلب نيته إلى نفل ويتم صلاته نفلاً، قالوا: فكذلك هنا كالصلاة، له أن يقلب نيته من فرض إلى نفل، ونقف عند هذا القدر، والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089143501

    عدد مرات الحفظ

    782149068