الحمد لله الذي رضي من من عباده باليسير من العمل، وتجاوز لهم عن الكثير من الزلل، وأفاض عليهم النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه، دعا عباده إلى دار السلام فعمهم بالدعوة حجة منه عليهم وعدلاً، وخص بالهداية والتوفيق من شاء نعمة ومنة وفضلاً، فهذا عدله وحكمته وهو العزيز الحكيم، وذلك فضله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عبده وابن عبده وابن أمته، ومن لا غنى له طرفة عين عن فضله ورحمته، ولا مطمع له في الفوز بالجنة والنجاة من النار إلا بعفوه ومغفرته.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، أرسله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، ومحجة للسالكين، وحجة على العباد أجمعين، لقد ترك أمته على الواضحة الغراء، والمحجة البيضاء، وسلك أصحابه وأتباعه على أثره إلى جنات النعيم، وعدل الراغبون عن هديه إلى صراط الجحيم، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة، وإن الله لسميع عليم، فصلى الله وملائكته وجميع عباده المؤمنين عليه كما وحد الله عز وجل وعرفنا به ودعا إليه وسلم تسليماً.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.
عباد الله إن القصص القرآني قصص حق وقع في تاريخ البشرية، وسجله الله عز وجل لنا بأسلوب القرآن المعجز، من أجل أن يرتفع بأحوالنا الإيمانية، ومن أجل أن يغرس المعاني الصحيحة في قلوبنا، ومن أجل أن تتهيأ هذه الأمة لمكانة الصدارة بين الأمم.
فهذه قصة من كتاب الله تعالى تبين لنا القيم الباقية، والقيم الزائفة، وتبين لنا أن الناس صنفان: صنف يعلم بأنه عبد لله عز وجل، فمهما أمره الله عز وجل امتثل لأمره، ومهما نهاه الله عز وجل انتهى عما نهى الله عز وجل عنه، وإذا أعطاه الله عز وجل نعمة فإنه يشكر هذه النعمة ويعترف بها لله عز وجل، وإذا ابتلاه الله عز وجل يصبر.
والصنف الثاني: لا يعرف أنه عبد لله، بل هو عبد هواه، فإذا أمره الله عز وجل لا يأتمر، وإذا نهاه الله عز وجل لا ينزجر، وإذا أعطاه الله عز وجل نعمة فإنه يفرح بها ويستعملها في غير طاعة الله عز وجل، ويطغى أن رأى نفسه استغنى، وإذا ابتلاه الله عز وجل فإنه يجزع ويكفر ولا يصبر.
قال عز وجل: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا * هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا [الكهف:32-44].
فهذه قصة الذي أعطاه الله عز وجل من النعم فأطغته هذه النعم، كما قال عز وجل: كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى [العلق:6-7]، والإنسان كما قال عز وجل: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3]، فطبيعة الإنسان -إلا من رحم الله- أنه يطغى أن رآه استغنى.
هذه قصة رجلين جعل الله عز وجل لأحدهما من فضله ونعمته جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا [الكهف:32-33]، فوصف الله عز وجل البستانين بأنهما جنتان، وإنما سمي البستان جنة؛ لأنه كثير الفروع والأصول والأوراق حتى يستظل به من دخله، فهذا يدل على أنه كان بستاناً كثير الفروع يستظل به من دخله، جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ [الكهف:32].
فوصف الله عز وجل الجنتين بعدة أوصاف تدل على أنهما كانتا في غاية الجمال مما يرجوه العبد من جنة في الدنيا، فكانتا جنتين ولم تكونا جنة واحدة، وكانتا من أعناب محفوفة بنخل، وجعل الله عز وجل بين شجر الأعناب وبين النخل زرعاً.
كما يزرع بعض الناس بعض الثمار وبعض الخضروات بين شجر الفاكهة، كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا [الكهف:33]، فهي كانت تؤتي أكلها كاملاً، لم ينقص منه شيء، وهذه علامة على كثرة ثمرها وكثرة حصادها، كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا [الكهف:33]، قيل: هي أنهار، والمراد بالإفراد هنا الجمع، أي: بينها أنهار، وقيل: هو نهر يشق وسطها، وهذا يدل على أن سقيها كان بدون كلفة وبدون مشقة شديدة، فيسر الله عز وجل لها الري، ويسر الله عز وجل لهذا الري من كل أنواع الخير.
(وكان له ثمر)، قيل: كان له مال يستثمره غير الجنتين، وقيل: كانت الجنتان في وقت الثمر، أي: دخل الجنتين في وقت قد احتملت الأشجار بالثمار فقال لصاحبه وهو يحاوره: أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا [الكهف:34] تعزز بالقيم الزائفة، تعزز بالمال وبالشهرة وبالجاه وبالأتباع، تعزز بالدنيا، تعزز بعرض زائل زائف، فالدنيا تزول في لحظة واحدة.
أما التعزز بالله عز وجل، والتقوي بالله عز وجل والثقة بالله عز وجل فهو تعزز بمالك السماوات والأرض، وبمن يملك الدنيا والآخرة.
وقوله تعالى: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا [الكهف:35]، أي: الذي يظلم إنما يظلم نفسه عباد الله، والذي يكفر بالله عز وجل والذي لا يشكر الله عز وجل والذي لا يجتهد في طاعة الله عز وجل إنما يضيع نفسه، وإنما يظلم بذلك نفسه، فهذا الرجل دخل جنته وهو ظالم لنفسه قال: ما أظن أن تبيد هذه أبداً، فإذا استمر الملك والسلطان فترة طويلة يظن صاحب الملك والسلطان أن ملكه وسلطانه لن يزول، وأنه باق أبداً؛ لأنه اعتاد أن يكون رئيساً أو أميراً، أو صاحب أرض أو صاحب مزرعة أو صاحب مصنع، وهو يظن أن الدنيا تدوم له، وسالمته الليالي، وعند صفو الليالي يحدث الكدر.
فهو اطمأن إلى الدنيا وركن إليها، وركن إلى ظل زائل وعرض حائل، قال: (ما أظن أن تبيد هذه أبداً)، ثم أتبع ذلك بأنه كفر بالآخرة، حيث قال: وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا [الكهف:36]، فاطمئنانه وركونه إلى الدنيا جعله يكفر بالآخرة، قال: (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً)، والإيمان جزم لا يحتمل الشك، فالشك في لقاء الله وفي وعد الله وفي وجود جنة الله عز وجل هذا كفر بالإيمان كله.
قال: (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً) وهو مع كفره -عباد الله- يظن أنه لو كانت هناك قيامة ولو كانت هناك آخرة فهو سوف يجد خيراً منها منقلباً، كما أخبر الله عز وجل عن العاص بن وائل قوله: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا * كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا [مريم:77-79]، هذا شأن كثير من الأغنياء، يظنون أن فيهم خاصية، وأنهم يستحقون هذا التكريم، ويستحقون هذا المال في الدنيا، ويستحقون أن يكونوا أرفع من الناس وأعلى منهم في الدنيا، وكذلك في الآخرة، وما ذلك إلا لخاصية فيهم، كما قال قارون : إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي [القصص:78].
قال تعالى: وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ [سبأ:35].
أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ [المؤمنون:55-56].
يخبر الله عز وجل الذين يملكون من أعراض الدنيا وسلطانها وأموالها واغتروا بذلك، وظنوا أن الله عز وجل يسارع لهم في الخيرات، يخبرهم أن هذا ظن فاسد منهم، وأنهم أصحاب بصائر مطموسة، فهم يظنون أن لهم كرامة وأن لهم شرفاً، مع أنهم يكفرون بالآخرة، ومع أنهم لا يسعون للآخرة سعيها، وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا [سبأ:37]، فكيف يكون كريماً على الله وهو يكفر بالله عز وجل؟ وكيف يكرمه الله عز وجل وهو كافر بالله عز وجل؟ قال عز وجل: وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ [الأنعام:53]، أي: جعل الله عز وجل الفقراء فتنة للأغنياء كما جعل الأغنيا فتنة للفقراء، فلما رأى الأغنياء الفقراء يسارعون إلى الإيمان بالله عز وجل وإلى طاعة الله عز وجل قالوا: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ [الأحقاف:11]، أي: لو كان هذا الدين خيراً لكنا نحن أولى به؛ لأننا أولى بكل خير.
وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف:31]، كيف تنزل الرسالة على رجل فقير يتيم وهو نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الذي نزل عليه القرآن وكان يتيماً في الصغر، وكان فقيراً، فلو كان هذا الدين خيراً لنزل على الوليد بن المغيرة ، أو عروة بن مسعود الثقفي بالطائف، فقال عز وجل: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ [الأنعام:53]، فالله عز وجل أعلم بمن يشكر نعمته ويقدرها، والدنيا يعطيها الله عز وجل من يحب ومن لا يحب، كما قال عز وجل: كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا [الإسراء:20]، فالله عز وجل لحقارة الدنيا عنده يعطيها من يحب ومن لا يحب، ولكنه لا يعطي الدين والإيمان إلا لمن أحبه، (فمن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).
وقال الله عز وجل: وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ [الزخرف:33-35] أي: لولا أن تكون الفتنة شديدة على أهل الإيمان لجعل الله عز وجل لمن يكفر به أبراجاً وسلالم عليها يتكئون؛ لحقارة الدنيا عند الله عز وجل، (فلو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء).
وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [الزخرف:35] أي: كل ذلك من المتاع الزائف الزائل.
ثم جعل الله عز وجل الآخرة للمتقين فقال: وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ [الزخرف:35].
فهذا الرجل يعلن كفره بالله وبالآخرة وبالقيامة، ويستبعد أن تزول جنة الدنيا، ثم يعتقد أنه لو كانت هناك قيامة فإنه سوف يكون أيضاً له مال وله جاه وشرف وله أتباع، وهذا يظنه كثير من الأغنياء وإن لم يصرحوا بألسنتهم، ولكنهم يعتقدون بقلوبهم أن لهم شرفاً ورفعة في الآخرة.
وهذا عكس الواقع عباد الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، يساقون إلى سجن في جهنم، يقال له: بلس، تعلوه نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار -طينة الخبال-، يطؤهم الناس بأقدامهم)، فالرؤساء والأمراء والوزراء والذين كانت لهم صولة وجولة في الدنيا إذا كانوا من أهل الكبر تجدهم يوم القيامة يخلقهم الله عز وجل في حجم الذر -وهي صغار النمل- في صور الرجال؛ عقوبة لهم على تكبرهم وعلى تعاليهم على عباد الله عز وجل، يغشاهم الذل من كل مكان، يساقون إلى سجن في جهنم يقال له: بلس، تعلوه نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار -طينة الخبال-، يطؤهم الناس بأقدامهم.
فالقيامة -عباد الله- خافضة رافعة، تخفض أهل الكفر والعصيان، وترفع أهل الإيمان، وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [البقرة:212].
قال الرجل الكافر: وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ [الكهف:36-37]، رده إلى أصله، وكيف أن أصل آدم من تراب، وأن أصل الإنسان التراب، ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ [الكهف:37] ثم نسبه إلى أصله القريب، وأنه كان نطفة.. كان ماءً مهيناً تستقذره النفوس وتأنف منه، هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [الإنسان:1-2].
فلو تفكر الإنسان في أصله لما تكبر على الله عز وجل ولما تعالى على عباد الله عز وجل، فرده الرجل المؤمن إلى أصله، فقال: أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي [الكهف:37-38] أي: أنا لا أقول بمثل مقالتك، بل أعلن إيماني بالله عز وجل، وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا [الكهف:38].
ثم نبهه على الواجب عليه فقال: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا [الكهف:39]، هذا هو الواجب على العبد إذا أعجبه شيء، وكما ورد في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا رأى العبد المسلم شيئاً يعجبه فقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره)؛ لأن العبد قد يحسد نفسه وقد يحسد ماله وقد يحسد أولاده، فلولا إذ دخل جنته أو دخل مصنعه أو دخل بيته قال: ما شاء الله، وكان بعض السلف يكتب على بيته ما شاء الله لا قوة إلا بالله، كما ورد عن وهب بن منبه أنه كان يكتب على بيته: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، يذكر نفسه بالشكر لله عز وجل على نعمه، فلولا إذ كتب على مصنعه أو كتب على مزرعته: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، فنبهه هذا العابد المؤمن إلى ذلك فقال: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا [الكهف:39].
فينبغي للعبد أن ينظر إلى من دونه في الدنيا فيعرف نعمة الله عز وجل عليه، ويشكر نعمة الله عز وجل عليه، وينظر إلى من هو أعلى منه في الدين وهو أكثر منه علماً وإيماناً وطاعة لله عز وجل، فيجتهد في طاعة الله عز وجل، ولا يستكثر عمله على الله عز وجل ولا يعجب بعمله، فقال: إِنْ تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا [الكهف:39] قال: فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا [الكهف:40-41].
والمؤمن عنده بصيرة فكأنه ينظر فيرى الآخرة، قال: فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ [الكهف:40] فلولا تفكر الذي رزقه الله عز وجل مالاً وبخل بهذا المال وحرم منه الفقراء، لو تفكر أن هذا المال هو مال الله عز وجل، وأنه مستخلف في هذا المال، وأن الواجب عليه أن ينفقه في أوجه الخير، وأن يخرج صدقته الواجبة كما في قصة الثلاثة من بني إسرائيل: الأقرع، والأبرص، والأعمى الذين أرسل الله عز وجل إليهم ملكاً (فأتى الأعمى فقال له: أي شيء تريد؟ فقال: أن يرد الله إلي بصري، فمسح عينيه فرد الله عز وجل إليه بصره، فقال: أي المال أحب إليك قال: البقر، فأعطي بقرة ولوداً فصار عنده واد من البقر. ثم أتى كذلك الأقرع فقال: أي شيء تريد؟ فقال: أن يرزقني الله عز وجل شعراً جميلاً ويذهب هذا الذي قذرني به الناس، فمسح على رأسه ورزقه الله عز وجل شعراً جميلاً، ثم قال: أي المال أحب إليك قال: الإبل، فأعطاه ناقة ولوداً فصار عنده واد من الإبل. ثم أتى الأبرص فقال: أي شيء تريد؟ فقال: أن يذهب عني هذا المرض، فمسح على جلده فأذهب الله عز وجل عنه المرض، وقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: الغنم، فأعطاه شاة ولوداً فصار عنده واد من الغنم. ثم أتى الأعمى في صورة رجل أعمى فقير يطلب منه أن يعينه بشيء، وأن يعطيه بقرة يتبلغ بها في سيره، فأخبره أن الحقوق كثيرة، فقال له: كأني بك رجل أعمى قد رد الله عز وجل إليك بصرك، وكأني بك رجل فقير قد أغناك الله عز وجل، فقال: لقد ورثت هذا المال كابراً عن كابر، فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت، فعاد رجلاً فقيراً أعمى كما كان في المرة الأولى. ثم ذهب إلى الأقرع الذي عنده واد من الإبل فطلب منه شيئاً من الإبل يتبلغ به في سيره، فاعتذر بمثل ما اعتذر به الأول، فقال: كأني بك رجل أقرع فقير ليس عندك شيء، فقال: قد ورثت هذا المال كابراً عن كابر، فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت، فعاد رجلاً أقرع فقيراً ليس عنده شيء. ثم أتى إلى الرجل الذي كان أبرص وكان فقيراً، أتاه في صورة رجل أبرص فقير يطلب منه شاة يتبلغ بها في سيره، فقال: خذ ما شئت ودع ما شئت فقد كنت فقيراً فأغناني الله عز وجل، وكنت أبرص فشفاني الله عز وجل، فقال: أمسك عليك مالك فقد ابتليتم
فالله عز وجل يمتحن الأغنياء بالفقراء ويمتحن الفقراء بالأغنياء، والمال كله ملك لله عز وجل، َأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ [الحديد:7].
وفي هذه القصة علامة على أن العبد الذي لا يشكر نعمة الله عز وجل مع حرمانه من ثواب الآخرة ومن جنة الآخرة هو أيضاً عرضة لأن يزول عنه هذا النعيم العاجل، وأن تخرب جنته وأن يزول ملكه وسلطانه في الدنيا، فقال هذا الرجل المؤمن: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ [الكهف:39-40] أي: ناراً من السماء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا [الكهف:40-41] أي: هذا النهر المرتفع على الأرض الذي يسقي أرضك وزرعك قد يذهب، فيهلك الشجر من قلة الماء، أو يصبح ماؤها غوراً فلن تستطيع له طلباً.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
قال الله عز وجل: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا [الكهف:39-42]، فمن لم يعتبر بغيره -عباد الله- صار عبرة لغيره، وهذا ما حدث من قارون الذي كان له من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، واغتر بثروته وماله وركن إليه، فأهلكه الله عز وجل هو وماله وخزائنه وقصره، فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ [القصص:81].
كذلك الذين تمالئوا واجتمعوا على أن يخرجوا في الصباح الباكر من أجل أن يجمعوا ثمار حديقتهم قبل أن يستيقظ الفقراء من نومهم؛ حتى لا يأخذ الفقراء حقهم، فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ [القلم:19-20]، فصارت فحمة، فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَارِمِينَ [القلم:21-22]، فخرجوا في الصباح الباكر، فإذا هي فحم محترق عباد الله، فحرموا من جنة الدنيا؛ لأنهم لم يشكروا نعمة الله عز وجل عليهم، فكل من كفر بنعمة الله عز وجل عليه ولم يؤد واجب الله عز وجل عليه فهو مهدد بزوال ماله في الدنيا، بالإضافة إلى عقوبة الآخرة.
فأخبر عز وجل في قصة صاحب الجنتين أنه قد تحقق ما توقعه الرجل المؤمن عندما قال: فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا [الكهف:40-42]، عند ذلك تذكر نصيحة المؤمن له، وكيف أنه قابل نعمة الله عز وجل بالكفر، بدلاً من أن يشكر الله عز وجل، فندم على أنه كفر بالله عز وجل وأشرك مع الله عز وجل غيره.
وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ [الكهف:42] أي: أحيط بجميع ثمره فلم يبق منه شيء، وأصبح يقلب كفيه كما يفعل المتندم والمتحسر إذا فاته شيء، عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ [الكهف:42-43]، أي: ما كان معه من الأتباع والأنصار الذين يساعدونه على تمرده وكفره وعتوه واستكباره لم يستطيعوا نصرته، فإذا أتى بأس الله عز وجل وعذابه فلا يستطيع أحد من البشر أن يرده؛ لأنهم أقل من ذلك حيلة، فليس للبشر حيلة ولا وسيلة إذا نزل بأس الله عز وجل وعذاب الله عز وجل، فما كان لهذا الرجل فئة تنصره وتدفع عنه عذاب الله ونقمته، وما كان في نفسه منتصراً.
جاء تفسير هذه الآية على أحد تفسيرين: الأول: أن جميع الناس عند نزول العقوبة يتولى الله عز وجل، فالمؤمن يتولى الله عز وجل في الرخاء وفي البأس وفي الشدة، أما الكافر والفاجر فإنه يتولى الله عز وجل إذا نزل به بأس الله، فكيف تنفعه هذه الموالاة، كما قال فرعون عندما عاين الغرق: قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ [يونس:90] فقيل له: آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً [يونس:91-92].
فالجميع يؤمن بالله عز وجل ويتولى الله عز وجل بعد نزول العقوبة، ولكن العبرة أن تعرف الله عز وجل وأنت في الرخاء والنعمة، قبل أن ينزل بك بأس الله عز وجل، فهذا التفسير الأول وهو بفتح الواو في قول الله عز وجل: هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ [الكهف:44]: أي: الكل يتولى الله عز وجل بعد نزول البأس والعقوبة.
والتفسير الثاني: بكسر الواو: هُنَالِكَ الْوِلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ [الكهف:44] أي: الحكم لله عز وجل عند ذلك؛ لأن الكل يرجع إلى الله عز وجل، فالله عز وجل يبتلي العباد، فإذا شكروه زادهم من فضله، وإذا كفروا بنعمته عرضوا أنفسهم لعقوبته عز وجل، فالحكم لله عز وجل في كل حال، والكل يرجع إلى الله عز وجل، هُنَالِكَ الْوِلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا [الكهف:44].
فالقصص القرآني عباد الله يغرس المعاني الإيمانية، وهو قصص حق قصص واقعي حدث في تاريخ البشرية الطويل، سجله الله عز وجل؛ تربية لهذه الأمة الغالية، التي هي خير أمة أخرجت للناس.
اللهم أعزنا بالإسلام قائمين، وأعزنا بالإسلام قاعدين، ولا تشمت بنا الأعداء والحاسدين!
اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بعز فاجعل عز الإسلام على يديه، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بكيد فكده يا رب العالمين، ورد كيده في نحره، واجعل تدبيره في تدميره!
اللهم إنا ندرأ بك في نحور أعدائك، ونعوذ بك من شرورهم!
اللهم عليك باليهود الغاصبين، والأمريكان الحاقدين، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً!
اللهم أرسل عليهم الأوجاع والطواعين، والزلازل والبراكين!
اللهم لا ترفع لهم في الأرض راية، واجعلهم لسائر خلقك عبرة وآية!
اللهم انصر المستضعفين من المسلمين في فلسطين، وفي العراق، وفي أفغانستان وفي كل مكان يا رب العالمين! اللهم قو شوكة المسلمين في كل مكان، وعجل لهم بالنصر المبين يا رب العالمين، اللهم وحد صفهم وأجب دعوتهم وارفع رايتهم وانصرهم على عدوك وعدوهم!
اللهم عليك بالطواغيت والعلمانيين والمنافقين، وعليك بالذين يشيعون الفواحش في بلاد المسلمين! اللهم طهر منهم البلاد، وأرح منهم العباد يا رب العالمين!
اللهم اهد شباب المسلمين، واهد أطفالنا وأطفال المسلمين يا رب العالمين، واهد شيوخ المسلمين، واهد نساء المسلمين للعفة والحجاب والحياء يا رب العالمين! اللهم استر عورات المسلمين، وآمن روعاتهم! اللهم رد المسلمين إليك رداً جميلاً، اللهم ارفع عن بلاد المسلمين الغلاء والوباء والربا والزنا، وردهم إليك رداً جميلاً.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر