إسلام ويب

التعذيب في سجون الحريةللشيخ : راغب السرجاني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن ما يفعله أعداء الأمة الإسلامية اليوم بإخواننا في السجون ليس بمستغرب، فهذا هو دأبهم من قديم الزمان مع بني جنسهم وغير بني جنسهم، كل ذلك من أجل إسقاط روح الإسلام من قلوب المسلمين، وزرع اليأس في نفوسهم، لكن الله غالب على أمره، فقد مكننا سبحانه من أدوار نحمي بها ديننا وننصره إن نحن عملنا بهذه الأدوار بكل صدق وعزيمة وإخلاص.

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    أما بعد:

    اللهم أرنا يوماً يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.

    وآلمني وآلم كل حر سؤال الدهر أين المسلمونا

    فضيحة تعذيب السجناء العراقيين في سجون الحرية الأمريكية، والديمقراطية الأمريكية، والعدالة الأمريكية، عملية تحرير العراق -كما تعرفون- فضيحة قذرة بكل المقاييس، تعجب لها كثيرون وأحبط منها كثيرون، بل وبررها بعضهم، لكن إخواني وأخواتي أصدقكم القول: والله أنا ما تعجبت منها، بل على العكس لو لم يحدث هذا التعذيب والإذلال والقهر والبطش لتعجبت؛ لأن الأصل هو أن يحدث، احفظوها جيداً. فالقانو: أن أي قوة في أي مكان أو في أي زمان تجرد من الدين لا بد أن تكون بهذه الصورة والبشاعة، وأمريكا ليست بدعة من الأمم، وحروب الرومان لم تختلف كثيراً عن حروب أمريكا، وحروب الفرس لم تختلف كثيراً عن حروب أمريكا، كذلك حروب إنجلترا وفرنسا وإسبانا والبرتغال وغيرها لم تختلف كثيراً عن حروب أمريكا، قوة بلا دين أو ضمير أو خلق لا بد أن تكون بهذه الصورة، والذي يدرس خلفيات الجيش الأمريكاني: الخلفيات التاريخية، والأخلاقية، والفكرية، والدينية، والتربوية، لا بد أن يتوقع هذا الأمر، لكن قبل أن نحلل في خلفيات الجيش الأمريكي، ونفسيات الجنود الأمريكان، أريد أن ألفت الأنظار إلى ما هو أهم وأخطر من قضية صور الأسرى العراقيين المعذبين، قد يقول قائل: وهل هناك ما هو أبشع من تعذيب البشر، وامتهان الإنسانية، وإذلال الأسرى؟ أقول: نعم، نعم يا إخوة ويا أخوات! هناك ما هو أبشع، هناك الجريمة الكبرى والجناية العظمى، هذا التعذيب للأسرى على بشاعته هو جزء بسيط جداً من الجريمة الكبرى، ألا وهي جريمة احتلال العراق ونهب مقدرات دولة بكاملها وامتهان شعب بأسره، وعدم اكتراث بأمة ضخمة جداً تجاوز عددها مليار إنسان، نعم. جريمة تعذيب الأسرى جريمة كبيرة جداً جداً، لكن الجريمة الأكبر لا يجب أن تنسى.

    فلا يجب أن ينسى المسلمون أبداً أن العراق محتل ومدنس وممتهن بكامله، ليس فقط مئات أو آلاف العراقيين في السجون الأمريكية، بل أكثر من أربعة وعشرين مليون عراقي كلهم يعيشون الآن في إذلال وبطش وقهر، مسجونين كلهم داخل حدود العراق، ومعذبين كلهم داخل حدود العراق، هذا أمر لا يجب أبداً أن ينسى، وإلا شاهدنا من قد يخرج علينا ويقول: نريد احتلالاً بلا تعذيب، فتصبح القضية الأساسية التي يريدون منا أن ننشغل بها هي حسن معاملة الأسرى ومعاقبة المعذبين لهم، أما أمر الاحتلال فيصبح واقعاً ليس قابلاً للنقاش أو المجادلة، بعد ما عرفنا هذا الموضوع، وفهمنا أن أعداء الأمة قد يفخمون جداً من قضية ما؛ لإلهاء الأمة بها؛ ولتنسى القضية الرئيسة، وتقبل بالأمر الواقع مع قليل من التحسين والتجميل.

    بعد ما عرفنا هذا تعالوا نحلل قضية التعذيب هذه، وسنحاول في هذه المحاضرة بسرعة أن نجيب على ثلاثة أسئلة مهمة جداً.

    أولاً: يا ترى ما هي الخلفيات التي دفعت الجندي الأمريكي إلى هذا السلوك المشين؟ يا ترى هل هذا شيء طبيعي بالنسبة للجندي الأمريكي، أو هو شيء مخالف للطبيعة الأمريكية؟

    ثانياً: يا ترى لماذا الصور ظهرت في هذا الوقت بالذات، مع أنها مصورة منذ ستة أشهر، وبعضها مصور منذ سنة كاملة؟

    ثالثاً: ما هو دورنا كشعوب في هذه الأزمة التي تمر بها الأمة؟

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088613015

    عدد مرات الحفظ

    777633012