أما بعد:
فإن العداء بين الأمة المسلمة وبين اليهود والنصارى مستمر إلى قيام الساعة كما هو معلوم، وقد ذكر الله عز وجل أن من أخلاق اليهود وصفاتهم أنهم يسعون في الأرض فساداً، ويحرصون حرصاً كبيراً على تضليل الناس، وإفساد عقائدهم وأخلاقهم، وهذا أمر واضح في كتاب الله.
وأيضاً من الأمور الواضحة في الجانب العملي أن كثيراً من الأمم التي أراد اليهود أن يسيطروا عليها كان بداية طريق السيطرة عليها هو إفساد وأخلاقها وآدابها.
فقد كان من أعظم الأسباب التي أثرت على عقائد النصارى، وإظهار الأفكار المنحرفة فيها هو: دخول بعض اليهود في النصارى لإفساد عقائد النصارى من الداخل، فعيسى عليه السلام كما هو معلوم بالضرورة لم يأت بفكرة التثليث ولا بالأفكار الموجودة عند النصارى الآن، وإنما جاءت هذه الأفكار بسبب اليهود، بولس شاول اليهودي الذي كان يعذب النصارى كان صاحب ذكاء ودهاء، وصاحب معلومات وثقافة في الأديان، فدخل النصرانية وأعلن أنه تنصر، ثم جاء ببعض المناهج والأفكار والمذاهب التي أفسدت عقائد النصارى كما هو معلوم الآن.
والإلحاد المعاصر الذي ظهر بعد الثورة الفرنسية، وبعد انتقال أوروبا من عصر الكنيسة والإقطاع إلى العصر الحديث الذي يسمونه عصر النهضة، كان من أعظم أسبابه هو: انتشار النظريات التي جاءت من طريق اليهود، فالنظرية الشيوعية مثلاً: صاحبها ومخترعها هو يهودي معروف وهو: ماركس اليهودي، وهكذا غيرها من النظريات والأفكار الإلحادية جاءت عن طريق اليهود.
وانتشار الرذيلة والفساد والانحراف في الغرب الآن أكثره جاء عن طريق اليهود، وكبريات الصحف ومحلات الإنتاج الإعلامي التي تنشر أفلام الجنس والفساد يمتلك أكثرها اليهود، ويسيطرون عليها سيطرة كبيرة، واليهود ليس لهم قوة خارقة للعادة بحيث أنهم يسيطرون على كل شيء، ولكنهم لهم تأثير واضح في حياة كثير من الأمم.
فالصحابة رضوان الله عليهم -بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وفي زمن الخلفاء الراشدين- اجتهدوا في الجهاد في سبيل الله، ودخلت كثير من البلدان تحت حكم الإسلام إلى درجة أن أغلب الجمهوريات الإسلامية الموجودة مثل: منطقة الشيشان فتحت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يعني: في فترة مبكرة من حياة المسلمين، ودخل في دين الله عز وجل أعداد كبيرة من أبناء هذه البلاد المفتوحة، ودخل أيضاً كثير منهم في الإسلام نفاقاً، ولم يكونوا مقتنعين بأحكام الإسلام، ولا بآدابه ولا بعقائده، وإنما دخلوا في الإسلام نفاقاً، وأرادوا أن يدسوا سمومهم باسم الإسلام نفسه؛ لأن المسلمين في تلك الفترة المبكرة كانت عندهم الحصانة من كل ما هو شرك وكفر، فلم يكن يمكن غزوهم من الخارج، فجاءوا بهذه الحيلة الجديدة، وهي حيلة النفاق، فأعلنوا إسلامهم ثم دس السم للإسلام في داخله.
فظهرت طوائف منحرفة اتخذت من التشيع ستاراً لها.
وقال بعضهم: إن الإمامة هي لابنه الأكبر إسماعيل ، فانقسم الرافضة الإمامية إلى قسمين: قسم قالوا: إن الإمامة لـإسماعيل ، وقسم آخر قالوا: إن الإمامة لـموسى الكاظم .
وبدأ هؤلاء اليهود يجتهدون في الدعوة إلى التشيع، ولكن بمنهج جديد وبطريقة جديدة، وهي أنهم قالوا: إن للنصوص الشرعية ظاهراً وباطناً، وقاموا بدعوة سرية لمذهبهم فانتشرت هذه الدعوة السرية في أقطار متعددة من البلاد الإسلامية، فانتشرت في خراسان وفي العراق وفي الشام وفي اليمن وفي المغرب، وفي أماكن متعددة، عن طريق الدعاة الذين كان لهم منهج محدد بطريقة معينة وبترتيب معين، بحيث أنهم يستطيعون التأثير في الأشخاص، فقد كانوا ينتقون الشخص الذي يريدون التأثير فيه ثم يدخلون له من الباب الذي يرونه عليه، فإن كان سنياً أظهروا التسنن، وإن كان شيعياً أظهروا التشيع، وإن كان يهودياً أظهروا مذهب اليهود وعقيدتهم، وإن كان نصرانياً كذلك، وهكذا فكانوا يظهرون له في بداية الأمر الوضع الذي هو مقتنع به، ثم بعد ذلك قليلاً قليلاً وبشكل هادئ يقنعونه بمبادئهم وبأفكارهم، فتأثر بمنهجهم ومذهبهم أعداد كبيرة من الناس، كان لهم تأثير كبير جداً في حياة المسلمين، وقامت لهذا المذهب في التاريخ الإسلامي خمس دول أو أكثر، وما زالت لهم جماعات إلى الآن.
وهذا القول يسمى بقدم العالم، فإن قدم العالم معناه: أن هذا العالم الذي نعيش فيه الآن ونحن جزء منه قديم ناتج عن النفس الكلية، والنفس الكلية نتجت عن العقل قبلها، والعقل قبلها نتج عن الإله الأول، وهذا النتوج هو مثل ضوء الشمس بالنسبة للشمس، فهو جزء من الإله، فهم يرون أن هذا العالم الموجود جزء من الإله، وهكذا يتكلمون في كتبهم ويشرحون الألوهية بهذه الطريقة.
وهم يتزينون بالتنزيه فيقولون: نحن لا نقول: إن الإله موجود ولا ليس بموجود، فيقولون: إن الله عز وجل لا موجود ولا ليس بموجود، ويقولون أيضاً: لا عالم ولا جاهل، ولا قدير ولا عاجز، وهكذا يفعلون في كل صفة من الصفات فإنهم ينفونها وينفون ضدها، وهم في الحقيقة يريدون بهذا النفي المحو عن الله عز وجل، وإنكار وجوده، وكانوا يتقربون إلى الناس ببعض العبارات التي تقربهم منهم مثل: تنزيه الله عز وجل، وتقديسه سبحانه وتعالى.
ولهذا نجد أن كثيراً من هؤلاء يدعون النبوة، وبعضهم يدعي الألوهية؛ لأن هذا العالم هو جزء من الإله، فهم جزء من الإله -حسب زعمهم- فيدعون الألوهية.
وإنما يرون أن الإنسان إذا مات فإنه يتحلل ويعود إلى أصوله السابقة، وهم يرون أن أصل الإنسان وأصل المواد عموماً الماء والهواء والنار، فيرون أن الإنسان إذا مات فإنه يتحلل ويعود إليها، وهذا هو حقيقة البعث عندهم، ويرى بعضهم أن البعث: هو بعث للنفس، يعني: أنه عندما يموت الإنسان يتفرق جسده فتبقى نفسه، وهي فكرة التناسخ، وأنها تعود إلى جسد منعم مرغد إن كان صالحاً، أو تكون في جسد معذب إن كان فاجراً أو مخالفاً، وقد تتحول نفسه فتكون في كلب مثلاً يؤذى، أو تكون في حصان أو تكون في ملك حاكم تأتيه الأرزاق من كل مكان.
فهم في الحقيقة ينكرون البعث، وينكرون اليوم الآخر.
وهم أيضاً يرون إسقاط الشرائع، ويرون أنها ليست لازمة ولا واجبة، فليس عندهم صلاة ولا صيام ولا حج ولا زكاة ولا أي واجب من الواجبات الشرعية، وبعضهم يؤول هذه الواجبات الشرعية، وبعضهم ينفيها بالمرة ويغيرها، ويقول: إن شرائع الأنبياء السابقة قد انتهت وذهبت، فيحللون المحرمات كالخمر ونحوها، ويبيحون نكاح المحارم.
خذي الدف يا هذه واضربي وغني هزاريك ثم اطربي
تولى نبي بني هاشمٍ وهذا نبي بني يعربِ
لكل نبي مضى شرعة وهذه شريعة هذا النبي
فقد حطَّ عنّا فروض الصلاة وحط الصيام فلم يتعب
ثم يقول:
فلا تمنعي نفسك المعرسين من الأقربين أو الأجنبي
أليس الغراس لمن ربه ونماه في الزمن المجدبِ
فكيف حللتِ لذاك الغريب وصرت محرَّمة للأب؟
إلى أن قال:
وما الخمر إلا كماء السماء حلال فقُدِّستَ من مذهبِ
فاستحل المحرمات، وأحل نكاح البنات والأمهات، وأسقط شرائع الأنبياء، وأعلن هذا المذهب الجديد الذي هو مذهب الإسماعيلية.
وكما يظهر من عقيدتهم أن حالهم ليس كحال الخوارج مثلاً الذين ضلوا في فهم بعض النصوص الشرعية، ولا كحال المرجئة الذين انحرفوا أيضاً في بعض النصوص الشرعية، وإنما هم في الحقيقة أصحاب دعوة خارجة عن الإسلام بعيدة عنها، يجمعون الناس ويؤلبونهم ضد الإسلام والمسلمين.
أنا الله وبالله أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا
فقتل منهم عدداً كبيراً، وروع الآمنين، وقتل أيضاً في شعاب مكة وفي أماكن مختلفة أعداداً كبيرة، ثم جاء رجل بأمر أبي طاهر وبدأ يضرب الحجر الأسود حتى أخرجه، وهو يقول: أين الطير الأبابيل؟ وأين الحجارة من سجيل؟
وهذا المذهب مذهب يهودي في الحقيقة، ولكنه اندس باسم الإسلام والمسلمين.
وقد سقطت الدولة العبيدية في سنة 567هـ، بعد أن استمرت مائتين وسبعين سنة تقريباً، وسقطت على يد صلاح الدين الأيوبي .
وانقسم الإسماعيليون بالنسبة للأئمة إلى قسمين: فقسم قالوا: إن المستنصر بالله آخر الخلفاء أوصى بأن تكون الإمامة من بعده لـنزار وهو ابنه الأكبر، لكن أحد وزرائه التف عليه فقتل نزاراً ، وبايع لابنه المستعلي على أنه هو الإمام من بعده.
وقسم قالوا: إن الإمام هو المستعلي وبعد أن سقطت الدولة الفاطمية تحولت الدعوة من طور الظهور إلى طور الكتمان.
وكان في زمن الدولة العبيدية أموراً عجيبة لهؤلاء الكفار، فقد كانوا يقولون: من لعن وسب فله دينار وإردب، يعني: من لعن أبا بكر وعمر فله دينار وإردب، وكان أحد حكامهم وهو الحاكم بأمر الله رجلاً شاذاً يدعي الألوهية في الحقيقة، ولكنه لم يستطع أن يعلنها، ثم ظهر أحد الدعاة الإسماعيلين وهو حمزة الزوزني وادعى أن للحاكم بأمر الله الألوهية، فهاج الناس عليه، فخرج من مصر إلى بلاد الشام، وأسس هناك مذهباً جديداً، وهو المذهب الدرزي.
وقد رد عليهم أحد العلماء، وهو محمد بن مالك الحمادي في كتابه: كشف أسرار الباطنية، فقد كان منهم ثم ألف كتاباً في كشف أسرارهم، وهو خبير بمذهبهم، وكتابه مطبوع وموجود الآن.
وأفراد هذه الدولة كانوا يسمون بالحشاشين، وسبب تسميتهم بالحشاشين هو أنهم كانت من طرقهم في الدعوة: أنهم كانوا يأتون بالرجل الذي يطمعون فيه فيعطونه حشيشاً، حتى إذا دخلت الحشيش فيه أدخلوه بستاناً وجاءوا له بامرأة جميلة، فينظر إلى البستان، وإلى المرأة الجميلة ثم يخرج قبل أن يفيق، فإذا خرج سألوه: ماذا رأيت؟ فيقول: رأيت بستاناً وفتاة جميلة، فيقولون له: هذه الجنة، وهذه الفتاة من الحور العين، وإذا كنت صادقاً لمذهب الإسماعيلية فإنك سترجع إلى هذه الجنة التي رأيت، وإلى تلك المرأة من الحور العين.
وطوائف الإسماعيلية في العصر الحاضر كثيرة ومتعددة.
والإسماعيلية المعاصرين الآن مثل: مصطفى غالب وعارف كامل يؤصلون لعقيدة الإسماعيلية بأنها كانت من قبل الإسلام، وأن الإسماعيلية: هي خليط من الأديان الذي كان من قبل، وهي: الإسلام، وفلسفة اليونان، واليهودية والنصرانية، ويقرون بهذا، ويبينون أن هذه عقيدتهم.
وهذه العقائد يشرف عليها مجموعة من المنافقين الذين يريدون تدمير الأمة من داخلها كما فعلوا بالنصرانية، وكما فعلوا بأديان أخرى، ولكن هذه الأمة محفوظة، وكتابها محفوظ، كما قال الله عز وجل: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، ومنهاجها محفوظ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين).
يقول الشيخ عبد الرحمن أبا بطين : ظاهرين بالحجة دائماً، وبالسيف أحياناً، وفي بعض الألفاظ: (يقاتلون) يعني: يقاتلون على الحق، ولا يمكن أن يخلو جيل من أجيال الأمة من هذه الطائفة الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر، الظاهرة المقاتلة في سبيل الله، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك).
فالأسماء متعددة ولكنها واحدة ولمسمى واحد، وقد يكون هناك خلاف في التفصيلات، ولكن الخطوط العامة العريضة واحدة عند الجميع.
وعندما سقطت الدولة الصليحية اتجه البهرة نحو التجارة، ونشروا المذهب الإسماعيلي في الهند، وفي شرق آسيا، وصارت لهم جماعة كبيرة، ومقرهم الحالي في بومباي، وشيخهم الحالي الآن اسمه: الدكتور محمد برهان الدين ، وهو هندي كبير في السن يدعي أنه إله لهذه الطائفة، وهم يعبدونه من دون الله، ويسجدون له، ولهم شريط فيديو نُشر عندما جاء الدكتور محمد برهان الدين إلى جبال حراز في اليمن، وجاء إلى قبر علي بن الفضل -الذي استحل المحرمات في شعره، وتغيير دين الأنبياء- وبكى، وسجد عليه، وفي هذا الفيلم يأتي أتباع هذا البهري ويسجدون له على الأعضاء السبعة كما يُسجد لله عز وجل في الصلاة، والعياذ بالله، ومع هذا يدعون أنهم من المسلمين.
وهذه الطائفة -البهرة- موجودة في اليمن في جبال حراز، وموجودة أيضاً في الهند وفي نجران، وموجودة أيضاً على شكل مراكز في أوروبا وأفريقيا، ولهم أعمال كبيرة، ومن أوضح أعمالهم الاجتماعية: أنهم يدفعون ضرائب لشيخهم هذا بكميات هائلة وكبيرة.
وقد انقسموا إلى قسمين: الداؤدية والسليمانية، فالداؤدية نسبة إلى: داود بن عجب شاه وهذا توفي في سنة 999هـ، وكان قد دعا لنفسه، وكل هذه الطوائف تحت غطاء الباطنية، والخلاف بينهم خلاف في بعض الأحيان في الأسماء، وفي بعض الأحيان في بعض المعتقدات التي لا تخرجهم عن منهاجهم.
وأما السليمانية نسبة إلى: سليمان بن الحسن ، وكلا الاثنان من الدعاة للعقيدة الإسماعيلية، والبهرة يأتون ويصلون مثل المسلمين في الظاهر، ولكنهم يعتقدون أن هذه الصلاة هي للإمام الغائب من نسل الطيب بن الآمر بن المستعلي ، الذي هو من أئمة الدولة العبيدية، وعندما يطوفون حول الكعبة يعتقدون أن هذه الكعبة رمز لهذا الإمام الغائب الذي لم يظهر، وما زال في طور الستر.
وهذا الرجل يستعبد أتباعه إلى درجة كبيرة جداً وغريبة، بحيث أنهم لا يخالفون أمره، ومن يخالف أمره فإنه يهجر من الطائفة جميعاً ولا يكلم، ويعتبر خارج دائرة الإسلام والمسلمين، أي: الإسلام بحسب فهمهم له، وكان من زعمائهم: محمد شاه الحسيني ، وكان مثقفاً، ويجيد عدة لغات، ومنها اللغة العربية والإنجليزية وغيرهما، وكان هندياً، يقول أحد كتاب الإسماعيلية وهو الدكتور محمد كامل حسين صاحب كتاب: طائفة الإسماعيلية، وله كتاب أيضاً في النصيرية: التقيت بـمحمد شاه الحسيني هذا، وقلت له: لقد أدهشتني من ثقافتك الواسعة فكيف تدعي أنك إله لهؤلاء؟! يقول: فضحك، وضحك طويلاً، وعلا صوت ضحكه، وقال: الناس عندنا في الهند يعبدون البقرة وأنا خير من البقرة، يعني: فليعبدوني أنا، فهم يستعبدون أتباعهم استعباداً تاماً.
والنصيرية لا يؤمنون باليوم الآخر ولا يعترفون به، ويسقطون الشرائع، ولهم آراء ومذاهب وإن اختلفت بعض الشيء عن مذاهب الإسماعيلية إلا أنها تتفق في الأصول العامة والقواعد الكلية.
ومن زعماء النصيرية رجل كان يسمى: سلمان المرشد ، وقد ظهر في زمن الاستعمار على بلاد الشام، وقد عظمه الاستعمار وأبرزه، وكان يسمي نفسه الرب، وكان له أتباع كثيرون يعتقدون أنه الإله الذي يخلقهم ويرزقهم ويعطيهم ويدخلهم الجنة ويخرجهم من النار، يقول أحد التائبين، كما ذكر ذلك الدكتور مصطفى الشكعة في كتابه (إسلام بلا مذاهب): إن أحد التائبين جاء إليه من أجل أن يلتقي بإلهه قال: فقيل لي: إنه في الفندق، قال: فشعرت بشيء غريب كيف الإله يسكن في الفندق؟! ولكن بحكم التربية الطويلة التي تربى عليها لم يكن عنده مانع من ذلك، فدخل الفندق، وكان سلمان المرشد رجل يلبس كعباً طويلاً، وثوباً يغطي الكعب هذا، ويضع له بطارية، ويسلك بقية جسده بأسلاك لها أنوار مختلفة صفراء وبيضاء وزرقاء بشكل عجيب، ويلبس على رأسه تاجاً ضخماً كبيراً، فإذا دخل أحد الأتباع شغل الجهاز هذا فتظهر أصوات وأنوار غريبة، فالشخص الذي تربى فترة طويلة جداً على أن هذا هو الإله يسجد مباشرة، ومن الغريب أن الرجل الذي وضع له هذه الأسلاك ورتبها له مندوب فرنسي تابع للحكومة الفرنسية التي كانت مستعمرة لبلاد الشام في تلك الفترة، فعندما دخل هذا الرجل اشتغلت الأنوار والأصوات فسجد، فسجد معه الفرنسي وهو يقول: سبحانك يا إلهي!!!
فالشاهد: أن أمثال هذا يدعمون من الدوائر الغربية الكافرة؛ من أجل تضليل المسلمين وإشغالهم بمثل هذه العقائد الكافرة.
ولهم قرآن خاص ألفه أحد عائلة جنبلاط ، وقد كتبه بيده، وحاول أن يحاكي فيه القرآن، فقد كان يذكر كلاماً ثم يقول: والله عزيز حكيم، ويتكلم قليلاً ثم يقول: والله سميع بما تعملون، وهكذا، يحاكي القرآن ويشابهه، مثل قوله: وعليكم أن تطيعوا الإمام الغائب فإن لم تطيعوه فإن الله شديد العقاب. وهكذا تلاعب بهذه الطريقة، وبهذا الأسلوب الغريب والشاذ.
والدروز لهم جبل في سوريا، وجبل في لبنان، ولهم قوة قوية الآن في لبنان، ولهم دعوة ونشاط، والعجيب في دعوة هؤلاء أن لها حدوداً سرية، وهي: أن شرح هذه العقائد مفصلة التي فيها إنكار المعاد لا يطلع عليها إلا الخواص، وأما العوام فغالبيتهم على مذهب التشيع العام الذي هو: تعظيم الأئمة عموماً.
والبابية والبهائية فرق كثيرة، وتفصيلاتها كثيرة، ويجمعها كلها الطابع العام للباطنية.
ومن كتبهم الموجودة كتاب: الينابيع للسجستاني ، ولهم كتاب رسائل إخوان الصفا وخلان الوفاء، وهو عبارة عن رسائل مجموعة كتب فيها الفكر الإسماعيلي، وأيضاً لهم كتاب راحة العقل للكرماني ، ودعائم الإسلام للنعمان الإسماعيلي ، وله شرح الدعائم أيضاً، ولهم كتب صغيرة يؤلفونها للأطفال والأولاد من أجل أن يتعملوا هذه العقائد بشكل مرتب.
ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين وأعانهم على إظهار الحق المبين، وإخماد شغب المبطلين في النصيرية القائلين باستحلال الخمر، وتناسخ الأرواح، وقدم العالم، وإنكار البعث والنشور والجنة والنار من غير الحياة الدنيا، وبأن الصلوات الخمس عبارة عن خمسة أسماء وهي: علي ، وحسن ، وحسين ، ومحسن ، وفاطمة .
فذكر هذه الأسماء الخمسة على رأيهم يجزيهم عن الغسل من الجنابة والوضوء، وبقية شروط الصلوات الخمس وواجباتها، وبأن الصيام عندهم عبارة عن اسم ثلاثين رجلاً، واسم ثلاثين امرأة ويعدونهم في كتبهم، ويضيق هذا الموضع عن إبرازهم، وبأن إلههم الذي خلق السماوات والأرض هو: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فهو عندهم الإله في السماء، والإمام في الأرض، فكانت الحكمة في ظهور اللاهوت بهذا الناسوت على رأيهم أن يؤنس خلقه وعبيده؛ ليعلمهم كيف يعرفونه ويعبدونه.
وبأن النصيري عندهم لا يصير نصيرياً مؤمناً يجالسونه، ويشربون معه الخمر، ويطلعونه على أسرارهم، ويزوجونه من نسائهم حتى يخاطبهم معلمه، وحقيقة الخطاب عندهم أن يحلفوه على كتمان دينهم، ومعرفة مشايخهم، وأكابر أهل مذهبهم، وذكر أشياء كثيرة عنهم... إلى آخر كلامه؟
فأجاب شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية :
[الحمد لله رب العالمين، هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل: كفار التتر والفرنج وغيرهم، فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع، وموالاة أهل البيت، وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله ولا بكتابه].
ولهذا يقول الإمام الغزالي رحمه الله في كتابه فضائح الباطنية: هؤلاء ظاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض. فقوله: ظاهرهم الرفض، يعني: يظهرون الترفض والتشيع وموالاة أهل البيت، وباطنهم الكفر المحض.
قال رحمه الله: [ولا بملة من الملل السالفة، بل يأخذون كلام الله ورسوله المعروف عند علماء المسلمين، يتأولونه على أمور يفترونها يدعون أنها علم الباطن، من جنس ما ذكر السائل وغير هذا الجنس، فإنه ليس لهم حد محدود فيما يدعونه من الإلحاد بأسماء الله تعالى وآياته، وتحريف كلام الله تعالى ورسوله عن مواضعه، إذ مقصودهم: إنكار الإيمان وشرائع الإسلام بكل طريق، مع التظاهر بأن لهذه الأمور حقائق يعرفونها من جنس ما ذكر السائل. فمن جنس قولهم: إن الصلوات الخمس معرفة أسرارهم، والصيام المفروض كتمان أسرارهم، وحج البيت العتيق زيارة شيوخهم، وأن يدا أبي لهب هما: أبو بكر وعمر ، وأن النبأ العظيم والإمام المبين هو: علي بن أبي طالب ، ولهم في معاداة الإسلام وأهله وقائع مشهورة، وكتب مصنفة، فإذا كانت لهم مكنة سفكوا دماء المسلمين كما قتلوا مرة الحجاج، وألقوهم في بئر زمزم، وأخذوا مرة الحجر الأسود وبقي عندهم مدة اثنتين وعشرين سنة، وقتلوا من علماء المسلمين ومشايخهم ما لا يحصي عدده إلا الله تعالى، وصنفوا كتباً كثيرة مما ذكره السائل وغيره، وصنف علماء المسلمين كتباً في كشف أسرارهم، وهتك أستارهم، وبينوا فيها ما هم عليه من الكفر والزندقة والإلحاد الذي هم به أكفر من اليهود والنصارى، ومن المعلوم عندنا أن السواحل الشامية إنما استولى عليها النصارى من جهتهم]، يعني: أنهم يقفون مع اليهود والنصارى ضد المسلمين.
[ولهذا لا أمان لهم ولا سلام، ولا يمكن للإنسان أن يأتمنهم على شيء، فهم مع النصارى على المسلمين، ومن أعظم المصائب عندهم: فتح المسلمين للسواحل وانقهار النصارى، بل ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتر، ومن أعظم أعيادهم إذا استولى -والعياذ بالله- النصارى على ثغور المسلمين، فإن ثغور المسلمين ما زالت بأيدي المسلمين، حتى جزيرة قبرص يسر الله فتحها عن قريب، وفتحها المسلمون في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، فتحها معاوية بن أبي سفيان إلى أثناء المائة الرابعة].
ثم ذكر تعاونهم مع اليهود والنصارى إلى أن قال: [ولهم ألقاب معروفة عند المسلمين، تارة يسمون الملاحدة، والقرامطة، والباطنية، والإسماعيلية، والنصيرية، والخرمية، والمحمرة]، وذكر أسماء متعددة، ثم قال: [وهم تارة يبنون قولهم على مذاهب الفلاسفة الطبيعيين أو الإلهيين، وتارة يبنونه على قول المجوس الذين يعبدون النور، ويضمون إلى ذلك الرفض]، يعني: يخلطون العقائد بعضها على بعض، ويخرجون للناس ما يشتهون وما يريدون، فليس الهدف عند هؤلاء هو العقيدة في ذاتها، وليس عندهم مشكلة في أي عقيدة، وإنما أهم شيء عندهم هو أن يخلطوا هذه العقائد بعضها ببعض ويظهرونها للناس، ويدعون الناس إليها، فالهدف في حقيقته ليس جانباً إيجابياً لهم بقدر ما هو جانب سلبي لغيرهم، وهذه هي خطة اليهود المعروفة، فاليهود يمكن أن يمارسوا الإلحاد والكفر المبين، والفجور والفسق، وشرب الخمور والزنا، والفواحش بكل ألوانها وأنواعها، ومع هذا لا يشعرون أن في هذا تعارضاً مع مذهبهم اليهودي، بل يرون أن في هذا دعم لمذهبهم؛ لأنه لا يمكن أن يصلوا إلى مستوى كبير إلا عن طريق تحطيم الآخرين.
وهذا المذهب يقترب من مذهب الحداثة الذي يريد بناء مجتمع حديث على أنقاض المجتمع القديم، يعني: أن الطريق إلى المجتمع الحديث في مذهب الحداثة هو: هدم المجتمع الموجود الآن، فإذا لم يهدم المجتمع الموجود فلا يمكن بناء المجتمع الحديث، فمرحلة هذا المذهب الآن هو: هدم هذا المجتمع الموجود بأي طريقة من طرق الهدم، فأهم شيء هو تحطيمه، وتحطيم أخلاقه، وعقائده بأي أسلوب من الأساليب، وبأي فكر من الأفكار؛ لبناء المجتمع الحديث على أنقاض هذا المجتمع.
ثم تكلم شيخ الإسلام رحمه الله عن بعض المسائل الفقهية المتعلقة بهم مثل: مناكحتهم، فقال [لا يجوز مناكحتهم]، وتكلم عن مسألة الجبن المعمول بأنفحة ذبائحهم، فقال: [إنه كسائر أنفحة الميتة، وذبائح المجوس، وذبائح الإفرنج]، وتكلم على أوانيهم وملابسهم، وعلى مسائل كثيرة، وقال: [والواجب على ولاة الأمر قطعهم من دواوين المقاتلة، فلا يتركون في ثغر ولا في غير ثغر] يعني: لا يجوز إبقائهم في الجيوش؛ لأنهم أهل غدر، وضررهم في الثغر أشد، وأن يستخدم بدلهم من يحتاج إلى استخدامه من الرجال المأمونين على دين الإسلام، وعلى النصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
وأيضاً من الكتب التي تحدثت عنهم، كتاب: (الحركات الباطنية في العالم الإسلامي)، للدكتور: محمد أحمد الخطيب ، وممن أيضاً كشف حقيقتهم من نواح متعددة صاحب كتاب (الصراع العربي الإسرائيلي مؤامرة الدويلات الطائفية)، وكتاب: (دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين)، للدكتور: أحمد محمد جلي ، وكتاب: (كشف أسرار الباطنية) للحمادي ، و(فضائح الباطنية) للغزالي ، وغيرها من الكتب، ولـشيخ الإسلام كلام متناثر حول هذه الطائفة، ومن ذلك كلامه في منهاج السنة النبوية، فإنه يمكن أن يفاد منه.
الجواب: أولاً: هذه الفرق التي نتحدث عنها ليست قديمة، بمعنى: أنها لا وجود لها في الواقع، فهي موجودة في الواقع، فالخوارج لهم وجود في الواقع، والرافضة والباطنية والمرجئة والقدرية والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية كلهم لهم وجود في الواقع، فهذه الفرق وإن كانت أسماؤها قديمة إلا أن لها أتباعاً الآن، ولهم صولة وجولة، وعندهم أنشطة، ولهم مؤلفات ومشايخ ومعاهد ومدارس، وبعضهم كالإسماعيلية لهم مركز في وسط لندن، يشابه المتاحف الأثرية للبريطانيين، من ضخامته ومساحته الكبيرة.
الجواب: عبيد الله المهدي جاء إلى المغرب وكون دولة هناك، ثم توسعت هذه الدولة، ودخل القائد جوهر الصقلي إلى مصر وبنى القاهرة، وأسس الجامع، وتأسيس جوهر الصقلي الأزهر؛ بهدف أن يكون مكاناً لنشر الإسماعيلية.
وعندما سقطت الدولة العبيدية على يد صلاح الدين الأيوبي بقي المسجد وبقي الناس يصلون فيه، ولكن الغرض والهدف الذي بُني لأجله تغير؛ لتغير أهله، فأهله ليسوا موجودين، فقد قضي عليهم.
وجامعة الأزهر لا علاقة لها بالجامع، فقد أسست قريباً، وأما الجامع الأزهر فهو قديم قبل وجود الجامعة، فالجامع الأزهر الآن تغير غرضه فهو لا يدعو إلى العقيدة الإسماعيلية.
الجواب: نعم، الفرقة السبئية تنسب إلى عبد الله بن سبأ ، وقد اجتمع حوله طائفة، وألهوا علياً رضي الله عنه، وقام علي وحرقهم بالنار كما هو معلوم، فهم تبع لـعبد الله بن سبأ .
وأنبه إلى قضية مهمة في الفرق وهي: أنه في بعض الأحيان أول ما تنشأ الفرقة يكون لها اسم ثم يموت أصحابها، ثم تنشأ فرقة أخرى باسم آخر، وتعتقد نفس عقيدة الفرقة السابقة، فمثلاً القدرية نشأت في بداية الأمر عن طريق معبد الجهني الذي نفى القدر، فلما توفي معبد الجهني دعا إليها غيلان الدمشقي ، ثم بعد ذلك جاءت المعتزلة وتبنت مذهب القدرية.
وقد كان انحراف المعتزلة الذي سموا بسببه معتزلة هو: خلافهم مع الحسن البصري رضي الله عنه وأئمة أهل السنة في حكم الفاسق، فهم يقولون: إنه في منزلة بين المنزلتين، وأهل السنة يقولون: إنه مسلم ولكنه فاسق بمعصيته التي عصى بها، وليس هناك منزلة بين المنزلتين لا كافر ولا مسلم، وإنما هذه القضية ابتدعو المعتزلة فخرج واصل بن عطاء ، وعمرو بن عبيد من حلقة الحسن البصري ، وبدءوا يقررون هذا المذهب فسموا معتزلة، ثم أضافوا إلى تقرير هذا مذهب القول بالقدر فصارت المعتزلة قدرية، ثم بعد فتنة خلق القرآن، وثبات الإمام أحمد رحمه الله فيها، وزوال دولة المأمون ، وانتهاء فتنة خلق القرآن ذابت المعتزلة، وانتهى شكل كيانها المسمى بالمعتزلة، فانقسمت إلى فرقتين: الأولى: الشيعة، فقد أخذوا مذهب المعتزلة في الأسماء والصفات وفي القدر.
والثانية: الخوارج الأباضية، فقد أخذوا مذهب المعتزلة في الأسماء والصفات، وتركوا مذهب المعتزلة في القدر، والذي لا يعرف هذه الأمور تختلط عنده في بعض الأحيان ويقول: كيف تكون فرقة معتزلة وقدرية في نفس الوقت؟ وكيف يكون الشيعة معتزلة مع أن الشيعة يسبون الصحابة؟!
فهذه الفروق انتفت مع مرور الزمن، ثم أصبحت كل طائفة تأخذ ما عند الطائفة الأخرى، فأصبحت عقائدها مركبة من مجموعة عقائد، فمثلاً: تجد الأشاعرة جهمية في الأسماء والصفات ولكن بشكل أقل غلواً، وفي القدر جبرية، وفي الإيمان مرجئة، فتجد أن العقائد المتأخرة تركبت من مجموعة عقائد سابقة، سواء كانت حدة الغلو أشد أو أقل ولكن الفكرة الموجودة عند المتأخرين هي نفس الفكرة الموجودة عند المتقدمين.
الجواب: أكثر فرق الشيعة انتشاراً ونشاطاً في الوقت الحاضر هي: الإمامية الرافضة الاثني عشرية، حيث أن لهم دولة، فلهم نشاط واسع، وتأثير في الناس كبير، وأما الإسماعيلية أقل نشاطاً منهم، وإن كانت عقيدتهم أخطر من حيث الحكم الشرعي على المسلمين؛ لما تتضمنه من الكفريات السابقة الذكر.
والشيعة اليوم تمثلهم دولة إيران، ولهم نشاط متميز في الدعوة إلى مذهبهم بطرق متعددة ومختلفة، ولهم جماعات مختلفة في كثير من بلدان المسلمين، ولهم حوزات، وحسينيات، وأنشطة، ومشايخ ينشرون مذهبهم في أماكن متعددة، بينما الإسماعيلية جماعات في أماكن متعددة، وإن وجدت بعض الدول التي يحكمها النصيريون إلا أنهم لا يدعون عامة الناس إلى النصيرية، كما يدعو الرافضة إلى مذهبهم عامة الناس، فهم أقل شأناً من الرافضة وإن كانوا أخطر منهم من حيث الاعتقاد الذي يعتقدونه.
الجواب: الفرق كبير، فالشيعة الإسماعيلية غلوهم أكثر إلى درجة أن الإمامية يكفرونهم، فالإمامية مثل القمي في كتاب (الفرق والمقالات) عندما تحدث عن الفرق الغلاة، وذكر مقالات الإسماعيلية قال: هؤلاء كفار لعنهم الله، فهم يكفرونهم على أن ما عند الإمامية من الكفر ليس قليلاً أيضاً.
فالإمامية عندهم كفريات عظيمة، منها عبادة غير الله عز وجل، كالطواف حول القبور والذبح لها والنذر لغير الله عز وجل، وهم أكثر من روَّج للطواف حول القبور في العالم الإسلامي، بل إنهم يرون أن تميز الدين يكون بانتشار القبور وظهورها، حتى أن أحد المؤرخين منهم يقول وهو يصف بلاد من بلدان الرافضة ويبين كيف أن الدين فيه ظاهر:
لا إله إلا الله! إذا دخلت إليه تجد أن القبور مشيدة، وأن الحجاج يأتونها من كل مكان، وأن الدماء تسال عندها، وقد وسع مطافها، وانتشرت صناديق النذور، وبدأ يصف القبور، والتعبد عندها، والخاضعين والعاكفين عندها، ناس يعتكفون ويجلسون فيها، ويقولون: إنها روضة من رياض الجنة، ويجلسون فيها أوقاتاً طويلة، وأزماناً متعددة.
فهم أول من نشر القبورية أو أكثر من نشرها في العالم الإسلامي هم والصوفية، فالصوفية والشيعة من أعظم الطوائف التي نشرت شرك الطواف حول القبور، والذبح لها، والتعبد لغير الله عز وجل، وشرك التشريع بالنسبة لتعظيم الأولياء والأئمة، وهم أكثر من نشط في هذا الأمر، فلو أُخِذَ كتاب (كشف الأسرار) للخميني -مثلاً- وأراد شخص أن يأخذ منه تعريف الشرك لوجد أنه هو نفسه الموجود في كتاب (مفاهيم يجب أن تصحح) لـمحمد علوي المالكي ، فتعريف الشرك عند هذا هو نفسه تعريف الشرك عند هذا، فالشرك عندهما هو أن يعتقد الإنسان أن هناك خالقاً غير الله، أو رازقاً غير الله أو محيياًً غير الله، أو مميتاً غير الله سبحانه وتعالى، وأما الدعاء والاستغاثة والذبح والنذر والتعبد لغير الله عز وجل فلا يعتبران ذلك شركاً مخرجاً عن الملة، بل وفي أكثر الأحوال يعتقدون أنه خطأ، ونسبة في غير محلها فقط، أما أن تصل الحال إلى درجة الشرك فلا يقولون ذلك ولا يعتبرونه.
فالفرق بين شيعة الرافضة وشيعة الإسماعيلية: أن شيعة الإسماعيلية أشد غلواً وكفراً منهم، والكفار ليسوا على درجة واحدة في الكفر، فقد قال الله عز وجل: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ [التوبة:37]، فالكفار ليسوا على درجة واحدة؛ ولهذا عقوبتهم في الآخرة ليست على درجة واحدة، بل يتفاوتون بحسب كفرهم، فالداعي إلى كفره والطاغوت الذي ينشر كفره بالقوة مثلاً وعنده إمكانات أكثر من غيره، ليس مثل الإنسان العادي الذي ترك عبادة الله عز وجل أو عبد غيره.
الجواب: لا شك أن هناك عداوة بينهم، فهم مختلفون من حيث أن الرافضة مثل القمي في كتابه (الفرق والمقالات) يكفرهم ويلعنهم، ولكن لا يعني أنهم لا يتعاونون، أو أنه لا يستفيد بعضهم من بعض.
الجواب: يقولون: إن النبوات تكتسب، وأنه يمكن للإنسان أن يحصل على النبوة إذا كانت عنده رياضة روصية وقدرة ذهنية.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر