الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
بادئ ذي بدء أنقل لكم سلام الشيخ الأخ الدكتور: عبد الرحمن بن صالح المحمود واعتذاره عن إقامة الدرس في هذا اليوم، مع- إن شاء الله- استئناف الدرس في الأسبوع القادم، وعذره وعكة بسيطة إن شاء الله أن يعافيه ويشفيه.
وهو إن شاء الله بخير لكنه قد يصعب عليه أداء الدرس هذا اليوم، وعلى هذا رغب الإخوان المنظمين للحلقة جزاهم الله خيراً أن يعوض بعض الوقت ونسد الفراغ ولعلنا نتكلم عن بعض الأمور العامة حول هذه الحلقة وسائر الحلقات العلمية استكمالاً لما بدأنا.. أو بدأتم الحديث عنه في الدرس الماضي بالأمس.
ولعل من أهم هذه الأمور ما يتعلق بطلب العلم الشرعي والفقه في الدين وبعض الضوابط والأصول التي تهم طالب العلم في هذا العصر، وما يتفرع عن ذلك من اللوازم العلمية والعملية التي يجب أن يتحلى بها الشباب، ولا مانع أن نترك وقتاً للأسئلة أطول حول هذه الأمور.
أما الكلام عن الدرس الأصلي وهو كتاب العمدة وما حوله وكيفية أدائه وشرحه وحفظه، فهذا أتركه للشيخ حفظه الله معكم في الأسبوع القادم إن شاء الله.
أما ما يتعلق بمسألة طلب العلم الشرعي، فأحب أن أشير إلى ضرورة طلب العلم الشرعي لكل شاب وطريقة السلف في هذا الأمر.
فأولاً: نعرف أن الله عز وجل كلف كل مسلم أن يتعلم أمور دينه وعلى هذا فكل مسلم مطالب بأن يتعلم؛ لكن ما الحد الذي يتعلمه كل شخص؟ هذا مما يخفى على كثير من الناس.
هناك من أمور الدين ما لا ينفع الجهل به لأحد من المسلمين ذكراً أو أنثى، وكل بالغ عاقل يستطيع أن يتعلم، وهي الأمور الأساسية للدين مثل أركان الإيمان وأركان الإسلام وأصول الإسلام القطعية، والحلال القطعي والحرام القطعي والعمليات المتعلقة بظواهر الدين وشعائره التي يستطيع كل مسلم أن يفهمها سواء عمل بها أو لم يعمل، بمعنى: سواء استطاع أن يعمل بها أو لم يعمل، لاسيما وأن كثيراً من أمور العقائد ليست من العمليات، لكن لابد من الإيمان بها.
فعلى هذا فإن طلب حد أدنى من الأصول الشرعية أمر يجب أن يتعلمه كل مسلم، ويجب أن تسعى الأمة إلى تعليم أجيالها هذه الضروريات لكل وسيلة متاحة، وكان الناس على هذا أو كان المسلمون طيلة العصور السابقة على هذا الأصل لا يخلون به إلا في حالات نادرة، خاصة في البوادي والأرياف، فقد يكون هناك شيء من الإخلال غير المقصود عن جهل أو تفريط غير مقصود، حيث تعتري الناس ظروف معينة، وإلا فالمسلمون جميعاً كانوا يحرصون على تعليم أبنائهم الأصول الضرورية.
فلذلك كان على كل مسلم أن يأخذ القدر الضروري من العلم الشرعي، وكان أهل العلم يبدءون تعليم الصغار في الكتاتيب فيعلمونهم أولاً القرآن الكريم والقراءة والكتابة، فكان كل طفل يوجه إلى الكتاتيب ويتعلم هذه الأساسيات ثم بعد ذلك يرتقي إلى دروس العلم الشرعية وما يتفرع عنها من علوم أخرى تنفع المسلمين.
وما كانوا يرتبطون بسن معينة كما حصل الآن في أنظمة التعليم التي تربط التعليم بسن معين وبمراحل معينة تجعل الناس على وتيرة واحدة الذكي منهم والغبي، بل كان المعلمون يعلمون أبناء المسلمين هذه الأساسيات فإذا وجدوا عند بعضهم شيئاً من الاستعداد أقرءوه المتون الأساسية حفظاً وشرحاً، فإذا وجدوا منه استعداداً أكثر نقلوه إلى شرح المتون، فإذا وجدوا عنده استعداداً أكثر نقلوه إلى شروح الشروح وإلى ما نسميه الآن الموسوعات، وكتب السنن والآثار وكتب الفقه المطولة وكتب اللغة المطولة هذا أمر.
الأمر الآخر: وهو مما يجهله كثير من طلاب العلم فضلاً عن عامة الشباب وعامة الأمة، وهو ضرورة السعي إلى إحياء العلم الموسوعي عند طائفة من شباب المسلمين، وأقصد بالعلم الموسوعي العلم الشرعي المنوع وما يخدم العلم الشرعي، وما يخدم الأمة من علوم أخرى.
وذلك باصطفاء النابهين من أبنائنا والتعرف على مواهبهم والعناية بهم، بحيث يكونون علماء يتوسعون في العلوم الشرعية المتنوعة، وعلوم اللغة المتنوعة، والعلوم الأخرى المتنوعة التي تخدم الأمة، لاشك أن مناهج التعليم والمدارس تؤدي شيئاً من المطلوب، لكن لا تؤدي المطلوب كله؛ لأنها ربطت بوقت وبأنظمة معينة وجعلت على مستوى العموم من أبناء الأمة، الذكي والمتوسط وما دون المتوسط وما فوق الذكي.
فعلى هذا فإن مناهج التعليم تخرج أناساً عندهم استعداد للعلم ولا تخرج علماء، نعم قد تخرج متخصصين في بعض شعب الحياة، وبعض التخصصات الشرعية في شعب معينة لا تفي بالغرض الذي تحتاجه الأمة، ولو استمر الأمر على هذا الوضع بأن يتكل الناس على هذا الأسلوب فإنهم سيفاجئون يوماً من الأيام بأنهم فقدوا العلماء المتبحرين الموسوعيين الذين يلبون طلب الأمة ويشبعون رغباتها في حاجاتها الشرعية والعلمية.
ذلك أنه بحمد الله لا يزال عندنا بقية من العلماء والمشايخ الذين أخذوا العلم على أصوله الصحيحة؛ لكن لو استمر الأمر على ذلك ولم يستدرك، ستنقرض هذه الفئة ونخرج بفئات المتخصصين الذين ينفعون الأمة في تخصصات لكن ليس عندهم الشمول في النظر فقد نفاجأ بآراء عجيبة ومواقف شاذة واجتهادات بعيدة عن الصواب بسبب حجب كثير من المتعلمين على ضوء التخصصات عن العلوم الأخرى.
فتجد الآن ظواهر هذا قد بدأت، تجد عندنا من هو متخصص في الفقه تخصصاً دقيقاً وقد يشبع رغبة الأمة في هذا الجانب؛ لكنه قد يجهل بدهيات اللغة ويجهل بدهيات العقيدة وقد يجهل بدهيات الحديث والتفسير إلى غير ذلك، فلا يكون سوياً في مواقفه ولا في أحكامه ولا في اجتهاداته، بل ربما تخرج عنه المواقف الغريبة الشاذة.
وكذلك في العقيدة والحديث والتفسير، قد يخرج متخصص في التفسير لكنه ليس له علم بالحديث ولا الإيمان الضروري، وقد يخرج متخصص في الحديث لكنه غير ملم بالعقيدة والجوانب الأخرى وهكذا.
فاستمرار الاتكال على التخصصات قد يؤدي إلى أمور لا تحمد عقباها، وكما قلت لا يعني هذا أني أستهين بجوانب التخصصات فهي تخدم الأمة، لكن تحتاج إلى الضوابط والروابط؛ لأن العلماء الموسوعيين الذين يجمعون بين هذه التخصصات يكونون المرجع الشامل العام للأمة ولأصحاب التخصصات على نمط أئمة الهدى ومشايخنا الكبار الذين تعلموا سائر العلوم على حد سواء.
ولذا لابد من اعتماد برامج دقيقة في الدورات وحلق الذكر ومجالس العلم ودروس العلماء في تخريج طائفة من شباب الأمة يتعمقون في الفقه في الدين بسائر تخصصاته بحسب قدراتهم ومواهبهم، وذلك بالبدء على الطريقة التي بدأت تظهر الآن كثيراً في هذه البلاد، وهي تعليم الشباب العلوم الأساسية من خلال المتون، ثم معرفة من يتفوق منهم في هذه المتون وإعطائه أكبر قدر ممكن منها بحيث لا يتخصص في متن واحد أو متنين، بل يأخذ المتون الأساسية في القرآن وعلومه، وكذلك في الحديث وما يخدمه، ثم في العقيدة وما يخدمها، والفقه وما يخدمه، وفي اللغة وما يخدمها وهكذا.
ثم يتوسع حتى فيما يسمى بالعلوم الأدبية والإنسانية بقدر ما تحتاجه الأمة وبقدر ما يقدر عليه هو كما كان عليه أئمتنا، ثم يصطفى من هؤلاء الشباب من عندهم المقدرة والموهبة على المواصلة في الشروح، فيأخذ في كل علم الشرح الذي يناسب لهذا المتن الذي قرأه، ولا مانع أن يقرأ في وقت واحد خمسة شروح لخمسة علوم أساسية أو أكثر من ذلك، أو عشرة شروح لعشرة علوم أساسية.
ثم بعد ذلك يتوسع، فإذا وجد أنه موسوعي، بمعنى أن عنده من الذكاء والاستعداد ما يجعله يستوعب أكثر العلوم عني به حتى يصير مرجعاً للأمة هو ومن يشبهه ممن يسلكون هذا المنهج.
وقد لا يتمكن من التوسع الكامل فليتوسع فيما يستطيعه، فإذا وجد أنه لا يستطيع التوسع إلا في علمين أو ثلاثة فليتوسع في ذلك، لكن نكون قد ضمنا أنه فهم بدهيات العلوم الأخرى، وهذه مسألة ضرورية، حتى لا يأتينا إنسان حاذق في علم يجهل أساسيات علوم شرعية أخرى فتفقد الأمة الثقة فيه أو تثق فيه على غير بصيرة، فيضل ويضل، وهذا مما كان العلماء يحذرون منه.
وأمر آخر يتعلق بانتقاء الكتب وانتقاء العلوم:
كثير من الشباب يسترسل مع ميل نفسه ومع خبراته المحدودة في اختيار الكتب واختيار العلوم، بمعنى أنه لا يستشير ولا يرجع إلى من هو أعلم منه من المشايخ وطلاب العلم في سلوك طريق العلم وما يناسب من العلوم والكتب وقد يسمع بكتاب من الكتب فيعجبه ما ذكر في هذا الكتاب فيقرؤه وهو قد لا يناسبه؛ لأن الثناء على أي كتاب لا يعني بالضرورة صلاحيته لكل شخص حتى وإن كان كتاباً موثوقاً لأنه قد يصلح لشخص ولا يصلح لشخص آخر، كأن يصلح للمتوسط ولا يصلح للمبتدئ وهكذا.
فينبغي لكل سالك لطريق العلم أن يعرف كيف ينتقي العلم المناسب وكيف ينتقي الكتاب المناسب، ثم كيف يتدرج في هذا العلم وفي هذه الكتب.
ويتفرع عن هذه المسألة أيضاً مسألة ثالثة، وهي: ما الضابط الشرعي لضمان تحصيل العلم على أصوله السليمة عما يعتري الإنسان أحياناً من التعالي والتعالم والغرور والإعجاب أو سوء الأدب أو الجهل بأدب العلم والعلماء، والأدب مع المشايخ ونحو ذلك، فما الذي يضمن لطالب العلم أن يأخذ بالضوابط الصحيحة السليمة لطلب العلم الشرعي.
أقول كما قال أهل العلم: إنه من الضروري لطالب العلم الذي يريد أن يأخذ العلم على أصوله السليمة أن يتلقاه عن أهله ولا يستقل بنفسه في طلب العلم، ولا يكتفي بأخذ العلم عن أقرانه ومن هم في سنه أو أكبر منه قليلاً فإن هذا يؤدي إلى كوارث لها نماذج في التاريخ قد لا يتسع الوقت لذكرها، أعني كوارث تؤدي إلى الأهواء وإلى النزاعات وإلى الصدام بين الأمة، وإلى الاستهانة بالعلم وأهله، وإلى خرق عصا الجماعة والطاعة بين المسلمين.
فمن هنا كان من الضروري لطالب العلم أن يكون طالب علم ينفع نفسه وينفع أمته وأن يطلب العلم على أهله كما جاء في الأثر وبعضهم رفعه حديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يحمل هذا العلم -وقيل: هذا الدين- من كل خلف عدوله) يعني: من كل عصر العدول فيه، والعدول هم الرجال الثقات العلماء المتبحرون.
ثم إذا تدرج الشخص واستوفى ما عند طلاب العلم الكبار انتقل إلى المشايخ الكبار، إذا لم يمكنه أن يدرس عليهم ابتداء، ومع ذلك فإن هذه المسألة محسومة في عصرنا بكثرة طلاب العلم والمشايخ بقدر يقيم الحجة على الآخرين ولا يعتذر أحد من الناس بأن يقول: لا أجد من أتعلم على يديه، بل كثير من الدروس تشكو النقص والقلة، وكثير من المشايخ لو وجد طلاب العلم لجلس لهم.
أما لماذا هذا؟ أولاً: لأنه سبيل المؤمنين وسبيل أهل العلم وأئمة السنة، والله عز وجل حذر من اتباع غير سبيل المؤمنين.
والأمر الثاني: كما أشير في النصوص إلى أن العلم يؤخذ عن العلماء، والعلماء هم ورثة الأنبياء.
والأمر الثالث: أن العلم ليس مجرد تحصيل وضبط في الذاكرة، إنما العلم أدب وسمت وهدي، وهذا لا يتم إلا بالقدوة الذي يؤخذ عنه العلم، ثم إنه ثبت أن من أعظم أسباب الانحراف في هذه الأمة والوقوع في الأهواء هو طلب العلم في معزل عن العلماء.
إن أخذ العلم عن غير أهله كالأصاغر أو أهل البدع والأهواء أو بأخذ العلم عن مجرد الكتب والوسائل خطأ، فكثير من رءوس الأهواء الذين نعرفهم في التاريخ، والذين أضلوا الأمة وأحدثوا الافتراق كلهم معروفون بجفاء العلماء، وبأخذ العلم عن غير أهله، أو بطريقة غير سليمة، وارجعوا إلى التاريخ تجدوها ابتداء من أصول الشيعة الرافضة والخوارج الذين هم أول فرق نشأت، فنجد أن الأشخاص الذين تبنوا هذا الاتجاه وصاروا رءوساً في هذه الفرق الأوائل ممن كانوا يستهينون بالصحابة وبعلم الصحابة، بل كانوا يقدحون في علماء الصحابة ويزعمون أنهم متدينون وأنهم على صلاح واستقامة.
بل ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج منهم بأنكم تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وصيامكم عند صيامهم ومع ذلك ضلوا بسبب الإخلال بهذه المسألة، وهي أنهم تركوا فقه الصحابة واستهانوا به واعتدوا بأنفسهم بزعمهم أئمة بأخذهم على الكتاب والسنة دون تلقيه عن رجال فهلكوا، ثم كبار الشيعة كذلك كلهم يرجعون إلى السبئية.
أما القدرية الأوائل مثل معبد الجهني وغيلان الدمشقي فلم يعرف أنهم تلقوا عن العلماء بل كان عندهم شيء من الخروج عن سمت أهل العلم، ثم واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد ما ظهروا ببدعتهم إلا عندما اعتزلوا شيخ الأمة في ذلك الوقت وعالمها وهو الحسن البصري ثم الجهم بن صفوان وصفه العلماء بأنه ممن عرف بعدم تلقي العلم عن أهله وبعدم مجالسة العلماء فقد نقل الذهبي وغيره أن من أهم سماته أنه لم يجالس العلماء.
أقول: إن الوسائل التي هيأها الله عز وجل لنا في هذا الوقت وهي الأشرطة والكتب والنشرات والصحف وغيرها من الوسائل الأخرى لتعليم الشرع جيدة ومفيدة، لكن لا تخرج علماء، نعم تعلم الأمة دينها وتفقه الناس وتعلمهم الأساسيات والضروريات، وتساعد طالب العلم على أخذ العلم الشرعي، فهي رافد من الروافد، لكن أن تكون هي الأصل فهذه مزلة وخطورة نخشى على الأمة من عواقبها.
وقد بدأت بوادر طلب العلم على غير أصوله تظهر من خلال بعض النزعات والاتجاهات عند طائفة من شباب الأمة وإن كانت قليلة؛ لكن نخشى أن تزيد هذه الظاهرة بسبب هذا التوجه، وهو التنكب عن سبيل العلماء والاستهانة بهم وترك التلقي عنهم وهكذا يستقل الطالب بنفسه كي يتعالى ويغتر ويخرج كل بمذهب.
والمعروف من خلال التاريخ ومن خلال الواقع أن كل الذين تعلموا على غير العلماء لا يخضع بعضهم لبعض، بل كل واحد منهم يقول: أنا لها، ويخرج كل واحد بمذهب، وإذا التقوا في بعض الأصول فإنهم لا يخضع بعضهم لبعض كما حصل من أتباع الفرق، أتظنون أن الفرق على قلب رجل واحد؟ لا. فالخوارج يجتمعون في أصلين أو ثلاثة أما بقية الأصول فكل واحد له وجهة هو موليها ولا يعترف للآخر، وكثيراً ما يتنازعون ويتقاتلون، وكذلك المعتزلة والجهمية والرافضة إلى آخره.
هؤلاء ليسوا على أصول واحدة تجمع أصولاً عامة، لكن من حيث مسالك الحياة ومذاهبهم في السنن وتطبيق الإسلام يختلفون اختلافاً كبيراً.
فإذاً ينبغي أن نأخذ عبرة ودرساً مما سبق، ثم نأخذ بالأصول الشرعية الصحيحة لطالب العلم، وإنما أطلت حول هذه المسألة؛ لأني أرى ظواهر مزعجة ظهرت بسبب الإخلال بها، وأحببت التنبيه عليها وإن كانت معلومة عند الأكثرين لكن من باب الذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.
هذه مسألة أيضاً بحمد الله محسومة عند أهل العلم، والخلاف على درجات، ويهمني ما يتعلق بنوع المخالف، فالأصل في الخلاف أنه إذا كان هناك اجتهاد سائغ من إنسان مستقيم على السنة أنه لا يؤدي إلى التباغض ولا إلى التعادي ولا إلى التحاسد ولا إلى التنافر ولا إلى البراء، أما إذا كان المخالف صاحب بدعة سواء كانت مخالفته صغيرة أو كبيرة فيجب أن يجتنب لمخالفته وأن يحذر منها.
فمن باب أولى أن يكون الخلاف من العلماء أمراً تتسع له صدور الأمة، والعلماء لابد أن يختلفوا، والصحابة قد اختلفوا، ومن جاء بعدهم اختلفوا لكن لم يتنازعوا في الدين، بمعنى أن الخلاف لم يوصلهم إلى التباغض أو إلى شيء من الافتراق والخروج عن الجماعة، وإعلان البراء من بعضهم، وإعلان العداء بين الأمة أو بينهم وبين الآخرين، فهذا لم يحصل بين علماء الأمة المعتبرين من أهل السنة والجماعة قديماً وحديثاً، نعم قد يرد بعضهم على بعض وقد يرد بعضهم قول بعض لكن لا يصل الأمر عندهم إلى المنازعة في الدين.
وهكذا يجب أن يكون المسلمون عموماً وطلاب العلم على وجه الخصوص، والشباب بصفة أخص، هكذا يجب أن يقفوا من الخلاف الحاصل بين العلماء المجتهدين من هذه الأمة الذين هم أهل الاستقامة وأهل الحق وأهل السنة.
فالخلاف بينهم أمر ضروري ولا يضر، بل يوجب علينا أن نصبر على ما يحدث، وأن يناصح الجميع، وأن يبقى حق الجميع في القلوب، سواء كان هذا الخلاف في الأمور الفقهية أو في محدثات العصر أو في أمور الدعوة ووسائلها وأساليبها أو في مستجدات الحياة التي لا تزال محل اجتهاد، فإن هذه الأمور كلها لا تزال محل خلاف ولن تزال إلى أن تقوم الساعة؛ فلا نتصور أو نتوهم أن الناس سيكونون على قلب رجل واحد ويرجعون إلى مرجع واحد، فإن هذا يخالف سنن الحياة وسنن الله في خلقه.
إذاً: الخلاف واقع لابد لكنه ما دام بين أهل الحق وأئمة الهدى من العلماء والمشايخ المعتبرين في عقيدتهم وفي استقامتهم من أهل السنة والجماعة فإنه يجب ألا يؤدي إلى شيء من الاستهانة بهم ولا التنقص من قدرهم ولا ترك التلقي عنهم، ولا يؤدي إلى البراء ولا إلى الجرأة على أعراضهم بسب أو لمز أو اتهام أو نحو ذلك مما قد يجرأ عليه بعض الجاهلين، وهو أمر يجب أن نستبعده، وإذا حدث فهو الحالقة التي تفرق بين المسلمين، وربما تعاقب الأمة بسبب هذا الاتجاه لو توجهت إليه لا قدر الله.
يجب أن نحرص على جمع الكلمة وأن نعتذر للعلماء، وندعو لكل إنسان يريد الخير لهذه الأمة في غيابه وفي حضرته، فلا نجرؤ على أحد بمجرد ذنب أو لمجرد خطأ أو اجتهاد مهما كان هذا الاجتهاد، حتى ولو كان في ظاهره ضرر أو حيف أو نحو ذلك مما يتذرع به بعض الجاهلين للجرأة على العلماء أو الدعاة أو نحوهم.
فإن هذه الخلافات طبيعية؛ لكن ليس من الطبيعي ولا من الجائز، وليس من الدين أن يؤدي ذلك إلى الفرقة ولا المنازعة ولا إلى العداء ولا إلى البراء ولا إلى التهاجر واستباحة الكلام في الأعراض والكلام في الأشخاص.
بعض الناس لقلة فقهه لا يفرق بين الكلام في الشخص والكلام في المسائل المختلف عليها، وطالب العلم إذا كان الاجتهاد في مسائل تخالف الآخرين ثم أدى ما عليه وبلغ اجتهاده دون أن يشير إلى أحد من الناس أو يتهم أحداً، فإننا لا نلومه في ذلك؛ لأن هذا هو ما يرى أنه حق ما لم يتعلق بأمور فيها مفسدة أو تؤدي إلى مفسدة عظمى، أما ما عدا ذلك من الأمور الاجتهادية فلا نحجر على أحد ما لم يعتد على غيره أو يقدح أو يلمز المخالفين، فإذا قدح أو لمز المخالفين أو اغتابهم فإنه قد خرج عن الخط الشرعي السليم.
السؤال: ما رأيكم فيما حدث من اختلاف وجهة نظر بين بعض المشايخ المشهورين مثل الشيخ عبد الرحيم الطحان والشيخ الألباني ؟
الجواب: سمعت بعض ما حدث في هذه المسألة وأرى أن فيه نوعاً من المبالغة من الناس، وكل هؤلاء فيهم خير، وإن كان قد يوجد بعض الأخطاء وجل من لا يخطئ، فالبشر معرض للأخطاء وليس معصوماً في الدين إلا النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى هذا فإن هؤلاء كلهم لهم حقوق وكلهم فيهم خير، ولا ينبغي أن ينشغل الشباب بهذه المسائل؛ لأنها ليست مما كلفوا به شرعاً، إنما كلفوا بأن يهتموا بالعلم الشرعي ويهتموا بالدين ويتركوا المسائل التي ليست من اختصاصهم أو ليس بمقدورهم أن يتثبتوا فيها.
وأعود وأقول: الأسماء التي ذكرت، سواء الشيخ عبد الرحيم الطحان أو الشيخ الألباني كلهم ممن لهم إسهام في نفع الإسلام والمسلمين والدعوة إلى الله عز وجل وفي العلم الشرعي، وكلهم لهم حق علينا بأن ندعو لهم بالغيب، وإن كان منهم من أخطأ فيكتب له في ذلك أو يناصح أو يراسل ويدعى له بالتوفيق والسداد، فليسوا أئمة ضلالة ولا بدعة، بل هم محسوبون من أهل الحق والخير.
هذا ما أحسبه وما أعرفه.
السؤال: ما الكتب التي تنصحني باقتنائها بصفتي مبتدئاً في طلب العلم؟
الجواب: مسألة اقتناء الكتب تحتاج إلى شيء من التفصيل؛ لكن الغالب أن صاحب مثل هذا السؤال مبتدئ، بمعنى أنه بادئ في طلب العلم سواء كان صغير سن أو كبيره، فهذا يجب أن يستشير من حوله ممن يصاحبهم من أهل بيته أو جيرانه أو مشايخه أو أساتذته أو من طلاب العلم في الحي، فيستشيرهم خطوة بخطوة.
وعلى أي حال فمن الضروري لكل طالب علم أن يكون عنده الكتب الأساسية في العلوم الأساسية، فبعد كتاب الله عز وجل لابد أن تكون عنده الكتب الأساسية في الحديث.
طبعاً الكتب المطولة غالية، وقد لا يتمكن منها كل الناس؛ لكن هناك مختصرات، مثل مختصر صحيح البخاري ومختصر صحيح مسلم ، وهناك كتب في الحديث شاملة ومفيدة يجب أن يقتنيها كل مسلم، مثل رياض الصالحين وفي التفسير يجب أن يكون عنده تفسير ابن كثير .
ثم بعد ذلك يأتي بتفاسير أخرى مثل تفسير الطبري وتفسير ابن السعدي وتفسير البغوي وهكذا، ولا يلزم أن يكثر من كتب التفسير.
وفي الفقه يحسن أن يكون عنده كتب تسهل مراجعته في الفقه مثل: الروض المربع أو الروض الندي أو العمدة أو غيره من الكتب المتوسطة، أو المختصرة جداً مثل زاد المستقنع ونحوه.
وهكذا الكتب الأولية لابد منها في كل فن، بعد ذلك يرتقي الإنسان في شراء الكتب حسب الأولويات وحسب قدرته المادية.
وإذا أراد أن يؤسس مكتبة فلابد أن ينوعها من كتب السنن والصحاح والتفاسير الأساسية التي ذكرتها، ومن كتب الفقه الأساسية أربعة أو خمسة، ثم من كتب الحديث وعلوم الحديث بعد كتب السنن، ومن كتب اللغة سواء كانت معاجم أو كتب اللغة التي تفصل النحو، والمعاجم ضرورية، ومن أفضلها في العصر الحاضر المعجم الوسيط الذي يجمع بين القديم والحديث، وهو معجم متوسط في ثلاثة مجلدات سهلة ويجمع بين كتب المعاجم القديمة وبين المصطلحات الحديثة، وعربت في مجامع اللغة وصدر عن مجمع اللغة في مصر.
والحاصل أنه ينبغي أن ينوع فلا يسلك ما يسلكه بعض الشباب بأن يملأ مكتبته بنوع من التخصص وتكون فقيرة للتخصصات الأخرى، فهذا لا ينبغي.
السؤال: ما الأمور التي تعين على طالب العلم؟ وهل طلب العلم موهبة؟ وما هو الفتور في طلب العلم؟
الجواب: الأمور التي تعين على طلب العلم: أولها: قوة العزيمة، وثانيها: مخالطة طلاب العلم والبعد عن مجالس الثرثرة والمجالس الضائعة المتروكة وما أكثرها، وعن المغريات من وسائل اللهو وإضاعة الوقت ومجالس القيل والقال، فإن هذه في الغالب تصرف طالب العلم وتصرف قلبه، بل تجعله ينفر من العلم حتى وإن كان عنده رغبة لكنه يجد نفسه تنجذب إلى الملهيات وإلى المجالس الفارغة وغيرها، فينبغي أن يبتعد عن مثل هذه المجالس التي تضيع الأوقات.
الأمر الثالث: كثرة دعاء الله عز وجل والاستعانة به في هذه الأمور، فيلح على الله عز وجل فإنه يسدده ويهديه ويرشده.
ثم الدروس الجادة المفيدة، والدروس كلها مفيدة إن شاء الله لكن تتفاوت في جديتها وفي فائدتها، فبعض الدروس قد يكون نفعه عاماً لا يصلح لطالب العلم المتخصص الذي يريد علماً شرعياً، فإذا حضره قد يظن أنه كاف، فينصرف عن طلب العلم الجاد، فإذا أراد أن يطلب العلم بجدية لا يستطيع أن يروض نفسه عليها.
ثم مما يعين على طلب العلم تنظيم الوقت تنظيماً جيداً دقيقاً؛ ولا يضيعه في المشغلات والملهيات من أمور الحياة وبهرجها، لأنها تجعل الإنسان متشاغلاً، وإن لم يكن مشغولاً فإنه يشعر أنه مشغول، وأظنكم تجدون هذا كلكم.
والدنيا قد ضحكت للناس جميعاً فأشغلت قلوبهم وخواطرهم مما يجعلهم يشعرون بالتشاغل، نعم طلب العلم منه ما هو موهبة ومنه ما هو ضروري لكل مسلم.
أما الاستمرار في العلم والتبحر فيه فلا شك أنه موهبة؛ لكن موهبة تغذيها قوة الاستعداد وقوة الإرادة والاستعانة بالله عز وجل، وكثرة دعائه ومجالسة طلاب العلم والصالحين.
السؤال: رجل يجد من نفسه حباً للعلم الشرعي وقدرة على طلبه، وهو مع ذلك متخصص دراسياً في علم اللغة والآداب وله في ذلك نفس طويل خاصة فيما يتعلق بالآداب الأجنبية، فبم تنصحه وهو لا يستطيع التوفيق بينهما؟
الجواب: إن شاء الله أنه يستطيع، والحقيقة أن هذه المسألة من المسائل التي تحتاج إلى علاج، وهي تعتبر مرضاً من أمراض المثقفين وأمراض كثير من شبابنا، وهذا المرض هو أن بعضهم قد تلجئه الحياة وطلب العلم في أول حياته إلى أن يسلك مسلكاً في طلب غير العلم الشرعي ويفاجأ أنه تخصص في هذا العلم وتبحر، لكنه بعيد عن العلم الشرعي، فيكون عنده إذا كبر شيء من القلق، وأقول: يحق له ذلك، مع أن الناس تحتاج إلى شيء من التوازن في دراسة هذه الظاهرة، ذلك أن الأمة بحاجة إلى سائر العلوم، فالذي يسلك الأدب تحتاج إليه الأمة في جانب والذي يسلك التاريخ تحتاجه الأمة في جانب والذي يسلك علم الاجتماع تحتاجه الأمة في جانب، والذي يسلك الطب تحتاجه الأمة في جانب، لكن لا يكون ذلك على حساب الإخلال بالجوانب الأخرى الضرورية، فليس من الضروري أن يكون كل شخص طالب علم شرعي، وليس من الضروري أن كل من سلك مسلكاً في العلوم الإنسانية أو العلوم الطبيعية أن يكون متبحراً في العلم الشرعي، لكن هناك قدر ضروري وهناك قدر نحتاجه فيما بعد.
إذا استوفى الإنسان العلم الذي يخصه ووجد عنده فراغاً يجب أن يرجع إلى العلم الشرعي ولا يستمر على ما هو عليه، بل يخدم الأمة في العلم الذي تخصص به، ويرجع إلى طلب العلم الشرعي والتبحر فيه في نفس الوقت، هذا شيء.
والشيء الآخر: لو قدر أنه لا يتمكن من أن يتبحر فلابد من الإيمان بالقدر الضروري من العلوم الشرعية؛ ليصبح طالب علم، فأنتم ترون أن كثيراً من الشباب يعجبه أن يكون مثقفاً، والمثقف هو الذي يلم من كل علم بطرف.
فإذا تكلم الناس في أي علم من العلوم تكون عنده معلومات أساسية تجعله يشارك ولو بعض المشاركة فيتباهى بأنه مثقف يستطيع أن يشارك في كل علم.
إذاً: من كان عنده هذه النزعة فليعرف أنه ينبغي أن يتفقه في العلم الشرعي وأن يكون عنده علم بالأساسيات، ما دام عنده وقت وعنده استعداد حتى ولو مضى من عمره سنون أو تورط بتخصص قد لا يعجبه فيما بعد.
ومع ذلك أقول: على الذين تخصصوا في التخصصات غير الشرعية وأفادوا فيه الأمة ألا يندموا فإن الله سينفع بهم وعليهم أن يحتسبوا، أقول هذا لأني لاحظت بعض الشباب قد ينكص ويتراجع عن العلم الذي حصله ويندم عليه ويترك المجال الذي سلكه، ويترك فراغاً فيه فيرجع إلى العلم الشرعي من الصفر ويتخلى عن تخصصه الذي استعد له من قبل، وهذا لا يجوز بل ربما يكون من قبيل الفرار من الزحف.
إنسان مثلاً: تعمق في الأدب وصار مدرساً في الأدب، ثم بدا له أن يترك الأدب لمجرد أنه ما سلك الطريق الذي يناسبه فيما بعد أو الذي يرضي نزعته الدينية، هذا غير صحيح، فليبق على ما هو عليه ويرجع إلى العلم الشرعي يتعلم منه ما يناسبه والذي يستطيعه أو يتبحر فيه، فيجمع بين حسنتين.
إذاً: الأمر يحتاج إلى شيء من التوازن في النظرة، فلا يفرط في العلوم الشرعية ولا يفرط في العلم الذي حصله وأفاد فيه الأمة أو يمكن أن يفيدها فيها بدعوى أنه يريد أن يستأنف العلم الشرعي من جديد، وهذه الأمور كما قلت لا يمكن أن يحكم بها مثلي إلا باجتهاد عارض، لأنها قد تحتاج إلى دراسة متأنية وعلاج من محاضرات وندوات ومؤتمرات وكتب تطرح فيها الآراء وتناقش بين طلاب العلم.
السؤال: كثير من طلاب العلم يريد أن يبدأ الدراسة مع بعض المشايخ فيجده قد قطع شوطاً كبيراً في الدرس فما يصح في هذه المسألة؟
الجواب: هذه مسألة في الحقيقة تحتاج إلى علاج، فكثير من طلاب العلم يبدأ الدرس من نصفه، أقول: وهذا يختلف ما بين درس ودرس وما بين شخص وشخص، فإن كان هذا الشخص ممن لديه إلمام بالعلوم الشرعية أو خريج معاهد شرعية أو كليات شرعية فلا يضره أن يبدأ من منتصف الكتاب، وبعد ذلك يرجع إلى النصف الآخر، ما لم يكن الكتاب من الكتب التي يترتب آخرها على أولها، وهذه قليلة مثل: كتب أصول الفقه وبعض كتب علوم الحديث وكتب الفرائض، وبعض كتب علوم القرآن، وغيرها من الكتب المنهجية التي يترتب أولها على آخرها، أما الشروح وأشباه الشروح فإنه لا يضر طالب العلم أن يبدأ في منتصف الكتاب ثم يكمل النصف الأول وإن كان هذا غير طبيعي لكن أحسن من لا شيء، وإذا أمكنه أن يجد الكتاب من أوله أو يبدأ الكتاب من أوله فهذا أولى، ويصبر حتى ينتهي الكتاب الآخر ويبدأ به من أوله، لكن إذا لم يكن ذلك فكما قلت إن كان طالب علم عنده شيء من العلم الشرعي أو خريج المعاهد العلمية أو خريج شريعة أو كليات شرعية فلا مانع من أن يبدأ في الكتاب من منتصفه ما لم يكن من كتب المناهج والأصول، فهذه لابد من البدء بأولها.
السؤال: هل الأفضل لطالب العلم في مثل هذه الدروس الفقهية أن يحضر المتون المشروحة أم المتون فقط بدون شروح، أيضاً التعليقات التي تعلق على المتون الكثير منها موجود في المتون المشروحة؟
الجواب: أما غير لمعة الاعتقاد فالأولى أن يسأل أستاذ كل مادة عن الطريقة التي يراها، أما بالنسبة للمعة الاعتقاد فلا مانع من إحضار أحد الشروح، وطبعاً من أيسر الشروح وأكثرها تفصيلاً وعنصرة شرح الشيخ: محمد العثيمين .
السؤال: متى تنطبق القاعدة على طالب العلم: من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه؟
الجواب: هذه حكمة بليغة وجيدة، والواقع يدل على ذلك قديماً وحديثاً، وقد يندر نادر في التاريخ بل لا أعرف إلا مثالاً واحداً أن من طلب العلم في وقت متأخر على علماء أصغر منه سناً أو في سنه يعني: ليسوا أكبر منه إلا القليل منهم وأكثر طلبه للعلم على الكتب، ومع ذلك كثرت عنده الأخطاء رغم إمامته في الدين وذكائه وعبقريته، وهو ابن حزم رحمه الله، فإنه طلب العلم وهو كبير في السن فأخذ العلم عن الكتب وقليل طلبه على المشايخ، وهو ما ترك المشايخ لكنه قليل طلبه على المشايخ، فلذلك صار له نهج يخالف نهج سائر أئمة السلف في كثير من الأمور، وإن كان لا يعد من أئمة الضلالة لكن عنده أخطاء، خاصة في تعامله مع العلماء فتجده يعير المخالف ويلقبه بأشنع الألقاب وإن كان المخالف إماماً كبيراً من أئمة الدين، فتسلط لسانه رحمه الله على أهل العلم بسبب أنه ما تلقى العلم بأدبه ولا عن العلماء.
السؤال: نريد نصائح لمن أراد قراءة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهل صحيح ما يقال: ليس كل شخص يقرؤها من المبتدئين وغيرهم، بل أناس متبحرون في طلب العلم؛ لأن فيها شيئاً من الصعوبة؟ وما رأيكم هل الأفضل انتقاء بعض الكتب المتنوعة في العلوم المختلفة، أو الاقتصار على فتاوى شيخ الإسلام ؟
الجواب: في الحقيقة كتب شيخ الإسلام مما ينبغي على طالب العلم المبتدئ ألا يستقل بقراءتها، وإن كان بعضها يصلح لذلك لكن من الصعب تمييزها، الفتاوى هي موسوعة لشيخ الإسلام ابن تيمية ، فينبغي لمن أراد أن يقرأها أو يقرأ جزءاً منها أن يقرأها على طالب علم، هذا الأولى، لذلك نعرف بعض المشاهير الذين قرءوا فتاوى شيخ الإسلام أكثر من مرة، ليس عندهم هدي العلماء في تطبيق العلم الشرعي على الحياة والواقع وفي تأصيل العلم الشرعي؛ لأنه قرأها على غير عالم، قد يكون هناك بعض المثقفين من قرأها مرتين أو ثلاث، بل هناك مستشرقون قرءوا كتاب المغني وكتب شيخ الإسلام مرات وما استفادوا منها.
والسبب أن التلقي على أسلوب غير صحيح، فتلقي هذه العلوم والتي تؤصل وترجع الأمور إلى مناهجها وأصول الاستنباط وأصول الاستدلال، يجب أن يكون على طلاب العلم والعلماء.
السؤال: هذا سؤال لن أجاوب عنه مباشرة لكن من المناسب أن أقول رأيي في مثل هذه الأمور كتوجيه عام لإخواني حسب ما أسمع من مشايخنا ومن المعنيين في هذه المسائل، طبعاً السؤال أقرأه عليكم لكن سأحيد عن الجواب بالتفصيل.
يقول: ما رأيكم في جماعة التبليغ التي هنا في الرياض وخصوصاً في الحي الفلاني، وهم يحثون على الخروج إلى الدعوة ويجددون المدة إلى آخره؟
الجواب: جزى الله خيراً السائل؛ لأن كثيراً من الشباب في رأسه مثل هذه الأمور، ويحق له ذلك، لكن مع هذا اعذروني عن الجواب التفصيلي لكن سأجيب جواباً جماعياً فهذه المسائل تظل محل نزاع بين المشايخ وطلاب العلم، فيتفقون على الأخطاء العقدية والمنهجية في جماعة التبليغ؛ لكن يختلفون في تكوينها تفصيلاً وفي الموقف منها وفي التعامل مع المنتسبين إليها، وهذا الخلاف يرجع به إلى القاعدة التي ذكرتها من قبل، أنها خلاف بين طلاب العلم والمشايخ المعتبرين فمنهم من له رأي متسامح وتبريرات شرعية يرونها، وهناك رأي آخر متشدد بتبريرات شرعية يرونها، ورأي ثالث يتوسط ويفصل وله تبريرات شرعية.
فأما من حيث الأصول العقدية والأخطاء في المناهج فهذا أمر لا يختلف عليه أهل العلم في هذا الباب، لكن يختلفون في كيفية التعامل معها، فهذه مسألة خلافية، واتركوا الناس على اجتهاداتهم، ولا مانع أن نؤجل هذه المسألة حتى يتروى في دراستها وتناقش مع المعنيين من العلماء وطلاب العلم ولو طال الوقت فلتتسع صدورنا؛ لأن الله أمرنا بالصبر ثم لا نتخذ موقفاً نتشنج به لا هنا ولا هناك، هذا الذي أنصحكم به، وأنتم معفيون من هذه المسألة إلا من تعرض بشخصه لهذه المسائل مواجهة لابد منها، فإذا واجه أحداً منهم بأمر لابد منه فيسأل طالب علم ... وإن لم يسأل فيتوكل على الله ويمشي على ما يرشده إليه.
الجواب: نعم يصح، ولا يتنافى مع أنه عز وجل على كل شيء قدير.
السؤال: ذكرت في كلامك بعض الطوائف مثل المعتزلة والمعطلة، فما هو مذهبهم في الأسماء والصفات؟
الجواب: الجهمية المعطلة ينكرون الأسماء والصفات جملة وتفصيلاً. والمعتزلة عندهم نوع تعطيل وهو إنكار الصفات وإثبات الأسماء.
السؤال: هذا سؤال عن درس الأمس يقول: أليس كلمة القديم فيها كمال الله وكذلك الوجود؟
الجواب: نعم كلمة القديم فيها جانب يدل على الكمال وكذلك كلمة الوجود، لكن أسماء الله توقيفية بمعنى أنها لا تؤخذ إلا عن الكتاب والسنة، والأمر الثاني أن المعاني التي فيها القديم ليست جديدة ويمكن أن ترجع إلى ما تكلم الله به، وهو الأول الذي ليس قبله شيء.
وكذلك الوجود كلمة فيها معنى فاضل وهو معنى الكمال، لكن تغني عنه ألفاظ الشرع الأخرى، مثل: الله.. الحي.. القيوم، وسائر أسماء الله عز وجل.
فالمقصود تجنب الألفاظ لا معانيها، وهذه قاعدة: كل معنى كامل يرد على ألسنة البشر فالله أحق به، لكن إن كان اللفظ لم يرد في الكتاب والسنة فإنه يرد معناه إلى ألفاظ الكتاب والسنة ويترك اللفظ لأنه لم يرد، ونحن نجزم بأن مما نتحدث به ما لم يتكلم به الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتضمن الكمال من جميع الوجوه وقد يكون فيه كمال ولو من وجه، فإذاً: نترك المشتبه ونكتفي بما ورد.
السؤال: قبل الدرس دار نقاش بيني وبين أحد الإخوة فقال: إن الأتقياء في هذا العصر أفضل من الصحابة؟
الجواب: أول شيء لماذا تتناقشون في مسألة ليس عندكم فيها علم، فإنه يظهر لي أنكم تناقشتم بغير علم، فمثل هذه القضايا الغيبية أو العلمية الخطيرة التي تتعلق بمصير المسلمين: هل الصحابة أفضل أم بعض أفراد الأمة الآن؟ هذه مسائل كبيرة تتعلق بما يسمى بالأسماء والأحكام، والعلماء المتبحرون يتورعون عن الكلام فيها، وإذا تكلموا تكلموا بحذر، فكيف تدور في مجالس الشباب ابتداء.
الذي أعرفه في هذه المسألة أن الصحابة هم أفضل الأمة على الإطلاق بجملتهم ثم التابعون ثم تابعوهم.
ثم بعد ذلك الأمة فيها فضلاء إلى قيام الساعة، لكن بعد القرون الثلاثة الفاضلة ليس هناك ما يدل على أن هناك عصراً أفضل من عصر ولا مكاناً أفضل من مكان بإطلاق، تفضيل الأمكنة والأزمنة جاء دون تحديد وقت، وجاءت تفضيلات معينة لكن ليس على سبيل الدوام إلى قيام الساعة؛ فهذا المكان الفاضل قد يصبح مفضولاً في يوم من الأيام، والمكان المفضول قد يصبح فاضلاً في يوم من الأيام وهكذا، وسائر النصوص التي فيها تفضيل لا يمكن أن تؤخذ على الإطلاق إلا بدلالة شرعية أخرى كتفضيل الصحابة والذين يلونهم والقرون الثلاثة هذه جاءت مطلقة ومفسرة ومبينة بأنها هذه العصور وما عداها فيس هناك دليل عليه.
مسألة: هل يوجد أفراد من أتقياء الأمة في هذا العصر يفضلون عموم الصحابة؟
الجواب: لا. كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره: فلا يمكن أن يوجد ممن جاءوا بعد القرون الثلاثة من يكون أفضل من عموم الصحابة، لكن قد يوجد فاضل بعد القرون الثلاثة يفضل بعض أفراد القرون الثلاثة أو بعض أفراد الصحابة في جانب وليس من جميع الجوانب؛ لأن الصحابة لهم فضل الصحبة، بل الصحبة لا يمكن أن تأتى إلا لمن صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا فضل آتاه الله هذا الجيل، والله يؤتي فضله من يشاء فليس لأحد هذه الأفضلية.
لكن الفضل من حيث العمل قد يوجد، فقد يوجد من يعمل عملاً أفضل من عمل بعض الصحابة، كما ورد في الحديث أنه قد يوجد من هذه الأمة من يأتي في آخر الزمان ويكون أجره أجر خمسين من الصحابة، فهذا يتعلق بالأجر، والأجر لا يلزم منه مطلق الأفضلية كما ذكر شيخ الإسلام ، واتفق أهل العلم في ذلك.
السؤال: كيف يوفق طالب العلم بين طلب العلم ومتطلبات هذه الحياة التي قد تشغل عن طلب العلم، سواء كانت هذه الأشغال خاصة بالأهل مثلاً، أو الدراسة ومتابعتها إلى غير ذلك من الأشغال؟ وما هي الطريقة المثلى لحفظ الوقت؟
الجواب: نعم، الغريب أنه يوجد شعور عند كثير من الناس بأن اليوم كانوا أكثر مشاغل من السابقين، وهذا صحيح من وجه لكن ليس صحيحاً من وجه آخر، أما أن يكون هذا العصر ومتطلبات الحياة مشغلة عن العبادات وطلب العلم الشرعي وضرورات الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة فهذا غير صحيح، بل أنا أدعي أن هذا العصر توفرت فيه الوسائل التي تخدم هذه الأمور أكثر من ذي قبل.
صحيح أن التشاغل بالمغريات وبهرجة الحياة وانشغال القلب والذهن والخاطر موجود، أما الوقت فإن الإنسان الجاد يستطيع أن يهيئ لنفسه من الوقت للعبادة وطلب العلم الشرعي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة أكثر مما يتهيأ للسابقين، لتوفر وسائل الحياة التي تخدم الإنسان.
ولنأخذ هذه المقارنة بين وسائل الحياة القديمة ووسائل الحياة الحديثة، فالإنسان يجد من وسائل النقل المريح وتهيئة الوقت ما لا يوجد في السابق، ولنضرب مثالاً بالرحلة لطلب العلم الشرعي.
الآن يستطيع الجاد أن يتابع درساً أسبوعياً في الرياض وهو في جدة، وكان في السابق إذا أراد أن يرحل إلى عالم يقطع ما بين الرياض وجدة في عشرة أيام على الأقل، ثم يجلس نصف ساعة يتلقى حديثاً ويمشي، وقد يسافر شهراً كاملاً في الأصل، ومع ذلك بارك الله في وقتهم وجهدهم.
كان طالب العلم في السابق يعد لنفسه الأكل ثلاث وجبات أو وجبتين في اليوم ويغسل ثيابه ويرتب كتبه ويقضي حوائج أهله الطويلة المدى، فقد كان يذهب للبحث عن ماء -أحياناً- فيظل نصف يوم كامل من أجل أن يجلب قربة ماء، أو يجلب القوت الضروري، وقد يسافر عشرة أيام أو عشرين يوماً لتوفير قوت شهر أو أقل من ذلك وهو طالب علم، اقرءوا السير تجدوا أكثر العلماء كانوا مشغولين بمشاغل الحياة ويكدون على أسرهم ومع ذلك تبحروا في العلم.
فإن المسألة مسألة شعور في النفس وانشغال خواطر الناس بجوانب الحياة الفتانة، أما من ناحية الوقت فإن طالب العلم الجاد يستطيع أن يوفر من الوقت ما لا يستطيعه السابقون، فالحمد لله أن كل شيء متوفر حتى عوامل الطقس، فقد كان طالب العلم في السابق إذا اشتد البرد لا يستطيع أن يتلقى العلم؛ لأنه ليس عنده تدفئة فيبحث عن وسيلة، وإذا اشتد الحر لا يستطيع أن يواصل، أما الآن إذا اشتد عليه شيء من هذه الأمور ذهب إلى الوسائل المريحة واستعمل المكيف.
وحتى لا أبعدكم كثيراً أخبركم عن أول نشأة في الدراسة النظامية في هذا البلد، فقد كان طلاب العلم أكثر تفوقاً وأكثر تبحراً بكثير من طلاب اليوم، مع أن وسائل الحياة غير متوفرة عندهم كاليوم، كان الواحد إذا خرج من الدراسة انشغل بإعداد الغداء إلى العصر، وقد يتوفر عنده وقت بين المغرب والعشاء، وبعد العشاء ينام مبكراً، ثم بعد صلاة الفجر يذهب إلى الدراسة فأين وقته.
وكان يحتاج إلى أن يغسل ثيابه، وإلى أن يعد الحاجات الضرورية وغيرها بنفسه، ومع ذلك كان أكثر تحصيلاً وأكثر علماً وأبرك في اغتنام الوقت، أما اليوم فإن الطالب قد هيئ له السكن ووسائل النقل وأهله مخدومون، فغاية ما يحتاج أن يتصل بهم بالهاتف: هل أنتم طيبون ويطمئن على صحتهم، ومع ذلك فمعاذيره كثيرة ورسوبه كثير، وتخلفه عن الدراسة كثير، وتخلفه عن الامتحان كثير، وتحصيله هين.
إذاً: المسألة مسألة شعور نفسي وعدم جدية في ضبط الوقت، ولو ضبط طالب العلم وقته في هذا العصر لوجد من الوقت الشيء الكثير ووجد عنده الفراغ الذي كان لا يوجد عند السابقين، هذا ما يظهر لي، والله أعلم.
السؤال: ما هي الأمور التي تعين على الجرأة في إلقاء الكلمات والإمامة الصعبة، وما هو العلاج لمرض الخوف والاستحياء؟
الجواب: أولاً: لا ينسى الشخص الذي يشعر بهذه الأمور أن يكثر من الدعاء لله عز وجل واللجوء إليه، وليدع بما يهمه من هذه الأمة، ومسألة الخطابة ينبغي أن يتدرج فيها، فيعلم الصبيان والحلقات موجودة في كل مسجد، فإن كان كبيراً فليتواضع وليسهم في الدروس المبسطة وحلق الذكر أو حلق تعليم القرآن وغيرها فيشارك فيها ويعلم الصغار؛ لأن الصغار ليس لهم هيبة، ثم يتدرج إلى من هم أكبر، ثم إلى المساجد التي ليس فيها أناس كثر أو بين زملائه ويتحدث بين عدد أكبر في المجالس العامة.
وليتحدث أول الأمر بحديث لا يكون طويلاً، بل يأخذ آية ويعلق عليها أو حديثاً ويشرحه؛ لأن الحديث الطويل يشعر غير المعتاد عليه بالرهبة قبل أن يتكلم، لأنه يشعر بأنه قد ينفلت منه الحديث؛ لكن إذا قصر الكلام على جزء قليل فإنه بإذن الله يؤدي يحسن فيتشجع، ولا ينسى أن يستصعب الدعاء في كل خطوة يخطوها، فإذا أراد أن يقوم بخطوة فليدع الله عز وجل أن ييسر له وأن يوفقه وأن يهديه وأن يفتح قلبه، وإن شاء الله أنه سيعان، والدعاء سلاح المؤمن، لاسيما من يريد الخير، ولاشك أن صاحب مثل هذا السؤال قصده الخير ويريد أن ينفع من قد يعاني من هذه الأمور.
هذه الأمور تعالج الحياء وتعالج القلق وتعالج الهيبة من المواقف الجريئة.
السؤال: ماذا يفعل طالب العلم إذا لم يترجح عنده مسألة من المسائل فأخذ يتردد بين الأقوال، مثل إرسال اليدين بعد الرفع من الركوع أو وضعهما على الصدر، فأخذ يفعل هذا تارة وهذا تارة؟
الجواب: هذا التذبذب دليل قلة الفقه في الدين، فعلى من هذا حاله أن يضع ثقته بعالم من العلماء أو طالب علم وإذا أفتاه بشيء واطمأن إليه شرعاً فعليه أن يذهب إلى قول من يطمئن إليه ويترك الرأي المخالف، ثم يعرف أن هذه مسائل خلافية، بمعنى أن كثيراً من المسائل الخلافية وإن كان فيها راجح ومرجوح فهذا لا يعني أن هناك باطلاً محضاً وحقاً محضاً، فليتسع صدره لهذه الأمور ولا يقلق، ويعمل بقول من يثق به من أهل العلم ويستريح ويترك عنه كلام الناس والجدال معهم، ولا عليه أن يقنع الآخرين، بل عليه أن يعمل بما يسعه شرعاً ولا يهمه الآخرون الذين يخالفونه ما دام ليس من أهل العلم المتمكنين.
السؤال: سؤال الناس عن العقيدة في صفات الله كأن يقال: أين الله وهل لله كذا من الصفات؟
الجواب: هذا في الحقيقة ينبغي ألا يثار علناً، وسبق أن قلت في مناسبة سابقة أن السؤال بأين الله لا ينبغي أن يبتدأ به المتعلمون والعوام وأشباه العوام، وأنه لا يكون إلا في دروس العلم المتخصصة في العقيدة، أما ما عدا ذلك فالناس يقرر لهم هذه الأمور بدون امتحان.
أما سؤال النبي صلى الله عليه وسلم للجارية فله مناسبة كبيرة، ليعرف هل هي مؤمنة أم لا، وهل عقيدتها سليمة أو غير سليمة أو هل تفهم العقيدة أو لا تفهم، فإذا وجدت هذه المناسبة من عالم أو طالب علم فلا مانع، أما أن يفتن الناس وتلقى هذه الأسئلة على التلاميذ الصغار فهذا يوقعهم في حرج، ويوقعهم في أمر قد يضر بالعقيدة أكثر مما ينفعها.
فلذلك لا أرى هذا السؤال ومثله في سائر الصفات، إنما تقر هذه الأمور تقريراً، إلا سؤال طالب العلم الذي يتعلم من أجل الفهم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر