أحدها: الكلام في الصفات.
والثاني: توحيد الربوبية، وبيان أن الله وحده خالق كل شيء.
والثالث: توحيد الإلهية: وهو استحقاقه سبحانه وتعالى أن يعبد وحده لا شريك له].
مما ينبغي التنبيه عليه في هذا التقسيم -وسيرد كثيراً في ثنايا الطحاوية، بل في كثير من كتب العقيدة المتأخرة- أن هذا التقسيم لا يعني تنوع التوحيد، ولا يعني أن التوحيد يتجزأ، فالتوحيد واحد لا يتجزأ، لا من حيث العمل ولا من حيث الاعتقاد، ولا يسع أي مسلم أن يعتقد نوعاً ويترك الآخر، أو أن يقول: هذا هو المعتقد والباقي يمكن أن يتساهل فيه، إذاً: فتقسيم التوحيد إلى توحيد أسماء وصفات وربوبية وإلهية، أو توحيد خبر وتوحيد طلب، ونحو هذا من التقسيمات؛ تقسيم علمي توضيحي تفسيري فقط من أجل تمييز مباحث التوحيد الذي اختل مفهومه عند الفرق؛ لأن منشأ هذا التقسيم العلمي هو أن الفرق المفترقة فرقت بين أنواع التوحيد، فوقفت عند قسم واحد وتركت الأقسام الأخرى، فغاية ما يهتم به أغلب أتباع الفرق هو توحيد الربوبية الذي يعترف به المشركون، فهؤلاء إذا فسروا ألفاظ التوحيد ومعاني التوحيد وحقائق التوحيد ومطالب التوحيد قصروها على توحيد الربوبية، فمن هنا اضطر السلف إلى تنويع معاني التوحيد العلمية الفنية كما يسمى في العصر الحديث، فهذا تقسيم فني تقريبي فقط وليس تقسيماً ذاتياً حقيقياً، لأن التوحيد واحد لا يتجزأ، وهو أيضاً من حيث الاعتقاد والعمل لا فرق فيه، فهذه الأنواع الثلاثة كلها لا يمكن أن يكتمل الإسلام والدين والتوحيد إلا بها جميعاً.
قال رحمه الله تعالى: [أما الأول: فإن نفاة الصفات أدخلوا نفي الصفات في مسمى التوحيد، كـالجهم بن صفوان ومن وافقه، فإنهم قالوا: إثبات الصفات يستلزم تعدد الواجب!].
الواجب هنا معناه: الموصوف، فقولهم: إثبات الصفات يستلزم تعدد الواجب يعني: تعدد الموصوف؛ لأنهم قسموا الوجود إلى واجب وجائز، أو واجب وممكن، وهذا تقسيم فلسفي عجيب.
وسبب ذلك الفرار من أسماء الله وصفاته، لا يرغبون في أن يسمى الله الأول والآخر والصمد ونحو ذلك مما ثبتت في النصوص، بل يقولون: واجب الوجود، يعني: أن وجوده أمر أزلي قطعي ضروري من أجل أن يكون هو مصدر الموجودات، وكأن هذا التزام عقلي فقط.
قال رحمه الله تعالى: [وهذا القول معلوم الفساد بالضرورة؛ فإن إثبات ذات مجردة عن جميع الصفات لا يتصور لها وجود في الخارج، وإنما الذهن قد يفرض المحال ويتخيله، وهذا غاية التعطيل].
هذه فلسفة تقوم عليها أكثر أصول الفرق المؤولة والمتكلمة، فلسفة تعدد الواجب، أو الكلام عن واجب الوجود وجائز الوجود، أو عن نفي أسماء الله وصفاته، وأنها لا بد من أن تنفى دفعاً لتعدد الموصوف.. إلى آخره، هذه كلها فلسفة قديمة قبل الإسلام موجودة إلى الآن في الأمم، وإلى الآن تدرس في المدارس الغربية على أنها فلسفة ثابتة مستقرة عندهم، فهذه الفلسفة تقوم على تصور وجود الله وجوداً خيالياً فقط، لأنهم ظنوا أن الذات لا بد من أن تشبه ذوات المخلوقات، فمن هنا نفوا ذات الله، ونفي الذات كاد يتفق عليه الفلاسفة وغلاة المتكلمين كالجهمية وغلاة المعتزلة، يكادون يتفقون على إنكار ذات الله، حتى المتكلمين من الأشاعرة تكلموا في الصفات بطريقة تؤدي إلى إنكار الذات، لكن ليس بطريق مباشر كما يقول الجهمية، فالجهمية لا يتورعون عن إنكار الذات، فلما أنكروا الذات تبعاً للفلسفة القديمة -حيث إنهم يتشبعون بالفلسفة قبل أن يأخذوا الكتاب والسنة- وردت عليهم ألفاظ الشرع التي فيها أسماء الله وصفاته، فألزمهم هذا بأن يكون لله ذات موصوفة ومسماة، فلما وجدوا هذا الإلزام قالوا: هذه الألفاظ ألفاظ مجردة لا تدل على موصوف فقيل لهم: لماذا لا تثبتون أسماء الله تعالى؟! فقالوا: لأنها متعددة، وتعدد الصفة يدل على تعدد الموصوف، والله لا يمكن أن يتعدد، مع أن هذه بدهية لا يصح أن تقال؛ فالمخلوق ألا تتعدد صفاته؟! أليس الإنسان فيه حلم وعلم وإرادة وحكمة وكلام وسمع وبصر وهو إنسان واحد؟! فهم قالوا: إذا تعددت الصفات دل هذا على تعدد الموصوف، فقيل لهم: ما دليلكم؟ فلم يكن لهم دليل، وليس عندهم من دليل إلا أنهم يعتمدون على الفلسفة التي تقول: إن تعدد الصفات يدل على تعدد وجوه الموصوف.
وربما لا يجرءون على أن يقولوا بأن تعدد الصفات يدل على أن الموصوف لا بد من أن يكون موجوداً وجوداً ذاتياً مبايناً منفصلاً عن المخلوقات، وأن وجوده لا بد من أن يكون في العلو وفوق خلقه.. إلى آخره، فهذه المستلزمات كلها توصلهم إلى الإقرار بالاستواء والإقرار بالرؤية، فهروباً من هذه الأمور كلها قالوا: هذه الأسماء والصفات لا تدل على موصوف، وإنما هي ألفاظ افتراضية تقال من أجل ضبط سلوك الناس، ومن أجل تعلق الناس بشيء غيبي يضبط سلوكهم، لكن أن يكون هذا الموجود له وجود ذاتي مستقل وأسماء وصفات غير حاصل، هذا زعمهم، وهذه مقولة فلسفية قديمة اعتمدت عليها الجهمية ثم المعتزلة ومن جاء بعدهم.
الحلول والاتحاد بينهما بعض الفرق، وبعض الناس -أيضاً- يفرق بين ثلاثة ألفاظ ستأتي، فبين هذه المعاني وجوه تشابه ووجوه اختلاف، وسنقف عند الحلول والاتحاد، فالحلول يقصد به عند كل الأمم التي تقول به وعند حلولية الباطنية وحلولية الفلاسفة والفرق التي ظهرت في الإسلام: أن الله حال في كل شيء، وأنه ممتزج بالأشياء كامتزاج الروح بالجسد، وكامتزاج الماء بالعجين، تعالى الله عما يقولون، وهذا يؤدي إلى القول بأن الله خلق الخلق في الله، فيؤدي إلى وحدة الوجود.
أما كلمة الاتحاد فتعني ما هو أبلغ من ذلك، تعني: أن الخالق متحد بالمخلوق، فهو هو لا فرق بينهما، تعالى الله عما يزعمون.
قال رحمه الله تعالى: [وهو أقبح من كفر النصارى؛ فإن النصارى خصوه بالمسيح ، وهؤلاء عموا جميع المخلوقات].
كفر الحلولية والاتحادية - كـابن عربي ومن نحا نحوه- أكبر من كفر النصارى؛ لأن النصارى زعموا أن واحداً من البشر حل فيه الله فقط، فالنصارى قالوا: عيسى هو الذي حلت فيه روح الله، أما هؤلاء الزنادقة فقالوا: الله حل في جميع المخلوقات حتى ما لا يليق ذكره، تعالى الله عما يزعمون.
قال رحمه الله تعالى: [ومن فروع هذا التوحيد: أن فرعون وقومه كاملو الإيمان، عارفون بالله على الحقيقة!].
يقصد بالفروع هنا اللوازم، فهو بدأ باللوازم، يعني: لوازم القول بأن إثبات الصفات يستلزم تعدد الواجب، ومن هنا أنكروا الصفات، فقولهم بإثبات ذات مجردة عن جميع الصفات، أو قولهم بإثبات وجود غير وجود الذات أدى إلى لوازم:
اللازم الأول: هو الذي ذكره بقوله: إنه يؤدي إلى الحلول والاتحاد؛ لأنه -كما قال السلف- من ادعى أن الله ليس له أسماء ولا صفات، أو قال ببعض الأسماء، أو أنكر الأسماء وأثبت الصفات أو العكس، أو قال بأن الله موصوف بالصفات لكن هذه الصفات ليس لها معان، كأن يقول بأن الاستواء لا يقصد به الاستواء، أو قال بأن الله سبحانه وتعالى لا يوصف بالفوق، ولا بأنه داخل العالم ولا خارجه، ولا مباين ولا محايث، وليس له وجود ذاتي، ولا هو غير المخلوقات ولا هو هي، وليس بعرض ولا بجوهر؛ فإلى أي شيء تؤدي لآته هذه؟!
والجواب: إلى لا شيء، وهذا ما يريده الفلاسفة، فالجهمي لا يتورع عن أن يقول: إن الله لا شيء! بل قال الجهم بن صفوان : إن الله ليس بشيء! فهم لا يتورعون، وإنما الكلام فيما يلزمهم من لوازم.
يقول: إن من لوازم هذا القول: أنهم إذا قالوا بأن الله ليس كذا ولا كذا ولا كذا؛ فهذا يعني أنهم إن اعترفوا بوجود الله فأين سيكون؟! فهذا يؤدي إلى الحلول والاتحاد ولا بد، فإنكارهم أن يكون الله القاهر فوق عباده، وأنه سبحانه العلي بذاته، وأنه مستو على عرشه مع قولهم بوجود الله يعني أنه لا مقر لهذا الوجود إلا المخلوقات، فيكون الله عندهم حل بالمخلوقات أو اتحد بها تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
والحلاج حينما قال: ما في الجبة إلا الله بزعمهم؛ قالوا: لأن الحلاج هو الله، لكنه أعلن الحقيقة أمام العامة، وسبب ذلك أنه ما استطاع أن يلغي الحقيقة حينما وصل إليها، فتهور وأعلنها أمام العامة، وهم لا يقصدون بالعامة العوام، فبعض الناس يظن أنهم إذا قالوا: العامة يقصدون العوام الجهلة عندنا، وليس كذلك؛ بل يقصدون بالعامة الأنبياء والمرسلين وأتباعهم، فهؤلاء هم العامة عندهم وليس العوام، بل بعض العوام هم وإياهم على حال واحدة؛ لأنهم قد يطيعونهم ويسلمون لهم بغير شعور، وارجعوا إلى كتبهم فستجدون هذا المفهوم عندهم، يقصدون بالعامة علماء الشريعة، لذلك يسمون علم الشرع علم العامة، وهذا اللفظ موجود في كتب الصوفية إلى يومنا هذا، ومن الذي جاء به؟! أليس الأنبياء؟! يسمونه علم العامة، وعلم المساكين يقصدون بهذا أن الحقائق لا يدركها إلا الخلص الذين هم من الملاحدة والزنادقة.
ومن فروعه: أنه لا فرق في التحريم والتحليل بين الأم والأخت والأجنبية، ولا فرق بين الماء والخمر، والزنا والنكاح، الكل من عين واحدة، لا بل هو العين الواحدة].
ذلك لأن من لم يفرق بين الخالق والمخلوق فمن باب أولى أن لا يفرق بين المخلوقات، أليس كذلك؟!
فالفاسد والصالح واحد، والحلال والحرام واحد؛ لأن الأعيان واحدة، فهذا يؤدي من باب الإلزام إلى هذه النتيجة.
يعني الثاني من أنواع التوحيد، فالأول: التوحيد في الصفات، والثاني: توحيد الربوبية.
قال رحمه الله تعالى: [وأما الثاني: وهو توحيد الربوبية، كالإقرار بأنه خالق كل شيء، وأنه ليس للعالم صانعان متكافئان في الصفات والأفعال، وهذا التوحيد حق لا ريب فيه، وهو الغاية عند كثير من أهل النظر والكلام وطائفة من الصوفية.
وهذا التوحيد لم يذهب إلى نقيضه طائفة معروفة من بني آدم، بل القلوب مفطورة على الإقرار به أعظم من كونها مفطورة على الإقرار بغيره من الموجودات، كما قالت الرسل فيما حكى الله عنهم: قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [إبراهيم:10]، وأشهر من عرف تجاهله وتظاهره بإنكار الصانع: فرعون، وقد كان مستيقناً به في الباطن، كما قال موسى عليه السلام: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ [الإسراء:102]، وقال تعالى عنه وعن قومه: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [النمل:14]، ولهذا قال: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:23] على وجه الإنكار له تجاهل العارف، قال له موسى: رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ [الشعراء:24-28]].
في هذه النصوص دلالة على أن فرعون لا يجهل في الحقيقة أن الله هو الخالق، وأنه هو الرب، وإنما يتجاهل، ولذلك قال موسى عليه السلام لفرعون: لقد علمت ، وهذا كلام الله حق، فهو علام الغيوب سبحانه، وهو أعلم بما في القلوب، فهذا الكلام لا يكون من موسى إلا لوصف الحقيقة؛ لأن موسى قال لفرعون: (لقد علمت) وكلام موسى حق؛ فهو نبي معصوم، وهذا -أيضاً- كلام الله مقرر في القرآن، فموسى حينما قال: (لقد علمت) يخاطب فرعون دل قوله على أنه عالم بالله، لكنه أنكر وجحد.
وكذلك في الآية الأخرى -وهي صريحة- قال تعالى في وصف فرعون وقومه: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ [النمل:14]، فهم في حقيقة الأمر من المستيقنين، لكنهم جحدوا وستروا وغطوا وكفروا ظلماً وعلواً.
أحب أن أنبه على كلمة في عبارة الشارح، وقد ترد أيضاً في عبارات تالية، وهي إطلاق كلمة الصانع على الله تعالى، وهذا من التساهل في التعبير، وإلا فلا ينبغي أن تطلق؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق، وربما أخذها بعض أهل العلم من قوله تعالى: صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [النمل:88]، فلعله يقصد ذلك، فهذا على سبيل الوصف لا مانع من أن يقال، فـ(الصانع) على سبيل الوصف لا مانع منه، لكن أن يقصد بكلمة الصانع أن تكون اسماً لله تعالى؛ فليس من أسماء الله الصانع، إنما الله هو الخالق البارئ؛ لأن الصنع أقل وأضعف معنىً من الخلق؛ لأن الصناعة: هي إظهار المصنوع على مظهر يراه الناس وهو مظهر الإبداع في الخلق، وأما الخلق فهو الإيجاد من العدم، فالإنسان يصنع ولا يخلق.
وقوله: [ولهذا قال -يعني: فرعون-: وما رب العالمين؟!] ولم يقل: ومن رب العالمين، وهذه لغة الفطرة التي نطق بها فرعون وهو لا يدركها، ففرعون لم يقل: من رب العالمين؛ لأنه يعرفه في حقيقة الأمر، إنما قال: وما رب العالمين من باب الاستهانة والاستهتار؛ وما قال: (من)؛ لأنه لو قال: (من) لورد احتمال أنه لا يعرف الله، لكن نظراً لأنه يعرف الله في الحقيقة نطقت فطرته بغير هذه الكلمة، فهو سؤال تجاهل وسؤال استخفاف، وأما قوله: فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى [طه:49]، فسؤاله كان هنا عن الربوبية، بمعنى: من الذي تطيعون أمره ونهيه؟
ولكن ما سأل عن الله، بل قال: يا موسى! من تطيعونه ومن تعبدونه؟! كأنه بهذا يقصد الربوبية، لكن حينما جاء سؤال الإلحاد ما قال: من رب العالمين؟ بل قال: وما رب العالمين؟ وهذا دل على أنه مستهتر يتجاهل وليس بجاهل؛ لأن السؤال عن المعلوم يدل على التجاهل والاستهتار.
قال رحمه الله تعالى: [وقد زعم طائفة أن فرعون سأل موسى مستفهماً عن الماهية، وأن المسئول عنه لما لم يكن له ماهية، عجز موسى عن الجواب!].
هؤلاء يرون أن السؤال كان عن الماهية، أي أن فرعون سأل موسى: كيف هو ربك؟ مم يتكون؟ هذا ما افترضه الفلاسفة والمتكلمون الذين ينزعون إلى إنكار وجود الله تعالى وجوداً ذاتياً، والذين يقولون بعدم المباينة والمفاصلة بين الخالق والمخلوق، فإنهم قالوا بأن فرعون سأل موسى عن الكيفية التي عليها الله، وأن موسى لم يجب؛ لأن الله ليس له وجود ذاتي.
ولا شك في أن الله لا يكيف، ولا يجوز السؤال عن الله بالكيف؛ لأن الكيف يتعلق بما يمكن أن يدركه الإنسان، والله سبحانه وتعالى لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ [الأنعام:103] ومعنى (لا تدركه): لا تراه رؤية إحاطة.
قال رحمه الله تعالى: [ وهذا غلط، وإنما هذا استفهام إنكار وجحد، كما دل سائر آيات القرآن على أن فرعون كان جاحداً لله، نافياً له، لم يكن مثبتاً له طالباً للعلم بماهيته، فلهذا بين لهم موسى أنه معروف، وأن آياته ودلائل ربوبيته أظهر وأشهر من أن يسأل عنها بـ(ما هو)، بل هو سبحانه أعرف وأظهر وأبين من أن يجهل، بل معرفته مستقرة في الفطر أعظم من معرفة كل معروف].
فإن الثنوية من المجوس، والمانوية القائلين بالأصلين النور والظلمة، وأن العالم صدر عنهما؛ متفقون على أن النور خير من الظلمة، وهو الإله المحمود، وأن الظلمة شريرة مذمومة، وهم متنازعون في الظلمة: هل هي قديمة أو محدثة؟ فلم يثبتوا ربين متماثلين].
يقصد بهذا أن المجوس الذين اعتقدوا بوجود إلهين اثنين ما قالوا بأن الإلهين كلاهما خالق، بل قالوا: الخالق واحد، والأول واحد، وألهوا الشر نظراً لخطورة الشر، فألهوا الشيطان أو إله الشر كما زعموا؛ نظراً لخطورة الشر وخوفاً منه، فيعبدون إله الخير طمعاً في ثوابه بزعمهم، ويعبدون إله الشر خوفاً من عقابه بزعمهم، وهذه شبهة الشيطان إلى يومنا، فمن أعظم شبهات الشيطان أنه يأخذ البشر بالخوف والرجاء، فإذا رجوا أحداً من دون الله عبدوه، وإذا خافوا من أحد من دون الله عبدوه، وعلى ذلك أغلب أهل الأهواء الذين يصرفون شيئاً من أنواع العبادة لغير الله، وينزعون في ذلك نزعة الرجاء الخالص لغير الله، أو الخوف من غير الله، ولا يزال الناس يتعبدون لغير الله رجاءً وخوفاً وهم لا يشعرون، وليس من شرط العبادة كونها كعبادة الصنم في التوجه بالطقوس، بل من العبادة الاستجابة فيما لا تجوز الاستجابة فيه لغير الله، أو الخوف من غير الله إلى حد الهلع الذي يضر بدين المسلم أو يضر بالمسلمين، فهو نوع من عبادة الخوف من غير الله، بل عبادة بالخوف.
فالمجوس تقوم فلسفتهم في عبادة الإلهين الاثنين على أساس أن إله الخير هو الأصل، لكنه منزه عن أن يخلق الشر، فعلى هذا لا بد عندهم من أن يكون للشر خالق، فقالوا: خالق الشر هو إبليس، أو قوى شريرة أخرى، وخالق الشر لا بد من أن يعبد خوفاً منه، فعبدوا إلهين اثنين.
فالشارح يقول: مع أنهم عبدوا إلهين اثنين وهم من المشركين ما قالوا بأن كلاً منهما خالق للكون ومبدئ ومصور، بل قالوا: الأول الخالق المبدئ الذي خلق الخلق ابتداء هو واحد، والآخر جاء بعد، فلذلك عندهم فلسفة أنه عندما تنتهي الدنيا ينتصر الخير على الشر، وتكون الإلهية لواحد، وعلى كل حال هذه فلسفة مشركين، ومن الخير ألا نخوض فيها، لكن نظراً لأنها وردت كان لا بد من الإشارة إليها وإلى معناها.
فمنشأ التساهل -حتى عند كثير من الدعاة والدعوات المعاصرة- في توحيد الإلهية أنهم تربوا على أن التوحيد هو توحيد الربوبية، هكذا عرفوا، فلذلك يعدون الشركيات من الأمور اليسيرة التي يمكن أن يصبر عليها أو يسكت عنها حتى تحل مشكلات المسلمين السياسية وغيرها، وتحل مشكلة انحراف البشر في الربوبية، وهذا خطأ؛ لأنه خلل عظيم.
وما ينبغي التنبيه عليه هنا أن الشارح ذكر أنه لا يقول أحد بأن للعالم صانعين، وإنما القول الذي ورد أن الثنوية من المجوس والمانوية وغيرهم قالوا بأن للخير إلهاً وهو الخالق الأول، وأن للشر إلهاً آخر وهو خالق الشر، وهذا المبدأ هو نفسه الذي قالت به المعتزلة، لكن بطريقة مهذبة، فهذا هو رأي القدرية، والقدرية نشأت في بيئة المجوس، القدرية في الإسلام نشأت في بيئة المجوسية، وتكونت من المجوس الذين اندسوا في المسلمين، وربما يكون كثير منهم أظهر الإسلام وأبطن الكفر، فدسوا على المسلمين هذه العقيدة، فلذلك قالت المعتزلة بأن الله هو خالق الخير، ولا يليق بالله أن يخلق الشر، فالشر من الإنسان، وهي نفس الفلسفة التي قال بها الثنوية وقامت عليها عقيدة القدرية الأولى ثم قدرية المعتزلة، قالوا بأن الله هو خالق الخير وهو مقدر الخير كله، لكن لا يليق بالله أن يخلق الشر ولا أن يقدره، إنما الإنسان هو الذي كسب الشر وفعله وخلقه، فقالوا: إن الإنسان هو خالق أفعاله، وظنوا بذلك أنهم ينزهون الله، وهذا غلو في التنزيه، بل بهذا قدح في علم الله وقدرته.
وقولهم في التثليث متناقض في نفسه، وقولهم في الحلول أفسد منه، ولهذا كانوا مضطربين في فهمه، وفي التعبير عنه، لا يكاد واحد منهم يعبر عنه بمعنى معقول، ولا يكاد اثنان يتفقان على معنى واحد، فإنهم يقولون: هو واحد بالذات، ثلاثة بالأقنوم! والأقانيم يفسرونها تارة بالخواص، وتارة بالصفات، وتارة بالأشخاص، وقد فطر الله العباد على فساد هذه الأقوال بعد التصور التام، وبالجملة فهم لا يقولون بإثبات خالقين متماثلين].
هذه العبارات في الكلام على عقيدة التثليث، والكلام عن التثليث لا يحتاج إلى مزيد بيان؛ لأن الشارح بينه، لكن هناك بعض العبارات هي مظنة الإشكال.
وأما قول النصارى بأن الثلاثة واحد والواحد ثلاثة؛ فهذا أمر يصادم العقل، لذلك تقوم عقيدتهم على تنشئة النصراني على أن يطفئ سراج عقله، وهناك قاعدة ترجمتها: أطفئ سراج عقلك واعتقد، اعتقد ولا تستعمل عقلك؛ لأن الإنسان إذا استعمل عقله لا يمكن أن يعتقد الثلاثة واحداً والواحد ثلاثة مهما كان الحال، وهذا لا يتأتى بكل المعاني العقلية والحسابية، ولكنهم أحياناً يوهمون الآخرين بتفسيرات أخرى، فيقولون: هو واحد بالذات ثلاثة بالأقنوم، ويقصدون بهذا: أن الله يمكن أن يكون واحداً، لكن يظهر بثلاثة مظاهر، وهذه المظاهر قد تكون خصائص تركيبية، كأن يكون ينقسم الإله إلى الإنسانية وهي الناسوت، أي: الجانب الإنساني، والإلهية، وهي اللاهوت، أي: الجانب الإلهي، والمزج بينهما، وهو روح القدس، وهو الجمع بين الإنسانية والإلهية، وهذه فلسفة لا تعدو أن تكون تسويغاً للشرك.
ثم بعدما دخل الملك الروماني قسطنطين النصرانية فرحت به طائفة من فرق النصارى التي صنعها اليهود؛ لأن اليهود بثوا الافتراق في النصرانية، فالفرق النصرانية التي صنعها اليهود فرحوا بدخول قسطنطين النصرانية وجعلوه إماماً في الدين، فبمجرد أن دخل النصرانية جعلوه زعيماً يتحكم في الدين ويعقد المجامع ويحكم ويقول ويؤصل ويضع العقائد للنصارى؛ لأنه نصراني وهو ملك، ففرح به هؤلاء وقالوا: ليقرر من الديانة ما يشاء. فأخذ يقرر ما يشاء، مع أنه لا يفقه من الدين شيئاً، وإنما تحول من اليهودية إلى النصرانية فجأة فصار نصرانياً، لكن نظراً لأنه ملك قالوا: نستعطفه وليدخل في الديانة ما يريد، وبعد ذلك نناقش المسألة، فأدخل عقيدة التثليث، وتقديس الصليب الذي كان أول من أشار إليه بشكل صريح هو قسطنطين .
وبولص أشار إلى الصلب والصليب، لكن ليس على نحو ما عند النصارى الآن، فعقيدة النصارى في الصلب الآن التي هم عليها هي عقيدة وثنية يونانية، وكذلك التثليث عقيدة وثنية يونانية.
قال رحمه الله تعالى: [والمقصود هنا: أنه ليس في الطوائف من يثبت للعالم صانعين متماثلين، مع أن كثيراً من أهل الكلام والنظر والفلسفة تعبوا في إثبات هذا المطلوب وتقريره، ومنهم من اعترف بالعجز عن تقرير هذا بالعقل، وزعم أنه يتلقى من السمع، والمشهور عند أهل النظر إثباته بدليل التمانع، وهو: أنه لو كان للعالم صانعان، فعند اختلافهما مثل أن يريد أحدهما تحريك جسم وآخر تسكينه، أو يريد أحدهما إحياءه والآخر إماتته، فإما أن يحصل مرادهما، أو مراد أحدهما، أو لا يحصل مراد واحد منهما. والأول ممتنع؛ لأنه يستلزم الجمع بين الضدين، والثالث ممتنع؛ لأنه يلزم خلو الجسم عن الحركة والسكون، وهو ممتنع، ويستلزم أيضاً عجز كل منهما، والعاجز لا يكون إلهاً، وإذا حصل مراد أحدهما دون الآخر، كان هذا هو الإله القادر، والآخر عاجزاً لا يصلح للإلهية، وتمام الكلام على هذا الأصل معروف في موضعه، وكثير من أهل النظر يزعمون أن دليل التمانع هو معنى قوله تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء:22]؛ لاعتقادهم أن توحيد الربوبية الذي قرروه هو توحيد الإلهية الذي بينه القرآن، ودعت إليه الرسل عليهم السلام، وليس الأمر كذلك، بل التوحيد الذي دعت إليه الرسل، ونزلت به الكتب، هو توحيد الإلهية المتضمن توحيد الربوبية، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، فإن المشركين من العرب كانوا يقرون بتوحيد الربوبية، وأن خالق السماوات والأرض واحد، كما أخبر تعالى عنهم بقوله: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان:25]، قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ [المؤمنون:84-85]، ومثل هذا كثير في القرآن، ولم يكونوا يعتقدون في الأصنام أنها مشاركة لله في خلق العالم، بل كان حالهم فيها كحال أمثالهم من مشركي الأمم من الهند والترك والبربر وغيرهم، تارة يعتقدون أن هذه تماثيل قوم صالحين من الأنبياء والصالحين، ويتخذونهم شفعاء، ويتوسلون بهم إلى الله، وهذا كان أصل شرك العرب، قال تعالى حكاية عن قوم نوح: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا [نوح:23] وقد ثبت في صحيح البخاري، وكتب التفسير، وقصص الأنبياء وغيرها، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وغيره من السلف، أن هذه أسماء قوم صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم، وأن هذه الأصنام بعينها صارت إلى قبائل العرب، ذكرها ابن عباس رضي الله عنهما قبيلة قبيلة. وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي الهياج الأسدي ، قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (أمرني أن لا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته، ولا تمثالاً إلا طمسته)، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرض موته: (لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، يحذر ما فعلوا ، قالت عائشة رضي الله عنها: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجداً، وفي الصحيحين أنه ذكر في مرض موته كنيسة بأرض الحبشة، وذكر له من حسنها وتصاوير فيها، فقال: (إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة)، وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال قبل أن يموت بخمس: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك)، ومن أسباب الشرك عبادة الكواكب، واتخاذ الأصنام بحسب ما يظن أنه مناسب للكواكب من طباعها.
وشرك قوم إبراهيم عليه السلام كان -فيما يقال- من هذا الباب. وكذلك الشرك بالملائكة والجن، واتخاذ الأصنام لهم وهؤلاء كانوا مقرين بالصانع، وأنه ليس للعالم صانعان، ولكن اتخذوا هؤلاء شفعاء، كما أخبر عنهم تعالى بقوله: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3] وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18]، وكذلك كان حال الأمم السالفة المشركين الذين كذبوا الرسل. كما حكى الله تعالى عنهم في قصة صالح عليه السلام عن التسعة الرهط الذين تقاسموا بالله، أي: تحالفوا بالله، لنبيتنه وأهله. فهؤلاء المفسدون المشركون تحالفوا بالله على قتل نبيهم وأهله، وهذا بين أنهم كانوا مؤمنين بالله إيمان المشركين.
فعلم أن التوحيد المطلوب هو توحيد الإلهية، الذي يتضمن توحيد الربوبية. قال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ * وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ * وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ [الروم:30-36]. وقال تعالى: أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [إبراهيم:10]، وقال صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، ولا يقال: إن معناه يولد ساذجاً لا يعرف توحيداً ولا شركاً، كما قال بعضهم: لما تلونا، ولقوله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل: (خلقت عبادي حنفاء، فاجتالتهم الشياطين) الحديث. وفي الحديث المتقدم ما يدل على ذلك، حيث قال: (يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، ولم يقل: ويسلمانه. وفي رواية : (يولد على الملة) وفي أخرى: (على هذه الملة)].
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر