إسلام ويب

شرح العقيدة الطحاوية [43]للشيخ : ناصر بن عبد الكريم العقل

  •  التفريغ النصي الكامل
  • التأويل هو الحقيقة التي يئول إليها الكلام، هذا هو معنى التأويل في الكتاب والسنة وعند سلف الأمة، ويدخل تحت هذا المعنى خمسة أنواع تسمى تأويلاً، ومن معانيه تفسير المعاني وبيانها، ومنه تأويل القرآن أي: تفسيره، وأما أخبار الغيب فتأويلها الذي هو حقيقتها لا يعلمه إلا الله، والبشر يعلمون منها معانيها دون حقائقها وكيفياتها، وما عدا ذلك من معاني التأويل فهو التأويل المبتدع الذي هو تحريف لنصوص الكتاب والسنة.

    1.   

    التأويل وأنواعه

    قال رحمه الله تعالى: [ ثم قد صار لفظ التأويل مستعملاً في غير معناه الأصلي، فالتأويل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هو الحقيقة التي يئول إليها الكلام، فتأويل الخبر: هو عين المخبر به، وتأويل الأمر نفس الفعل المأمور به، كما قالت عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، يتأول القرآن)، وقال تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ [الأعراف:53]، ومنه تأويل الرؤيا وتأويل العمل، كقوله: هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ [يوسف:100]، وقوله: وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ [يوسف:6]، وقوله: ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59]، وقوله: سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا [الكهف:78]، إلى قوله: ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا [الكهف:82]، فمن ينكر وقوع مثل هذا التأويل والعلم بما تعلق بالأمر والنهي منه؟! ].

    هذا السؤال إنكاري، حيث يقول: فمن ينكر وقوع مثل هذا التأويل؟

    تأويل الخبر باعتقاد عين المخبر به

    وفي هذا المقطع ذكر أنواع التأويل عند السلف، يعني: الأنواع الصحيحة للتأويل التي تفهم من النصوص الشرعية والتي عليها السلف، فالتأويل عند السلف على أنواع:

    النوع الأول: تأويل الخبر الوارد في الكتاب والسنة، سواء كان هذا الخبر يتعلق بعالم الغيب أو يتعلق بعالم الشهادة، فإن تأويل الخبر هو اعتقاد عين المخبر به، كقوله عز وجل: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، فهذا خبر جاءنا عن الله عز وجل، فتأويله حقيقة الاستواء، تأويله أن الله عز وجل استوى على عرشه، ليس له معنى آخر، وهذا تأويل فطري سليم يناسب الفطرة والعقل السليم، ثم إنه يتناسب مع فهم العرب للغتهم، ثم إنه هو الحق الذي يقتضي صدق خبر الله عز وجل؛ لأن الله أخبرنا بأخبار غيبية وأخرى غير غيبية.

    فالخبر لابد من أن يكون هو عين التأويل، والخبر لابد من أن يكون هو عين المخبر به، ومعنى (عين المخبر به): أن هذا الخبر الذي جاء عن الله تعالى أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم تأويله هو ذات المخبر به، ليس شيئاً آخر، فلا نبحث له عن تفسير بعيد؛ لأن الله عز وجل لا يقول إلا الحق والصدق؛ ولأن الخبر إن كان غيبياً فلا سبيل إلى معرفته إلا من خلال ما تكلم الله به، وما تكلم الله به له معنى يدركه الذهن والعقل، وإن كان من عالم الشهادة فسيراه الإنسان بمداركه وحواسه.

    المهم أن هذا النوع الأول -أي: تأويل الخبر-: هو أن تعتقد حقيقة المخبر به كما أخبر الله به، وكما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، كإخبار الله عز وجل عن الاستواء، وإخبار الله عز وجل عن أحوال البعث، وإخبار الله عن الرؤية، وإخبار الله عن أشراط الساعة، فإن تأويل هذا الخبر هو اعتقاد عين المخبر به دون زيادة ولا نقص.

    تأويل الأمر بالفعل والنهي بالكف

    النوع الثاني: تأويل الأمر، كقوله عز وجل: اصْبِرُوا وَصَابِرُوا [آل عمران:200]، ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الحج:77]، فإن تأويل هذا الأمر الذي أُمِر به إيقاعه كما أمر الله، وامتثاله كما أمر الله، وفعله كما أمر الله، فإن كان أمراً بفعله، وإن كان نهياً فبالانتهاء عنه، فقوله تعالى: ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الحج:77] تأويله: وقوع الركوع والسجود كما أمر الله تعالى، وقوله عز وجل: اصْبِرُوا وَصَابِرُوا [آل عمران:200] تأويله: تنفيذ الصبر عندما يأتي له سبب.

    إذاً: تأويل الأمر فعل المأمور به، كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن)، أي: يتأول قوله عز وجل: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ [النصر:1-3].

    فتأويل الأمر كما قالت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم حينما أمر صلى الله عليه وسلم بأن يسبح ويستغفر، فصار ذلك عادة له في ركوعه، فهنا أول معنى الآية بالفعل، وكل أمر ونهي يأتي في القرآن والسنة فإن تأويله بامتثاله.

    تأويل الشيء بوقوعه

    النوع الثالث: تأويل الشيء بمعنى: وقوعه، فتأويل خبر الله بمعنى: وقوعه، فتأويل يوم القيامة وقوعه، وتأويل أشراط الساعة وقوعها، وكل ما أخبر الله به وأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وقع فقد وقع تأويله، فإذا وقع الشيء وقع تأويله، فالأخبار التي وردت ولم يقع تأويلها لا يحتاج الناس إلى تكلف في معنى ذلك، فمثلاً: النبي صلى الله عليه وسلم أخبر في الحديث الصحيح: (أنه ستخرج نار من المدينة تضيء لها أعناق الإبل ببصرى) أو نحو ذلك، فوقعت هذه النار، فلما وقعت وقع تأويلها، فلا يحتاج الناس إلى أن يؤولوا الخبر، لكن هناك أخبار لم يقع تأويلها، وتأويلها وقوعها، كالخبر عن يوم القيامة، كما جاء في قوله عز وجل: هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ [الأعراف:53]، يعني: هل ينظرون إلا وقوع يوم القيامة؟! هذا هو التأويل.

    تأويل الرؤيا بما ستقع وتأويلها بنفس وقوعها

    النوع الرابع: تأويل الرؤيا، وتأويل الرؤيا على صنفين: تأويلها بمعنى: تفسيرها كما ستقع، وهذا قد يحدث لمن أعطاهم الله عز وجل شيئاً من الفراسة والموهبة في التأويل، كما كان يوسف عليه السلام، وكما كان كثير من أهل الفراسة، فأهل العلم يؤولون الرؤيا، بمعنى: أنهم يفسرونها كما ستقع، فتقع على ما أولوه.

    والصنف الثاني: ما لا يمكن إدراكه حتى تقع، فيكون وقوعها تأويلها.

    فقد ترى رؤيا فتسأل بعض أهل العلم بها فيفسر لك الرؤيا فتقع كما فسرها، فهذا نوع من التأويل، فتفسير ذلك الشخص لك صار تأويلاً للرؤيا؛ لأنها وقعت على نحو ما فسر.

    وأحياناً لا تسأل عنها، أو تسأل فلا تجد من يخبرك، فتصبر حتى يقع تأويلها وهو وقوع ما يصدق الرؤيا، والنوعان متشابهان، لكن هذا يكون بإدراك البشر وهذا لا يدرك إلا بعد الوقوع، فكل ذلك يعد من التأويل الحقيقي الذي لا مجال للعدول فيه عن المعاني الصحيحة إلى التخرصات أو الظنون.

    التأويل العملي الامتثالي

    النوع الخامس: التأويل العملي، كقوله عز وجل: ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59]، يعني: مثل ما نسميه الآن التطبيق، وإن كانت الكلمة -في الحقيقة- فيها نظر، فتطبيق الشيء يعتبر تأويلاً له، وتأويل العمل تطبيقه أو تمثيله.

    وقد لا يكون العمل عن سابق أمر، فتأويل الأمر هو العمل به، لكنه أحياناً يكون العمل نفسه تأويلاً، بمعنى: أنه مآل للشيء، وكل هذه المعاني تعود إلى معنى المآل والتفسير.

    فهذه أنواع التأويل عند السلف، وما عداها في الأمور الشرعية يعد تكلفاً، وأحياناً يعد إفراطاً، وقد يعد ضلالاً، وقد يعد كفراً، كما سيأتي في أنواع التأويل الأخرى.

    1.   

    انتفاء علم البشر بتأويل حقائق أخبار الغيب وكيفياتها دون معانيها

    قال رحمه الله تعالى: [ وأما ما كان خبراً -كالإخبار عن الله واليوم الآخر- فهذا لا يعلم تأويله الذي هو حقيقته؛ إذ كانت لا تعلم بمجرد الإخبار؛ فإن المخبر إن لم يكن قد تصور المخبر به أو ما يعرفه قبل ذلك؛ لم يعرف حقيقته التي هي تأويله بمجرد الإخبار، وهذا هو التأويل الذي لا يعلمه إلا الله، لكن لا يلزم من نفي العلم بالتأويل نفي العلم بالمعنى الذي قصد المخاطب إفهام المخاطب إياه، فما في القرآن آية إلا وقد أمر الله بتدبرها، وما أنزل آية إلا وهو يحب أن يعلم ما عنى بها، وإن كان من تأويله ما لا يعلمه إلا الله، فهذا هو معنى التأويل في الكتاب والسنة وكلام السلف، وسواء كان هذا التأويل موافقاً للظاهر أو مخالفاً له، والتأويل في كلام كثير من المفسرين كـابن جرير ونحوه يريدون به تفسير الكلام وبيان معناه، سواء وافق ظاهره أو خالف، وهذا اصطلاح معروف، وهذا التأويل كالتفسير يحمد حقه ويرد باطله ].

    لعلنا نقف بعض الوقفات عند هذا المقطع، فقوله: (لا يعلم تأويله الذي هو حقيقته) يعني: الإخبار عن اليوم الآخر، ويقصد بالحقيقة الكيفية؛ لأنه كثيراً ما يلتبس مفهوم الحقيقة عند الناس، فالمنفي هنا هو الكيفية، فالذي لا يعلم تأويله من أخبار اليوم الآخر وأخبار الصفات وأخبار الغيب هو الكيفيات.

    أما الحقيقة التي هي إثبات المعنى؛ فهذا أمر يجب أن يقال به، وإلا فستكون ألفاظ الشرع جوفاء لا معنى لها، فإذا قيل: إن لفظ الشرع لا تفهم حقيقته أو لا نؤمن بحقيقته؛ فكأنا جعلنا ألفاظ الشرع جوفاء لا معنى لها، لكن المنفي هنا حقيقة الكيفية لا حقيقة المعنى، فكلام الله له حقيقة وهي المعاني، وكلام الله له معان وهي الحقيقة، لكن المنفي هو الكيفية، وهذا ما يقصده المؤلف هنا، لذلك احترز بقوله: [ لكن لا يلزم من نفي العلم بالتأويل نفي العلم بالمعنى ]، وهذا هو الكلام الصحيح، فالعلم بالمعنى معلوم، فقوله عز وجل عن اليوم الآخر وأخباره وتفصيله له معانٍ، وإخباره عن الصراط والميزان والحوض، وإخباره عن الاستواء، وغير ذلك، كله لابد من أن يكون له معان؛ لئلا نعطل ألفاظ كلام الله من المعنى الذي يجب، لكن حقائق الكيفيات هي التي لا نعلمها.

    1.   

    المراد بالتأويل عند أئمة التفسير

    كذلك قوله عن ابن جرير وعن المفسرين بأنهم يستعملون لفظة التأويل، فـابن جرير كثيراً ما يقول: قال أهل التأويل، وتابعه بعض المفسرين وبعض أهل العلم، وظن كثير من المؤولة من المتكلمين وغيرهم أنهم يقصدون تأويل أسلافهم الذين أولوا صفات الله، وهذا خطأ في الفهم شنيع؛ لأن ابن جرير يقول هذا الكلام عن السلف، يقول: قال أهل التأويل، أو قال: ابن عباس في تأويل الآية، وهذا قبل أن يظهر التأويل الباطل الذي هو صرف ألفاظ كلام الله من معانٍ راجحة إلى معانٍ مرجوحة، فهذا لم يظهر في عهد السلف الذين ينقل عنهم ابن جرير .

    فـابن جرير وأمثاله من أئمة العلم إذا قالوا: قال أهل التأويل، فإنما يقصدون به أهل التفسير الذين يفسرون كلام الله عز وجل، والتأويل عند السلف هو تفسير المعاني بقواعد التفسير الصحيحة، يسمى: تأويلاً على ما ذكرت في الأصناف الخمسة، وكتفسير آيات الله عز وجل باللغة، وكتفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بقول النبي صلى الله عليه وسلم، وتفسير القرآن بفهم الصحابة، وهكذا، فهذا يعد تأويلاً لأنه من باب التفسير الصحيح، ولا يعد تأويلاً من باب العدول عن المعنى الراجح المفهوم إلى معنى مرجوح مظنون.

    إذاً: فقول ابن جرير وغيره في التأويل يريدون به تفسير الكلام وبيان معناه، لكن قد يفسر الكلام بمعنى لغوي صحيح أو معنى شرعي صحيح، إذاً: فمفهوم السلف للتفسير هو على نحو قواعد التفسير المعهودة عندهم.

    1.   

    الأسئلة

    الفرق بين تأويل الخبر بمعنى اعتقاد عينه وتأويله بمعنى وقوعه

    السؤال: ألا ترى أن النوع الأول من أنواع التأويل -وهو كون الخبر نفس المخبر عنه وعينه- يستوي في المعنى مع النوع الثالث، وهو تأويل الشيء بمعنى وقوعه؟

    الجواب: بينهما فرق، فالأول يتعلق بالاعتقاد، والثالث يتعلق بالمعاني.

    فالأول: يتعلق بأنه يجب على المسلم إذا جاء الخبر عن الله أن يعتقد حقيقته، ويكون هذا تأويله، فإذا جاء قول الله عز وجل: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]؛ فإن تأويله: الإيمان بأنه استواء حقيقي، هذا تأويله، ليس له أكثر من الاستواء.

    أما النوع الثاني: فيرجع إلى المآل، يرجع إلى الأمور الخبرية التي تتعلق بالأحداث، كأحداث يوم القيامة، فتأويلها وقوعها إذا وقعت، فالأول يتعلق باعتقادنا الآن، أما الثالث فيتعلق بالمصير الذي سيكون عليه الخبر حين وقوعه، فتأويل اليوم الآخر على النوع الأول: الجزم بأن الله يقصد به حياة أخرى يكون فيها الحساب والجزاء والعمل.. إلى آخره، هذا يسمى تأويلاً.

    وعلى النوع الثالث: يقصد بالتأويل: وقوعه إذا حدث، بمعنى: أن كل الناس حتى الكفار إذا حدث اليوم الآخر وقع لهم تأويله، فقوله تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ [الأعراف:53] يعني: هل ينتظرون إلا وقوع اليوم الآخر؟

    وهذا يتبين بالمثال المضاد، فالمبطلون الذين أخطئوا في النوع الأول من التأويل قالوا في الاستواء: إنه الاستيلاء .. إلى آخر ذلك من المعاني.

    فهذا التأويل خرج عن مفهوم السلف للتأويل؛ لأنهم يرون أن التأويل الإيمان بحقيقة اللفظ دون لجوء إلى المعاني الإضافية، أو إلى معان من باب اللوازم وتأكيدها على أنها هي المعنى، والانتقال من الحقيقة إليها، فالتأويل الذي يخرج عن مفهوم اللفظ وحقيقته لا يعد تأويلاً معتبراً عند السلف، إنما يعد تأويلاً مذموماً.

    وكذلك النوع الثالث له مفهوم عند السلف ومفهوم عند المخالفين، فالسلف يفهمون من تأويل يوم القيامة وقوعه، وأنه سيقع، إضافة إلى أنهم يفهمون من تأويله الإيمان به.

    لكن المبطلين يرون أن مفهوم اليوم الآخر حياة أخرى ليست حياة بعث، إنما هي حياة أخرى تتجدد بالروح في هذه الحياة الدنيا، وهو ما يسمونه بالتناسخ.

    إذاً: أولوه بتأويل باطل، وزعموا أن اليوم الآخر حياة أخرى تنتقل فيها الروح من الجسد إلى جسد آخر في الحياة الدنيا، وليس في يوم القيامة، ولذلك زعموا أن أرواح الناس بحسب أعمالهم، فزعموا أن أرواح المؤمنين تكون الحياة الأخرى لها في حواصل طير أو حيوانات أليفة، وأن أرواح الكفار تكون في حشرات وغيرها، فهذا تأويل باطل لليوم الآخر؛ إذ ما عندهم قناعة بأنه سيقع يوم آخر يكون فيه جزاء وحساب، إنما أولوه تأويلاً باطلاً.

    معنى التأويل عند السلف وصلة أنواع التأويل الخمسة به

    السؤال: ذكرت أن المؤلف ذكر أنواع التأويل عند السلف، ثم ذكرت أنها خمسة أنواع، وكأنني -والله أعلم- أفهم من قول المؤلف أن التأويل عند السلف: هو الحقيقة التي يئول إليها الكلام، وأن هذه الأنواع إنما هي أمثلة على هذا التأويل الجامع، فجميع هذه الأنواع نهايتها الحقيقة التي يئول إليها الكلام؟

    الجواب: لا مانع؛ إذ الأصل أن السلف يفهمون من التأويل الحقيقة التي يئول إليها الكلام، لكن هذا الكلام قد يكون خبراً، فتأويله وقوعه، وقد يكون أمراً، فتأويله تنفيذه والعمل به، وقد يكون خبراً أيضاً، فتأويله الإيمان بحقيقته، وقد يكون رؤيا، فتأويلها تفسيرها وتأويلها وقوعها، وقد يكون عملاً، فتأويله نفس الفعل وإن لم يسبقه أمر، وهذا يختلف عن الثاني، فالثاني فعل أمر، والثالث: الفعل ولو لم يسبقه أمر صريح، فإنه يعد تأويلاً، والله أعلم.

    إمامة أبي حنيفة رحمه الله تعالى وضلال طريقة من يطعن فيه

    السؤال: رويت في أبي حنيفة مقولات من السلف في ذمه، وأنه ينقض عرى الإسلام وغير ذلك، ويوجد الآن من يتبناها من طلاب العلم، ويفسقونه، فما رأيكم في ذلك؟

    الجواب: أما تفسيق مثل أبي حنيفة فهو خطأ ولا يجوز، نعم تكلم فيه بعض أهل العلم المعاصرين له، لكن ما عليه جملة السلف وما استقر عليه أمرهم في شأنه هو الذي عليه المعول، فلا نذهب إلى بعض تصرفات العلماء أو زلاتهم التي قد يكون فيها فتنة للأمة، وقد يكونون رجعوا عنها، وقد تكون مواقف فعلوها لأمور لها ملابسات وظروف، فهذه الأمور كلها لا تخرجنا عن الأصل، وهو أن عامة السلف يترحمون على أبي حنيفة ويرونه -رحمه الله- من أئمة الدين ومن أئمة السلف، هذا ما عليه عامة السلف وجمهورهم، وإن لم يجمعوا على ذلك، فلا يلزم إجماعهم في مثل هذه الأمور، فتفسيقه أو تبديعه أظن أنه نوع من الجناية، ولا ينبغي أن يجرؤ طلاب العلم على هذه المسألة.

    معنى الصراط

    السؤال: وجدت في تفسير الصراط: أنه الحبل من السماء إلى الأرض؟

    الجواب: قد يكون من تفسير الصراط أنه الحبل؛ لكن كونه ممتداً من السماء إلى الأرض لا أدري ما المقصود به؛ وقد يكون ما قرأه الأخ أو سمعه مرتبطاً بنص معين له علاقة بهذا المعنى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767949460