وهي ثلاثة: أحدها: اختلاف الدين، فلا يرث أهل ملة أهل ملة أخرى؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يتوارث أهل ملتين شتى) ].
هذا هو المانع الأول من الموانع التي تمنع من الميراث.
فالمسلم لا يرث الكافر، والكافر لا يرث المسلم.
وحتى أهل الملل الأخرى فلا يصح التوارث بين أهل ملتين شتى، فاليهودي لا يرث النصراني، والنصراني لا يرث اليهودي، هذا القول الأول.
القول الثاني: أن الكفر ملة واحدة والإسلام ملة واحدة، فلا توارث بين أهل الإسلام وبين الكفرة، لكن الكفرة فيما بينهم يتوارثون كما نقل عن الإمام أحمد أنه يتوارث أهل كل ملتين.
قال: [ والمرتد لا يرث أحداً، وإن مات فماله فيء ].
يعني: ماله فيء لبيت مال المسلمين.
قال: [ الثاني: الرق، فلا يرث العبد أحداً ولا له مال يورث، ومن كان بعضه حراً ورث وورث ].
يعني: العبد لا يرث ولا يورث، أما المبعض الذي بعضه حر فيرث ويورث، ويحجب بقدر ما فيه من الحرية، إذا مات شخص عن ابن حر وابن نصفه حر ونصفه عبد، تكون المسألة من ثلاثة:
للابن الحر اثنان والابن الذي نصفه حر واحد، يرث بقدر ما فيه من الحرية؛ لأن نصفه حر ونصفه عبد.
قال: [ وحجب بقدر ما فيه من الحرية ].
يعني: هو الذي يحجب بقدر ما فيه من الحرية.
قال: [ الثالث: القتل، فلا يرث القاتلُ المقتولَ بغير حق، وإن قتله بحق كالقتل حداً أو قصاصاً أو قتل العادل الباغي عليه، فلا يمنع ميراثه ].
قال الشارح: (وإن قتله بحق كالقتل حداً أو قصاصاً أو قتل العادل الباغي لم يمنع ميراثه؛ لأنه فِعْلٌ مأذون فيه، فلم يمنع الميراث، كما لو أطعمه أو سقاه فمات، ولأنه حرم في محل الوفاق كي لا يفضي إلى اتخاذ القتل المحرم).
يعني: أن القتل قصاصاً مأذون فيه، مثل: لو أطعم إنساناً وسقاه ثم مات من الطعام لا يضمن؛ لأنه مأذون في طعامه، مادام أنه لم يتعمده، أو لم يجعل فيه سماً.
[ باب مسائل شتى:
إذا مات عن حمل يرثه وقفت ميراث اثنين ذكرين إن كان ميراثهما أكثر، وإلا ميراث أنثيين، وتعطي كل وارث اليقين، وتقف الباقي حتى يتبين ].
هذه مسائل تتعلق بالفرائض يذكرها الفقهاء، ومنها: ميراث الحمل، فإذا مات ميت عن زوجة حامل، فإما أن ينتظر الورثة حتى تضع أولاً، فإن انتظروا حتى تضع فهذا هو الأفضل وهو الأولى؛ حتى يعلم الحمل هل هو ذكر أو أنثى، أو ذكران أو أنثيان، أو هما ذكران أو أنثيان، أو ذكر وأنثى؟ هذا هو الأولى.
وإن لم ينتظروا وقالوا: لا نستطيع، بل نقسم التركة، فإنها تقسم التركة، لكن يعطى كل وارث اليقين، والمشكوك فيه لا يعطى.
فنعامل الورثة بالأضر، فإن كان الأضر للورثة أن يكون الحمل ذكرين قدرنا ذكرين، وأوقفنا ميراث ذكرين، وإن كان الأضر في حق الورثة أن يكون الحمل أنثيين فإنا نقدر أنثيين، ونوقف ميراث أنثيين، نعاملهم بالأضر فنقسم التركة ويوقف الباقي، فإذا تبين أن الحمل ذكران أو أنثيان أخذا نصيبهما، وإن تبين أنه ذكر واحد أخذ نصيبه والباقي يعطى من يستحقه، وإن تبين أنه أنثى واحدة أخذت نصيبها والباقي يصرف إلى من يستحقه.
لكن كونهم ينتظرون أفضل وأولى حتى يعلم الحمل وتقسم التركة بيقين، لكن قد يكون فيهم فقراء وفيهم قصار يحتاجون إلى نفقة فلا يحصرون، بل تقسم التركة ويعامل الورثة بالأضر، ويوقف الأضر للورثة من تقدير ذكرين أو أنثيين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وإن كان في الورثة مفقود لا يعلم خبره، أعطيت كل وارث اليقين، ووقفت الباقي حتى يعلم حاله، إلا أن يفقد في مهلكة أو من بين أهله فينتظر أربع سنين ثم يقسم ].
يعني: إذا فقد شخص فلا يخلو إما أن يكون غالب السفر السلامة أو الهلاك، فإن كان غالب سفره السلامة كأن يسافر للتجارة أو لطلب العلم، فالغالب في سفره السلامة، لكنه انقطع خبره ولم يأت وطالت المدة، فهذا إذا كان غالب سفره السلامة فينتظر به منذ ولد حتى يبلغ تسعين سنة، ومنهم من قال: حتى يبلغ مائة وعشرين، أو مائة وسبعين، ثم بعد ذلك يحكم بموته، فتعتد زوجته، وإن خرجت من العدة تزوج وتقسم التركة، هذا إذا كان غالب سفره السلامة.
وإن كان غالب سفره الهلاك فإنه ينتظر به أربع سنين، كأن خرج من بيته وركب سفينة فغرقت السفينة ونجا البعض وهلك البعض، ولا يدرى أهو مع الناجين أو مع الهالكين، فهذا ينتظر به أربع سنين منذ فقد، فإذا تم أربع سنين فإنه يحكم بموته وتعتد زوجته وتقسم تركته، لكن إذا لم يحكم بموته فيجعل له مسألتان: مسألة حياة، ومسألة موت، ويعامل الورثة بالأضر.
إذاً: المقصود أنه ينظر في سفره إن كان غالبه السلامة فينتظر به تسعون سنة منذ ولد، وإن كان غالب سفره الهلاك فينتظر به أربع سنين منذ فقد.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وإن طلق المريض في مرض الموت المخوف امرأته طلاقاً يتهم فيه لقصد حرمانها عن الميراث لم يسقط ميراثها مادامت في عدته ].
يعني: إذا طلق رجل زوجته في مرض موته المخوف، ثم مات فإنها ترث، ولو خرجت من العدة على الصحيح؛ لأنه متهم بحرمانها، كأن يكون مثلاً: مصاب بمرض السرطان وقد قرر الأطباء بأنه ميت، ثم طلق زوجته في هذه الحالة، فهذا متهم بأنه يقصد أنها لا ترث، فهذا يعامل بنقيض قصده، فترث ما لم تتزوج أو ترتد، فإذا تزوجت أو ارتدت عن دينها فلا ترث.
أما ما دامت لم تتزوج وهي مسلمة فإنها ترثه ولو خرجت العدة على الصحيح، وهنا قال: ما لم تخرج من العدة.
قال الشارح (مثل: أن طلقها ابتداء في مرضه بائناً ثم مات في مرضه ذلك ورثته مادامت في العدة؛ لما روي أن عثمان رضي الله عنه ورث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف ، وكان طلقها في مرض موته فبتها، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر فكان إجماعاً، ولأنه قصد قصداً فاسداً في الميراث، فعومل بنقيض قصده كالقاتل).
أقول: الصواب أنها ترث ولو خرجت من العدة معاملة بنقيض قصده؛ لأنه متهم بحرمانها في هذه الحالة، أما إذا طلقها في مرض عادي ليس مخوفاً فلا.
قال: [ وإن كان الطلاق رجعياً توارثا في العدة سواء كان في الصحة أو في المرض ].
يعني: إذا كان الطلاق رجعياً كالطلقة الأولى والطلقة الثانية ولم تخرج من العدة توارثا، سواء طلقها في المرض أو في الصحة؛ لأن الرجعية زوجة ما لم تخرج من العدة.
أما إذا طلقها الطلقة الثالثة فقد انتهى التوارث.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وإن أقر الورثة كلهم بمشارك لهم في الميراث فصدقهم، أو كان صغيراً مجهول النسب ثبت نسبه وإرثه ].
يعني: إذا أقر الورثة كلهم لشخص أنه منهم ثبت نسبه وإرثه، فيرث معهم؛ لأنهم اعترفوا كلهم بشخص أنه وارث وأنه ابن فلان، وأنه قريب للميت فصار وارثاً، لكن إذا كان كبيراً فلا بد أن يصدقهم، أما إذا كان صغيراً وقال الورثة: هذا الصغير أو الطفل ابن لنا أو أخ لنا، فإنه يثبت نسبه ويصح إرثه.
قال: [ وإن أقر به بعضهم لم يثبت نسبه، وله فضل ما في يد المقر عن ميراثه ].
يعني: إذا أقر به بعضهم ، كأن يموت الميت عن ابنين، فقال أحدهما: هذا أخ لنا، وقال الآخر: ليس أخاً لنا، فالذي اعترف بأنه أخ له يعطى من نصيبه، فيكون المال نصفين بين الابن الذي لم يقر وبين الثاني الذي أقر أنه أخوه، وهذا الذي أقر يعطي من أقر أنه أخوه ثلث ما في يده؛ لأنهم إذا كانوا ثلاثة فكل واحد من الاثنين سيعطي الثالث ثلث ما في يده.
إذاً: الذي أقر يؤخذ بإقراره ويعطيه نصيبه من الميراث من حقه، أما الابن الذي لم يقر به فلا يؤخذ من نصيبه شيء.
الولاء لمن أعتق وإن اختلف دينهما؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الولاء لمن أعتق) ].
يعني: لو أن مسلماً أعتق مجوسياً فإنه يرثه بالولاء خاصة، أما حديث: (لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم) والحديث الآخر: (لا يتوارث أهل ملتين شتى) فيدلان على عدم التوارث، والصواب عدم التوارث، لكن أخذوا بعموم الحديث: (إنما الولاء لمن أعتق) سواء كان مسلماً أو كافراً، وقالوا: لا يضر اختلاف الدين في الولاء خاصة.
قوله: (وإن عتق عليه برحم) يعني: اشترى أباه أو اشترى أمه، فمن اشترى أحد أبويه يعتق عليه في الحال؛ لأنه لا يجوز أن يسترق أباه أو أمه، فهنا ولو كان عتق عليه بدون اختياره يكون له ولاء.
قوله: (أو تدبير) كما إذا قال: إذا مت فهذا العبد حر فمات، فله الولاء.
قوله: (أو كتابة) يعني: اشترى نفسه.
قوله: (أو استيلاد) يعني: أنه اشترى أمة وتسراها، فلما ولدت أعتقت؛ لأنها حررت نفسها؛ لأنه لا يمكن أن تكون رقيقة وقد ولدت منه ولداً ويكون ولده رقيقاً، فهي أعتقت عندنا أولدها، ففي كل هذه الصور يثبت له الولاء، والولاء عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقه بالعتق، فيرث بها المعتق والعصبة المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم ولا مع غيرهم من العتيق.
إذاً: الولاء عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقه بالعتق، فيرث بهذه العصوبة إذا لم يكن له ورثة، فآخر من يرث هو الوارث بالولاء إذا لم يكن له أبناء ولا إخوان ولا أعمام، وترتيب جهات العصبة: بنوة، ثم أبوة، ثم جدودة فأخوة، ثم عمومة، ثم ولاء.
قال: [ وعلى أولاده من حرة معتقة أو أمة ].
يعني: يثبت الولاء عليه، ويثبت أيضاً لعصبته، فإذا أعتقت عبداً الآن فإنك ترثه إذا لم يكن له أولاد ولا إخوة ولا أعمام، وإذا توفي الإنسان فيكون الولاء لأولاده، أبناء ثم أبناء الأبناء، ثم الإخوة وبنوهم ثم الأعمام.. وهكذا.
قال: [ وعلى معتقي معتقيه ومعتقي أولاده وأولادهم ومعتقيهم أبداً ما تناسلوا ].
يعني: كذلك معتق المعتق ومعتق أولاده، إذا أعتق شخص ابنك فإن الأب يرث؛ لأنه الأقرب.
قال: [ ويرثهم إذا لم يكن له من يحجبه عن ميراثهم ثم عصباته من بعده ].
يعني: يرثهم إذا لم يكن من يحجبه، أما إذا وجد من يحجبه بأن يكون الميت العتيق له أبناء أو إخوان أو أعمام فلا يرث، فإذا لم يكن له عصبة يرث المعتق، ثم يرث عصبة المعتق من بعده.
يعني: لو قال: أعتق عبدك عني، فأعتقه، فالآمر يسلم الثمن للسيد ويكون الولاء للآمر بالعتق؛ لأنه صار وكيلاً وكله أن يعتق، كأنه قال: بع لي عبدك ووكلتك في أن تعتقه، أما إذا أعتق هو من دون طلب أو من دون وكالة فيكون الولاء للمعتق.
قال: [ وإن لم يقل: عني فالثمن عليه والولاء للمعتق ].
يعني: قال: أعتق عبدك ولم يقل: عني، لكنه قال: وعلي ثمنه، فأعتقه؛ فإن الثمن على الآمر بالعتق والولاء للمعتق، لكن لو قال: أعتق عبدك وما قال: أعتقه عني، ولا قال: علي ثمنه، فقال: هو حر لوجه الله، فليس له أن يطالبه بالثمن، لأنه إنما حضه على أن يفعل المعروف، وبين له أن العتق فيه فضل وفيه أجر، فيعتق العبد ويكون الولاء للمعتق.
قال: [ ومن أعتق عبده عن حي بلا أمره ].
فلو قال: أعتقت عبدي عنك أريد ثمنه، فهنا يعتق عليه ويكون ولاؤه له، ولا يلزم من أعتق عنه بدون أمره أن يدفع ثمنه؛ لأنه لم يأمره بالعتق، وإن كان عن أمره بأن قال: أمرتك أن تعتق هذا العبد عني، فهنا يثبت له الولاء وعليه الثمن.
قال: [ أو عن ميت فالولاء للمعتق ].
كذلك إذا أعتق عن فلان وهو ميت يكون الولاء للمعتق.
قال: [ وإن أعتقه عنه بأمره فالولاء للمعتق عنه بأمره ].
يعني: يكون الولاء للمعتق عنه بأمره.
يعني: مادام أنه حر الأصل فلا يكون هناك الولاء على الولد؛ لكونه تابعاً لأبيه وهو حر الأصل.
قال: [ وإن كان أحدهما رقيقاً تبع الولد الأم في حريتها ورقها ].
يعني: الولد يتبع الأم حرية أو رقاً، فإن كانت أمه حرة كان أولادها أحراراً، وإن كانت الأم رقيقة كان الأولاد أرقاء، وأما الدين فإنه يتبع خير أبويه فيه، فإذا كانت أمه كتابية وأبوه مسلماً فإنه يحكم له لإسلام.
لا يجوز للإنسان أن يتزوج رقيقة؛ خشية أن يكون أولاده أرقاء؛ لأن الولد تبع لأمه، إلا بشروط بينها الله سبحانه وتعالى في كتابه، وهي: أن يكون الإنسان غير مستطيع دفع مهر الحرة ويخاف على نفسه الوقوع في الفاحشة، فيجوز في هذه الحالة أن يتزوج بالرقيقة، وإن صبر فهو خير له، قال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ َاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ [النساء:25]، المقصود أنه لابد من شرطين في تزوج الأمة: أن ألا يستطيع دفع مهر الحرة، وأن يخشى على نفسه العنت: ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ [النساء:25] أي: الوقوع في الفاحشة، وإن صبر فهو خير له، لما فيه من تعريض أولاده للرق؛ لأنهم يكونون تبعاً لأمهم، إلا إذا اشترط على السيد بأن يكون أولاده أحراراً، ففي هذه الحالة يصير أولاده أحراراً.
قال: [ فإن كانت الأم رقيقة فولدها رقيق لسيدها، فإن أعتقهم فولاؤهم له لا يخرج عنه بحال ].
لعموم الحديث: (إنما الولاء لمن أعتق).
والولاء: هو عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقة بالعتق، وهو يرث بهذه العصوبة، والولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يشترى ولا يوهب، فالولاء معناه: إذا أعتقت عبداً صار لك الولاء، يعني: صارت لك العصوبة التي ترث بسببها هذا الرقيق الذي أعتقته، إذا لم يكن له أقارب من النسب، كالأولاد والإخوة والأعمام وأبناء الأعمام.
إذاً: المعتق يرث من جهة العصبة، وجهة العصبة هي: بنوة ثم أبوة ثم جدودةوأخوة ثم عمومة ثم ولاء، فيكون الولاء آخر شيء.
فالولاء عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقه بالعتق، فيرث بها هو وعصبته الذين يعصبون بأنفسهم.
قال: [ وإن كان الأب رقيقاً والأم معتقة فأولادها أحرار، وعليهم الولاء لموالي أمهم، فإن أعتق الأب سيده ثبت له عليه الولاء وجر إليه ولاء أولاده، وإن اشترى أحد أولاد أباه عتق عليه وله ولاؤه وولاء إخوته ].
يعني: إذا اشترى المرء أباه عتق عليه قهراً؛ لأنه لا يجوز له أن يتملكه به، لكن يكون الولاء له.
قال: [ ويبقى ولاؤه لموالي أمه؛ لأنه لا يجر ولاء نفسه، فإن اشترى أبوهم عبداً فأعتقه ثم مات الأب فميراثه بين أولاده للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا مات عتيقه بعده فميراثه للذكور دون الإناث ].
وذلك لأن الإرث بالولاء، والولاء إنما يرث به المعتق وعصبته بالنفس دون العصبة بالغير، فالمعتق إذا أعتق شخصاً فإنه يرثه بنفسه، فإن مات يرثه عصبته المتعصبون بأنفسهم، فالعصبة بالنفس كالابن وابن الابن، أما البنت فلا ترث؛ لأنها عصبة بالغير.
قال: [ ولو اشترى الذكور والإناث أباهم فعتق عليهم، ثم اشترى أبوهم عبداً فأعتقه، ثم مات الأب ثم مات عتيقه، فميراثهما على ما ذكرنا في التي قبلها، وإن مات الذكور قبل موت العتيق ورث الإناث من ماله بقدر ما أعتقن من أبيهن ].
يعني: إذا أعتقن الثلث ورثن بمقدار الثلث.
قال: [ ثم يقسم الباقي بينهن وبين معتق الأم، فإن اشترين نصف الأب، وكانوا ذكرين أو أنثيين فلهن خمسة أسداس الميراث، ولمعتقي الأم السدس؛ لأن لهن نصف الولاء، والباقي بينهن وبين معتق الأم أثلاثاً؛ فإن اشترى ابن المعتقة عبداً فأعتقه ].
يعني: المرأة أعتقت شخصاً ثم اشترى ابنها عبداً فأعتقه.
قال: [ ثم اشترى العبد أبا معتقه فأعتقه جر ولاء معتقه، وصار كل واحد منهما مولى للآخر ].
يعني: هذا أعتق الابن وهذا أعتق الأب.
قال: [ ولو أعتق الحربي عبداً فأسلم وسباه العبد وأخرجه إلى دار الإسلام، ثم أعتقه صار كل واحد منهما مولى الآخر ].
يعني: لو استرق كافر مسلماً ثم أعتقه، ثم جاهد هذا العتيق في سبيل الله، وقاتل سيده الكافر وسباه، ثم أسلم وأعتقه صار كل واحد منهما مولى الآخر، يعني: كل واحد له ولاء على الآخر.
الولاء لا يورث، وإنما يرث به أقرب عصبات المعتق ].
الولاء لا يورث ولا يباع ولا يشترى، فهو لحمة كلحمة النسب، جاء في الحديث: (أن النبي نهى عن بيع الولاء وهبته).
والولاء هو عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقه بالعتق، فيرث بها هو ويرث به عصبته بالنفس فقط، إذا أعتق شخص شخصاً ورثه، فإن توفي وكان العتيق ليس له أقارب ورثة عصبة المعتق بالنفس دون العصبة بالغير.
قال: [ ولا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتقه من أعتقن ].
يعني: لا ترث المرأة بالولاء إلا الذي أعتقت أو أعتقه من أعتقت.
قال: [ وكذلك كل ذي فرض إلا الأب والجد لهما السدس مع الابن وابنه والولاء للكبر ].
قال الشارح: (الجد يرث الثلث مع الإخوة إذا كان أحظ له، فإذا مات المعتق وخلف أبا معتقه وابن معتقه فلأبي معتقه السدس، وما بقي فللابن نص عليه، وكذلك في جد المعتق وابنه، فإن ترك أخا معتقه وجد معتقه فالولاء بينهما نصفان، فإن كانا أخوين فالولاء بينهم أثلاثاً للجد الثلث، وإن كانوا أكثر من اثنين قسم بينهم مال المعتق كما يقسم مال المعتق لو مات؛ لأنه ميراث بين الجد والإخوة).
قال: [ فلو مات المعتق وخلف ابنين وعتيقه، فمات أحد الابنين عن ابن ثم مات عتيقه فماله لابن المعتق، وإن مات الابنان بعده وقبل المولى وخلف أحدهما ابناً والآخر تسعة، فولاؤه بينهم على عددهم، لكل واحد عشر، وإذا أعتقت المرأة عبداً ثم ماتت فولاؤه لابنها، وعقله لعصبتها ].
يعني: الميراث لابنها، وأما العقل يعني: الدية، فإنه يكون للعصبة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر