إسلام ويب

شرح عمدة الفقه - كتاب النكاح [2]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • حرم الإسلام على الرجل أن ينكح أمه وأخته وعمته وخالته وبنت أخيه أو أخته، كما حرم عليه مثلهن من الرضاع، وحرم عليه أم زوجته وربيبته التي دخل بأمها وزوجة ابنه. وحرم عليه الجمع بين المحارم، كل ذلك حفاظاً على النظام الإنساني وحتى لا تختل الحياة وتتصدع المجتمعات.

    1.   

    المحرمات في النكاح

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب المحرمات في النكاح، وهن الأمهات، والبنات، والأخوات وبنات الإخوة، وبنات الأخوات والعمات، والخالات، وأمهات النساء، وحلائل الآباء والأبناء، والربائب المدخول بأمهاتهن ]

    هؤلاء المحرمات في النكاح، وقد ذكرهن الله تعالى في كتابه وهن سبع، قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ [النساء:23]، ابنه.

    وهؤلاء محرمات بالنسب: الأم، والبنت، والأخت، والعمة، والخالة، وبنت الأخ، وبنت الأخت، ومثلهن من الرضاعة أيضاً؛ سبع من النسب وسبع من الرضاعة، فيكن أربع عشرة: الأم والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت من الرضاعة ومن النسب، والمحرمات بالسبب -وهو الصاهرة- أربع: أمهات النساء، وحلائل الآباء، وحلائل الأبناء، والربائب.

    وأم الزوجة تحرم، فإذا عقد على البنت حرمت عليه أمها، وأمهاتها وجداتها، والثانية: الربيبة بنت الزوجة، ولا تحرم إلا بالدخول، فإذا دخل بامرأة حرمت عليه بنتها، إذاً هناك فرق بينهن فأم الزوجة تحرم بمجرد العقد على بنتها، أما بنت الزوجة فلا تحرم إلا بالدخول بأمها، ولهذا يقول العلماء: الدخول بالأمهات يحرم البنات والعقد على البنات يحرم الأمهات وبنت الزوجة تسمى ربيبة، سواء بالنسب أو ربيبة بالأهل، وسواء كانت بنت الزوجة السابقة أو اللاحقة، الثالث: حلائل الآباء وحليلة الأب يعني: زوجة الأب فإذا تزوج الرجل بامرأة فهذه المرأة تكون محرماً لأبنائه جميعاً، الرابع: حلائل الأبناء؛ فإذا تزوج شخص امرأة حرمت على آبائه وأجداده.

    إذاً: المحرمات سبع بالنسب، وسبع بالرضاع، وأربع بالسبب -الصهر- فيكون الجميع ثماني عشرة.

    قال المؤلف رحمه الله: [ ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ]

    فالسبع اللاتي يحرمن من النسب يحرمن من الرضاع، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).

    قال المؤلف رحمه الله: [ وبنات المحرمات محرمات إلا بنات العمات والخالات وأمهات النساء وحلائل الآباء والأبناء ]

    أي: المرأة التي حرمت على الإنسان تحرم بنتها فمثلاً: الأم محرمة على الإنسان فبنتها حرام إلا بنات العمات والخالات، فالعمة حرام لكن ابنتها حلال والخالة حرام لكن ابنتها حلال أي: بنت العمة وبنت الخالة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ [الأحزاب:50].

    قال المؤلف رحمه الله: [ إلا بنات العمات والخالات وأمهات النساء ]

    أمهات النساء، هن أم الزوجة فبنتها هي زوجتك حلال لك.

    قال المؤلف رحمه الله: [ وحلائل الآباء والأبناء ]

    حلائل الآباء أي: زوجة أبيك فلو كان لها بنت تكون البنت هذه ربيبة...

    وحليلة الأب هي زوجة الأب، فلو كان لها بنت فإنها تكون ربيبة لأبيك فتحرم عليه، وتحل لك، فيجوز للشخص أن يتزوج امرأة وبنتها مع ابنه.

    وكذلك إذا تزوج إنسان امرأة حرمت عليه أمها، لكن يجوز للأب أن يتزوج أمها، أما أنت فتحرم عليك؛ لأنها أم زوجتك، فيجوز للإنسان أن يتزوج امرأة وأبوه يتزوج أمها.

    قوله: (وأمهاتهن محرمات إلا البنات والربائب وحلائل الآباء والأبناء).

    أي: أن ابنتك محرمة عليك لكن أمها زوجتك ليست حراماً عليك.

    وتحرم الربيبة عليك مع أن أمها هي زوجتك، وكذلك تحرم عليك زوجة ابنك لكن أمها ليست بحرام عليك، وكذلك تحرم عليك حليلة أبيك، وهي: زوجة أبيك، لكن ابنتها من غير أبيك تحل لك، وهذه مستثناة، إذاً فكل محرمة عليك تحرم بنتها إلا ما استثني.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ومن وطئ امرأة -حلالاً أو حراماً- حرمت على أبيه وابنه، وحرمت عليه أمهاتها وبناتها ].

    إذا وطئ امرأة حلالاً بنكاح أو حراماً فإن هذه المرأة تحرم على أبيه وتحرم على ابنه؛ فتحرم على أبيه لأنها زوجة ابنه، وتحرم على ابنه؛ لأنها موطوءة أبيه.

    قوله: (وحرمت عليه أمهاتها) أي: لأنها أم موطوءته، وتحرم بناتها؛ لأنهن ربيبات له، وإذا طلقها زوجها الأول ثم تزوجت بزوج آخر، وأتت ببنت فإنها تكون ربيبة للأول.

    حرمة الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ فصل: ويحرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها وخالتها؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يُجمع بين المرأة وعمتها، ولا بينها وبين خالتها) ].

    قوله: (ويحرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها وخالتها) أما الجمع بين الأختين فلقول الله تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ [النساء:23] وذلك لما ذكر المحرمات، فيحرم الجمع بين الأختين سواء كانت الأختان أختين من النسب، أو من الرضاع، أو بملك اليمين، فلا يجوز الجمع بينهما مطلقاً.

    وكذلك الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، سواء تزوج الصغرى على الكبرى أو الكبرى على الصغرى، أي: سواء تزوج المرأة على عمتها أو العمة على ابنة أخيها، والمرأة على خالتها أو المرأة على ابن أختها، وسواء كانت عمتها أو خالتها من النسب، أو من الرضاع، أو بملك اليمين.

    والحكمة في ذلك: أن الجمع بينهما يؤدي إلى القطيعة والبغضاء والشحناء، والإسلام يأمر بصلة الرحم، وذلك لأن المرأة تكره ضرتها، فإذا تزوج المرأة على عمتها والمرأة على خالتها وقعت الكراهية والنفرة وقطيعة الرحم بين الأختين، وبين المرأة وعمتها أو خالتها، فيؤدي هذا إلى قطيعة الرحم.

    والنهي عن الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها من الأحكام التي جاءت في السنة زائدة على ما في القرآن الكريم، فالسنة لها أحوال ثلاثة مع القرآن، فإما أن تأتي مبيِّنة لما أُجمل في القرآن، أو مخصِّصة لعمومه، أو مقيِّدة لمطلقه. فالحال الأول: أن تأتي مبينة للمجمل كما ذكرت الصلاة والزكاة في القرآن مجملتين، ثم جاء بيانهما وتفصيلهما في السنة.

    الحال الثاني: أن تكون السنة مقيدة أو مخصصة للعموم.

    الحال الثالث: أن تأتي بأحكام جديدة ليست في القرآن كما في حديث، تحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، وفي تحريم كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، فإن هذه الأحكام مستقلة جاءت بها السنة وليست في القرآن.

    فالسنة وحي ثانٍ، قال الله تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:4]، وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه).

    حكم جمع الحر بين أكثر من أربع والعبد بين أكثر من اثنتين

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ولا يجوز للحر أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة، ولا للعبد أن يجمع إلا ثنتين ].

    لا يجوز للحر أن يجمع بين أكثر من أربع؛ لقول الله تعالى: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3] فقصر الله المؤمنين على أربع، فدل على أنه هو النهاية، فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3] أي: اثنتين أو ثلاث أو أربع، فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3] وهذا يدل على أن الأصل هو التعدد، فإن خاف العجز اقتصر على واحدة أو ما ملكت أيمانكم، وأما العبد فإنه على النصف من الحر، فلا يجوز له أن يجمع أكثر من اثنتين؛ لأن الله تعالى بيّن أن عذاب الأمة نصف عذاب الحرة، فقال: فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ [النساء:25]، فيكون العبد كذلك هنا على النصف.

    وأما الشيعة الذين يؤولون الآية والعياذ بالله فإنهم يؤولونها على أهوائهم، فيقولون: إن معنى: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3] اثنتين اثنتين، وثلاث ثلاث، وأربع أربع، فالمثنى معدول عن اثنين اثنين، فأجازوا إلى ثماني عشرة امرأة، هكذا تأولها بعضهم، وهذا باطل؛ لأن قوله: مثنى معدول عن اثنين اثنين، وثلاث معدول عن ثلاثة ثلاثة، ورباع عن أربعة أربعة، وإنما خص الله تعالى الرسول عليه الصلاة والسلام بتسع نسوة.

    وليس الأمر في قوله تعالى: (فانكحوا) للوجوب دائماً، وكذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج)، فقد يكون الزواج واجباً، وقد يكون مستحباً، وقد يكون مباحاً، فتجري فيه الأحكام الخمسة، فإذا خاف على نفسه العنت وكان عنده قدرة على الزواج فإنه يجب عليه أن يتزوج، وإذا لم يخف وله رغبة فالزواج في حقه مستحب، وإذا لم يكن له رغبة وعنده قدرة فالزواج في حقه مباح، وقد يقال: إنه يحرم عليه إذا أراد أن يتزوجها للإضرار بها، فتجري فيه الأحكام الخمسة.

    حكم من جمع بين من لا يجوز الجمع بينهما في عقد واحد

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ فإن جمع بين من لا يجوز الجمع بينه في عقد واحد فسد العقد، وإن كان في عقدين لم يصح الثاني منهما ].

    أي: إذا تزوج اثنتين في عقد واحد فالعقد فاسد، أو تزوج امرأة وعمتها في عقد واحد فسد العقد، وإن كان أحد العقدين متقدماً فالعقد الثاني هو الفاسد، وإذا تزوج امرأة ثم عقد على أختها بعد ذلك فالعقد الثاني فاسد، أو تزوج امرأة ثم عقد بعد ذلك على عمتها أو خالتها فالعقد الثاني هو الفاسد.

    ولو جمع أكثر من أربع من كان مسلماً جهلاً فيحتمل أن يكون حكمه حكم الزنا، فيقال له: فارق الأخيرات.

    الحكم فيما لو أسلم الكافر وتحته أختان

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ولو أسلم كافر وتحته أختان اختار منهما واحدة ].

    وكذلك لو أسلم وتحته امرأة وعمتها أو خالتها فإنه يختار واحدة منهن ويفارق الأخرى.

    ومثله لو أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة فإنه يختار أربعاً ويفارق الباقي؛ لأن غيلان الثقفي لما أسلم وتحته عشر نسوة قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اختر أربعاً وفارق سائرهن).

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ولو أسلم كافر وتحته أختان اختار منهما واحدة، وإن كانتا أماً وبنتاً ولم يدخل بالأم فسد نكاحها وحدها ].

    أي: الأم؛ لأن الأم تحرم بمجرد العقد على ابنتها، وأما البنت فلا تحرم إلا بالدخول ببنتها، قال تعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [النساء:23]، والمراد دخول الجماع.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وإن كان قد دخل بها فسد نكاحهما وحرمتا على التأبيد ].

    أي: إن كان قد دخل بالأم والبنت جميعاً فسد نكاحهما جميعاً، وحرمتا على التأبيد، لكن إن كان عقد عليهما ولم يدخل بهما فتحرم الأم دون البنت، وتبقى البنت معه؛ لأن الأم تحرم بمجرد العقد، وأما البنت فلا تحرم إلا بالدخول، وإن دخل بهما جميعاً حرمتا جميعاً على التأبيد، وفرِّق بينهما، ولم يخير بينهما؛ لأنه جمع بين رحمين.

    1.   

    إذا أسلم الكافر وتحته أكثر من أربع نسوة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وإن أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة أمسك منهن أربعاً وفارق سائرهن، سواء كان أمسك منهن أول من عقد عليها أو آخرهن ].

    أي: أنه يختار الأخيرات أو المتقدمات إذا كن أكثر من أربع، ولا نقول له: اختر الأولات مثلاً أو الأخيرات، بل يختار من يشاء منهن، سواء اختار اللاتي تزوجهن أخيراً أو اللاتي تزوجهن أولاً.

    وقد جاء في حديث غيلان لما أسلم وتحته عشر نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اختر أربعاً وفارق سائرهن).

    وكذلك قال قيس بن الحارث : (أسلمت وتحتي ثمان نسوة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له ذلك، فقال: اختر منهن أربعاً)، رواه أحمد وأبو داود .

    1.   

    إذا أسلم العبد وتحته أكثر من اثنتين

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وكذلك العبد إذا أسلم وتحته أكثر من اثنتين ].

    أي: أنه يؤمر بمفارقة ما زاد عن الثنتين.

    1.   

    حكم من طلق امرأة ونكح أختها أو خالتها أو عمتها قبل انقضاء عدة المطلقة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ومن طلق امرأة ونكح أختها أو خالتها أو خامسة في عدتها لم يصح، سواء كان الطلاق رجعياً أو بائناً ].

    أي: أنه لا يجوز له إذا طلق امرأة أن ينكح أختها وهي في العدة حتى تخرج من العدة، ثم يتزوجها أو يتزوج خالتها، فإذا نكح خالتها أو عمتها في العدة حرم عليه، أو عنده أربع ثم طلق الرابعة فليس له أن يتزوج الخامسة قبل أن تخرج الرابعة من العدة، بل ينتظر حتى تخرج الرابعة من العدة ثم يتزوج مكانها أخرى، ولا يجوز له حتى العقد؛ لأن العقد وسيلة إلى ذلك.

    1.   

    حكم إذا ما ملك الرجل أختين ووطأ إحداهما

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ويجوز أن يملك أختين وله وطء إحداهما، فمتى وطئها حرمت أختها حتى تحرم الموطوءة بتزويج أو إخراج عن ملكه، ويعلم أنها غير حامل ].

    أي: أنه إذا ملك أختين من الإماء فله أن يطأ إحداهما بملك اليمين، لكن ليس له أن يطأ أختها بعد ذلك حتى يحرمها على الأولى، فإما أن يتزوجها أو يبيعها، فإذا باعها أو تزوجها حلت له الأولى؛ لئلا يجمع بين الأختين ولو بملك يمين؛ لعموم قوله تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ [النساء:23]، فهذا عام في الحرائر والإماء، ولابد أن يعلم أنها غير حامل، فإن كانت حاملاً فلابد أن تضع الحمل.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ فإذا وطىء الثانية ثم عادت الأولى إلى ملكه لم تحل له حتى تحرم الأخرى].

    لو فرضنا أنه باع إحداهما ثم وطئ أختها بملك اليمين، ثم اشترى أختها الأولى حرمت الأولى عليه حتى تحرم الأخرى عليه أختها التي وطئها، إما أن تموت، وإما أن يزوجها بعد استبرائها بحيضة وإما أن يبيعها، فإذا وجد واحد من هذه الثلاثة حل له وطء أختها ].

    1.   

    عمة الأمة وخالتها فيما سبق كأختها

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وعمة الأمة وخالتها في هذا كأختها ].

    أي: عمتها وخالتها هنا مثل الحرائر كما سبق، فلا يُجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها سواء كنَ حرائر أو إماء.

    1.   

    ليس للمسلم وإن كان عبداً أن ينكح أمة كتابية

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وليس للمسلم -وإن كان عبداً- نكاح أمة كتابية كافرة، ولا لحر نكاح أمة مسلمة إلا ألا يجد طول حرة، ولا ثمن أمة، ويخاف العنت ].

    قال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ [النساء:25] أي: أن للعبد أن ينكح الأمة لكن بشرط أن تكون مسلمة، ولا ينكح الأمة الكافرة، وأما الكتابية فإن الله تعالى قد نص على أنه لا بأس بنكاح الكتابية، فقد يقال: إن الأمة الكتابية مثلها إذا كان العبد يحتاج إلى أن يتزوج أمة كتابية، كما أن الحر يجوز له أن يتزوج الحرة الكتابية، فالعبد يقاس عليه، ويجوز له أن يتزوج الأمة الكتابية.

    1.   

    ليس للحر أن ينكح أمة مسلمة إلا في حالة الضرورة

    قوله: (ولا لحر نكاح أمة مسلمة إلا أن لا يجد طول حرة، ولا ثمن أمة، ويخاف العنت).

    لأن الله تعالى قد نص على هذين الشرطين؛ فالحر ليس له أن ينكح الأمة إلا بهذين الشرطين، الشرط الأول: ألا يجد طول حرة، أي: مهر حرة، والثاني: أن يخاف على نفسه العنت، وهو الزنا، فإذا وجد هذان الشرطان جاز للإنسان أن يتزوج الأمة.

    والحكمة في المنع: أنه إذا تزوج أمة صار أولاده عبيداً؛ لأن الأولاد يتبعون أمهم في الحرية والرق، والإسلام يتشوف للحرية، فلا يتسبب في أن يكون أولاده عبيد إلا بهذين الشرطين، الشرط الأول: ألا يجد ثمن الحرة، فإذا كان ثمن الحرة مثلاً عشرة آلاف والأمة مهرها خمسة آلاف، فقال: أنا عندي خمسة آلاف وليس عندي عشرة آلاف، وهو يخشى على نفسه الزنا، فلا مانع من ذلك، وجوز له الأمر للضرورة إذا وجد الشرطان، وإذا لم تندفع شهوته إلا بالثانية فإنه يتزوج الثانية والثالثة والرابعة، وهذا في الحر، فله أن يتزوج أربع إماء بهذين الشرطين.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وله نكاح أربع إذا كان الشرطان فيه قائمين ].

    أي: أن له نكاح أربع إماء، وذلك إذا قال: أنا لا تندفع شهوتي إلا بثانية فله أن يتزوج الثانية مادام وجد الشرطان، وإن قال: لم تكفني الثنتان فنقول له: خذ الثالثة، فإن قال: لم تكفني الثالثة، قلنا له: تزوج رابعة مادام وجد الشرطان، وهما: ألا يجد مهر الحرة ولا ثمن الأمة، والثاني: أن يخاف على العنت.

    وإذا كان يستطيع أن يقترض ويرد القرض فعليه بالزواج بالحرة أو التسري.

    وإذا تسرى فولدت له لم يكن الأولاد عبيداً، فالتسري غير الزواج، فإذا حملت منه صارت أم ولد، فلا يجوز بيعها ولا هبتها، بل تكون أم ولد فتعتق.

    قوله في السابق: (وليس للمسلم وإن كان عبداً نكاح أمة كافرة).

    أي: ليس للمسلم سواء كان حراً أو عبداً أن يتزوج الأمة الكافرة إلا أن تكون كتابية، وأم الوثنية فلا، فيتزوج الكتابية إذا كانت حرة، وأما الأمة فلا يتزوجها كتابية كانت أو غير كتابية.

    قال الله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ [النساء:25]، ثم قال في آخر الآية: ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ [النساء:25]، ثم قال: وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [النساء:25]، فإذا صبر وتحمل فهو أفضل؛ حتى لا يؤدي هذا إلى أن يكون أولاده أرقاء وعبيداً يباعون ويشترون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767974095